اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمّـَدٍ وآلِ مُحَمّـَدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهّـِلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُمْ
ولادته عليه السلام:
المشهور ان ولادة الإمام الحسين عليه السلام في الثالث من شهر شعبان بالمدينة، وروى الشيخ الطوسي رحمه الله: انه خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني وكيل أبي محمد (الحسن العسكري) عليه السلام: إن مولانا الحسين بن علي عليه السلام ولد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان.
الرسول الأعظم وولادة الحسين:
روى الشيخ الطوسي رحمه الله وغيره بأسانيد معتبرة عن الإمام الرضا عليه السلام انه:
... قالت أسماء: فلما ولدت فاطمة الحسين عليه السلام نفّستها به فجاءني النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: هلمِّ ابني يا أسماء، فدفعته إليه في خرقة بيضاء، ففعل به كما فعل بالحسن عليه السلام. قالت: وبكى رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: «انه سيكون لك حديث، اللهم العن قاتله، لا تُعلمي فاطمة بذلك»، فقالت أسماء: فلما كان في يوم سابعه جاءني النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: هلمي ابني فأتيته به، فعق عنه كبشاً أملح وأعطى القابلة الورك ورجلاً، وحلق رأسه وتصدق بوزن شعره ورقاً (فضه)، وخلق رأسه بالخلوق، ثم وضعه في حجره، ثم قال: يا أبا عبد الله عزيز عليَّ (مقتلك)، ثم بكى، فقالت: بأبي أنت وأمي فعلت في هذا اليوم وفي اليوم الأول فما هو؟ قال: أبكي على ابني تقتله فئة باغية كافرة من بني أمية لعنهم الله لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة، يقتله رجل يثلم الدين، ويكفر بالله العظيم، ثم قال: «اللهم إني أسألك فيهما (الحسن والحسين عليهما السلام) ما سألك إبراهيم في ذريته، اللهم أحبهما وأحب من يحبهما والعن من يبغضهما ملء السماء والأرض»البحار، ج44، ص250، عن الامالي للطوسي.
حسين مني:
وروى ابن شهر آشوب انه: «اعتلت فاطمة عليها السلام لما ولدت الحسين وجف لبنها، فطلب رسول الله صلى الله عليه وآله مرضعاً فلم يجد فكان يأتيه فيلقمه إبهامه فيمصها ويجعل الله له في إبهام رسول الله صلى الله عليه وآله رزقاً يغذوه ويقال: بل كان رسول الله يدخل لسانه في فيه فيغرّه كما يغر الطير فرخه فيجعل الله في ذلك رزقاً، ففعل ذلك أربعين يوماً وليلة فنبت لحمه من لحم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم» المناقب، ج4، ص50. والروايات بهذا المضمون كثيرة.
روي في علل الشرايع انه: مضى الحسين عليه السلام على تلك الحال حتى نبت لحمه من لحم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يرضع الحسين من فاطمة عليها السلام ولا من غيرها.
وروى الكليني في الكافي عن الصادق عليه السلام انه قال: «لم يرضع الحسين من فاطمة عليها السلام ولا من أنثى، كان يؤتى به النبي صلى الله عليه وآله فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه ليومين وثلاثة فنبت لحم الحسين عليه السلام من لحم رسول الله ودمه صلى الله عليه وأله، ولم يولد لستة أشهر الا عيسى بن مريم والحسين بن علي عليهما السلام» الكافي، ج1، ص386 باب مولد الحسين عليه السلام.
وجاء في بعض الروايات بدل عيسى، يحيى.
قال السيد بحر العلوم:
لله مرتضع لم يرضع أبداً من ثدي أنثى ومن طه مراضعه
من صفات الإمام الحسين عليه السلام:
وروي أن الحسين عليه السلام كان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيرة وصورة ويقعد في المكان المظلم فيهتدي إليه ببياض جبينه ونحره.
وروي في مناقب ابن شهر آشوب وغيره: ان فاطمة عليها السلام أتت بابنيها الحسن والحسين إلى رسول الله صلى اله عليه وآله وقالت: انحل ابني هذين يا رسول الله، فقال: أما الحسن فله هيبتي وسؤددي وأما الحسين فله جرأتي وجودي، فقالت: رضيت يا رسول لله.
وفي رواية ان النبي صلى الله عليه وآله قال: «أما الحسن فانحله الهيبة والحلم وأما الحسين فانحله الجود والرحمة» الخصال، ج1،ص77.
جانب من مناقبه عليه السلام:
روي في أربعين المؤذن وتاريخ الخطيب عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال: «ان الله عز وجل جعل ذرية كل نبي من صلبه خاصة وجعل ذريتي من صلبي ومن صلب علي بن أبي طالب، ان كل بني بنت يُنسبون إلى أبيهم الا أولاد فاطمة فإني أنا أبوهم».
قد كثرت الأحاديث المشارة إلى ان الحسنين عليهما السلام ابنا رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد أمر أمير المؤمنين عليه السلام في حرب صفين لمّا أسرع الحسن عليه السلام للقتال ان يُمنع من الذهاب إلى المعركة مخافة ان ينقطع نسل رسول الله صلى الله عليه وآله بقتله وقتل الحسين عليه السلام.
قال ابن أبي الحديد: فإن قلت: أيجوز أن يقال للحسن والحسين وولدهما أبناء رسول الله وولد رسول الله وذرية رسول الله ونسل رسول الله؟ قلت: نعم، لأن الله تعالى سمّاهم (أبناءه) في قوله تعالى: (نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ)آل عمران/61، وإنما عنى الحسن والحسين، وسمى الله تعالى عيسى ذرية إبراهيم في قوله: (وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ) الأنعام/84، ولم يختلف أهل اللغة في أن ولد البنات من نسل الرجل.
فان قلت: فما تصنع بقوله تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِن رِّجَالِكُمْ)الأحزاب/40؟ قلت: أسألك عن أبوّته لإبراهيم بن مارية فكما تجيب به عن ذلك فهو جوابي عن الحسن والحسين عليهما السلام، والجواب الشامل للجميع انه عني زيد بن حارثة، لأن العرب كانت تقول: زيد بن محمد على عادتهم في تبني العبيد، فأبطل الله تعالى ذلك ونهى سنة الجاهلية، وقال: ان محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليس أباً لواحد من الرجال البالغين المعروفين بينكم ليعتزي إليه بالنبوة وذلك لا ينفي كونه أباً لأطفال لم تطلق عليهم لفظة الرجال كإبراهيم وحسن وحسين عليهما السلام.
اذهب وأنت طليق:
وروى ابن شهر آشوب انه: أذنب رجلاً في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله فتغيب حتى وجد الحسن والحسين عليهما السلام في طريقٍ خالٍ فأخذهما فإحتملهما على عاتقيه وأتى بهما النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إني مستجير بالله وبهما، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله حتى رد إلى فمه ثم قال للرجل: اذهب وأنت طليق وقال للحسن والحسين عليهما السلام: قد شفعتكما فيه أي فتيان، فأنزل الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرَوا اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوَّاباً رَحِيماً) النساء/64.
وروى ابن شهر آشوب عن سلمان الفارسي، قال: كان الحسين عليه السلام على فخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقبله ويقول: «أنت السيد ابن السيد أبو السادة، أنت الإمام ابن الإمام أبو الأئمة، أنت الحجة إبن الحجة أبو الحجج، وتسعة من صلبك وتاسعهم قائمهم» المناقب، ج4، ص70.
أيقنت بالفناء:
وروى ابن شهر آشوب أيضاً عن أم سلمة إنها قالت: ان الحسن والحسين عليهما السلام دخلا على رسول الله صلى الله عليه وآله وبين يديه جبرائيل فجعلا يدوران حوله يشبهانه بدحيه الكلبي، فجعل جبرائيل يومي بيده كالمتناول شيئاً فإذا في يده تفاحة وسفرجلة ورمانة، فناولهما وتهلل وجهاهما وسعيا إلى جدهما، فأخذ منها فشمها ثم قال: صيرا إلى أمكما بما معكما وابدءا بأبيكما، فصارا كما أمرهما فلم يأكلوا حتى صار النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليهم فأكلوا جميعاً، فلم يزل كلما أكل منه عاد إلى ما كان حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال الحسين عليه السلام: فلم يلحقه التغيير والنقصان أيام فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله حتى توفيت، فلما توفيت فقدنا الرمان وبقي التفاح والسفرجل أيام أبي، فلما استشهد أمير المؤمنين عليه السلام فقد السفرجل وبقي التفاح على هيئته عند الحسن حتى مات في سمه وبقيت التفاحة إلى الوقت الذي حوصرت عن الماء فكنت أشمها إذا عطشت فيسكن لهب عطشي، فلما اشتد عليّ العطش عضضتها وأيقنت بالفناء.
الحسن والحسين قدوة العالمين:
وكان الحسين بن علي عليه السلام زاهداً في الدنيا في صغره وفي كبره، يأكل مع أمير المؤمنين من طعامه المخصوص (وهو الخبز اليابس جداً واللبن الحامض) ويشاركه في العسر والضيق والصبر، وصلاته كصلاته وقد جعل الله تعالى الحسن والحسين عليهما السلام قدوة للناس وأسوة لكن فرّق في إرادتهما كي يقتدي الناس بأيهما شاءوا ولو كانا على طريقة واحدة لعسر على الناس إتباعهما.
وروي عن مسروق انه قال: دخلت يوم عرفة على الحسين بن علي عليهما السلام فرأيت أقداح السويق أمامه وأمام أصحابه وإلى جنبهم القرائين وكانوا صائمين منتظرين الإفطار، فسألت الإمام مسائل فأجابني عليها ثم خرجت فدخلت على الحسن عليه السلام فرأيت كثرة وفود الناس عليه وهم يأتون ويأكلون أنواع الطعام عنده ويأخذون معهم.
فتغيرت وأطرقت أفكر، فانتبه الإمام الحسن عليه السلام إليَّ وسأل عن سبب تغيري وعدم أكلي الطعام، فقلت: أعوذ بالله من وقوع الاختلاف بينكما، دخلت على الحسين عليه السلام فرأيته صائماً منتظراً الإفطار وجئت إليك فرأيت هذا المنظر، فلما تم كلامي ضمني الإمام الحسن عليه السلام إلى صدره وقال:يا ابن الأشرس أما تعلم ان الله تعالى جعلنا مقتديا هذه الأمة جعلني مُقتدى المفطرين وجعل أخي الحسين مُقتدى الصائمين كي تكونوا في سعة
منقول من موقع الشيرازي نت..