عن عبد الله بن مالك الخزاعيّ، قال دعاني هارون الرشيد فقال:يا عبد الله! كيف انت وموضع السرّ منك؟
فقلت: يا أمير المؤمنين! ما انا الاّ عبد من عبيدك.
فقال: امض الى تلك الحجرة وخذ من فيها، واحتفظ به الى ان أسألك منه.
فقال: دخلت فوجدت موسى بن جعفر عليه السلام.
فلمّا رآني سلّمت عليه وحملته على دابّتي الى منزلي، فأدخلته داري وجعلته مع حرمي واقفلت عليه والمفتاح معي، وكنت أتولّى خدمته، ومضت الايّام فلم أشعر الاّ برسول الرّشيد يقول: أجب امير المؤمنين، فنهضت ودخلت عليه وهو جالس وعن يمينه فراش وعن يساره فراش، فسلّمت عليه فلم يردّ غير انّه قال: ما فعلت بالوديعة؟
فكأني لم أفهم ما قال، فقال: ما فعل صاحبك؟
فقلت: صالح.
فقال: امض اليه وادفع اليه ثلاثة آلاف درهم واصرفه الى منزله وأهله، فقمت وهممت بالانصراف.
فقال: أتدري ما السّبب في ذلك وما هو؟
قلت: لا، يا امير المؤمنين.
قال: نمت على الفراش الذي عن يميني، فرأيت في منامي قائلاً يقول لي: يا هارون! أطلق موسى بن جعفر، فانتبهت.
فقلت: لعلّها لما في نفسي منه، فقمت الى هذا الفراش الآخر، فرأيت ذلك الشّخص بعينه، وهو يقول: يا هارون! أمرتك ان تطلق موسى بن جعفر، فلم تفعل! فانتبهت وتعوَّذت من الشّيطان، ثمّ قمت الى هذا الفراش الذي أنا عليه واذا بذلك الشخص بعينه وبيده حربة كأنّ اولّها بالمشرق وآخرها بالمغرب، وقد أومأ اليّ وهو يقول: والله يا هارون لئن لم تطلق موسى بن جعفر لأضعنّ هذه الحربة في صدرك واُطلعها من ظهرك، فأرسلت اليك فامض فيما أمرتك به، ولا تظهره الى احد فأقتلك فانظر لنفسك.
قال: فرجعت الى منزلي وفتحت الحجرة ودخلت على موسى بن جعفر فوجدته قد نام في سجوده، فجلست حتى استيقظ ورفع رأسه وقال: يا عبد الله! افعل ما امرت به.
فقلت له: يا مولاي! سألتك بالله وبحقّ جدّك رسول الله، هل دعوت الله عزّوجلّ في يومك هذا بالفرج؟
فقال: أجل انّي صلّيت المفروضة وسجدت وغفوت في سجودي، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: يا موسى! أتحبّ ان تطلق؟
فقلت: نعم يا رسول الله.
فقال: ادع بهذا الدعاء:
يا سابغ النّعم، يا دافع النِّقم، يا بارئ النّسم، يا مُجلّي الهِمَم، يا مُغْشيَّ الظُّلم، يا كاشف الضُّرِّ والألم، يا ذا الجود والكرم، ويا سامع كُلِّ صوت، يا مُدرك كُلِّ فوت، يامُحْيي العظام وهي رميم، ومُنْشئها بعد الموت، صلِّ على محمد وآل محمد واجعل لي من امري فرجاً ومخرجاً، يا ذا الجلال والاكرام.
فلقد دعوت به ورسول الله يلقّننيه حتى سمعته يقول: قد استجاب الله فيك، ثمّ قلت له ما أمرني به الرّشيد واعطيته ذلك.
الصحيفة الكاظمية