اللهمّ عرّفني نفسك، فإنّك إنْ لم تعرّفني نفسَك لمْ أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك، فإنّك إنْ لم تعرّفني رسولك لم أعرفْ حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فإنّك إنْ لم تعرّفني حجّتك ضلَلتُ عن ديني
( ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً )
المشرفون: عاشق الحسن والحسين،يالثارات الزهراء
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 7515
- اشترك في: الثلاثاء فبراير 10, 2009 6:25 pm
( ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً )
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
[align=center]{لا تقاس رياضة النفس بالأفعال الظاهرية بل بمقدار التحرّر من تعلّقات النفس}[/align]
[align=center]إنّ لسيّد الشهداء عليه السلام عبارة عجيبة جداً, حيث يقول: (ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرّا). والله! مهما فكرنا في هذه العبارة فهو قليل, يقول: قد خلقك الله حراً, فلا تكن عبد غيرك, لماذا تتنزّل عن مقام إنسانيتك, وتصبح عبداً؟ لماذا تعظّم الآخرين؟ لماذا؟ لأنّه يريد أن يجعلك مديراً, تريد أن يعيّنك في المسؤوليات العُليا؟ يعني كي يستخدمك في جهازه تطأطئ رأسك. أيها الأحمق! أنت لا تدري ما هو الشيء الذي خسرته, لا تدري ما هو رأس المال الذي ضحيت به؟ الآن يعيّنك وبعد سنتين يعزلك, ولكن تكون قد خسرت حريتك وعزّتك, فهذا الشيء الذي خسرته أفقدك المناعة, فأنت لم تكن لتلوي رأسك وتنحني أمام أحد, ولكن الآن صرت معتاداً. والآن بعد ذلك لا يمكنك استرجاع تلك العزة والمناعة ثانية. فقد خسرت تلك الحالة من العزّة والمناعة. ما أروع كلمات الإمام الحسين عليه السلام: يقشعر لها جلد الإنسان وشعره, وكأنّ حقيقة الإمام الحسين الوجودية قد عجنت وصنعت من الحريّة والتحرّر, صنعت وجبلت من المناعة, صنعت من العزّة. وهذه العزّة والمناعة والشرف والحياة. وسيّد الشهداء يدلنا على هذا المقام ويسوقنا إليه مع أنّ كلّ معرفتنا بالإمام الحسين تدور حول واقعة كربلاء, فلولا كربلاء لما عرفنا شيئاً عن الإمام الحسين عليه السلام! فكيف كان عليه السلام يعيش في المدينة؟! وكيف كان زمن إمامة أخيه الإمام الحسن, وكيف وصل إلى مقام الإمامة والولاية, وحين شهادة الإمام الحسن المجتبى كيف كان؟ يعني: أنّنا ننظر إلى الإمام الحسين عليه السلام من هذا المنظار الضيّق, نتصوره وكأنّه مجرّد معارضة, لا يمكنه أن يتفاهم مع أحد, فيقتل هذا ويتخاصم مع ذاك, ولا يقبل بشيء ولا يرضخ ولا يتنازل.. فيقتل ويجرح ويقاتل وهكذا.. مع أنّ الكثير كانوا كذلك, وكثير من أعراب الجاهلة كانوا كذلك, ولكن كبكبوا على رؤوسهم في جهنّم. نقلت سابقاً للإخوة: أنّ أعراب الجاهلية من أمراء العشائر وأمثالهم كان لديهم تكبّر وأنانية إلى حدّ أنّه لو أراد أحد أن يقتله ويهجم عليه مثلا, لا يقبل أن يضربه من الخلف, بل يناشده أن اهجم عليّ من الأمام وارم سهمك عليّ من الأمام! ويقف ولا يدير وجهه إلى الخلف كي يقتله ذاك الشخص ولا يقال: إنّه قتل من الخلف!! فهل هذه هي الحرية؟! أية حريّة هذه؟! هذا جنون وتحجّر. لماذا لا تهجم عليه وتقتله؟ يقول: هذا الذي يريد أن يقتلني من خلفي وليس من شأني ولا من مقامي, فالذي يريد أن يرمي السهم عليّ من الخلف, فهو ليس من شأني ومقامي كي أحمل عليه, فهو يهاجمني بطريقة خسيسة وذليلة, ولا يليق بي أن أهجم على من ليس من مقامي!! فيقوم ذاك بقتله, وفعلا يضربه ويقتله ويمدّد جنازته على الأرض!! هل هذا حسن؟ فعادات ذاك الزمان كان بهذا الشكل, حيث كانت الحرب عبارة عن سيف ورمح وسهم وقوس, كانت الحرب عبارة عن حرية ومواجهة حرة, لا كالحرب التي نشهدها في زماننا من الدبابة والصاروخ والطائرة التي تغير ولا تميز بين هذا وذاك, ولا تميز بين المقيم والمسافر, والشيخ والشيخة والطفل!! فهي مواجهة ذليلة وخسيسة وجبانة, هذا هو الإنسان ذو التكنولوجيا, أما ذاك الزمان فكل منهم يتصارع مع شخص كفوٍ له, ولا يبدأ بالصراع مع شخص آخر حتى ينتهي من الأول وهكذا. وحينما تبدأ الحرب, فإن صادف شخصاً ليس من مقامه وشأنه فلا يتقاتل معه, بل يقول له: أنت لست من شأني ومقامي كي نتخاصم, أصلا لا يبدأ, وإذا تريد أن تقتلني أنت فافعل ما تشاء يعني يخاف على اسمه وأنانيته وغرور نفسه أكثر من حياته!! التفتّم؟
ذاك المحور الذي تكلمنا عنه من التذاذات النفس هي بعينها تتجلّى هنا, فهو يسعى وراء التلذّذ النفساني, فيتحمّل القتل والجرح وضرب السيوف والطعن, ولكن في ذلك لذّة نفسانية, فيه لذّة: لذة عدم التراجع عن كلامي, أنا لم تراجع عن مكانتي الاجتماعية, فهو الذي رمى عليّ السهم من خلفي, أمّا أنا فلا.
ما هذه المبادئ؟ هذه هي عين الذلّة والانقياد وراء الأهواء والرغبات والملذات النفسانية, وهي علامة سلب التوفيق, وهي متابعة الهوى, هل التفتم؟! فنحن نشعر باللذة حتى في الأمور الصعبة والشاقة, وليست اللذة منحصرة في خصوص الأمور السهلة والمفرحة. حتى الضغوطات التي نتحمّلها جميعها قائم على أساس الالتذاذات النفسانية, ولولا هذه اللذة لما تكبدنا ذلك.
وعليه فمتى يمكننا أن نرى هذه الحرية بشكل حقيقي في حياة سيد الشهداء عليه السلام؟ يمكننا أن نرى ذلك زمان حياة الإمام الحسن العسكري, فالإمام الحسين زمان ولاية الإمام المجتبى لم يكن يتكلّم أو يتدخل, فالإمام هو الحسن عليه السلام, وبيده زمام الأمور جميعها, فهو صاحب القرار وليس بيدي شيء. وبعد ذلك يستشهد الإمام الحسن, وتصبح الخلافة والإمامة والولاية بيد الإمام الحسين عليه السلام, وهنا لا يغيّر من رأسه ويقول: لقد صبرت وتحمّلت زمن أخي, أما الآن فلا, بل يسير على خطّ الولاية نفسها, ويتّبع نفس المنهج بعينه. (لا تكن عبدا لغيرك وقد جعلك الله حرا). فالآن بعد أن وصلت إلى مقام الإمامة, ووصل الأمر إلى المصالحة مع معاوية, والآن الأمور بيدي, وعليّ أن أبدأ بالحرب والمعارضة من الآن!! فما ينبغي أن يحصل بعد عشر سنين من وقعة كربلاء, فليقع الآن لا. لا يقول ذلك أبدا, أو مثلا: ذاك الجريان الذي سيقع بعد موت معاوية وزمان مجيء يزيد فليقع من الآن. لا أبدا لا يفعل الإمام ذلك, بل يمشي على نفس المسار الإلهي, فأخي قد عاهد معاوية, وحيث إنّ أخي أمضى هذا الشرط وأبرم هذه المعاهدة, فأنا أنصاع لمقام الولاية التي أبرمت هذا الصلح مع معاوية, وأحترم كلّ ذلك. هذه هي الحرية. وهذا هو معنى (لا تكن عبدا لغيرك وقد جعلك الله حرا), وهذه الحرية أهمّ من كلّ مجريات عاشوراء, والحقيقة أنّنا نحن غافلون عن تلك السنين العشر التي مضت بعد شهادة الإمام الحسن وقبل تولي يزيد للسلطة, فنحن نسلط الضوء فقط وفقط على السيف والسهام والنبال ويزيد والجيش والثورة والضرب.
حرية الإمام الحسين تقتضي بأن يقول: إنّ حكومة معاوية التي أمضاها الإمام الحسن ـ ظاهراً ـ فإنّي لا أنقض العهد معها من تلقاء نفسي. نعم الإمام يقوم بواجبه, ويتحمّل جميع أعباء الإمامة, ولا يتنازل عنها قيد أنملة, وهم يعلمون أنّ الإمام الحسين إنّما أمضى ذلك احتراما للعهد الذي أبرمه الإمام الحسن, وهم يعلمون أنّه في هذا الظرف سوف لا ينقض الإمام الحسين عهد أخيه, ولن يثور ولن يقوم ضدّ حكومة معاوية في الشام. وهذا الموقف الذي التي جسّده الإمام الحسين عليه السلام هو حقيقة (لا تكن عبدا لغيرك), يعني لا تجعل كلام الآخرين يؤثر فيك, ولا تكن ألعوبة بين يدي اقتراحات الآخرين ونظراتهم ومعاتبتهم.
يا بن رسول الله: قم واثأر وانهض ضد الحكومة الحاكمة!! ولكنّه يقول: لا..فأنت حرّ وعليك أن تبقى كذلك, فأنت الآن الإمام وعليك أن ترى ما تمليه الولاية عليك, ولا تنصاع لما صنعته الأوهام والخيالات, بل كن عبدا لله, فقد (جعلك الله حرا).
أيّها الشاب الذي خلقك الله في هذه الأسرة قد خلقك الله حرا, فما دخلك بعائلتك التي تمانعك من الهداية. أيّها الأب الموجود ضمن مجموعة وهم يريدون أن يسيروا في اتجاه آخر, فلا تجعل نفسك مطيعا ومنقاداً لهؤلاء, بل امش بهدفك. أيتها الأم التي تعيشين ضمن أسرة جميع أعضائها يسيرون باتجاه خاطئ, فلماذا تسيرين معهم؟! لماذا تتبعينهم؟ فقد جعلك الله حرّة, وهم حسابهم عليهم.
أيّتها المرأة التي تعيشين مع زوجك الذي يعيش بطريقه الخاطئ, ما دخلك بذلك؟ اعملي بتكاليفك, أطيعي ما هو موافق لأمر الله, وما هو مخالف فلا تطيعيه, والسلام.
بعض الأحيان تتصل بعضهنّ وتسأل عن بعض الأمور, فأقول لها: لا يمكن ذلك. تقول: إذا لم أفعل ذلك تتهدّم كلّ حياتي. أجيبها: فلتتهدّم!! يعني: هل تتصورين أن آمرك أو أجوّز لك فعل الحرام كي تسلم حياتك؟! يعني: هل تفعلين الحرام لأجل حياتك؟ مثلاً يقال لها: اختلطي مع غير ذي محرم, واضحكي معه, وجالسيه وسامريه وسلمي عليه بيدك! لا عزيزي! أنا لا آمر بهذه الأمور حتى وإن أدّى ذلك إلى الطلاق فلتطلّقي!
يعني: لا يمكن للمرأة أن تفعل الحرام وتوقع نفسها بألف حرام.وإن هدّدك بالطلاق فتطلقي. لا يمكن للمرأة أن تتساهل في هذه الأمور, وليس من حقّها أن تتساهل أبداً, وقد سمعت ما هو أشدّ من ذلك وأفظع!
وهنا على المرأة أن تقيم الحكم الشرعي, ولا يمكننا التنازل عن الدين والشرع لأجل هذه المسائل. هل نحن نعيش في الحياة الدنيا لأجل الحياة نفسها؟! أم لأجل إقامة حكم الله وإطاعة الشرع؟ فلتتهدّم هذه الحياة حينما تتعارض مع حكم الله, فحينما تصبح الحياة والعيش مانعين عن حكم الدين والشرع, علينا أن نبعدهما جانباً.
كذلك الأمر من ذاك الجانب: فلو كان الزوج هو الذي يفعل الخطأ, فأنت لا دخل لكِ بذلك, أنت قومي بعملك وتكليفك, وحسابه عليه, وحسبك عليك, بل من خلال صبرك يصبح أجرك مضاعفا. كذلك الأمر من هذه الجهة: يأتي بعض الرجال ويقول: لقد ارتكبت بعض الأخطاء لأجل رعاية زوجتي, وذهبت إلى ذاك المجلس مماشاةً مع زوجتي, وقمت بهذا العمل لأجل زوجتي, وإن لم أفعل تعاديني وتنزل السماء على الأرض! لتفعل ما تشاء! لا تريد أن تتراجع؟ فلا ترجع!
يعني: أنت تتنازل عن دينك لأجل حياتك الظاهرية؟ وتضع إلهك تحت قدميك لأجل زوجتك؟! لا عزيزي, لا قيمة لهذه الحياة حينئذ.
ينبغي أن تكون الارتباطات والعلاقات على أساس الرضا الإلهي, فإن تحقّق ذلك فبه, وإلا فالمهم هو الرضا الإلهي, ويجب على الإنسان أن يبني حياته على الحدود والضوابط, ويصلحها على أساس الرضا الإلهي, وإذا أحسّ من نفسه أنّه يتخطّى الرضا الإلهي فعلية أن يتوقف.
مثلاً يقول الرجل لزوجته: لا أريد أن تذهبي إلى مجالس العزاء, فينبغي أن لا تذهب المرأة. ولو قالت المرأة: لا, أنا أريد الذهاب, وتبدأ بالضغط, فتبدّل كيفية الطهي بأن تطبخه حامضاً تزيد الملح فيه لتحرقه فتحرق قلبه وتذلّه. الإمام الحسين بريء من هذه المرأة وليس إماماً لها, إمام هذه المرأة هو يزيد الذي تقتدي به وبإغوائه, وسيدخلها بيده إلى جهنّم, حينما يقول لها زوجها: لا تذهبي! ينبغي أن تقول: سمعاً وطاعة, سوف لا أذهب.
يعني: أنت تريدين الذهاب إلى مجلس أبي عبد الله لأجل إرضاء نفسك أم لماذا؟ هل رأيتم؟ المحور هو رغبة النفس وهواها. الإمام الحسين يقول: ابقي في منزلك, أنا لا أريد أن تأتي إلى حسينيتي, ولا أريد أن تشاركي في مجلسي, فنفس بقاءكم مع زوجك هو إطاعة للإمام الحسين. نعم قد يكون بعض الأحيان المنع تعدّياً من زوجك. نعم في بعض الأحيان قد يكون نظر الزوج في محله, يعني بعض الحالات يشعر الزوج أن حياته أصبحت في مهب الريح!!
فجأة تلبس العباءة وتذهب إلى المجلس!!!
بابا ما الذي حدث؟!! إلى أين؟!!
يعني تحسّين أنّ في المنزل مسمارا؟!
هل يوجد في المنزل مسمار؟!
دائما: عزاء.. عزاء.. عزاء.. عزاء.. عزاء..
جلسة.. جلسة.. جلسة.. جلسة..
درس ودرس, تباً لهذا الدرس!!
تفضلي واجلسي في المنزل, كي تشخصين أيّهما أنفع؟ البقاء في المنزل أم الذهاب؟ فأي الطريقين هو طريق الأولياء؟! حتى نأتي نحن ونضيف تخيلاتنا وأوهامنا, ونحرّك الناس على أساسها. فمرام الأولياء ومسارهم يقضي بعدم خروج المرأة من المنزل, هذه هي القاعدة الأصلية, صحيح؟! نعم, إن تخرج مرة أو مرتين في الأسبوع فلا إشكال فيه, إلا في موارد الضرورة من قبيل طبابة, تداوي, مرض, صلة رحم وأمثالها. بينما نحن نجد أنّ الشخص يملّ من المنزل فيقول: أريد أن أخفّف الملل عن نفسي, فأريد الذهاب إلى مجلس الإمام الحسين! عجيب! لماذا تلصق المسألة بمجلس أبي عبد الله؟! قل: أنا أحب أن أُرفّه عن نفسي. قل: لا أحب البقاء في المنزل.. فلو كانت أختكِ تأتي لزيارتك في وقت المجلس, وتجلسين معها وتأنسين وتتسامرين. فهل كنت لتذهبي في هذه الساعة إلى المجلس!! لو كان ينعقد مجلس أنس يشتمل على ألف غيبة وتهمة وثرثرة, فهل كنت تذهبين أيضاً إلى المجلس؟! أم لا.. لماذا يخدع الإنسان نفسه؟! لماذا نحتال على أنفسنا؟!
لم يكن والدنا لينخدع أصلا, فما قاله هو كلام حقّ, ومدرسته مدرسة الحقّ, وكل مطالب الرياضة مبنية على هذه الأساس ومن يريد أن يعمل فهو وشأنه, ومن لم يرد أن يعمل فكما يشاء.
فما نحب أن نفعله ونقوم به نجد أنّنا نقوم بتوجيهه وتعليله بألف حيلة, ونحاول أن نبرّره بألف وسيلة, هكذا ينبغي أن نفعل؟ أم الواجب علينا هو القيام بما هو تكليف وواجب.
الإمام الحسين عليه السلام الذي ثار في يوم عاشوراء, قد هادن معاوية عشر سنين متوالية, نحن فقط نرى يوم عاشوراء؟ ونقول: الحسين!! نحن حسينيون, نحن أتباع الحسين. ولا يعرفون أنّهم في الواقع يقولون: نحن لسنا حسنيين!! هكذا في قلبهم, والحقيقة أنّ الحسين هو حسني وهو تابع للإمام الحسن, فالحسين عليه السلام أكثر حياته المباركة كان تحت تربية وولاية أخيه الإمام الحسن عليه السلام, والسنوات العشر التي قضاها بعد شهادة الإمام الحسن عليه السلام قضاها أيضاً تحت أوامر وولاية الإمام الحسن, وهادن ولم يقاوم, نعم حينما مات معاوية, وجاء يزيد قال الإمام: نحن مع المهادنة إلى أن يأتي مثل يزيد, حينها لا يمكننا أن نهادن أمثال هذا الشخص, ولو كان أخي الحسن مكاني لفعل مثل ما فعلته, ولو كان الإمام الحسن زمن عاشوراء لقام بوقعة كربلاء بعينها ودون تفاوت. هل تتصورون أنّ الإمام الحسن كان سهلاً في الحروب؟! فما وردنا من كتب التواريخ من بسالة الإمام الحسن عليه السلام وشجاعته وبطولته إنّ لم يكن أكثر من الإمام الحسين فهو مثله وليس أقل!! ففي حرب الجمل وحرب صفين وحرب النهروان حينما كان الإمام الحسن عليه السلام ينزل في ميدان الحرب, كان أمير المؤمنين يقول: ارجعوه, هؤلاء لا يعرفون مقابل من يقاتلون, وضد من يقفون. ولو يصاب بأذى فسوف ينقطع نسل رسول الله. فما وردنا عن شجاعة وفتوّة وبسالة الإمام الحسن زمن أمير المؤمنين عليه السلام ليس لدينا ما يماثله بالنسبة للإمام الحسين. نعم لدينا الكثير, ولكن ليس بهذا الشكل, فما وردنا عن الإمام الحسن أكثر. فهل صحيح ما يقوله بعضهم: إنّ الإمام الحسن كان يخاف من جريان واقعة كربلاء؟؟ يخاف, يفزع, يضطرب!! لا عزيزي! نحن نقيس أفعال الإمام ونوزنها على أساس تخيلاتنا الخاصة, فنتصور الإمام وكأنّه لا يمتلك شيئا من العلم والدراية, كما نسمع في هذه الأيام من: أنّ علم الإمام هو مثلنا, وتقوى الإمام جيد, ولكن من الممكن أن يكون بعضهم أعلى. كذلك اطلاع الإمام على المسائل كسائر الناس. فإذا أراد الله أن يخبره, ينزل عليه فيض روح القدس, وما شابه ذلك, تماما كالمسيحيين. فالإمام لا فضل له على أحد, وبعض الحالات التي تظهر فيه يلقي الله سبحانه وتعالى عليه بعض المسائل كما يلقي علينا تماما في المنام, أو يلقي في فكره كالإيحاء, أو يلفت نظره إلى بعض المسائل, وهكذا سائر المسائل. والخلاصة الإمام جيد وهو من الصلحاء. شكرا جزيلا أن تكرّمتم على الإمام بذلك!!! نعوذ بالله. وبعضهم يقول: لا أدري ما الذي فعله الإمام؟؟ وقد تصدر منه المعصية, بل قد عصى ولكن بعد ذلك تاب. هذه المسائل وهذه الأباطيل وأمثال هذه السخافات والتفاهات إنّما تصدر من العقول المتعفنة والفارغة.
نحن الآن نفهم قيمة كلام المرحوم العلامة الطباطبائي رضوان الله عليه للمرحوم الوالد من أنّه: من لم يسلك طريق العرفان ويطلع على الحقائق التوحيدية, فسوف لن يتمكن من معرفة مقام الإمامة والولاية أبداً.
فنحن الآن نشاهد مكانة هذا الكلام, وإن وفقنا الله في تأليفنا الجديد سوف نبين مسألة الإمامة والولاية واختلاف فهمنا لها عن الآخرين, وتحديد ما غفل عنه الآخرون, أو تغافلوا عنه عمدا!!
هكذا كان حال سيد الشهداء عليه السلام: (لا تكن عبدا لغيرك وقد جعلك الله حرا) لا تكن عبداً لغيرك.. لا تكن عبداً لغيرك.[/align]
المصدر / محاضرة "في شرح حديث عنوان البصري" للسيد محمد الحسيني الطهراني
[align=center]{لا تقاس رياضة النفس بالأفعال الظاهرية بل بمقدار التحرّر من تعلّقات النفس}[/align]
[align=center]إنّ لسيّد الشهداء عليه السلام عبارة عجيبة جداً, حيث يقول: (ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرّا). والله! مهما فكرنا في هذه العبارة فهو قليل, يقول: قد خلقك الله حراً, فلا تكن عبد غيرك, لماذا تتنزّل عن مقام إنسانيتك, وتصبح عبداً؟ لماذا تعظّم الآخرين؟ لماذا؟ لأنّه يريد أن يجعلك مديراً, تريد أن يعيّنك في المسؤوليات العُليا؟ يعني كي يستخدمك في جهازه تطأطئ رأسك. أيها الأحمق! أنت لا تدري ما هو الشيء الذي خسرته, لا تدري ما هو رأس المال الذي ضحيت به؟ الآن يعيّنك وبعد سنتين يعزلك, ولكن تكون قد خسرت حريتك وعزّتك, فهذا الشيء الذي خسرته أفقدك المناعة, فأنت لم تكن لتلوي رأسك وتنحني أمام أحد, ولكن الآن صرت معتاداً. والآن بعد ذلك لا يمكنك استرجاع تلك العزة والمناعة ثانية. فقد خسرت تلك الحالة من العزّة والمناعة. ما أروع كلمات الإمام الحسين عليه السلام: يقشعر لها جلد الإنسان وشعره, وكأنّ حقيقة الإمام الحسين الوجودية قد عجنت وصنعت من الحريّة والتحرّر, صنعت وجبلت من المناعة, صنعت من العزّة. وهذه العزّة والمناعة والشرف والحياة. وسيّد الشهداء يدلنا على هذا المقام ويسوقنا إليه مع أنّ كلّ معرفتنا بالإمام الحسين تدور حول واقعة كربلاء, فلولا كربلاء لما عرفنا شيئاً عن الإمام الحسين عليه السلام! فكيف كان عليه السلام يعيش في المدينة؟! وكيف كان زمن إمامة أخيه الإمام الحسن, وكيف وصل إلى مقام الإمامة والولاية, وحين شهادة الإمام الحسن المجتبى كيف كان؟ يعني: أنّنا ننظر إلى الإمام الحسين عليه السلام من هذا المنظار الضيّق, نتصوره وكأنّه مجرّد معارضة, لا يمكنه أن يتفاهم مع أحد, فيقتل هذا ويتخاصم مع ذاك, ولا يقبل بشيء ولا يرضخ ولا يتنازل.. فيقتل ويجرح ويقاتل وهكذا.. مع أنّ الكثير كانوا كذلك, وكثير من أعراب الجاهلة كانوا كذلك, ولكن كبكبوا على رؤوسهم في جهنّم. نقلت سابقاً للإخوة: أنّ أعراب الجاهلية من أمراء العشائر وأمثالهم كان لديهم تكبّر وأنانية إلى حدّ أنّه لو أراد أحد أن يقتله ويهجم عليه مثلا, لا يقبل أن يضربه من الخلف, بل يناشده أن اهجم عليّ من الأمام وارم سهمك عليّ من الأمام! ويقف ولا يدير وجهه إلى الخلف كي يقتله ذاك الشخص ولا يقال: إنّه قتل من الخلف!! فهل هذه هي الحرية؟! أية حريّة هذه؟! هذا جنون وتحجّر. لماذا لا تهجم عليه وتقتله؟ يقول: هذا الذي يريد أن يقتلني من خلفي وليس من شأني ولا من مقامي, فالذي يريد أن يرمي السهم عليّ من الخلف, فهو ليس من شأني ومقامي كي أحمل عليه, فهو يهاجمني بطريقة خسيسة وذليلة, ولا يليق بي أن أهجم على من ليس من مقامي!! فيقوم ذاك بقتله, وفعلا يضربه ويقتله ويمدّد جنازته على الأرض!! هل هذا حسن؟ فعادات ذاك الزمان كان بهذا الشكل, حيث كانت الحرب عبارة عن سيف ورمح وسهم وقوس, كانت الحرب عبارة عن حرية ومواجهة حرة, لا كالحرب التي نشهدها في زماننا من الدبابة والصاروخ والطائرة التي تغير ولا تميز بين هذا وذاك, ولا تميز بين المقيم والمسافر, والشيخ والشيخة والطفل!! فهي مواجهة ذليلة وخسيسة وجبانة, هذا هو الإنسان ذو التكنولوجيا, أما ذاك الزمان فكل منهم يتصارع مع شخص كفوٍ له, ولا يبدأ بالصراع مع شخص آخر حتى ينتهي من الأول وهكذا. وحينما تبدأ الحرب, فإن صادف شخصاً ليس من مقامه وشأنه فلا يتقاتل معه, بل يقول له: أنت لست من شأني ومقامي كي نتخاصم, أصلا لا يبدأ, وإذا تريد أن تقتلني أنت فافعل ما تشاء يعني يخاف على اسمه وأنانيته وغرور نفسه أكثر من حياته!! التفتّم؟
ذاك المحور الذي تكلمنا عنه من التذاذات النفس هي بعينها تتجلّى هنا, فهو يسعى وراء التلذّذ النفساني, فيتحمّل القتل والجرح وضرب السيوف والطعن, ولكن في ذلك لذّة نفسانية, فيه لذّة: لذة عدم التراجع عن كلامي, أنا لم تراجع عن مكانتي الاجتماعية, فهو الذي رمى عليّ السهم من خلفي, أمّا أنا فلا.
ما هذه المبادئ؟ هذه هي عين الذلّة والانقياد وراء الأهواء والرغبات والملذات النفسانية, وهي علامة سلب التوفيق, وهي متابعة الهوى, هل التفتم؟! فنحن نشعر باللذة حتى في الأمور الصعبة والشاقة, وليست اللذة منحصرة في خصوص الأمور السهلة والمفرحة. حتى الضغوطات التي نتحمّلها جميعها قائم على أساس الالتذاذات النفسانية, ولولا هذه اللذة لما تكبدنا ذلك.
وعليه فمتى يمكننا أن نرى هذه الحرية بشكل حقيقي في حياة سيد الشهداء عليه السلام؟ يمكننا أن نرى ذلك زمان حياة الإمام الحسن العسكري, فالإمام الحسين زمان ولاية الإمام المجتبى لم يكن يتكلّم أو يتدخل, فالإمام هو الحسن عليه السلام, وبيده زمام الأمور جميعها, فهو صاحب القرار وليس بيدي شيء. وبعد ذلك يستشهد الإمام الحسن, وتصبح الخلافة والإمامة والولاية بيد الإمام الحسين عليه السلام, وهنا لا يغيّر من رأسه ويقول: لقد صبرت وتحمّلت زمن أخي, أما الآن فلا, بل يسير على خطّ الولاية نفسها, ويتّبع نفس المنهج بعينه. (لا تكن عبدا لغيرك وقد جعلك الله حرا). فالآن بعد أن وصلت إلى مقام الإمامة, ووصل الأمر إلى المصالحة مع معاوية, والآن الأمور بيدي, وعليّ أن أبدأ بالحرب والمعارضة من الآن!! فما ينبغي أن يحصل بعد عشر سنين من وقعة كربلاء, فليقع الآن لا. لا يقول ذلك أبدا, أو مثلا: ذاك الجريان الذي سيقع بعد موت معاوية وزمان مجيء يزيد فليقع من الآن. لا أبدا لا يفعل الإمام ذلك, بل يمشي على نفس المسار الإلهي, فأخي قد عاهد معاوية, وحيث إنّ أخي أمضى هذا الشرط وأبرم هذه المعاهدة, فأنا أنصاع لمقام الولاية التي أبرمت هذا الصلح مع معاوية, وأحترم كلّ ذلك. هذه هي الحرية. وهذا هو معنى (لا تكن عبدا لغيرك وقد جعلك الله حرا), وهذه الحرية أهمّ من كلّ مجريات عاشوراء, والحقيقة أنّنا نحن غافلون عن تلك السنين العشر التي مضت بعد شهادة الإمام الحسن وقبل تولي يزيد للسلطة, فنحن نسلط الضوء فقط وفقط على السيف والسهام والنبال ويزيد والجيش والثورة والضرب.
حرية الإمام الحسين تقتضي بأن يقول: إنّ حكومة معاوية التي أمضاها الإمام الحسن ـ ظاهراً ـ فإنّي لا أنقض العهد معها من تلقاء نفسي. نعم الإمام يقوم بواجبه, ويتحمّل جميع أعباء الإمامة, ولا يتنازل عنها قيد أنملة, وهم يعلمون أنّ الإمام الحسين إنّما أمضى ذلك احتراما للعهد الذي أبرمه الإمام الحسن, وهم يعلمون أنّه في هذا الظرف سوف لا ينقض الإمام الحسين عهد أخيه, ولن يثور ولن يقوم ضدّ حكومة معاوية في الشام. وهذا الموقف الذي التي جسّده الإمام الحسين عليه السلام هو حقيقة (لا تكن عبدا لغيرك), يعني لا تجعل كلام الآخرين يؤثر فيك, ولا تكن ألعوبة بين يدي اقتراحات الآخرين ونظراتهم ومعاتبتهم.
يا بن رسول الله: قم واثأر وانهض ضد الحكومة الحاكمة!! ولكنّه يقول: لا..فأنت حرّ وعليك أن تبقى كذلك, فأنت الآن الإمام وعليك أن ترى ما تمليه الولاية عليك, ولا تنصاع لما صنعته الأوهام والخيالات, بل كن عبدا لله, فقد (جعلك الله حرا).
أيّها الشاب الذي خلقك الله في هذه الأسرة قد خلقك الله حرا, فما دخلك بعائلتك التي تمانعك من الهداية. أيّها الأب الموجود ضمن مجموعة وهم يريدون أن يسيروا في اتجاه آخر, فلا تجعل نفسك مطيعا ومنقاداً لهؤلاء, بل امش بهدفك. أيتها الأم التي تعيشين ضمن أسرة جميع أعضائها يسيرون باتجاه خاطئ, فلماذا تسيرين معهم؟! لماذا تتبعينهم؟ فقد جعلك الله حرّة, وهم حسابهم عليهم.
أيّتها المرأة التي تعيشين مع زوجك الذي يعيش بطريقه الخاطئ, ما دخلك بذلك؟ اعملي بتكاليفك, أطيعي ما هو موافق لأمر الله, وما هو مخالف فلا تطيعيه, والسلام.
بعض الأحيان تتصل بعضهنّ وتسأل عن بعض الأمور, فأقول لها: لا يمكن ذلك. تقول: إذا لم أفعل ذلك تتهدّم كلّ حياتي. أجيبها: فلتتهدّم!! يعني: هل تتصورين أن آمرك أو أجوّز لك فعل الحرام كي تسلم حياتك؟! يعني: هل تفعلين الحرام لأجل حياتك؟ مثلاً يقال لها: اختلطي مع غير ذي محرم, واضحكي معه, وجالسيه وسامريه وسلمي عليه بيدك! لا عزيزي! أنا لا آمر بهذه الأمور حتى وإن أدّى ذلك إلى الطلاق فلتطلّقي!
يعني: لا يمكن للمرأة أن تفعل الحرام وتوقع نفسها بألف حرام.وإن هدّدك بالطلاق فتطلقي. لا يمكن للمرأة أن تتساهل في هذه الأمور, وليس من حقّها أن تتساهل أبداً, وقد سمعت ما هو أشدّ من ذلك وأفظع!
وهنا على المرأة أن تقيم الحكم الشرعي, ولا يمكننا التنازل عن الدين والشرع لأجل هذه المسائل. هل نحن نعيش في الحياة الدنيا لأجل الحياة نفسها؟! أم لأجل إقامة حكم الله وإطاعة الشرع؟ فلتتهدّم هذه الحياة حينما تتعارض مع حكم الله, فحينما تصبح الحياة والعيش مانعين عن حكم الدين والشرع, علينا أن نبعدهما جانباً.
كذلك الأمر من ذاك الجانب: فلو كان الزوج هو الذي يفعل الخطأ, فأنت لا دخل لكِ بذلك, أنت قومي بعملك وتكليفك, وحسابه عليه, وحسبك عليك, بل من خلال صبرك يصبح أجرك مضاعفا. كذلك الأمر من هذه الجهة: يأتي بعض الرجال ويقول: لقد ارتكبت بعض الأخطاء لأجل رعاية زوجتي, وذهبت إلى ذاك المجلس مماشاةً مع زوجتي, وقمت بهذا العمل لأجل زوجتي, وإن لم أفعل تعاديني وتنزل السماء على الأرض! لتفعل ما تشاء! لا تريد أن تتراجع؟ فلا ترجع!
يعني: أنت تتنازل عن دينك لأجل حياتك الظاهرية؟ وتضع إلهك تحت قدميك لأجل زوجتك؟! لا عزيزي, لا قيمة لهذه الحياة حينئذ.
ينبغي أن تكون الارتباطات والعلاقات على أساس الرضا الإلهي, فإن تحقّق ذلك فبه, وإلا فالمهم هو الرضا الإلهي, ويجب على الإنسان أن يبني حياته على الحدود والضوابط, ويصلحها على أساس الرضا الإلهي, وإذا أحسّ من نفسه أنّه يتخطّى الرضا الإلهي فعلية أن يتوقف.
مثلاً يقول الرجل لزوجته: لا أريد أن تذهبي إلى مجالس العزاء, فينبغي أن لا تذهب المرأة. ولو قالت المرأة: لا, أنا أريد الذهاب, وتبدأ بالضغط, فتبدّل كيفية الطهي بأن تطبخه حامضاً تزيد الملح فيه لتحرقه فتحرق قلبه وتذلّه. الإمام الحسين بريء من هذه المرأة وليس إماماً لها, إمام هذه المرأة هو يزيد الذي تقتدي به وبإغوائه, وسيدخلها بيده إلى جهنّم, حينما يقول لها زوجها: لا تذهبي! ينبغي أن تقول: سمعاً وطاعة, سوف لا أذهب.
يعني: أنت تريدين الذهاب إلى مجلس أبي عبد الله لأجل إرضاء نفسك أم لماذا؟ هل رأيتم؟ المحور هو رغبة النفس وهواها. الإمام الحسين يقول: ابقي في منزلك, أنا لا أريد أن تأتي إلى حسينيتي, ولا أريد أن تشاركي في مجلسي, فنفس بقاءكم مع زوجك هو إطاعة للإمام الحسين. نعم قد يكون بعض الأحيان المنع تعدّياً من زوجك. نعم في بعض الأحيان قد يكون نظر الزوج في محله, يعني بعض الحالات يشعر الزوج أن حياته أصبحت في مهب الريح!!
فجأة تلبس العباءة وتذهب إلى المجلس!!!
بابا ما الذي حدث؟!! إلى أين؟!!
يعني تحسّين أنّ في المنزل مسمارا؟!
هل يوجد في المنزل مسمار؟!
دائما: عزاء.. عزاء.. عزاء.. عزاء.. عزاء..
جلسة.. جلسة.. جلسة.. جلسة..
درس ودرس, تباً لهذا الدرس!!
تفضلي واجلسي في المنزل, كي تشخصين أيّهما أنفع؟ البقاء في المنزل أم الذهاب؟ فأي الطريقين هو طريق الأولياء؟! حتى نأتي نحن ونضيف تخيلاتنا وأوهامنا, ونحرّك الناس على أساسها. فمرام الأولياء ومسارهم يقضي بعدم خروج المرأة من المنزل, هذه هي القاعدة الأصلية, صحيح؟! نعم, إن تخرج مرة أو مرتين في الأسبوع فلا إشكال فيه, إلا في موارد الضرورة من قبيل طبابة, تداوي, مرض, صلة رحم وأمثالها. بينما نحن نجد أنّ الشخص يملّ من المنزل فيقول: أريد أن أخفّف الملل عن نفسي, فأريد الذهاب إلى مجلس الإمام الحسين! عجيب! لماذا تلصق المسألة بمجلس أبي عبد الله؟! قل: أنا أحب أن أُرفّه عن نفسي. قل: لا أحب البقاء في المنزل.. فلو كانت أختكِ تأتي لزيارتك في وقت المجلس, وتجلسين معها وتأنسين وتتسامرين. فهل كنت لتذهبي في هذه الساعة إلى المجلس!! لو كان ينعقد مجلس أنس يشتمل على ألف غيبة وتهمة وثرثرة, فهل كنت تذهبين أيضاً إلى المجلس؟! أم لا.. لماذا يخدع الإنسان نفسه؟! لماذا نحتال على أنفسنا؟!
لم يكن والدنا لينخدع أصلا, فما قاله هو كلام حقّ, ومدرسته مدرسة الحقّ, وكل مطالب الرياضة مبنية على هذه الأساس ومن يريد أن يعمل فهو وشأنه, ومن لم يرد أن يعمل فكما يشاء.
فما نحب أن نفعله ونقوم به نجد أنّنا نقوم بتوجيهه وتعليله بألف حيلة, ونحاول أن نبرّره بألف وسيلة, هكذا ينبغي أن نفعل؟ أم الواجب علينا هو القيام بما هو تكليف وواجب.
الإمام الحسين عليه السلام الذي ثار في يوم عاشوراء, قد هادن معاوية عشر سنين متوالية, نحن فقط نرى يوم عاشوراء؟ ونقول: الحسين!! نحن حسينيون, نحن أتباع الحسين. ولا يعرفون أنّهم في الواقع يقولون: نحن لسنا حسنيين!! هكذا في قلبهم, والحقيقة أنّ الحسين هو حسني وهو تابع للإمام الحسن, فالحسين عليه السلام أكثر حياته المباركة كان تحت تربية وولاية أخيه الإمام الحسن عليه السلام, والسنوات العشر التي قضاها بعد شهادة الإمام الحسن عليه السلام قضاها أيضاً تحت أوامر وولاية الإمام الحسن, وهادن ولم يقاوم, نعم حينما مات معاوية, وجاء يزيد قال الإمام: نحن مع المهادنة إلى أن يأتي مثل يزيد, حينها لا يمكننا أن نهادن أمثال هذا الشخص, ولو كان أخي الحسن مكاني لفعل مثل ما فعلته, ولو كان الإمام الحسن زمن عاشوراء لقام بوقعة كربلاء بعينها ودون تفاوت. هل تتصورون أنّ الإمام الحسن كان سهلاً في الحروب؟! فما وردنا من كتب التواريخ من بسالة الإمام الحسن عليه السلام وشجاعته وبطولته إنّ لم يكن أكثر من الإمام الحسين فهو مثله وليس أقل!! ففي حرب الجمل وحرب صفين وحرب النهروان حينما كان الإمام الحسن عليه السلام ينزل في ميدان الحرب, كان أمير المؤمنين يقول: ارجعوه, هؤلاء لا يعرفون مقابل من يقاتلون, وضد من يقفون. ولو يصاب بأذى فسوف ينقطع نسل رسول الله. فما وردنا عن شجاعة وفتوّة وبسالة الإمام الحسن زمن أمير المؤمنين عليه السلام ليس لدينا ما يماثله بالنسبة للإمام الحسين. نعم لدينا الكثير, ولكن ليس بهذا الشكل, فما وردنا عن الإمام الحسن أكثر. فهل صحيح ما يقوله بعضهم: إنّ الإمام الحسن كان يخاف من جريان واقعة كربلاء؟؟ يخاف, يفزع, يضطرب!! لا عزيزي! نحن نقيس أفعال الإمام ونوزنها على أساس تخيلاتنا الخاصة, فنتصور الإمام وكأنّه لا يمتلك شيئا من العلم والدراية, كما نسمع في هذه الأيام من: أنّ علم الإمام هو مثلنا, وتقوى الإمام جيد, ولكن من الممكن أن يكون بعضهم أعلى. كذلك اطلاع الإمام على المسائل كسائر الناس. فإذا أراد الله أن يخبره, ينزل عليه فيض روح القدس, وما شابه ذلك, تماما كالمسيحيين. فالإمام لا فضل له على أحد, وبعض الحالات التي تظهر فيه يلقي الله سبحانه وتعالى عليه بعض المسائل كما يلقي علينا تماما في المنام, أو يلقي في فكره كالإيحاء, أو يلفت نظره إلى بعض المسائل, وهكذا سائر المسائل. والخلاصة الإمام جيد وهو من الصلحاء. شكرا جزيلا أن تكرّمتم على الإمام بذلك!!! نعوذ بالله. وبعضهم يقول: لا أدري ما الذي فعله الإمام؟؟ وقد تصدر منه المعصية, بل قد عصى ولكن بعد ذلك تاب. هذه المسائل وهذه الأباطيل وأمثال هذه السخافات والتفاهات إنّما تصدر من العقول المتعفنة والفارغة.
نحن الآن نفهم قيمة كلام المرحوم العلامة الطباطبائي رضوان الله عليه للمرحوم الوالد من أنّه: من لم يسلك طريق العرفان ويطلع على الحقائق التوحيدية, فسوف لن يتمكن من معرفة مقام الإمامة والولاية أبداً.
فنحن الآن نشاهد مكانة هذا الكلام, وإن وفقنا الله في تأليفنا الجديد سوف نبين مسألة الإمامة والولاية واختلاف فهمنا لها عن الآخرين, وتحديد ما غفل عنه الآخرون, أو تغافلوا عنه عمدا!!
هكذا كان حال سيد الشهداء عليه السلام: (لا تكن عبدا لغيرك وقد جعلك الله حرا) لا تكن عبداً لغيرك.. لا تكن عبداً لغيرك.[/align]
المصدر / محاضرة "في شرح حديث عنوان البصري" للسيد محمد الحسيني الطهراني
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 27275
- اشترك في: الاثنين يناير 26, 2009 6:25 pm
Re: " ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً}
[align=center][font=Traditional Arabic]اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم و ارحمنا بهم يا كريم ,,
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ما شاء الله طرح قيم و موضوع رائع جدا , استفدت كثيرا منه ..
شكرا لك أختي الكريمة أمل الزهــراء ,
بارك الله فيكِ .[/font][/align]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
من لم يسلك طريق العرفان ويطلع على الحقائق التوحيدية, فسوف لن يتمكن من معرفة مقام الإمامة والولاية أبداً.
ما شاء الله طرح قيم و موضوع رائع جدا , استفدت كثيرا منه ..
شكرا لك أختي الكريمة أمل الزهــراء ,
بارك الله فيكِ .[/font][/align]
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 43141
- اشترك في: الخميس يناير 07, 2010 9:08 pm
Re: ( ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً )
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[/align]
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[/align]
يقول الإمام الصادق(ع)"العامل بالظّلم والرَّاضي به والمعين له شركاء ثلاثتهم"
-
- عضو موقوف
- مشاركات: 49213
- اشترك في: السبت أكتوبر 04, 2008 5:03 pm
- مكان: في قلب منتداي الحبيب
Re: ( ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً )
[align=center][font=Traditional Arabic]بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكورة اختي الكريمة على الطرح
الله يعطيكِ العافية[/font][/align]
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكورة اختي الكريمة على الطرح
الله يعطيكِ العافية[/font][/align]
( حسبي الله ونعم الوكيل )
-
- المدير الإداري
- مشاركات: 49873
- اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 23, 2008 1:36 pm
- الجنس: فاطمية
Re: ( ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً )
[align=center][font=Traditional Arabic] بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ
ياغياث المستغيثين أغثني بصاحب الطلعة البهية المنتظر المهدي أدركني
الله يعطيك العافية أختي الكريمة
أمل الزهراء [/font][/align]
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ
ياغياث المستغيثين أغثني بصاحب الطلعة البهية المنتظر المهدي أدركني
الله يعطيك العافية أختي الكريمة
أمل الزهراء [/font][/align]
يقينا كله خير
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 33196
- اشترك في: السبت أغسطس 15, 2009 6:47 pm
- مكان: قلب هجــر الحبيبة
Re: ( ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً )
[align=center][font=Traditional Arabic]اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واهلك اعداءهم يا كريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي الكريمة / امل الزهراء
جزاكِ الله خير الجزاء
دمتِ برعاية الله تعالى[/font][/align]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي الكريمة / امل الزهراء
جزاكِ الله خير الجزاء
دمتِ برعاية الله تعالى[/font][/align]
[align=]يا غياث المستغيثين أغثني بـ قالع باب خيبر علي بن أبي طالب أدركني[/align]
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 10284
- اشترك في: الجمعة يونيو 05, 2009 12:09 am
Re: ( ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً )
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكراً لك .. طرح أكثر من رائع
بارك الله بكم وجزيتم خير
حفظكم الله تعالى من شر الجن والانس[/align]
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكراً لك .. طرح أكثر من رائع
بارك الله بكم وجزيتم خير
حفظكم الله تعالى من شر الجن والانس[/align]
اتَّقُوا ظُنُونَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ.
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 39518
- اشترك في: الأربعاء إبريل 29, 2009 11:20 am
Re: ( ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً )
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار
بارك الله فيكِ اختي الكريمة امل الزهراء
الله يعطيكِ الفين عافية طرح رائع و جميل جدااا
موفقة يا رب[/align]
اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار
بارك الله فيكِ اختي الكريمة امل الزهراء
الله يعطيكِ الفين عافية طرح رائع و جميل جدااا
موفقة يا رب[/align]
(( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ))
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 7515
- اشترك في: الثلاثاء فبراير 10, 2009 6:25 pm
Re: ( ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً )
[align=center]اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
رحم الله والديكم على المرور العطر
وفقكم الله جميعا[/align]
رحم الله والديكم على المرور العطر
وفقكم الله جميعا[/align]
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 16729
- اشترك في: السبت أكتوبر 25, 2008 4:26 am
Re: ( ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً )
[align=center]
الْسَّلامِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الْلَّهِ وَبَرَكَاتَةَ
نَشْكُرُكُمْ عَلَىَ جُهُوُدَكُمْ عْالْمُشَارَكّةً الْقَيِّمَةِ
أَحْسَنْتُمْ كَثِيْرا بَارَكَ الْلَّهُ فِيْكُمُ وَرَحِمَ الْلَّهُ وَالِدِيْكُمْ يُعْطِيَكُمُ الْعَافِيَةَ
وَجَزَاكُمُ الْلَّهِ خَيْرا وَنُوْرُ الْلَّهِ دَرْبُكُمْ بِنُوْرِ مُحَمَّدِ وَآَلِ مُحَمَّدٍ وَصَلِّ الَلّهَ
عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَآَلِ مُحَمَّدٍ الْطَّيِّبِينَ الْطَّاهِرِيْنَ ، حَفِظَكُمُ الْلَّهُ وَرَّعَاكُمْ يَا رَبِّ الْعَالَمِيْن
وَفَقَّكُمُ الَلّهَ تَعَالَىْ ..نَسْأَلُكُمْ الْدُّعَاءِ
َ[/align]
الْسَّلامِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الْلَّهِ وَبَرَكَاتَةَ
نَشْكُرُكُمْ عَلَىَ جُهُوُدَكُمْ عْالْمُشَارَكّةً الْقَيِّمَةِ
أَحْسَنْتُمْ كَثِيْرا بَارَكَ الْلَّهُ فِيْكُمُ وَرَحِمَ الْلَّهُ وَالِدِيْكُمْ يُعْطِيَكُمُ الْعَافِيَةَ
وَجَزَاكُمُ الْلَّهِ خَيْرا وَنُوْرُ الْلَّهِ دَرْبُكُمْ بِنُوْرِ مُحَمَّدِ وَآَلِ مُحَمَّدٍ وَصَلِّ الَلّهَ
عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَآَلِ مُحَمَّدٍ الْطَّيِّبِينَ الْطَّاهِرِيْنَ ، حَفِظَكُمُ الْلَّهُ وَرَّعَاكُمْ يَا رَبِّ الْعَالَمِيْن
وَفَقَّكُمُ الَلّهَ تَعَالَىْ ..نَسْأَلُكُمْ الْدُّعَاءِ
َ[/align]
الى متى يا مهدينا الى متى هذا الغياب عجل على ظهورك
إذا كنا مع الحق فلا نبالي
إذا كنا مع الحق فلا نبالي
-
- مـشــرف
- مشاركات: 13777
- اشترك في: الاثنين أغسطس 01, 2011 2:03 pm
Re: ( ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً )
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم
السلام على الحسين و على علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين
السلام على ساقي عطاشى كربلاء أبا الفضل العباس ورحمة الله وبركاته
اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ
بارك الله فيكِ وجزاكِ الله خير الجزاء أختي على هذا الطرح المبارك
اسأل الله تعالى أن يحفظكم ويقضي جميع حوائجكم بحق النبي المصطفى وعترته الأطهار عليهم السلام
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم
السلام على الحسين و على علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين
السلام على ساقي عطاشى كربلاء أبا الفضل العباس ورحمة الله وبركاته
اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ
بارك الله فيكِ وجزاكِ الله خير الجزاء أختي على هذا الطرح المبارك
اسأل الله تعالى أن يحفظكم ويقضي جميع حوائجكم بحق النبي المصطفى وعترته الأطهار عليهم السلام