بينما كان الإمام الحسن بن علي (عليه السلام) ، يستر المهدي من أعين الناس حفظاً له ، كان يحرص على أن يريه لبعض الخواص من شيعته ، ليثبت وجوده لكيلا يقع الشيعة بعد وفاته في الشك بوجود الحجة ( عليه السلام ) ، و قد رآه بعض خواصه في زمان أبيه العسكري ( عليهما السلام ) ، و هنا نذكر بعض الروايات الدالة على رؤية الخواص إياه في زمان أبيه:
• روى الصدوق بإسناده عن العبدي عن ضوء بن علي العجلي عن رجل من أهل فارس سماه قال :
( أتيت سر من رأى فلزمت باب أبي محمد (عليه السلام) ، فدعاني من غير أن أستأذن ، فلما دخلت ، و سلمت قال لي : يا أبا فلان كيف حالك ؟ ، ثم قال لي: اقعد يا فلان ، ثم سألني عن رجال و نساء من أهلي ، ثم قال لي : ما الذي أقدمك علي ؟ ، قلت : رغبة في خدمتك ، قال لي ، فقال : الزم الدار ، قال : فكنت في الدار مع الخدم ، ثم صرت أشتري لهم الحوائج من السوق ، و كنت أدخل عليه من غير إذن إذا كان في دار الرجال ، فدخلت عليه يوماً ، و هو في دار الرجال ، فسمعت حركة في البيت فناداني : مكانك لاتبرح ، فلم أجسر أخرج ، و لاأدخل فخرجت علي جارية ، و معها شيء مغطى ، ثم ناداني ادخل فدخلت ، و نادى الجارية ، فرجعت فقال لها : اكشفي عما معك ، فكشفت عن غلام أبيض حسن الوجه ، و كشفت عن بطنه ، فإذا شعر نابت من بنته إلى سرته ، أخضر ليس بأسود ، فقال : هذا صاحبكم ، ثم أمرها فما رأيته بعد ذلك حتى مضى أبو محمد ( عليه السلام ) ، قال ضوء بن علي: فقلت للفارسي ، كم كنت تقدر له من السنين ؟ ، فقال : سنتين ، قال العبدي : فقلت لضوء ، كم تقدر له الآن في وقتنا ؟ ، قال : أربع عشرة سنة . قال أبو علي و أبو عبد الله (1) ، و نحن نقدر له الآن إحدى و عشرين سنة (2). و روى في ينابيع المودة عن الخادم الفارسي هذا الخبر باختصار (ص 461).
و عنه أيضاً مسنداً إلى رجاله إلى قوله قدس سره ) .
• عن معاوية بن حكيم و محمد بن أيوب بن نوح و محمد بن عثمان العمري (رضي الله عنهم) قالوا :
( عرض علينا أبو محمد الحسن بن علي عليهما السلام ( يعني ولده ) ، و نحن في منزله ، و كنا أربعين رجلاً ، فقال : هذا إمامكم من بعدي ، و خليفتي عليكم ، أطيعوه ، و لاتتفرقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا ، أما أنكم لاترونه بعد يومكم هذا(3) . قالوا : فخرجنا من عنده فما مضت إلا أيام قلائل حتى مضى أبو محمد ( عليه السلام ) ، (4) . و رواه في ينابيع المودة ( ص 460) إلى قوله بعد يومكم هذا ، و عنه أيضاً ( قدس سره) عن علي بن الحسن بن الفرج المؤذن عن محمد بن الحسن الكرخي قال : سمعت أبا هارون رجلاً من أصحابنا ، يقول : رأيت صاحب الزمان ، و وجه يضئ كأنه القمر ليلة البدر ، و رأيت على سرته شعراً يجري كالخط ، و كشفت الثوب عنه فوجدته مختوناً ، فسألت أبا محمد (عليه السلام) عن ذلك فقال : هكذا ولد ، و هكذا ولدنا ، ولكنا سنمر الموسى عليه لإصابة السنة) ، (5).
• و عنه أيضاُ ( قدس سره) بإسناده عن يعقوب بن منقوش(5) قال:
( دخلت على أبي محمد الحسن بن علي (عليهما السلام) ، و هو جالس على دكان في الدار ، و عن يمينه بيت ، و عليه ستر مسبل ، فقلت : يا سيدي من صاحب هذا الأمر ؟ ، فقال : ارفع الستر ، فرفعته ، فخرج إلينا غلام خماسي له عشر أو ثمان أو نحو ذلك ، واضح الجبين ، أبيض دري المقلتين ، شثن الكفين ، معطوف الركبتين ، في خده الأيمن خال ، و في رأسه ذؤابة ، فجلس على فخذ أبي محمد ، ثم قال لي : هذا هو صاحبكم ، ثم ثوب ، فقال له : يا بني ادخل إلى الوقت المعلوم ، فدخل البيت ، و أنا انظر إليه ، ثم قال لي : يا يعقوب انظر إلى من في البيت ، فدخلت فما رأيت أحدا (6). و رواه في الينابيع عن يعقوب بن منفوس ( في الباب الثاني و الثمانين ، ص 461 ) باختلاف يسير . و عن المفيد ( قدس سره ) بإسناده عن جعفر بن محمد المكفوف عن عمرو الأهوازي ، قال : أراني أبو محمد (عليه السلام) ابنه قال : هذا صاحبكم بعدي) ، (7).
• و رواه في ينابيع المودة (الباب الثاني والثمانون ، ص 461) عن عمرو الأهوازي مثله . و رواه الشيخ ( قدس سره ) في غيبته ( فصل ولادته (عليه السلام) ، ص 140) ، و الكليني ( قدس سره ) في أصول الكافي ( ج 2 ، كتاب الحجة باب الإشارة و النص إلى صاحب الدر ( عليه السلام ) ، ص118) مثله.
•و عن كامل بن إبراهيم قال:
( دخلت على أبي محمد الحسن ، و على باب بيته ستر ، فجاءت الريح ، فكشفت طرف الستر ، فإذا غلام كأنه القمر ، فقال أبو محمد : يا كامل قد أنبأك بحاجتك ، هذا الحجة من بعدي (8) . و عن كتاب الغيبة عن أبي غانم الخادم ، قال : ود لأبي محمد الحسن ( عليه السلام ) مولود ، فسماه محمداً ، فعرضه على أصحابه يوم الثالث ، و قال : هذا إمامكم من بعدي ، و خليفتي عليكم ، و هو القائم الذي تمتد عليه الأعناق بالانتظار ، فإذا امتلأت الأرض جوراً و ظلماً ، خرج فيملأها قسطاً و عدلاً (9) ، و عن محمد بن إسماعيل بن موسى الكاظم (رضي الله عنهم) ، قال : رأيت ولد أبي محمد ولد قدر جليل ( 10) ، و عن إبراهيم بن إدريس ، قال : رأيت المهدي بعد أن مضى أبو محمد (رضي الله عنهما) ، حين كان غلاماً ، أيفع ، و قبلت يديه ، و رأسه الشريف ) ، (11).
• روى القندوزي الحنفي عن أبي غانم الخادم قال:
( ولد لأبي محمد الحسن مولود ، فسمّاه محمّداً ، فعرضه على أصحابه يوم الثالث ، و قال : هذا إمامكم من بعدي و خليفتي عليكم ، و هو القائم الذي تمتدّ عليه الأعناق بالانتظار ، فإذا امتلأت الأرض جوراً و ظلماً ، خرج فملأها قسطاً و عدلاً) ، (ينابيع المودة: ص 460).
• و أخرج عن عمر الأهوازي قال:
( أراني أبو محمد ابنه رضي الله عنهما ، و قال : هذا إمامكم من بعدي) ، ( ينابيع المودة: ص 460 ).
•و أخرج عن الخادم الفارسي قال:
( كنت بباب الدّار خرجت جارية من البيت و معها شيء مغطّى ، فقال لها أبو محمد : اكشفي عما معك ، فكشفت فإذا غلام أبيض حسن الوجه ، فقال : هذا إمامكم من بعدي ، قال : فما رأيته بعد ذلك ) ، ( ينابيع المودة : ص 460).
•و أخرج عن يعقوب بن منفوس قال :
( دخلت على أبي محمد الحسن العسكري ، و على باب البيت سترمُسبَل ، فقلت له : يا سيدي من صاحب هذا الأمر بعدك ؟ ، فقال : ارفع الستر ، فرفعته ، فخرج غلام ، فجلس على ، فخذ أبي محمد ( رضي الله عنهما ) ، و قال لي أبو محمد : هذا إمامكم من بعدي ، ثمّ قال : يا بنيّ ادخل البيت ، فدخل البيت ، و أنا أنظر إليه ، ثمّ قال : يا يعقوب انظر في البيت ، فدخلته ، فما رأيت أحداً ) ، ( ينابيع المودة: ص 460 ).
*****************************************************************************************************************************
1- يعني بأبي علي: محمد بن علي بن إبراهيم ، و بأبي عبد الله : الحسن بن علي بن إبراهيم الهمداني الواقعان في السند.
2- إكمال الدين الباب الثالث و الأربعون الحديث الرابع .
3- الظاهر أن المراد عدم رؤية أكثرهم و إلا فمحمد بن عثمان كان يصل بخدمته في زمن سفارته.
4- إكمال الدين الباب الثالث و الأربعون الحديث الثاني.
5- في البحار ( يعقوب بن منفوس ).
6- إكمال الدين الباب الثالث و الأربعون ، حديث 5 ص 437.
7- الإرشاد : باب ما جاء من النص على إمامة صاحب الزمان (عليه السلام) ص 349 .
8- ينابيع المودة : الباب الثاني و الثمانون ص 461.
9- ينابيع المودة : الباب 82 في بيان أن الإمام أبا محمد الحسن العسكري أرى ولد القائم المهدي بخواص مواليه و أعلمهم أن الإمام من بعده ولده (عليهما السلام) ص 460.
10- المصدر السابق ص 461.