بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وصلنا الى هنا
((لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ))، إذ لا أمد لعذاب الله بالنسبة إلى الكافرين، ((وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ))، فلا ينظر أحد إليهم نظرة رحمة وإحسان، أو لا يمهلون للاعتذار أو لا يؤخر عنهم العذاب.
لنكمل معاً
((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ)) بهذا النظام البديع والترتيب الرائع ((وَالأَرْضِ)) بهذا الأسلوب المنظم المتكامل، ((وَ)) في ((اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ)) يأتي أحدهما عقب الآخر خليفة لتنظيم الحياة على الأرض بأجمل صورة، ((وَ)) في ((الْفُلْكِ)) السفينة ((الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ)) في أسفارهم وتجاراتهم، ((وَ)) في ((مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء)) جهة العلو ((مِن مَّاء)) ببيان "ما"، ((فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ)) بالإنبات ((بَعْدَ مَوْتِهَا))، أي جمودها وركودها، ((وَبَثَّ))، أي نشر وفرق ((فِيهَا))، أي في الأرض ((مِن كُلِّ دَآبَّةٍ)) تدب وتتحرك على وجه الأرض، وكلمة "بث" عطف على "أحيا"، أي كان المطر سبباً لإحياء الأرض وانتشار الحيوانات فيها، إذ لولا الماء لم يكن للحيوان ماء ولا طعام، فهلك ولم يبق له نسل، ((وَ)) في ((تَصْرِيفِ الرِّيَاحِ))، أي صرفها ونقلها من مكان إلى مكان لتروح وتذهب بالأمراض والعفونات وتنقل السحاب من هنا إلى هناك، ولو كانت الرياح راكدة لم تنفع أي شيء، ((وَ)) في ((السَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ))، فإنه بما يكونه من أطنان من الماء يبقى معلقاً بين الجهتين، ويسير إلى كل ناحية ((لآيَاتٍ)) وعلامات دالة على الله وحدته وسائر صفاته ((لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)) ويعملون عقولهم في استفادة النتائج من المقدمات والمسبب عن الأسباب، وينتقلون من العلم بالمعلول إلى العلم بالعلة.
((وَمِنَ النَّاسِ))، أي بعضهم ((مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ))، أي غير الله ((أَندَاداً)) جمع نعد، بمعنى الأشباه، والمراد بذلك آلهة يجعلها شبيهة لله في أنه يعبدها وهي الأوثان، ((يُحِبُّونَهُمْ))، أي يحب هؤلاء الناس تلك الآلهة، وإنما أتى بجمع العاقل لكونها ردفت مع الله سبحانه، والقاعدة تغليب الرديف على رديفه، كقوله تعالى: (من يمشي على بطنه)، وقوله: (اركعي مع الراكعين)، ((كَحُبِّ اللّهِ))، أي كحبهم لله، أو حباً شبيهاً بما يستحق الله، وعلى الأول، فالمراد بهم المشركون الذين يعتقدون بالله، ((وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ)) من حب هؤلاء لأوثانهم، فإن المؤمنين حيث يعرفون أن كل خير من الله يحبونه حباً بالغاً، ((وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً))، يعني: لو يرون هؤلاء المشركين يوم القيامة كون القوة لله جميعاً لرأوا مضرة فعلهم وسوء عاقبة شركهم، وحذف جواب "لو" تهويلاً للأمر، كما تقول لعدوك لو ظفرت بك، ((وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ)) عطف على "أن القوة".
إن الرؤية من الظالم للعذاب إنما يكون ((إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ)) من القادة ((مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ)) وهم التابعون لهم، ((وَرَأَوُاْ)) جميعاً ((الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ))، أي فيما بينهم ((الأَسْبَابُ))، فما كان في الدنيا يسبب وصلة بعضهم لبعض من المال والرئاسة والقرابة والحلف وأشباهها تنقطع هناك، فلا داعي لنصرة الرؤساء أتباعهم الذين كانوا يتبعونهم في الدنيا.
((وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ))، أي التابعين لرؤسائهم: ((لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً))، أي يا ليت لنا عودة إلى دار الدنيا، ((فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ))، أي من هؤلاء الرؤساء ((كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا)) هنا في القيامة حال حاجتنا إلى العين، ((كَذَلِكَ))، أي هكذا ((يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ))، أي أعمال كل من التابعين والمتبوعين ((حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ))، فإن صلاتهم وأعمالهم كلما <كلها> ذهبت أدراج الرياح، فيتحسرون: لماذا لم يعملوا بأوامر الله سبحانه، ((وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ))، فإن المشرك يبقى في النار إلى الأبد إن تمت عليه الحجة وعاند.
وإذ تم الكلام حول العقيدة توجه إلى الحياة التي هي مقصد الإنسان، وإليها يرجع كثير من حركته وسكونه، ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ)) من نباتها وحيواناتها ومائها ومعدنها ((حَلاَلاً طَيِّباً))، أي في حال كون المأكول حلالاً طيباً إلا ما حرم منه، وفي قوله "طيباً" إشارة إلى أن كل حلال طيب، وليس فيه خبث يوجب انحراف الصحة أو انحراف الخلق، ((وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ))، فكأن الشيطان يخطو نحو الآثام ومن إثم، كأنه تتبع خطواته إذ تمشي خلفه، ((إِنَّهُ))، أي الشيطان ((لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ))، أي عدو ظاهر.
((إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ))، أي الأعمال السيئة ((وَالْفَحْشَاء)) وهي الأعمال السيئة للغاية، فإنه مشتق من الفُحش بمعنى التعدّي، ((وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ))، أي تنسبوا الى الله ((مَا لاَ تَعْلَمُونَ)) من العقائد والأحكام، وعدم العلم هنا أعم من العلم بالعدم، كما قال سبحانه (أتنبؤنه بما لا يعلم).
((وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ)) من الأحكام وسائر الوحي ((قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا))، أي وجدنا عليه آبائنا من التقاليد، فأنكر الله ذلك عليهم بالإستفهام الإنكاري، بقوله ((أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً)) من أمور الدين والدنيا ((وَلاَ يَهْتَدُونَ)) إلى الحق فإذا ظهر لكم، أن آبائكم لا يعلمون، فكيف تتّبعونهم.
ثم بيّن الله سبحانه، أن هؤلاء الكفار لعنادهم وتعصّبهم، قد غلّقت منافذ السمع والبصر عنهم، فلا يفيد وعظ ولا تذكير، ((وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ)) بعد ما يروا الآيات، ومثلك يا رسول الله ((كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ))، أي يرفع صوته ((بِمَا))، أي بالحيوان الذي ((لاَ يَسْمَعُ)) ولا يفهم الكلام، وإنما يسمع ((إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء)) فإن الحيوان، إذ صحّت به لا يفهم من كلامك إلا مجرد الدعوة والنداء، فهؤلاء الكفار كذلك إذ لا ينتفعون بكلامك أبداً، فهم ((صُمٌّ)) جمع أصم، ((بُكْمٌ)) جمع أبكم، ((عُمْيٌ)) جمع أعمى، فإنهم ولوكانت لهم آذان وألسنة وعيون لكنها كالمعطّلة، لأنها لا تؤدي وظيفتها ((فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ)).
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكراً لك .. طرح أكثر من رائع
بارك الله بكم وجزيتم خير الجزاء
حفظكم الله تعالى من شر الجن والانس مع شيعة محمد وال محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد الأبرار الأخيار ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أختي الكريمــة
أحسنتِ , جزاك الله تعالى كل خير على هذا الطرح .
اللهم صل على محمد وآل محمد .
اللهم صل على محمد وآل محمد الأبرار الأخيار ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أختي الكريمــة
أحسنتِ , جزاك الله تعالى كل خير على هذا الطرح ,
بارك الله فيك و وفقك لكل خير,
اللهم صل على محمد وآل محمد .