اللهمّ عرّفني نفسك، فإنّك إنْ لم تعرّفني نفسَك لمْ أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك، فإنّك إنْ لم تعرّفني رسولك لم أعرفْ حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فإنّك إنْ لم تعرّفني حجّتك ضلَلتُ عن ديني

تُحب الله ؟ إذن احب بلاءه !

"وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ"

المشرف: أنوار فاطمة الزهراء

صورة العضو الرمزية
ام حنان
فـاطـمـيـة
مشاركات: 3584
اشترك في: الأربعاء فبراير 04, 2009 3:36 pm

تُحب الله ؟ إذن احب بلاءه !

مشاركة بواسطة ام حنان »

[align=center]اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
مما راقني وعبر عما يختلج في صدري

اسأل الله لي ولكم اللطف وتفريج الكرب وكشف البلاء بحق محمد وآله الاطهار

اللهم الهمنا الصبر والرضا وافعل بنا ما أنت أهله


عن لسان الشيخ عبد الكريم شمس الدين ـ جبل عامل/ عربصاليم ـ لبنان



أذكر أني أيام كنت في المطرية ( وهي قرية صغيرة جميلة تقع إلى يسار جسر القاسمية المؤدي إلى مدينة صور في بلدنا لبنان ) ، كنت أشعر بأوجاع في صدري ، هي كوخز الشوك ، وكانت تحرمني أحياناً من نومٍ مستقرٍ وهنيء ، وخاصة في فصل الشتاء، وكنت أعتقد أن الصهاينة عندما اختطفوني كانوا يدسُّون لي سماً في طعامي ، أيام أفردوني في تلك الزنزانة الملعونة في كفريا في البقاع الغربي . ولـمَّا كان الله سبحانه يدرِّجني في فهم توحيده وحسن التوكل عليه ، ويعينني على أن أتصفَّى من أنواع الشرك ، ولا سيما أخطره ، عنيت الشرك الخفيّ .

قال الله تعالى لرسوله محمّد (ص) : { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ . بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ } . [ ( 65 ـ 66 ) : الزمر ] . وقال له : { قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } . [ 188 : الأعراف ].
وهكذا فكنت من البديهي أن أستحضر أثناء معاناتي من الوجع ، أولاً ، أدب التعامل مع الله جلَّت عظمته ، وهو عدم الشكوى إلى الناس . وثانياً أن أستحضر في وعيي أن الله معي وأنه يراني ويسمعني ، وأنه سبحانه محيط عالم بكل ما فيَّ ، وأنه نعم القادر على شفائي وأنه على كل شيء قدير .

وكنت إلى ذلك أستعرض معاني الآيات التي تدل على أنه سبحانه أقرب من حبل الوريد ، وأنه الأول والآخر والظاهر والباطن وأنه بكل شيء عليم ( الآية الثالثة من سورة الحديد ) ، إلى الآيات الأخر التي تقارب هذه المعاني ، والتي كتبت فيها ما تفضل هو سبحانه به ، فيما كتبت وألَّفت من كتب ودواوين شعرية . وكان ينفعني غالباً هذا التذكر ، وهذا الإستحضار لحقيقة أنَّ الله معي ، وأنه سبحانه بكل شيء محيط ، وأنه على كل شيء قدير . وكنت أذكر حكاية : ( أَغُربَةٌ مع الله ؟! ) وذلك أن أحد الصوفيين المشهورين ، ولعله زينون المصري ، قصَّ قصَّةً قال : كنت يوماً أتمشى على كتف جبل كنعان ، وإذا بي أسمع صوت امرأة تتكلم وكأنما هي تناجي الله تبارك وتعالى ، وإذ رأتني أقبلت عليَّ غير هيابة ، وإذا هي امرأة عجوز ، فسألتني من الرجل ؟ قلت ؛ غريب . قالت : أغربة مع الله ؟! فتأملت بقولها فبكيت . قالت : ولِمَ تبكي ؟ قلت أصاب الدواء الداء فشفاه ...
كنت أذكر هذه الحكاية مدعَّمة بالآيات الكريمات ، لنفسي ولغيري ، ثم أتساءَل بيني وبين نفسي عندما ينتابني الوجع قائلاً : ( أوجعٌ مع الله ؟! ) وكنت أستفيد من ذلك دروساً لم تكن بالحسبان ، حتى كان الإبتلاء الأخير الذي رافقني لأسبوعين أو أكثر .

مع هذا الإبتلاء ـ الوجع ، ما عاد نفع لا التذكر ولا استحضار المعاني ، حتى ولا أنواع الذكر التي شرفني الله وتفضل عليَّ بها . فأخذت أحدث نفسي بأنه لا بدَّ من تعليم جديد ، هو أرقى من كل الذي علَّمنيه سبحانه ، على عظيم أهمية ما علَّمني من أسرار التوحيد وحسن التوكل ، فضلاً عن الأعاجيب النورانية ، التي درَّجني ورقَّاني بها إلى أعلى الدرجات التي يتفضل بها على خاصة عباده .

فما هو هذا التعليم الذي يجب أن أتعلَّمه منه سبحانه ، وما هو هذا الدرس العالي الذي ينبغي أن أفهمه حتى أنجح في تجاوز هذا الإبتلاء ، وأخلد إلى الراحة النسبية التي أشتاق إليها ؟! ...
كنت في إبَّان وجعي أحزن حزناً شديداً وأغضب أو أكاد .

ولكن أحزن كيف ، وأنا أعلم أنه ممنوع عليَّ أن أحزن ؟! وأغضب ممن وعلى من ، وأنا محذَّر كذلك من الغضب ؟! وذلك أن الله سبحانه علَّمني في أرقى التعاليم تأويل قوله جلَّ جلاله : { إخْلَعْ نَعْلَيكَ } وكان التأويل الذي كتبت فيه أن معنى النعلين : الحزن والغضب . ثم في مرحلة ثانية متقدمة ، أنهما الحزن والخوف .

فإذاً ما دمتَ أمرتني بأن لا أحزن ولا أغضب ولا أخاف ، فلماذا تأذن بوجعي يا ربي وأنت معي ؟! ...

وهل يمكن لإنسانٍ أن يكون موجوعاً ، يشعر بألمٍ يكاد يكون مضنياً ألاَّ يشكو وألاَّ يحزن ؟!
ولولا الحياءُ منك يا ربي والتأدُّب معك ، لكدتُ أئنُّ وأصيح وأصرخ ، وكيف يمكن ألاَّ أحزن ، ولا أغضب ولا أخاف في هذه الأحوال ؟ ...
نعم ، ينبغي ألاَّ تحزن ولا تغضب ولا تخاف . أولست أنت تدَّعي الحبَّ لله ؟ بلى . أولست تقول أن قلبك امتلأ بحب الله ، وأن هذا هو المطلوب ، لأن القلب ينبغي أن يكون كله لله سبحانه ، وأنك إذا أردت أن تحب أحداً غير الله ، فبما يفيض على جوانب هذا القلب من حبه جلَّ شأنه . لأن القلب ينبغي أن يكون كلُّه خالصاً لوجه الله ، وقد أشار هو سبحانه إلى ذلك حيث قال : { مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ } أولست أنت تقول ، وهو الحق ، أن ما ينتابك من ألمٍ هو ابتلاء منه تبارك وتعالى ، يعني شكل من أشكال الإمتحان . فإمَّا أن تصبر فتنجح فيشفيك ويعافيك . وإمَّا أن تتعجَّل فتلقي بنفسك حيث يلقي الناس بأنفسهم ، فيتخلى عنك الله سبحانه ، ويكِلُكَ إلى نفسك وإلى عامة خلقه ، فتضيع كضَياع الناس ، وتشرك كما يشركون ، وتسقط من حيث رفعك الله ونوَّر قلبك وبصرك وبصيرتك .

فإذا كنت تحب الله حقاً ، وتعتقد أن أنواع البلاء هي منه سبحانه ، فكيف تحبُّه جلَّ شأنه وتبغض ما كان منه تبارك وتعالى ؟!

قال في كتابه المجيد : { أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا . مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا } . [ ( 78 ـ 79 ) : النساء ] .

هنا هي المفارقة الكبرى . وجدتها إذاً ، وجدت الحقيقة المرجوَّة في هذا الموضوع الذي أنا بصدده ، وهي أن أرضى بما يأتيني من الله ، ولو كان وجعاً ، ولو كان ألماً شديداً ، ولو كان أي شكل من أشكال الإبتلاء فـ " مهما أتاني من المحبوب محبوبُ " .

ويبقى أمرٌ مهمٌ جداً ، وهو بعد أن رضيتُ بالبلاء وبعد أن أحببتُ البلاء ، فهل يمكن مع ذلك ألاَّ أحزن ولا أغضب ولا أخاف ؟! نعم ، يقيناً يمكن ذلك . مع الرياضة الروحية ، ومع التأمل في الحقائق العليا ، ستجد أن ذلك جدُّ ممكن . وقد حصل بالفعل ، خصوصاً مع معرفةِ ويقينيةِ أن الله رقيبك ، وأن الله حسيبك ، أي أنه هو حسبك سبحانه وتبارك وتعالى ، أي كافيك من جميع جوانبك وفي جميع شؤونك ، بما لا يستطيع أي مخلوق ، أو أية مجموعة من الخلق أن تكفيك بما يكفيك الله وكما يكفيك الله وكما يشفيك الله ، وكما يعافيك الله ، في نفسك وبدنك وحتى في جميع متعلقاتك . سبحانك اللهم وتعاليت عما يشركون .

فإذا عرفت هذا ، وعملت به راضياً محباً ، محاولاً ... ثم متخلصاً من الحزن والغضب والخوف ، فقد نجحت في الإبتلاء أي الإمتحان ، واسْعَدْ حينئذٍ بالشفاء وبالعافية ، وبقبولك في المحبين الحقيقيين ، الذين يقربهم الله سبحانه ، ويمكِّنهم في الدرجات العالية ، ويُعِزُّهم بعزته ، وينصرهم بنصره ، ويجعل مصيرهم { فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} .

يبقى من المهم جداً أن أذكر ، أن الإبتلاء كما يمكن أن يكون تعليماً ، الغاية منه ، رفع درجة العبد الصالح ، إذا صبر ونجح وِفْقَ ما يريد ربُّه سبحانه . كذلك يمكن أن يكون عقوبة على ذنبٍ أو ذنوب ، أو خطيئةٍ أو خطايا ، قد تكون قريبة العهد في حدوثها ، أو بعيدة في طوايا العمر ومراحله ، فالله سبحانه يتفضل بالبلاء ، على من يكون له علاقة بمثل ذلك ، ليطهر نفسه كلياً من شوائبها ، ولينقِّي بدنه من رواسب ومخلفات الذنب أو الخطيئة ، أو مجموع الذنوب والخطايا ، حتى يعيش عيشة راضية مرضية عند الله إذا تقدم في العمر ، خالعاً نعليه : الحزن والغضب أو الحزن والخوف . وكذلك وهو الأهم ، أن يجهزه سبحانه للعروج إلى الدرجة التي قضاها له في النعيم المقيم ، كذلك خالعاً نعليه اللَّذين يشدانه في العادة إلى الأرض في الحياة الدنيا ، ويكونان سبباً للتلبُّس بها ، فإذا خلعهما كان أخفَّ في عروجه ، واثقل في ميزانه .



نسألكم الدعاء[/align]
صورة العضو الرمزية
أنوار فاطمة الزهراء
المدير الإداري
مشاركات: 49874
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 23, 2008 1:36 pm
الجنس: فاطمية

Re: تُحب الله ؟ إذن احب بلاءه !

مشاركة بواسطة أنوار فاطمة الزهراء »

[align=center][font=Traditional Arabic] بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين
موضوع جميل جدا لأختي الكريمة
ام حنان
يدعو للتأمل في كلماته
دفع الله عنكم كل بلاء
[/font][/align]
يقينا كله خير
صورة العضو الرمزية
صرخة الزهراء
فـاطـمـيـة
مشاركات: 23718
اشترك في: الأربعاء ديسمبر 10, 2008 4:13 am
مكان: في مملكة الزهراء

Re: تُحب الله ؟ إذن احب بلاءه !

مشاركة بواسطة صرخة الزهراء »

[align=center][font=Traditional Arabic]اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على بديعة الوصف والمنظرالسلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبر
وعظم الله أجورنا واجوركم بوفاة الرسول الاعظم النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم
حبيبتي ام حنان وفقكم الله وايدكم لكل خير وسداد
دمتم برعاية الزهراء[/font][/align]
صورة
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد
صورة العضو الرمزية
عشقِي الأبدي هو الله
عضو موقوف
مشاركات: 49213
اشترك في: السبت أكتوبر 04, 2008 5:03 pm
مكان: في قلب منتداي الحبيب

Re: تُحب الله ؟ إذن احب بلاءه !

مشاركة بواسطة عشقِي الأبدي هو الله »

[align=center][font=Traditional Arabic]سم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
تسلمين أختي على الطرح الرائع والقيم
الله يعطيكِ العافية[/font]
[/align]
( حسبي الله ونعم الوكيل )
صورة العضو الرمزية
فاطمة هبة الله
فـاطـمـيـة
مشاركات: 39518
اشترك في: الأربعاء إبريل 29, 2009 11:20 am

Re: تُحب الله ؟ إذن احب بلاءه !

مشاركة بواسطة فاطمة هبة الله »

[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على الحسين و على علي بن الحسين و على اولاد الحسين و على اصحاب الحسين ورحمة الله وبركاته
سلمت يمناك اختي الكريمة ام حنان الله يعطيك الفين عافية
طرح رائع جدااا قضى الله حوائجكِ و يسر اموركِ بحق النبي و آله الاطهار عليهم السلام
دمتِ سالمة[/align]

(( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ))


صورة العضو الرمزية
مسكِ النبي الهَادي
فـاطـمـيـة
مشاركات: 21539
اشترك في: الاثنين يوليو 13, 2009 10:32 pm
مكان: حيثُ يكون المهدي أنا معهـ

Re: تُحب الله ؟ إذن احب بلاءه !

مشاركة بواسطة مسكِ النبي الهَادي »

[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
موضوع في غايه غايه الروعه
جعلنا الله معكِ من الراضيين عنهم
موفقه الى كل خير

صورة
تحياتي لموضوعك الرائع
مسك النبي
[/align]
صورة

العودة إلى ”روضـة الإبتهال والتضرع الى الله تعالى“