شجاعة السيّدة العظيمة العامل الأساس، أو أحد أهمّ العوامل التي أفضَتْ إلى ظفر نهضة الإمام الحسين عليه السّلام ـ التي تحمّلت السيّدة زينب عليها السّلام ظهر يوم عاشوراء عبء رسالتها ـ هو شجاعة هذه السيّدة العظيمة وثباتها في مواقفها أمام الطاغية يزيد الذي حاول مع أزلام حكومته ـ عن طريق القمع والبطش والإرعاب المشفوع بتيّار واسع من الإعلام الكاذب ـ أن يُلقي في أذهان عامة الناس أنّ الإمام الحسين عليه السّلام الثائر في طلب إصلاح أمّة جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله هو خارجيّ تمرّد على وليّ الأمر ولم يخضع لخليفة عصره، وكان من الطبيعيّ على مثل هؤلاء المتمرّدين أن تقمعهم قوى الحكومة الإسلاميّة الشجاعة!
وفي هذا السياق، كان موكب السبايا ـ سبايا أهل بيت النبوّة عليهم السّلام ـ إذا دخل مدينة من المدن، طوال المسيرة المُرهقة التي امتدّت من كربلاء إلى الكوفة ثمّ من الكوفة إلى الشام، قيل لأهل تلك المدينة إنّ هؤلاء السبايا هم سبايا وأسرى من الخوارج!
وكانوا في الشام ـ وقد أثملهم غرور النصر الدمويّ الذي حقّقوه في كربلاء ـ يُعدّون العدّة لحفلٍ كبير دَعَوا إليه كبار رجال الحكم وسفراء الدول الأجنبيّة. وخُيِّل ليزيد أنّ أحداً لن يجرؤ ـ بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السّلام ـ على زعزعة دعائم حُكمه، وكان جنوده المدجّجون بالسلاح لا يتورّعون عن سفك دم كلّ مَن تسوّل له نفسه أن يعترض بكلمة.
أُدخل موكب السبايا على يزيد وهو في مجلسه، بعد أن حُملوا آلاف الكيلومترات على إبل مهزولة بغير وِطاء، قد هدّهم المصاب الجَلَل: فَقْدُ ريحانة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسِبطه الأثير لديه، الذي ترعرع على صدر رسول الله صلّى الله عليه وآله وشبّ في حِجره، والذي أخذه رسول الله صلّى الله عليه وآله معه ـ إلى جانب أبيه وأمّه وأخيه ـ ليُباهل نصارى نجران، فقال كبيرُهم حين تأمّل فيهم: أرى وجوهاً لو سألوا الله أن يُزيل جبلاً لأزاله من مكانه، فلا تبتهلوا فتهلكوا! وأرهقهم بعد الشقّة، بعد أن أعنف بهم الحادي، فساقهم على غير رِفق، ولم ينزل بهم إلاّ على غير ماء ولا عُشب، ثمّ أُدخلوا على يزيد ولمّا يستريحوا من عناء الطريق بعدُ، عسى أن يَفُتّ ذلك في عضدهم ويُوهن من جَلَدهم، ويُضعف منطقهم.
ونهضت عقيلة بني هاشم عليها السّلام في وقار، وخاطبت يزيد دون أن تكثرت له ولا لزبانيته، في فصاحةٍ وبلاغة وَرِثَتهما من أمير الفصاحة والبلاغة أبيها أمير المؤمنين عليه السّلام، فأعادت إلى الأذهان وقفةَ أمّها الزهراء عليها السّلام وخطبتها الشهيرة في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله؛ وكان من جُملة خطبتها أن قالت:
أظننتَ يا يزيدُ أنّك حين أخذتَ علينا أقطارَ الأرض، وضَيّقتَ علينا آفاقَ السماء، فأصبَحنا لك في إسارِ الذلّ....
ثمّ اندفعت العقيلة زينب عليها السّلام تُقرّع يزيد وتفضح نَسَبه الوضيع، وتذكّره بجرائم أسلافه الذين اقتفى آثارَهم وسار على حذوهم، فقالت:
وأنّى يُرتجى الخيرُ ممّن لَفَظ فُوهُ ( أي فمه ) أكبادَ الشهداء، ونَبَتَ لحمُه بدماء السُّعداء، ونَصَب الحربَ لسيّد الأنبياء، وجَمَع الأحزابَ، وشَهَر الحِرابَ، وهَزّ السيوفَ في وجه رسول الله صلّى الله عليه وآله، أشدّ العرب لله جُحوداً، وأنكرهم له رسولاً، وأظهرهم له عُدواناً، وأعتاهم على الربّ كفراً وطُغياناً....
فبُهت الذي كَفَر، وتَلَجلج واستَخذى بعد عُنفوانه، وتصاغرَ بعد شُموخه وإدلاله بنفسه، بعد أن مَلَكَت عليه العقيلةُ المفوّهة البليغة أقطارَ الأرض والسماء، فتمنّى في خِزيه لو انشقّت الأرض من تحته فابتلعته.
وروى أصحاب التواريخ والسِّير أن يزيد بن معاوية لمّا فضحته عقيلة بني هاشم عليها السّلام بخطبتها أنحى باللأئمّة على ابن زياد، وقال: قَبَّح اللهُ ابنَ مَرجانة، لو كانت بينكم وبينه قرابةٌ ورِحم ما فعل هذا بكم، ولا بَعَث بكم على هذا!
فتأمّل كيف كشفت هذه السيّدة الجليلة بمنطقها الجزل عن حقيقة مقام يزيد وهو في أوّج عزّه الظاهريّ، فإذا به يتصاغر ويتضاءل حتّى ينتحل الأعذار أمامها كالعبد الذليل المذنب أمام سيّدته، وشهد لها المؤالف والمخالف بأنّ كلامها ليزيد بن معاوية يدلّ على عقل وقوّة جَنان .
كل عام اتنم بالف خير مناسبة مولد الحوراء الانسية رزقنا الله شفاعتها
قضى الله حوائجك بجاه السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام
و فقكم الله لخدمة الصرح الفاطمي
نسأل الله لكم التوفيق لخدمة محمد ال محمد
ترعاكم عين الله
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل خير على هذا الطرح الرائع
اسال الله ان يجعل هذا العمل في ميزان حسناتك
واسال الله ان يقضي جميع حوائجك
مع تحيات اختك النرجسيه ولاتنسيني با الدعاء