بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصلنا الى هنا
((إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ))، فلا يضيع شيء يصرف في وجهه ولا عمل يؤتى لأجله.
لنكمل معاً
((وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى))، قالت اليهود لن يدخلها إلا النصارى، و"هود" جمع "هائد" كـ"عود" جمع "عائد"، ((تِلْكَ)) المقالة ((أَمَانِيُّهُمْ))، جمع "أمنية"، أي رغبتهم الكاذبة، ((قُلْ)) يا رسول الله لهم ((هَاتُواْ))، أي أحضروا وجيئوا ((بُرْهَانَكُمْ)) ودليلكم على ما تدعون ((إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)) في مقالتكم.
((بَلَى)) جواب سؤال تقديره أفليس يدخل الجنة أحد، ومن هو؟ فقيل: "بَلَى" ((مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ))، وخص الوجه لأنه أشرف الأعضاء، فإذا أسلمه الشخص فقد أسلم جميع جوارحه ((وَهُوَ مُحْسِنٌ)) في عمله ((فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ))، فهو يدخل الجنة سواء كان يهودياً في زمان موسى أو نصرانياً في زمان عيسى أو مسلماً في زمان محمد أو من سائر الأمم في زمان أنبيائها (عليهم الصلاة والسلام)، وهكذا كلام معه دليله، إذ معيار الدخول في الجنة الإيمان والعمل الصالح، فلا يقال لمن يقول ذلك: "هاتك برهانك."
((وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ <وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ>)) من دين وإيمان وتقوى، فكل طائفة تجعل نفسها الناجية وغيرها الهالكة، ((وَ)) الحال أن ((هُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ))، والتالي للكتاب لا يحق له أن يقول مثل هذه المقالة، إذ كل منهم يعلم أن صاحبه على بعض الشيء، فإن اليهود يعرفون أن النصارى لهم إيمان في الجملة، وكذلك النصارى يعرفون أن اليهود لهم إيمان في الجملة، ((كَذَلِكَ)) القول ((قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ)) من الكفار ((مِثْلَ قَوْلِهِمْ))، وهذا تأنيب للطائفتين حيث صاروا كمن لا كتاب له وهو جاهل، فإن الجاهل يمكن أن يقول ليس اليهود أو النصارى على شيء لأنه يزعم بطلان كليهما، ((فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ)) جميعاً ((يَوْمَ الْقِيَامَةِ))، وهناك يتبين لكل طائفة أنه على شيء أم لا، ((فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ))، ولعل تخصيص الحكم بهناك لأن هناك لا تبقى شبهة في الحكم، بخلاف حكمه سبحانه في الدنيا، فإن من لا يؤمن بالإسلام لا يعترف بحكمه.
((وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ)) وهي عامة لكل مانع وإن كان ينطبق على أهل مكة الذي منعوا الرسول عن المسجد الحرام وبخت النصر الذي منع عن بيت المقدس ((أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ))، أي لا أحد أظلم من هكذا شخص، والحصر المستفاد من الآية إضافي، وإلا فمن قتل الأنبياء أظلم، ((وَسَعَى فِي خَرَابِهَا))، خرابها معنوياً بمنع المصلين عنها أو خراب العمارة والبناء، ((أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ)) من عذاب الله سبحانه، فمن يسعى في خراب المساجد كيف يدخلها آمناً، أو خائفين من المسلمين أن يعاقبوهم، ((لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ)) بالعقاب الإسلامي لمن فعل ذلك، أو إخبار بخزي عن الله سبحانه بمن يسعى في خراب المساجد، ((وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) حيث يذوق النار مهاناُ، ولعل في هاتين الآيتين أيضاً تلميح إلى فعل اليهود بمنعهم عن المساجد.
((وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ)) فكلتا الجهتين له سبحانه خلقها، وهما ملك له وحده، ((فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ)) وجوهكم ((فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ))، وجه الله جانبه، أي إن الله سبحانه محيط بالعلم والقدرة على كل ناحية، فإذا توجه الإنسان إلى المشرق فقد توجه إلى الله، وإذا توجه إلى المغرب فقد توجه إلى الله، وليس الله جسماً حتى يكون له مكان معين يلزم التوجه إليه، ((إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ)) علماً وقدرة لأنه محيط بجميع الجهات، ((عَلِيمٌ)) بما يفعله الإنسان من التوجه إلى أية ناحية، وربما قيل بأنها نزلت في رد اليهود الذين قالوا: كيف انصرف محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عن قبلة بيت المقدس إلى الكعبة؟
((وَقَالُواْ)): (اليهود عزير بن الله)، والنصارى قالوا: (المسيح ابن الله)، والمشركون قالوا: الملائكة بنات الله، ((اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا)) إما بأن أولده كما زعم بعضهم أو اتخذ بعنوان التبني، ((سُبْحَانَهُ))، أي أنزهه عن ذلك تنزيهاً ((بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ))، فكيف يكون المملوك ولداً، إذ الولد ليس ملكاً للوالد، ثم أن الملك تحت التصرف فالتبني لماذا؟ ((كُلٌّ))، أي كل من السماوات والأرض ((لَّهُ)) تعالى ((قَانِتُونَ))، أي خاضعون ومطيعون.
((بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ))، أي مبدعهما ومنشئهما وخالقهما، وهذا تأكيداً لما في الآية السابقة من أن (له ما في السماوات والأرض)، ((وَإِذَا قَضَى أَمْراً)) وأراده ((فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ))، أي لذلك الأمر المراد ((كُن))، أي يأمره بأن يوجد ((فَيَكُونُ))، أي فيوجد عقيب أمره، فالكون بهذا النحو طوع إرادته وأوامره.
((وَ)) بعد ذكر اختلاف أهل الكتاب ومنعهم - وسائر المشركين - عن المساجد وشركهم في باب التوحيد، تعرض القرآن الحكيم حول كلامهم بالنسبة إلى المراسلة فقال: و((قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ)) موازين الوحي والرسالة ((لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللّهُ))، أي هلّا يكلمنا ربنا بأن يأمرنا بأوامره بدون احتياج إلى الوسيط، أو يكلمنا بأنك نبي، ((أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ)) ومعجزة حسب اقتراحنا، ((كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم)) لأنبيائهم ((مِّثْلَ قَوْلِهِمْ)) ، فقال لموسى (عليه السلام) أرنا الله جهرة، ((تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ)) في الإنكار والعتب في الاقتراح والتعنت، ((قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ))، فلا حاجة إلى تكليم الله، ولا إلى الإتيان بخوارق اقترحتموها، وإذ كان مرادهم غير ذلك فليس على الله إلا إتمام الحجة ((لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ))، إنما خصهم لأنهم الذين يستفيدون منها وينتفعون بها.
((إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ)) يا رسول الله ((بِالْحَقِّ)) تأكيداً للإرسال، إذ كل إرسال الله تعالى بالحق ((بَشِيرًا)) تبشر المؤمنين المطيعين ((وَنَذِيرًا)) تنذر الكافرين والعاصين، فأنت رسولنا وإن كانوا يشكون في رسالتك، ويسألونك عن أشياء تافهة، ((وَلاَ تُسْأَلُ)) أنت ((عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ))،
نكمل معكم ان شاء الله
قريباً
تحياتي
مسك النبي الهادي
اللهم صل على محمد وآل محمد الأبرار الأخيار ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أختي الكريمــة
أحسنتِ , جزاك الله تعالى كل خير على هذا الطرح .
اللهم صل على محمد وآل محمد .
اللهم صل على الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي الكريمة أحسنتم وبارك الله تعالى فيكم طرح قيم ومبارك
نسأل الباري جل وعلا أن يحفظكم ويسدد خطاكم وشيعة محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
وصلى الله تعالى على نبيه الكريم محمد وآله أجمعين
والحمد لله رب العالمين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكراً لك .. طرح أكثر من رائع
بارك الله بكم وجزيتم خيرا
حفظكم الله تعالى من شر الجن والانس مع شيعة محمد وال محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب الزهراء (ع)
حفظكم الله وسددكم وأنار دربكم بنور الإيمان
شكرا لجهودكم وعطاؤكم الوفير
اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار
نسألكم الدعاء