
[align=center]لم يكن أحداً في زمن علی عليه السلام لم يفهم ماالذي كان يقوله، لقد كان نفسه يقول:[/align]
[align=center]إِنَّمَا كُنْتُ جَاراً لَكُمْ جَاوَرَكُمْ بَدَنِي أَيَّاماً.[/align]
[align=center]ولقد سطّرت خطب أمير المؤمنين عليه السلام في الكتب، وتناقلتها الايدي، وقُرئت للناس، فمن الذي أدرك علی مدي العصور ما الذي يقوله عليّ؟
لقد أورد أُستاذنا سماحة العلاّمة الطباطبائيّ مدّ ظلّه عدّة خطب من «نهج البلاغة» في التوحيد، وذلك في المجلّد السادس من تفسير «الميزان» ص96 إلی 108، وهي جديرة بالتأمّل والاهتمام.[/align]
[align=center]الاُولي: الخطبة الاُولي: اَلْحَمْدُ لِلَهِ الَّذِي لاَ يَبْلُغُ مِدْحَتَهُ الْقَائِلُونَ ـ الخطبة.[/align]
[align=center]الثانية: الخطبة الثالثة والستّون: اَلْحَمْدُلِلَهِ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْ لَهُ حَالٌ حَالاًـ الخطبة.[/align]
[align=center]الثالثة: الخطبة الخمسون بعد المائة: اَلْحَمْدُ لِلَهِ الدَّالِّ علی وُجُودِهِ بِخَلْقِهِ ـالخطبة.[/align]
[align=center]الرابعة: الخطبة الحادية والستّون بعد المائة: اَلْحَمدُ لِلَهِ خَالِقِ الْعِبَادِ وَسَاطِحِ الْمِهَادِ ـ الخطبة.[/align]
[align=center]والخامسة: الخطبة الرابعة والثمانون بعد المائة: مَا وَحَّدَهُ مَنْ كَيَّفَهُ، وَلاَحَقِيقَتَهُ أَصَابَ مَن مَثَّلَهُ ـ الخطبة.[/align]
[align=center]إنّ المطالب التي أبان عنها أميرالمؤمنين عليه السلام في هذه الخطب في توحيد ذات الحقّ تعالي بالصرافة لميدركها أحد من العلماء إلی ما بعد الالف الهجريّ، حتّي أنّ ابن سينا لم يُدرك ـ بدوره ـ هذا المعني، فكان يقول بتوحيد الحقّ بالوحدة العدديّة.
ثمّ جاء العلاّمة بمطالب نفيسة في هامش ص 110 جديرة بالتأمّل والملاحظة.
أقول: الظاهر أنّ مراد الاُستاذ من العلماء بعد الالف الهجريّ: المرحوم صدر المتألّهين القائل بالتوحيد بالصرافة.
بلي؛ نحن نذهب إلی النجف الاشرف للزيارة والتوسّل احتراماً لبدنه عليه السلام، واحتراماً لتعلّق النفس بذلك البدن، وإلاّ فإنّ روحه ونفسه عليه السلام قد طبقت الآفاق: لاَ شَرْقِيَّةٌ وَلاَ غَرْبِيَّةٌ[/align].
[align=center]فهي في كلّ مكان، وموجودة مع كلّ شيء، وهو الوليّ الاعظم لمركز الفعل الربوبيّ جلّ وعزّ. وهو الذي توسّل به آدم أبو البشر للنجاة وبلوغ المقصود، وتوسّل به نوح وموسي وعيسي وسائر الانبياء، علی نبيّنا وآله وعليهم الصلاة والسلام[/align].
[align=center]أنّ إبراهيم عليه السلام مع أنـّه كان أفضل وأشرف من جميع الانبياء عدا نبيّ الإسلام، ومع أنـّه كان من المخلَصين، إلاّأنـّه سأل ربّه الوصول إلی مقام الصلوح، فوعده الله تعالي بنيله في الآخرة:[/align]
[align=center]وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَـ'هُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ و فِي الاْخِرَةِ لَمِنَ الصَّـ'لِحِينَ.
وسأل يوسف عليه السلام ربّه هذا المقام، فلم يرد في القرآن الكريم أنـّه سيُعطاه في الدنيا أو في الآخرة، فقد ذُكر دعاؤه وسؤاله فقط:
أَنتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّـ'لِحِينَ.
أمّا بالنسبة إلی أمير المؤمنين عليه السلام، فقد ورد التعبير عنه في القرآن الكريم بـ «صالح المؤمنين».[/align]
[align=center]إِن تَتُوبَآإِلَي اللَهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَـ'هَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَهَ هُوَ مَوْلَیـ'ـهُ وَجِبْرِيلُ وَصَـ'لِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَـ'ئِكَةُ بَعْدَ ذَ ' لِكَ ظَهِيرٌ.
ولقد استدعت رحابة روح أمير المؤمنين وعظمته وعلوّه في مقام التوحيد الذاتيّ والفناء والبقاء بالله في ذات الحضرة الاحديّة علی أساس من التلمذة علی يد رسول الله صلّي الله عليه وآله، استدعت قيام جميع الانبياء بالتوسّل به وبالانوار الخمسة الطاهرة، ورغبتهم ـببركة أُولئكمـ في ترميم وإكمال نقص كمالهم.[/align]
[align=center]إنّ أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن له تجلٍّ واحد، بل كان له في كلّ آن الآلاف المؤلّفة من التجلّيات. فأنـّي للإنسان أن يتطلّع إلی تجلّياته بهذه الاعين الرمداء!إنّ مائة ألف عين تلزم المرء ليري بها تجليّاته عليه السلام، وينبغي ـ إذَن ـ أن يُنظر إلی علی بعين علی نفسه.[/align]
[align=center]عسي الله تعالي أن يجعل أُمورنا في جميع العوالم مع أميرالمؤمنين عليه السلام، فيُحيينا بنداء واحد كما نادي إبراهيم الطيور فأحياها؛ وأن ينظر إلينا أمير المؤمنين بنظره الملكوتيّ، فيقلب نُحاس وجودنا ـكفعل الكيمياءـ ذهباً، ويرفعنا من حضيض عوالم البهيميّة إلی أوج الإنسانيّة وذروتها، ويجعل هذا الإنسان الظلمانيّ الحبيس في سجن الهوي والهوس ملكوتيّاً، ويهديه إلی التوحيد المحض.
وقد ورد في باب زيارته عليه السلام، عن رسول الله صلّي الله عليه وآله قال: مَنْ زَارَ عَلِيَّاً بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلهُ الْجَنَّةُ[/align]
[align=center]وجاء عن الصادق عليه السلام:
مَن تَرَكَ زِيَارَةَ أَمِيِرِ الْمُؤمِنِينَ لَمْ يَنْظُرِ اللَهُ إِلَيْهِ. أَلاَ تَزُورُونَ مَنْ تَزُورُهُ الْمَلاَئِكَةُ وَالنَّبِيُّونَ؟[/align]
[align=center]كما روي عنه عليه السلام أنـّه قال:
إِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ لَتُفْتَحُ عِنْدَ دُعَاءِ الزَّائِرِ لاِمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلاَ تَكُنْ عِنْدَ الْخَيْرِ نَوَّاماً.[/align]
[align=center]ويروي المجلسيّ رضوان الله عليه عن كتاب «أخبار الطالبيّين» قال:
إنّ الروم أسروا قوماً من المسلمين، فأُتي بهم إلی الملك، فعرض عليهم الكفر فأبوا، فأمر بإلقائهم في الزيت المغليّ وأطلق منهم رجلاً يُخبر بحالهم. فبينما هو يسير إذ سمع وقع حوافر الخيول، فوقف فنظر إلی أصحابه الذين أُلقوا في الزيت! فقال لهم في ذلك، فقالوا: قد كان ذلك، فنادي منادٍ في السماء في شهداء البرّ والبحر: إنّ علی بن أبي طالب قد استشهد في تلك الليلة فصلّوا عليه! فصلّينا عليه ونحن راجعون إلی مصارعنا.[/align]
[align=center]وينبغي العلم أنّ هذه القصّة وقعت في عالم البرزخ، وأنـّها اتّضحت لهذاالرجل علی هيئة مكاشفة.[/align]
[align=center]المصدر/ المعاد[/align]