القمّي عن الباقر عليه السلام قال انّ موسى لما حملت امّه به لم يظهر حملها الاّ عند وضعه وكان فرعون قد وكّل بنساء بني اسرائيل نساء من القبط تحفظهنّ وذلك لمّا كان بلغه عن بني اسرائيل انّهم يقولون انّه يلد فينا رجل يقال له موسى بن عمران يكون هلاك فرعون واصحابه على يديه فقال فرعون عند ذلك لأقتلنّ ذكور اولادهم حتّى لا يكون ما يريدون وفرّق بين الرّجال والنّساء وحبس الرّجال في المحابس فلمّا وضعت امّ موسى بموسى نظرت اليه وحزنت واغتمت وبكت وقالت يذبح السّاعة فعطف الله بقلب الموكّلة بها عليه فقالت لامّ موسى ما لك قد اصفرّ لونك فقالت اخاف ان يذبح ولدي فقالت لا تخافي وكان موسى لا يراه احداً الاّ احبّه وهو قوله { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي } فاحبّته القبطيّة الموكّله به وانزل الله على امّ موسى التابوت ونوديت ضعيه في التابوت فاقذفيه في اليمّ وهو البحر ولا تخافي ولا تحزني انّا رادّوه اليك وجاعلوه من المرسلين فوضعته في التابوت واطبقت عليه والقته في النيل وكان لفرعون قصورعلى شطّ النّيل متنزّهات فنظر من قصره ومعه آسية امرأته الى سواد في النّيل ترفعه الامواج والرّياح تضر به حتّى جاءت به الى باب قصر فرعون فأمر فرعون بأخذه فأخذ التابوت ورفع اليه فلمّا فتحه وجد فيه صبيّ فقال هذا اسرائيلي فألقى الله في قلب فرعون لموسى محبّة شديدة وكذلك في قلب آسية وأراد فرعون ان يقتله.
فقالت آسية لا تقتلوه عسى ان ينفعنا او نتّخذه ولداً وهم لا يشعرون انّه موسى عليه السلام ولم يكن لفرعون ولد فقال ادنو له ظئراً لتربيته فجاءوا بعدّة نساء قد قتل اولادهنّ فلم يشرب لبن احد من النّساء وهو قول الله تعالى وحرّمنا عليه المراضع من قبل وبلغ امّه انّ فرعون قد اخذه فحزنت وبكت كما قال الله { وَأَصْبَحَ فؤاد أُمّ موسى } فارغاً ان كَادَت لتبدي به قال كادت ان تخبر بخبره او تموت ثمّ حفظت نفسها فكانت كما قال الله لولا ان ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين ثمّ قالت لاخته قصّيه اي اتبعيه فجاءت اخته اليه فبصرت به عن جنب اي عن بعد وهم لا يشعرون فلمّا لم يقبل موسى بأخذ ثدي احد من النّساء اغتمّ فرعون غمّاً شديداً فقالت اخته هل ادلّكم على اهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون فقالوا نعم فجاءت باُمّه فلمّا اخذته بحجرها والقته ثديها التقمه وشرب ففرح فرعون واهله واكرموا امّه فقال لها ربّيه لنا فأنا نفعل بك وتفعل.
وسأله الرّاوي فكم مكث موسى (ع) غائباً عن امّه حتّى ردّه الله عليها قال ثلاثة ايّام { وَقَتَلْتَ نَفْساً } نفس القبطي الّذي استغاثه عليه الاسرائيلي { فَنَجَيْنَاكَ مِنَ الغَمِّ } غم قتله خوفاً من عقاب الله واقتصاص فرعون بالمغفرة والامر بالهجرة الى مديَن { وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً } وابتليناك ابتلاء او انواعاً من الابتلاء فتنة بعد فتنة وذلك انّه ولد في عام كان يقتل فيه الولدان والقته امّه في البحر وهمّ فرعون بقتله ونال في سفره ما نال من الهجرة عن الوطن ومفارقة الاُلاّف والمشي راجلاً على حذر وفقد الزاد واجر نفسه عشر سنين الى غير ذلك { فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ } لبثت فيهم عشر سنين ومدين على ثماني مراحل من مصر { ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ } قيل اي على مقدار من الزّمان يوحى فيه الى الانبياء وهو رأس اربعين سنة.
تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني
بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على بديعة الوصف والمنظرالسلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبر
حبيبتي أنوار اسال الله لكم التوفيق والسداد
دمتم بحب ورعاية الزهراء
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد