ثم إنّ جعفر بن شمس الخلافة (1)المتوفّى عام 226هـ) عقد باباً في ألفاظ القرآن الجارية مجرى المثل، ونقله السيوطي عنه في كتاب "الاِتقان"، وقال: وهذا هو النوع البديعي المسمّى بإرسال المثل.
2. ( كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَة ).
3. ( لا يُكَلّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها ).
4. ( لَنْ تَنالُوا البِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّون ).
5. ( ما عَلى الرَّسُولِ إِلا البَلاغُ ).
6. ( قُلْ لا يَسْتَوي الْخَبيثُ وَالطَّيّب ).
7. ( لِكُلّ نَبَأٍ مُسْتَقَرٍ ).
8. ( وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيراً لاَسمَعَهُمْْ ).
9. ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيل ).
10. ( الآن وَقَدْ عَصَيْتَ قبلُ ).
11. ( أَلَيْسَ الصُّبحُ بِقَرِيب ).
12. ( قُضِي الاََمْرُ الَّذى فِيهِ تَسْتَفْتِيان ).
13. ( الآن حَصْحَصَ الحَقّ ).
14. ( قُلْ كُلّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِه ).
15. ( ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداك ).
16. ( ضَعُفَ الطّالِبُ وَالْمَطْلُوب ).
17. ( كُلُّ حِزبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُون ).
18. ( ظَهَرَ الْفَسادُ فِي البَرّ وَالْبَحْر ).
19. ( وَقليلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُور ).
20. ( وَحيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُون ).
21. ( وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبير ). (22)
22. ( وَلا يَحِيقُ المَكْرُ السَّيّءُ إِلا بِأَهْلِهِ ).
23. ( وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِىَ خَلْقَهُ ).
24. ( لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُون ).
25. ( وَقَليلٌ ما هُمْ ).
26. ( لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ الله كاشِفَة ).
27. ( هَلْ جَزاءُ الاِِحْسان إِلاّ الاِِحْسان ).
28. ( فَاعْتَبِرُوا يا أُولي الا ََبْصار ).
29. ( تَحْسَبُهُمْ جَميعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتّى ).
30. ( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَة ).
ثمّ إنّ شهاب الدين محمد بن أحمد أبا الفتح الابشيهي المحلي (790ـ 850هـ) في كتابه "المستطرف في كل فن مستظرف" ذكر من حِكم القرآن التي تجري مجرى الاَمثال أكثر مما نقله السيوطي في إتقانه عن كتاب الآداب.
قال صاحب المستطرف: إنَّ الاَمثال من أشرف ما وصل به اللبيب خطابه، وحلّى بجواهره كتابه، وقد نطق كتاب الله تعالى وهو أشرف الكتب المنزلة بكثير منها، ولم يخلُ كلام سيدنا رسول الله 6عنها، وهو أفصح العرب لساناً وأكملهم بياناً، فكم في إيراده وإصداره من مثل يعجز عن مباراته في البلاغة كلّ بطل،.... فمن أمثال كتاب الله ، قوله تعالى: ( لَنْ تَنالُوا البِرّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّون )، ( الآن حَصْحَصَ الحَق )، و ( قُضِي الاََمْرُ الذي فيهِ تَسْتَفْتِيان )إلى آخر ما ذكره.
ثمّ إنّ بعض من ألّف في أمثال القرآن، استدرك عليهما الحِكم التي صارت مثلاً بين الناس والتي يربو عددها على 245 آية.(34)
كما أنّ الدكتور محمدحسين الصغير ذكر في خاتمة كتابه من هذه المقولة فبلغ 495 آية.
ولكن الذي فاتهم هو التركيز على أنَّ هذه الآيات لم تكن أمثالاً يوم نزولها، بل كانت حِكماً وإنّما جاءت مثلاً حسب مرّ الزمان
2. ( هذا فراقٌ بَيْنِى وَبَيْنِك ).
3. ( نُورٌ عَلى نُور ).
4. ( وَ ما عَلى الرَّسُولِ إِلاّ البَلاغ ).
5. ( يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيّتِ وَيُخْرِجُ المَيّتَ مِنَ الحَيّ ).
6. ( هَلْ يَسْتَوي الّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالّذِينَ لا يَعْلَمُون ).
7. ( يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيدِيهِمْ ).
8. ( هَلْ جَزاء الاِِحْسانِ إِلاّ الاِِحسانُ ).
9. ( لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُون ).
10. ( لَكُمْ دِينُـكُمْ وََلِي دِين ).
هذه آيات عشر صارت مثلاً سائراً بين أكثر المسلمين.
ثم إنّ المحقّق بهاء الدين العاملي (953 ـ1030هـ) عقد فصلاً تحت عنوان "فيما ورد من كتاب الله تعالى مناسباً لكلام العرب" ويريد بذلك انّ
أ: العرب تقول في وضوح الاَمر:"قد وضح الصبح لذي عينين".
وقال الله تعالى: ( الآن حَصْحَصَ الحَقّ ).
ب: وتقول العرب في فوات الاَمر: "سبق السيف العذل".
قال الله تعالى: ( قُضِيَ الاََمْرُ الّذِي فِيهِ تَسْتَفْتيان ).
ج: وتقول في تلافي الاِساءة "عاد غيث على ما أفسد".
قال الله تعالى: ( مكانَ السَّيئةِ الحَسنة ).
د: وتقول في الاِساءة لمن لا يقبل الاِحسان:"اعط أخاك ثمرة فإن أبى فجمرة".
وقال تعالى: ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِين ).
هـ: وتقول في فائدة المجازاة : "القتل أنفى للقتل".
وقال تعالى: ( وَلَكُمْ فِي القِصاصِ حَياةٌ يا أُولى الاََلْباب ).
و : وتقول في اختصاص الصلح: "لكّل مقام مقال".
وقال تعالى: ( لِكُلّ نَبأٍ مُسْتَقر )
ثمّ إنّ بهاء الدين العاملى عاد إلى الموضوع في كتابه "المخلاة" ونقل شيئاً من أمثال العرب التي استفادها العرب من القرآن الكريم، فأوضح أنّ القرآن هو المنبع المهم لهذه الاَمثال، قال:
أ: قولهم: ما تزرع تحصد: ( مَنْ يَعْمَل سُوءاً يُجْزَ بِهِ ).
ب: قولهم: للحيطان آذان: ( وَفيكُمْ سَمّاعُونَ لَهُمْ ).
ج: قولهم: احذر شرَّ من أحسنت إليه: ( وَما نَقَمُوا إِلاّ أنْ أغناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ).
د: وقولهم: لا تلد الحيّة إلاّ حيّة: ( وَلا يَلِدُوا إِلاّ فاجِراً كفّاراً )
وما ذكره شيخنا العاملى هو الذي سبق ذكره في كلام الآخرين تحت عنوان "الاَمثال الكامنة".
ولعلّ ما ذكره ابن شمس الخلافة والسيوطى والبهائى ليس إلاّ جزءاً يسيراً من الحكم التي سارت بين الناس، أو صارت نموذجاً لصبّ بقية الاَمثال في قالبها، وهذا من القرآن ليس ببعيد.
كيف وقد وصفه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : "لا تُحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه".