من هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما حققه للبشرية عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال لعمرو بن سعيد الثقفي: (إن أُصبتَ بمصيبة في نفسك، أو في مالك ، أو في ولدك، فاذكر مصابك برسول الله ، فإن الخلائق لم يصابوا بمثله قط) . والذي يحير العقل هنا هو تعليله ووصفه عليه السلام للمصاب بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن الخلائق لم تصب بمثله! والخليقة عنوان عام يشمل كل مخلوق ، فكيف بجمعه الخلائق؟ وهو محلى بألْ ، فهو يشمل حتى الملائكة المقربين والأنبياء والمرسلين عليهم السلام ومايرى وما لايرى فكل هؤلاء لم يصابوا بمثل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وهو تعليل لايفهمه إلا خواص العلماء ، الذين يدركون من هو النبي ، وماذا فعل ، وماهي مصيبة فقده ، ومن الذين أصيبوا به صلى الله عليه وآله وسلم ؟!
توجد كلمتان تعرفان كل وجود الشخص هما: من كان، وماذا فعل؟ والإمام الباقر نفسه عليه السلام يعلم ويدرك أن هذه المصيبة كانت مصيبة بشخص لم يكن أحدٌ مثله، ولم يكن عملُ أحد مثل عمله، لأنه هو الذي قال: فإن الخلائق لم يصابوا بمثله قط ، يعني لافي الماضي ولافي الحاضر ولافي المستقبل! فماذا كان عمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وماذا أعطى للعالم ؟!
هذا بحر محيط لايمكننا التوصل الى قعره ، فخوضه مقصور على الأنبياء والأوصياء عليهم السلام ، فهم يدركون أي أمواج انطلقت من بحره صلى الله عليه وآله وسلم ؟!
سأقدم لكم أربع كلمات ، تقال في كل صلاة ، تكفي لأن نفهم ما عمله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهي: (سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله، والله أكبر ).
إن لكل واحدة من هذه الكلمات قدرها وحسابها الخاص.. ولنتأمل في أول كلمة منها: سبحان الله ، ولنتجول بفكرنا في شرق العالم وغربه وشماله وجنوبه في كل الأديان والمذاهب بلا استثناء.. لندرك أنه لو لم تكن هذه الكلمة موجودة ، فلا يوجد ارتباط في العالم بين الخالق والمخلوق !
العمل الذي قام به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنه ربط الخلق بخالقهم ! فلو لم يكن النبي موجوداً ، ولا دينه ، فلا وجود لحرف يربط بين الخالق وخلقه ! ولكان العالم كله يدور في زوبعةٍ من الضلال ، ما بين مشبهٍ وملحدٍ وعابدٍ لغير الله تعالى !
يقول أمير المؤمنين عليه السلام :
(إلى أن بعث الله سبحانه محمداً صلى الله عليه وآله وسلم رسولاً لإنجاز عدته ، وتمام نبوته، مأخوذاً على النبيين ميثاقه ، مشهورةً سماته، كريماً ميلاده. وأهل الأرض يومئذ مللٌ متفرقة، وأهواءٌ منتشرة ، وطوائفُ متشتتة ، بين مشبِّهٍ لله بخلقه ، أو ملحدٍ في اسمه ، أو مشيرٍ إلى غيره .. فهداهم به من الضلالة ، وأنقذهم بمكانه من الجهالة) . ( نهج البلاغة:1 /24 )
كان العالم كله في تلك الدوامة العاصفة ، بين مشبِّهٍ لله بخلقه ، أو ملحدٍ في اسمه ، أو مشيرٍ إلى غيره ، فجاء صلى الله عليه وآله وسلم وأخذ منجله النبوي فحصد كل ذلك الحشيش التافه ، وغرس بدله شجرة التسبيح الطيبة ، وأضاء شجرة التهليل والتوحيد، وأنار في العالم مشعل التسبيح والتحميد وأوصل البشر الى مستوى أن يقولوا: ( الله أكبر.. من أن يوصف) !
نفس: سبحان الله ، ماذا تعني؟ هنا تتحير عقول الكمَّل من البشر.. فقد أوصل النبي المعرفة الى هنا! أوصل التنزيه الى هنا.. تنزيهٌ عن الجسم، وتنزيهٌ عن صفات عالم الكون ، وهذا هو التنزيه الإبتدائي لعامة الناس !
قال النبي سبحان الله ، فهدى عقول الألوف كعقل ابن سينا ، بل إن ابن سينا لاقيمة له هناك، لقد هدى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ألوف العقول النيرة كعقول الأنبياء عليهم السلام الى أقصى مايمكنهم أن يجدوا اليه طريقاً في دائرة الوحي وإمكانيات العقل البشري ، والى أدق معاني قوله: كلما ميزتموه بأوهامكم في أدق معانيه ، فهو مخلوق مصنوع مثلكم ، مردود إليكم ! ولا غرو فهو صلى الله عليه وآله وسلم نبي الأنبياء عليهم السلام !
نعم ، هذه هي كلمة: سبحان الله التي أتى بها ! وهذا هو العمل الذي عمله في تعريف البشر بالله تعالى! فكل ما في هذا العالم من تسبيح لله تعالى ، فإنما هو من كلمات شفتيه ، وكل ما في العالم من تحميد لله تعالى ، فأصله من لفظ لسانه الشريف. وكل ما فيه من توحيد فمنبعه من نطق فمه المبارك. وكل ما فيه من تكبير، فمنطلقه من صوته النبوي .
هذا ما عمله النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تعريف الخلق بخالقهم تبارك وتعالى.
أما ما عمله مع خلق الله تعالى ، فإن النموذج الواحد منه يحتاج شرحه الى كتاب! في ذلك الوقت الذي انهزم المسلمون في أحد ، وتركوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحده مع علي أمام سيوف قريش الحاقدة ، فقاتل صلى الله عليه وآله وسلم ومعه علي عليه السلام فقط ، قاتلا بعد أن جرح أبو دجانة لساعات يردَّان هجمات المشركين المستميتة لقتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى جرح في جبهته الشريفة وكسرت مقدمة أسنانه، وهذا ما لم يحدث له في كل حياته ، فأي جبهة جرحت يومئذ، وأسنان أي فم كسرت؟ لقد تزلزلت أركان العالم ، فالعالم قشرٌ والنبي لبه ، وإذا تضرر اللب فما قيمة القشر ؟!
في ذلك الظرف ، قالوا له: يارسول الله أدع عليهم.. في ذلك الوقت وقد سال ذلك الدم المقدس من جبهته وفمه ، فوق قميصه الخام ، ذلك القميص الذي لم يفتح إلا عندما لبسه النبي صلى الله عليه وآله وسلم يومها ، ثم طواه ليفتحه بيده ولده الموعود الإمام المهدي عليه السلام ! قيل له: أدع عليهم فرفع يديه الى السماء وقال: اللهمَّ اهْدِ قومي، فإنهم لايعلمون !
هذا ماعمله للخلق: إلهي أريد منك لهؤلاء بدل العذاب الذي يستحقونه أن ترحمهم وتنعم عليهم ! بأي نعمة ؟ بنعمة الهداية التي هي أغلى جوهر في العالم ! ولمن طلبها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟ لهؤلاء الذين أصروا وما زالوا مصرين على قتله ، وجرحوه في جبهته وفمه الشريف !
ثم لم يقل صلى الله عليه وآله وسلم : اللهم اهدهم فقط ، بل قال: إهْدِ قومي ! فأضافهم الى نفسه ليجر الرحمة الإلهية من المضاف اليه الى المضاف ! أيها الرسول العظيم ! ماذا فعلت ، ومن كنت ؟! وبماذا جئت ؟!
قال: يارب هؤلاء قومي ، وبحث لهم عن عذر أمام الله: فإنهم لايعلمون ، فاقبل مني يا رب عذر هؤلاء الجهال ، لعلهم يعلمون !!
هذا مافعله النبي لمعرفة الخالق ، ولخدمة الخلق !
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ . ( سورة الأنبياء: 107)
من كتاب الحق المبين في معرفة المعصومين "ع" للكوراني
اللهم صل على محمد وآل محمد الأبرار الأخيار ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أختي الكريمة أنوار فاطمة الزهراء شكرا لكِ على هذا الطرح ,
بارك الله فيك .
بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبرالسلام على بديعة الوصف والمنظر
حبيبتي آنور فاطمة الزهراء قضي الله حاجتك بحق محمد وآل محمد
دمتم بحب ورعاية الزهراء
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد