ولو توقفنا ساعات أمام بطولة الحر بن يزيد الرياحي لما استطعنا أن نستوعبها، إنه درس عظيم أن يتحدى الإنسان واقعه، وكل ما حوله من ضغوط ، ويختار الموت بشجاعة، وينتخب الجنة بوعي وإيمان، كما فعل الحر رضوان الله عليه، فكم كان عظيماً ما فعله بحيث تتبخر أمامه جميع النظريات المادية، والحتميات الفاسدة، فأي حتمية كانت وراء توبة الحر، وبتأثير أي شيء غير مساره؟ أمن أجل الاقتصاد، أم من أجل السياسة؟ لا شيء. فالإرادة البشرية هي التي تتحدى كل الماديات، والحتميات، وهي التي تجلت عند الحر في كربلاء.
وإذا كانت هناك بطولة حقيقية فهي هذه البطولة. فالبطل الحق هو الذي يصرع نفسه في ساعات الشدة، وأشجع الناس من غلب هواه، ولا شك إننا سنستطيع أن نصلح أنفسنا ومجتمعنا إذا استلهمنا درس التوبة من الحر، فإن لم تكن لدينا إرادة تعصمنا من الوقوع في المعاصي، فلتكن على الأقل لدينا الشجاعة التي تخرجنا مما وقعنا فيه، وهذا هو الدرس الذي نتعلمه من الحر بن يزيد الرياحي، الذي ما ان سمع استغاثة الإمام الحسين عليه السلام ، حتى قال لولده: إن الحسين يستغيث فلا يغيثه أحد، فهل لك أن نقاتل بين يديه ونفديه بأرواحنا، ولا صبر لنا على النار ولا على غضب الجبار، ولا يكون خصمنا محمد المختار؟
قال ولده: والله أنا مطيعك.
ثم حملا كأنهما يقاتلان، حتى جاءا بين يدي الإمام، وقبلا الأرض وقال الحر: يا مولاي، أنا الذي منعتك من الرجوع، والله ما علمت أن القوم الملاعين يفعلون بك ما فعلوا. وقد جئناك تائبان. فحمل ولده على القوم، ولم يزل يقاتل حتى قتل منهم أربعة وعشرين رجلاً، ثم قتل(رض)، فاستبشر أبوه فرحاً، وقال: الحمد لله الذي استشهد ولدي بين يدي ابن رسول الله?. ثم برز الحر وهو يقول:
أكون أميراً غاراً وابن غـادر إذا أنا قاتلت الحسين ابن فاطمة
أسفي على خذلانه وانفراده ببيعة هذا ناكــث العهد لازمـه
.. ثم حمل عليهم وقال: يا أهل الكوفة، هذا الحسين لقد دعوتموه وزعمتم أنكم تنصرونه وتقتلون أنفسكم عنه، فوثبتم عليه وأحطتم به من كل جانب.. بئس ما صنعتم، لا سقاكم الله يوم العطش الأكبر إن لا ترجعون عما أنتم عليه.
ثم حمل عليهم فقتل منهم خمسين رجلاً ثم قتل (رض)، واجتزوا رأسه ورموه نحو الإمام. فوضعه في حجره وهو يبكي ويمسح الدم عن وجهه ويقول: "والله ما أخطأت أمك إذ سمتك حراً، فأنت والله حر في الدنيا وسعيد في الآخر"30.
فكم هي سعادة الإنسان وفلاحه، وكم يكون فرحه وشعوره بالفخر وهو يعلم أنه قد أنهى فتنة الحياة، وانتصر عليها، ونجح في الإمتحان، ليرد على رب رحيم غفور كريم.
فعلينا -إذن- أن نستلهم من بطولات الإمام الحسين عليه السلام ومن وفاء أبي الفضل، وإقدام علي الأكبر، وشجاعة زينب، وإيمان الصديقين من أنصار الإمام الحسين عليه السلام ، دروساً تكون ذخراً لنا في الدنيا لمحاربة الطغاة ومقاومة الفساد، وزاداً في الآخرة ينفعنا عندما لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
الإمام الحسين عليه السلام مصباح هدى وسفينة نجاة آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي
يقول الإمام الصادق(ع)"العامل بالظّلم والرَّاضي به والمعين له شركاء ثلاثتهم"
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرج نور الوجود
الغائب الموجود الإمام المقدس المهدي عليه السلام عج
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(إلهي!.. رضا بقضائك، وتسليما لأمرك؛ لا معبود لي سواه )
أسأله تعالى أن يتقبل منكم هذا السير وأن يجعله عملاً صالحاً تقر به العيون
ودعوة مستجابة تسكن إليها القلوب
وصلى الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
دمتم برعاية الإمام المهدي المنتظر عليه السلام عج
خادمة العترة الطاهرة
تسبيحة الزهراء
(اللهم أفرغ علينا صبرًا و ثبت أقدامنا و انصرنا على القوم الكافرين)
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم
السلام على الحسين و على علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين
السلام على ساقي عطاشى كربلاء أبا الفضل العباس ورحمة الله وبركاته
اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ
بارك الله فيكِ وجزاكِ الله خير الجزاء أختي على هذا الطرح المبارك
اسأل الله تعالى أن يحفظكم ويقضي جميع حوائجكم بحق النبي المصطفى وعترته الأطهار عليهم السلام