اهتم الامام الهادي (عليه السلام) بأرشاد الضالين والمنحرفين عن جادة الحق وسعی سعياً حثيثاً الی هدايتهم الی سَوَاء السَّبِيلِ، وكان من بين من أرشدهم الامام وهداهم (جعفر بن القاسم الهاشمي البصري)، الذي كان يقول بالوقف أي يقف عند امامة الامام الكاظم ولا يؤمن بألأئمة من بعده، فقد التقی به الامام الهادي (عليه السلام) في بعض الطرق فقال له: الی كم هذه النومة؟ أما آن لك أن تنتبه منها؟
فأثرت هذه الكلمة في نفسه فرجع الی الحق.
ومن مظاهر ارشاده (عليه السلام) الضالين والمنحرفين الی طريق الله وصراطه المستقيم ما رواه المسعودي باسناده عن الفتح بن يزيد الجرجاني لما ضمه مع الامام (عليه السلام) الطريق حين قدموا به من المدينة قال: تلطفت في الوصول اليه فسلمت عليه، فرد السلام، فقلت: يا بن رسول الله، تأذن لي في كلمة اختلجت في صدري ليلتي الماضية؟
فقال (عليه السلام): سل واصغ إلی جوابها سمعك، فإن العالم والمتعلم شريكان في الرشد مأموران بالنصيحة، فأما الذي اختلج في صدرك، فإن يشاء العالم [أي معصوم] أنبأك أن الله (لم يظهر علی غيبه أحداً إلا من ارتضی من رسول)، وكل ما عند الرسول فهو عند العالم، وكل ما أطلع الرسول عليه فقد أطلع أوصياءه عليه. يا فتح، عسی الشيطان أراد اللبس عليك، فأوهمك في بعض ما أوردتُ عليك، وشكك في بعض ما أنبأتك حتی أراد إزالتك عن طريق الله وصراطه المستقيم، فقال لك: متی أيقنت أنهم هكذا، فهم أرباب؛ معاذ الله إنهم مخلوقون مربوبون مطيعون، داخرون راغمون، فإذا جاءك الشيطان بمثل ما جاءك به، فاقمعه بمثل ما نبأتك به. قال فتح:
فقلت له: جعلني الله فداك، فرجت عني وكشفت ما لبس الملعون علي، فقد كان أوقع في خلدي أنكم أرباب!
قال: فسجد (عليه السلام) فسمعته يقول في سجوده: راغماً لك يا خالقي، داخراً خاضعاً، ثم قال: يا فتح، كدت أن تهلك، وما ضر عيسی أن هلك من هلك، إذا شئت رحمك الله.
قال: فخرجت وأنا مسرور بما كشف الله عني من اللبس، فلما كان في المنزل الآخر دخلت عليه، وهو متكئ، وبين يديه حنطة مقلوة، وقد كان أوقع الشيطان لعنه الله في خلدي أنه لا ينبغي أن يأكلوا ولا يشربوا.
فقال: اجلس يا فتح، فإن لنا بالرسل أسوة، كانوا يأكلون ويشربون ويمشون في الأسواق، وكل جسم متغذي إلا خالق الأجسام الواحد الأحد منشيء الأشياء ومجسم الأجسام، وهو السميع العليم، تبارك الله عما يقول الظالمون وعلا علواً كبيراً، ثم قال: إذا شئت رحمك الله.
وكان (عليه السلام) دقيقاً في تتبع أصحابه حريصاًَ علی إرشادهم إلی الصواب، قال الحسن بن مسعود: دخلت علی أبي الحسن علي بن محمد (عليه السلام) الهادي وقد نُكبت بإصبعي، وتلقاني راكب وصدم كتفي، ودخلت في زحمة فخرقوا علي بعض ثيابي فقلت: كفاني الله شرك من يوم، فما أشأمك.
فقال (عليه السلام) لي: يا حسن، هذا وأنت تغشانا! ترمي بذنبك من لا ذنب له!
قال الحسن: فأثاب إلي عقلي، وتبينت خطأي.
فقلت: يا مولاي، أستغفر الله.
فقال: يا حسن، ما ذنب الأيام حتی صرتم تتشأمون بها إذا جوزيتم بأعمالكم فيها.
قال الحسن: أنا أستغفر الله أبداً، وهي توبتي يا بن رسول الله.
قال (عليه السلام): أما علمت يا حسن أن الله هو المثيب والمعاقب والمجازي بالأعمال عاجلا وآجلا؟
قلت: بلی يا مولاي.
قال (عليه السلام): لا تعد، ولا تجعل للأيام صنعا في حكم الله.
الى متى يا مهدينا الى متى هذا الغياب عجل على ظهورك إذا كنا مع الحق فلا نبالي
اللهم صل على محمد وآل محمد الأبرار الأخيار ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أختي الكريمة
أحسنتِ , جزاك الله تعالى كل خير على هذا الطرح .
اللهم صل على محمد وآل محمد .