هنالك القليل ممن يولي ادنى اهتمام لهاتين الظاهرتين السماويتين قبل دراسة اسرار الرعد والبرق، وعادةً ما يمرُّالجميعُ عليها مرور الكرام، ولعلَّ بعضهم ينظرُ اليها وكأنَّها مزاحُ الطبيعة، كما يتحدث بعض آخر حولها بقصص خرافية، إلا انَّ الحقيقة هي انَّ هاتين الظاهرتين تحدثان من خلال نظام خاص، ولهما آثارٌ وبركاتٌ جديرةٌ باهتمام الانسان حيث سيأتي شرحها في تفسير الآيات الآتية.بعد هذا التمهيد نقرأ خاشعين بعض آيات القرآن الكريم في هذا المجال: 1 ـ (ومِنْ آياتِهِ يُريْكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمـاءِ ماءً فَيُحْيي بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهـا اِنَّ في ذلِكَ لآيات لِقُوم يَعْقَلُون).
2 ـ (هُوَ الَّذي يُريْكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِىءُ السَّحابَ الثِّقـال).
3 ـ (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ والْمَلائِكَةُ مِنْ خَيْفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيْبُ بِهـا مَنْ يَشـاء).
جمع الآيات وتفسيرها : اسرار خلق الرعد والبرق: تعتبرُ الآية الاولى من البحث بشكل صريح، أنّ برقَ السماء أمن آيات الله وورد هذا المعنى في الآية الثانية من بحثنا بتعبير آخر تعريفاً بالذات الالهية المقدّسة عن طريق آثاره فيقول تعالى: (هُوَ الَّذي يُرِيَكُمْ البَرْقَ خَوْفاً وطَمَعاً).الخوفُ من الصواعق والتفاؤل بنزول المطر، أو خوف المسافرين، وتفاؤل المقيمين في المدن والارياف.واللطيف انه يقول بعد ذلك مباشرة: (ويُنْشِىءُ السَّحـابَ الثِّقـال).وقيل في بيان هذه الجملة (تتزامن مع العواصف القويّة زوابع من الغيوم، فتغطي اعالي الجو القرب من الارض، فيصبح الجو مظلماً، وتتولد الكهرباء نتيجة تلاطم الرياح، وتهتز الارض والجو بسبب صوت الرعد المتتابع، واخيراً فانَّ الغيوم المتراكمة في طبقات الجو السفلى سميكة ومحملة بكثير من قطرات المياه الكبيرة لذلك تكون ثقيلة للغاية على الرياح المحركة.
ويشير في الآية الثالثة والاخيرة من بحثنا الى ظاهرة «الرعد» فيقول: (ويُسَبِّحُ الرَعْدُ بِحَمْدِهِ).ويُبَيِّنُ هذا التعبير انَّ هذه الظاهرة السماوية ليست مسألة عاديةً، بل تُنبىءُ عن علم وقدرة الله تعالى، لأنَّ (التسبيح) يَعني التنزيه عن كل عيب ونقص، و (الحمد) تعني شكره مقابل الكمالات، وعليه فانَّ صوت الرعد يتحدث عن الاوصاف الجمالية والجلالية لله تعالى!ويمكن ان يكون هذا الكلام بلسان الحال، كما يتحدثُ اختراعٌ مهمٌ عن علم ووعي المخترع، او لوحةٌ جميلةٌ جداً عن الذوق الحاد للرسام، او قطعة شعرية عن الذوق الادبي للشاعر، فتمدحه وتشكره، فتكون لسان حال، كما قالَ بعض المفسرين بانَّ لدى ذرات هذا العالم كافة عقلا وشعوراً، كل حسب حظه، وتسبيحها وحمدها ينبع من العقل والشعور والادراك.يقول الفخر الرازي في تفسيره:«فلا يبعد من الله تعالى ان يخلق الحياة والعلم والقدرة والنطق في اجزاء السحاب فيكون هذا الصوت المسموع فعلا له.فاذا لم يبعد تسبيح الجبال في زمن داود((عليه السلام)) ولا تسبيح الحصى في زمان محمد((صلى الله عليه وآله وسلم))».فليكن ايُّ الاحتمالين، فليس هنالك اختلافٌ في بحثنا، وعلى كل حال انَّ هناك اسراراً خفيّةً في هذه الظاهرة السماوية حيث تكشفُ عن عظمةَ الخالقِ وآيةً من آياته.والمعروف انَّ الماء والبخار، والغيوم موجوداتٌ لا تتوافق مع النار، ولكن بقدرة الخالق تنطلقُ منها نارٌ هائلة اكثر احراقاً من انواع النيران على الارض كافة، وكذلك البخار، الجسم اللطيف جداً، ولكن ينطلقُ منه صوتٌ لا ينطلقُ من سقوط .
التوضيحات : 1 ـ الرعد والبرق في نظر العلم المعاصر:
يعتقد العلماء المعاصرون أنَّ بريق السماء يحدث من خلال تقارب قطعتين من الغيوم المحملة بالشحنات الكهربائية المختلفة واحدة موجبة والاخرى سالبة، فتُحدِثان بريقاً كما يحصل من اقتراب قُطبَيْ الموصل الكهربائي تماماً.وحيث تتحمَّل قطع الغيوم بالشحنات الكهربائية العظيمة يكون بريقها عظيماً ايضاً، ونحن نعلمُ انَّ لكلِّ بريق صوتاً، وكلّما اشتد البرقُ كلما تعاظم صوته، ولهذا قد يكون الصوت المهيب لهذا البرق من الشدّةِ بحيث يهزُّ جميع المباني ويُحدثُ صوتاً كالقنابل الضخمة.ولكن البرق لا يظهر بين قطعتي الغيوم دائماً لتكون بعيدة عن متناول الانسان ولا تُسبب أيَّ خطر، بل قد تقترب الغيوم الحاوية على الشحنات الموجبة من الارض، وبما انَّ الارض تحتوي على الشحنات السالبة لذلك يحدث البرق بين «الارض» و «الغيوم»، وهذا البرق العظيم الذي يسمى بالصاعقة خطيرٌ للغاية، فهو يُحدثُ هزَّةً شديدةَ في المنطقة التي يقع فيها، وكذلك يولد حرارة عالية جداً بحيث اذا اصابت أيَّ شيء تجعلُهُ رماداً.
ونظراً لتجمع الشحنات على الاجزاء المدببة للاجسام ففي الصحاري التي تحدث فيها الصواعق، يظهر البرق في النقاط المرتفعة كرؤوس الاشجار، وحتى رأس الانسان المار عبرها، لذلك يعتبر التوقف في الصحاري اثناء الجو العاصف المليء بالرعد والبرق خطيراً للغاية، وفي مثل هذه الحالات يمكن ان يزيلَ اللجوءُ الى الوديان أو الاقتراب من الاشجار واسفل الجبال والتلال الخطر الى حد ما (ان الاتكاء على الاشجار والشبابيك الحديدية لا يخلو من خطورة ايضاً).تتضح جيداً من خلال التوضيح اعلاه اخطارُ البرقِ وعامل الخوف الذي اُشيرَ اليه في الآيات الآنفة.
2 ـ فوائد وبركات الرعد والبرق :
بالرغم من اخطار الرعد والبرق التي اُشير اليها سابقاً فانَ لها فوائد جمّةً ايضاً، حيث سنشير الى بعضها هنا:أ ـ الري ـ من المعروف ان البرق يولِّدُ حرارة عاليةً جداً، قد تبلغ15 ألف درجة سانتيغراد، وهذه الحرارة كافية لاحراق مقدار كبير من الهواء المحيط مما يؤدي الى هبوط الضغط الجوي مباشرة، ونحن نعلمُ انَّ الغيومَ تُمطرُ اثناء هبوط الضغط، ولهذا فغالباً ما تبدأ الزوابع عقبَ حدوث البرق وتنزل قطرات الامطار الكبيرة، وفي الواقع يعتبر الري من هذا الجانب أحد بركات البرق.
ب ـ رش السموم ـ عندما يظهر البرق بتلك الحرارة، تتألف قطرات المطر بكميات اضافية من الاوكسجين، فيحصل الماء الثقيل أي الماء المؤكسد ، ونحن نعلم انَّ من آثار هذا الماء هو القضاء على الجراثيم، ولهذا يستعمل طبياً في تنظيف الجروح، فهذه القطرات تقضي على بيوض الآفات
المسببة لامراض النباتات عندما تنزل الى الارض، وتقوم برش السموم على احسن وجه، لذلك فقد قالوا: في كل سنة يَقلُّ فيها الرعد والبرق تزداد الآفات النباتية.
ج: التغذية والتسميد ـ انَّ قطرات المطر واثر حدوث البرق وحصول الحرارة الشديدة الناتجة عنه وتركيبها الخاص، تحصل على حالة من حامض الكاربونيك، فتقوم بتكوين سماد نباتي مؤثر اثناء تناثرها على الارض وتخلُّلها فيها، فتتغذى النباتات عن هذا الطريق.ويقول بعض العلماء: إنَّ كمية السماد الحاصل من حالات البرق في السماء خلال سنة واحدة يبلغ عشرات الملايين من الاطنان، وهذا رقم مرتفعٌ للغاية.بناءً على ذلك نرى انَّ هذه الظاهرة الطبيعية العاديّة وغير المهمة الى أيَّ حدٍّ مفيدة ومليئة بالبركة؟ فهي تسقي، وترش السموم ايضاً، وتقوم بالتغذية، وهذا نموذج صغيرٌ من الاسرار العجيبة لعالَم الوجود حيث يصلح أنْ يكون دليلا في الطريق لمعرفة الله.كل هذا من بركات البرق، ولكن الحرائق التي تنتج عن نوع منه وهي الصواعق من جانب آخر قد تحرق الانسان أو البشر والمزارع والاشجار، بالرغم من انَّ هذا الأمر قليلٌ ونادر الوقوع ويُمكن اجتنابه، إلاّ أنّه بامكانه ان يصبح عامل خوف وهَلَع، وعليه فانَّ ما قرأناه في الآية السالفة بانَّ البرق اساسٌ للخوف واساسٌ للأمل ايضاً قد يكون اشارة الى مجمل هذه الاُمور.ومن الممكن ان تكون عبارة ( وَيُنْشِىءُ السَّحـابَ الثِّقال) الواردة في نهاية الآية اعلاه لها ارتباط بميزة البرق هذه التي تؤدي الى تحمُّلِ الغيوم بقطرات الامطار.
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حفظكم الله وسددكم وأنار دربكم بنور الإيمان
شكرا لجهودكم وعطاؤكم الوفير
نسألكم الدعاء
اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار
نسألكم الدعاء
ربي يجزاك خير الجزاء ويقضي جميع حوائجكم أنوار الزهراء
على طرح الإعجاز العلمي المبارك.. في ميزان أعمالكم الصالحة
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكراً لك .. طرح أكثر من رائع
بارك الله بكم وجزيتم خيرا
حفظكم الله تعالى من شر الجن والانس مع شيعة محمد وال محمد
بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبرالسلام على بديعة الوصف والمنظر
حبيبتي نوارة اسال الله لكم التوفيق السداد
دمتم بحب ورعاية الزهراء
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار
بارك الله فيكِ اختي الكريمة أنوار فاطمة الزهراء
الله يعطيكِ الفين عافية طرح رائع و جميل
موفقة يا رب
الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الله يعطيكِ الف عافية طرح رائع والمفيدو شكرآ على المعلومة والمجهود المبذول