قال مولانا الامام موسی بن جعفر الكاظم (عليه السلام) ضمن حديث عن الغيبة المهدوية: (إذا فقد الخامس من ولد السابع من الائمة، فالله، الله في أديانكم، فانه لابد لصاحب هذا الامر من غيبةٍ يغيبها حتی يرجع عن هذا الامر من كان يقول به، إنما هي محنة من الله إمتحن بها خلقه...).
الحديث الشريف المتقدم رواه الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة، وفي كتاب الغيبة للشيخ النعماني، روي مسنداً عن مولانا الإمام الجواد (عليه السلام) أنه قال: (إذا مات إبني علي، بدا سراجٌ بعده، ثم خفي، فويل للمرتاب وطوبی للغريب الفار بدينه، ثم يكون بعد ذلك أحداث تشيب فيها النواصي).
وروی الشيخ الصدوق في كتاب كمال الدين بأسناده الی الأصبغ بن نباته قال: أتيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فوجدته مفكراً ينكتُ في الارض، فقلت: يا أمير المؤمنين! مالي أراك مفكراً تنكتُ في الارض أرغبة فيها؟ قال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوماً قط، ولكني فكرت في مولود يكون من ظهري، الحادي عشر من ولدي، هو المهدي يملأها عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، تكون له حيرةً وغيبة يضل فيها أقوامٌ ويهتدي فيها آخرون. فقلت: يا أمير المؤمنين، وأنّ هذا لكائن؟ فقال: نعم، كما أنه مخلوق وأنّي لك بالعلم بهذا الأمر يا أصبغ، أولئك خيار هذه الأمة مع ابرار هذه العترة. قلت: وما يكون بعد ذلك؟ قال (عليه السلام): ثم يفعل الله ما يشاء، فإن له إرادات وغايات ونهايات.
هذه نماذج لطائفةٍ من الأحاديث الشريفة التي مهد فيها أئمة العترة المحمدية لغيبة قائمهم المهدي (عجل الله فرجه) وقبل وقوعها بزمنٍ طويل.
وأحد الأهداف المهمة لإخبارهم المسبق عن هذه الغيبة هو تنبيه المؤمنين - بمختلف أجيالهم - الی أن وقوع الغيبة المهدوية وإن إقتضته في الظاهر حملات الإرهاب العباسي يومذاك وحملات الطواغيت الی اليوم للقضاء علی المهدي الموعود (عجل الله فرجه)؛ إلا أن الأمر يرتبط من جهة ثانية بحكمة إلهية كبری في تربية عباده وتمحيصهم وإعداد الصادقين منهم لنيل درجات الكمال السامية بحيث يصفهم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بأنهم (أخيار هذه الأمة مع ابرار العترة).
من هنا تتضح، إحدی الخصائص المهمة لعصر الغيبة المهدوية، وهي كونه العصر الذي يتميز باشتماله علی أعلی درجات التمحيص لمدعي الإيمان من جهة، وعصر إيصال الصادقين من المؤمنين الی درجات الإيمان السامية من جهةٍ أخری.
إذن هو عصر محنةٍ يمتحن الله عزوجل بها خلقه حسب تعبير الإمام الكاظم (عليه السلام) في الحديث الأول، إمتحاناً يكشف مدی صدق اعتقادهم بالأصول التي أقرها الكتاب والسنة والتي تثبت وجود إمام زمانهم وقيامه بمهام الإمامة في عصر غيبته وينتفع الخلق منه كما ينتفعون بالشمس إذا غيبها السحاب.
فالذي ترسخت في قلبه هذه الأصول وصدق إعتقاده بها لا يسمح للشك والريبة بالنفوذ الی قلبه، فيبقی علی إعتقاده الراسخ بأمام زمانه في غيبته وظهوره فلا تؤثر عليه تشكيكات المشككين، كما يشير لذلك قول مولانا الإمام الصادق (عليه السلام): (من دخل في هذا الدين بالرجال، أخرجه منه الرجال كما أدخلوه، ومن دخل فيه بالكتاب والسنة زالت الجبال قبل أن يزول).
وكذلك قول مولانا أمير المؤمنين في وصف حاملي العلم الإلهي ضمن حديثه لكميل، حيث يحذر من أن يكون المؤمن: (منقاداً لأهل الحق لا بصيرة له ينقدح الشك في قلبه لأول عارضٍ من شبهه).
إذن يتضح مما تقدم أن الهدف من التمحيص في عصر الغيبة هو تمليك المؤمنين البصيرة الإيمانية الثاقبة والراسخة التي تجعلهم قادرين علی الإرتباط بامام زمانهم والتمسك بولايته رغم أوضاع غيبته وصعوبة اللقاء به (عجل الله فرجه)،
لاحظوا ما رواه الشيخ الصدوق في كتاب كمال الدين بسنده عن محمد بن زياد قال: سألت سيدي موسی بن جعفر (عليهما السلام) عن قول الله عزوجل: «أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً». فقال: النعمة الظاهرة الإمام الظاهر والباطنة الإمام الغائب. فقلت له: ويكون في الأئمة من يغيب؟ قال: نعم، يغيب عن أبصار الناس شخصه ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره، وهو الثاني عشر منا. ذلك ابن سيدة الإماء الذي تخفی علی الناس ولادته ولا يحل لهم تسميته حتی يظهره الله عزوجل فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
..
الى متى يا مهدينا الى متى هذا الغياب عجل على ظهورك إذا كنا مع الحق فلا نبالي
الحمد لله الذي أوضح سبل الحق ونشر أعلامه، وأنار طرق الرشاد وبين أحكامه،
والصلاة والسلام على أعلام الدين ونجوم العالمين محمد وآله الميامين.
جزيل الشكر و الإمتنان لكم على الموضوع النوراني الذي تفوح منه رائحة المسك
قضى الله حوائجكم بحق سيدنا ومولانا بقية الله الأعظم الإمام المهدي عليه وعلى آبائه الطاهرين أزكى الصلاة وأتم التسليم
وَالْحَمْدُ للهِِ رَبِّ الْعالَمينَ وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ اَجْمَعينَ .
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار
بارك الله فيكِ اختي الكريمة الفاطمية العلوية
الله يعطيكِ الفين عافية طرح قيم
في موازيين حسناتكِ ان شاء الله تعالى
موفقة يا رب
اللهم عجل لوليك الفرج
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين ,,
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
شكرا جزيلا لك أختي الكريمة على هذا الطرح ,
الله يعطيك ألف عافية .
اللهـم صـل علـى محمـد وآل محمـد