نصائح إبداعية : كيف تحفظ القرآن من دون معلم
بسم الله الرحمن الرحيم: {بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلا الظَّالِمُونَ}
حدد هدفك جيداً
هذا سؤال يجب أن توجهه لنفسك، قبل أن تبدأ هذا المشروع : لماذا أحفظ القرآن؟..
وحاول أن تكون الإجابة : أنني أحفظ القرآن، حبّاً في الله، وابتغاء مرضاته، ولأفوز بسعادة الدنيا والآخرة.
فإذا كان هذا هو الهدف، فتكون قد قطعت نصف الطريق في الحفظ.
حاول أن تجلس وتفكر بفوائد حفظ القرآن، وكيف سيغير حياتك كما غير حياة من حفظه من قبلك. ويجب أن تعتقد أن الله سييسر لك حفظ القرآن، فهو القائل : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر : 17].
اغتنم الوقت
لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، فالعمر قصير ولا يعرف الإنسان متى يموت، ولذلك أسرع منذ هذه اللحظة إلى اتخاذ قرار حفظ القرآن، ولا تجعل أي لحظة تمرّ من عمرك إلا وتغتنمها بقراء ة القرآن وتطبيق ما جاء فيه... وتذكَّر أن الله سيسألك عن الوقت يوم القيامة، وسوف تندم على كل لحظة لم تذكر فيها الله أو تقرأ كتابه أو تقدم شيئاً لخدمة هذا الدين.
تخلَّص من الخوف والاضطرابات النفسية
أثبت بعض الباحثين وجود قوة شفائية غريبة، في كل آية من آيات هذا الكتاب العظيم. وقد أثبتت التجارب والمشاهدات أن الذي يحفظ القرآن، يكون أقل عرضة للإصابة بالأمراض، وبخاصة الأمراض النفسية!.. ولذلك عندما تبدأ بمشروع حفظ القرآن، سوف تحس بأنك قد وُلدت من جديد. فهل تبدأ معنا هذا المشروع الذي سيغير حياتك؟..
مراحل الحفظ السهل
- ابدأ من السورة التي تحبها، وتظن بأنها سهلة الحفظ.
- حاول أن تستمع إلى هذه السورة عشر مرات أو عشرين مرة.
- ثم افتح القرآن على هذه السورة، وستجد أنها مألوفة بالنسبة لك وسهلة الحفظ، لأنها ستنطبع في خلايا دماغك بعد الاستماع إليها أكبر عدد من المرات!.
- ولكن أثناء الحفظ جزّئ السورة لعدد من المقاطع، حسب المعنى اللغوي.
- ابدأ بقراء ة المقطع الأول وكرره حتى تحفظه.
- ثم كرر المقطع الثاني حتى تحفظه، وهكذا حتى نهاية السورة.
- وأخيراً تربط كل مقطعين من خلال قراء تهما معاً، وكرر هذه العملية مع بقية مقاطع السورة، حتى تتمكن من حفظها بإذن الله.
تذليل الصعوبات
إن أكبر صعوبة تتلخص في أن القرآن له أسلوب مميز، ويختلف عن أساليب البشر، ولذلك فإن الدماغ يجد صعوبة في الانسجام مع هذا الأسلوب الجديد.. ولكن بمجرد أن تبدأ بالاستماع إلى القرآن، والتفكير في كل آية تسمعها، وتحاول أن تفهم معاني هذه الآيات، ثم تكرر الاستماع عدداً كبيراً من المرات، سوف تجد أن دماغك سيتفاعل، ويصبح أسهل عمل بالنسبة لك هو حفظ القرآن!
المداومة على القليل أفضل من الكثير المنقطع
قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: (إنما الأعمال بالنيَّات). وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ.. فحاول أن تحفظ كل يوم القليل، ولكن إياك أن تنقطع عن الحفظ، لأي سبب كان!.. ولتكن نيَّتك أنك تحفظ القرآن، ابتغاء مرضاة الله، ولتتقرب من الله، ولتدرك من هو الله.. فمن أحب أن يعرف من هو الله، فليقرأ كتاب الله تعالى!.
كيف تبرمج دماغك على تعاليم القرآن
أثبت العلماء أن كل صوت يسمعه الإنسان، ويكرره لعدة مرات، يحدث تغييراً في نظام عمل الخلايا.. وبالتالي فإن استماعك للقرآن، يعني أنك ستعيد برمجة خلايا دماغك، وفق كتاب الله تعالى، وما جاء فيه من تعاليم وأحكام.. ولكي نضمن التغيير الإيجابي الفعال، يجب أن نستمع إلى القرآن بخشوع كامل، وهذا ما أمرنا به الله بقوله : (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأعراف : 204].
استثمر فترة النوم
تبين للعلماء أن الدماغ يبقى في حالة نشاط أثناء النوم، حيث يقوم بمعالجة المعلومات التي اختزنها طيلة النهار، وترتيبها وتنسيقها في مناطق خاصة.. ولذلك يمكن لكل واحد منا أن يستفيد من نومه، ويستمع لصوت القرآن، وهذا سيساعده على تثبيت حفظ الآيات. يقول تعالى : (وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) [الروم : 23].
استثمر فترة الصيام
حاول أن تستغل الفترة التي تكون فيها صائماً، في حفظ السورة التي كررت سماعها من قبل.. لأن الصوم يزيد الطاقة الفعالة لديك، وتستطيع أن تحفظ القرآن بسهولة، لأن الطاقة المتوافرة لديك تؤمّن لك الإرادة الكافية لذلك. وهذا يعني أن شهر رمضان هو أنسب الأوقات للبدء بحفظ القرآن!
شفاء القلوب
هل تعلم أن القرآن شفاء للأمراض الجسدية والنفسية، وبخاصة أمراض القلب؟.. القرآن فيه شفاء لكل شيء، فإذا أصابك همّ أو غمّ، فإن القرآن يذهب همّك.. وإذا مرضت، فإن القرآن يشفيك بإذن الله؟ وإذا أُصبت بعين حاسد، فإن المعوذتين وآية الكرسي، تحفظك من أي مكروه.. فإذا كانت تلاوة الفاتحة على المريض تشفيه بإذن الله، فكيف بمن يحفظ كتاب الله كاملاً؟ (الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد : 28].
كل حرف بعشر حسنات
قال - صلى الله عليه وآله سلم -: (من قرأ حرفاً من القرآن، فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها). فكّر معي كم ستكسب من الأجر، عندما تقرأ القرآن كاملاً، وتكرر قراء ته كل شهر مثلاً.. القرآن يحوي 322604 حرفاً، اضرب هذا العدد بعشرة، لتحصل على عدد الحسنات، وهو 3226040 حسنة، وكل حسنة خير مما طلعت عليه الشمس، فما رأيك؟
الجنين يتأثر بالقرآن
أثبت العلماء أن الجنين في بطن أمه وبعد الليلة الثانية والأربعين، يبدأ بالتفاعل مع المؤثرات الخارجية، ثم يتأثر بالأصوات التي يسمعها، وهو في بطن أمه. ولذلك يجب على كل أمّ أن تُسمع جنينها شيئاً من القرآن، وبعد الولادة تستمر في ذلك، وسوف تتأثر خلايا دماغه وقلبه بكلام الله تعالى، وتكون بذلك قد هيَّأت طفلك لحفظ القرآن قبل أن يأتي إلى الدنيا!
كان خُلُقُه القرآن
سئلت عائشة عن خُلُق رسول الله - صلى الله عليه وآله سلم -، فقالت : (كان خُلُقه القرآن)!.. فإذا أردت أن تكون أخلاقك مثل أخلاق رسول الله - صلى الله عليه وآله سلم - فعليك بحفظ القرآن. وأن تتأثر بما تقرأ وتسمع، مستجيباً لنداء الحق تعالى، عندما قال : (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأعراف : 204].
حفظ القرآن يقضي على الاكتئاب
فعندما تحفظ القرآن وتكرره باستمرار، فإنك ستجد لكل مرض وكل حالة تمر بها، آيات مناسبة، فهناك آيات للاكتئاب، وآيات لذهاب الحزن، وآيات لعلاج الانفعالات، وآيات للرزق، وآيات لتيسير الحمل والإنجاب، فكل هذه الآيات ستحملها في صدرك. وتستطيع قراء تها عند الحاجة، وهذا يعني أنك ستمتلك أسباب الشفاء. وقد أثبتت المشاهدات أن من يحفظ القرآن، لا يعاني أبداً من الاكتئاب أو القلق أو الاحباط، فسبحان الله!
استغلال فترة اتصال العقل الباطن
في كل يوم احرص على الاستماع إلى سورة محددة (أو صفحة من سورة)، وكرر الاستماع إليها، وبعد حفظها اقرأها في الصلاة، ثم توضأ في الليل، وقف وصلّ ركعتي قيام الليل، واقرأ ما حفظته خلال النهار، وستحسّ بلذة عجيبة وتشعر بحلاوة الإيمان. ثم كرر ما حفظته أيضاً قبل النوم مباشرة، وبعد الاستيقاظ مباشرة، فهذه الطريقة ترسخ الحفظ في عقلك الباطن، فلا تنسى منه شيئاً بإذن الله. وعليك بالتفكير بالآيات التي تقرأها قبل النوم، وهذه الطريقة ستفتح قلبك وعقلك وتطور مداركك.
حفظ القرآن يقود إلى السعادة
عندما تحفظ القرآن سوف تمتلك قوة في أسلوبك، بسبب بلاغة آيات القرآن، وتصبح أكثر قدرة على التعامل مع الآخرين والتحمّل والصبر، سوف تكون في سعادة لا توصف، فحفظ القرآن ليس مجرد حفظ لقصيدة شعر أو لقصة! بل إنك عندما تحفظ القرآن، إنما تُحدث تغييراً في نظرتك لكل شيء من حولك، وسوف يكون سلوكك تابعاً لما تحفظ. وفي دراسة خاصة تبين أن حَفَظَة القرآن هم أكثر الناس سعادة وبُعداً عن الاكتئاب!!!
ترتيل القرآن
من الأشياء التي تساعدك على القراء ة لفترات طويلة دون ملل، أن تقرأ القرآن بصوت حسن وترتله ترتيلاً، كما أمرنا الله - سبحانه وتعالى - بذلك، فقال : {وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا} [المزمل : 4]. فالقراء ة بصوت مرتفع قليلاً، وبتجويد الصوت وترتيله، تجعلك تحس بحلاوة القراء ة والحفظ. وحاول أن تقلد أحكام التجويد كما تسمعها من المقرئ!.. وحاول أن تركز انتباهك في كل كلمة تسمعها، وتعيش معها، وتحلق بخيالك مع معاني الآيات.
اتبع تقنيّة الفضول من أجل الحفظ
احرص على مجالسة الصالحين والعلماء وحَفَظَة القرآن والمهتمين بتفسير القرآن، ولا تترك كلمة غامضة تمر من القرآن إلا وتسأل عن تفسيرها. حاول أن تسأل عن أحكام التجويد، واعلم أن هذه التقنيّة تشكل نصف الحفظ. لا تترك مقالة أو فكرة تتعلق بالقرآن إلا وتطلع عليها.
الرسائل الإيجابية
اغتنم أي فرصة خلال النهار أو الليل، وأعط رسالة إيجابية لدماغك أنّ : حفظ القرآن هو أهم عمل في حياتي، إنه سيغير حياتي بالكامل، سيجعلني قريباً من الله، سأكون مثل النبي محمد - صلى الله عليه وآله سلم -، فقد كانت حياته كلها " القرآن ". مثل هذه الرسائل سيكون لها أثر كبير جداً في تسهيل الحفظ!
هل تريد أن تكسب طفلك في الدنيا والآخرة؟
الطفل لديه قدرة هائلة على الحفظ، فقد أثبت العلماء أن خلايا الدماغ عند الطفل الصغير تكون نظيفة وفي قمَّة نشاطها وطاقتها. ولذلك شجع أطفالك على حفظ القرآن، واقرأ أمامهم القرآن كل يوم بصوت مرتفع يسمعونه، فإن خلايا دماغهم تتأثر وتخزّن هذه الآيات فينشؤوا على حب القرآن. وفي دراسة حديثة تبين أن أي تصرف يحدث أمام الطفل، فإن خلايا دماغه تتفاعل مع هذا الحدث، ويحدث فيها نشاط وتتأثر بهذا الفعل، ولذلك إذا أردت أن يكون ولدك باراً بك، فعلِّمه كيف يحفظ القرآن ويتأثر به.
رفيق القبر
القرآن الذي تحفظه وتحافظ عليه اليوم، سيكون رفيقك لحظة الموت!.. وسيكون المدافع عنك والشفيع لك، يوم يتخلى عنك أقرب الناس إليك. يقول - صلى الله عليه وآله سلم -: (اقرأوا القرآن فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة)، وهل هنالك أجمل من لحظة تقابل فيها الله تعالى يوم القيامة، وأنت حافظ لكلامه في صدرك؟!
المصحف خير صديق
اختر مصحفاً يكون معك معظم الوقت، واعتمد عليه في الحفظ، وسوف تنشأ علاقة خاصة بينك وبين هذا المصحف! وسوف تحبه وتستمتع بحفظه، وسيكون لك حافزاً على الحفظ. وابدأ بالبحث عن صديق تحفظ القرآن معه، وليكن حديثك كله عن القرآن وذكر الله.
تأمل المعجزات العلمية يزيد من قوة الحفظ
تحدث القرآن عن الكثير من الحقائق الكونية والطبية... وإن الإكثار من قراء ة هذه الأبحاث، يزيد من رغبة المؤمن في الحفظ، ويزيده تعلّقاً وحباً لكتاب ربه، وبالتالي يساعده على الاستمرار في القراء ة والتدبر والحفظ، ولا ننسى أن عبادة التفكر من أعظم العبادات!
أن تصل متأخراً خير من ألاّ تصل
تذكَّر أن المهمة الأساسية التي جاء من أجلها سيد البشر صلى الله عليه وآله سلم هي : القرآن! لذلك لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، فإذا كانت محاولات الحفظ السابقة قد فشلت، فابدأ منذ هذه اللحظة باتخاذ قرار حفظ القرآن، وتوكل على الله القائل : (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران : 159]، وتذكر أن الله سيساعدك على حفظ كتابه.
أخي المؤمن... أختي المؤمنة
ألا تحبّ أن يكون القرآن شفاء ونوراً لك في الدنيا والآخرة؟!
إذاً اجعل القرآن أول اهتماماتك واقرأ معي هذه الكلمات الرائعة :
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاء َتْكُمْ مَوْعِظَة ٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاء ٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَة ٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس : 57 - 58].
توجونا بدعوات حره