وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَاهْلِكْ عَدُوَّهُمْ مِنَ الجِنِّ وَالاِنْسِ مِنَ ألاَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْسَّلامِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الْلَّهِ وَبَرَكَاتَةَ
نصت الاحاديث الشريفة المروية عن أئمة العترة المحمدية (عليهم السلام) أن شعار (يالثارات الحسين) هو شعار أصحاب المهدي الموعود عند قيامه (عجل الله فرجه الشريف).
كما صرحت بأنه (عليه السلام) هو الآخذ بثأر الحسين (سلام الله عليه) وعموم شهداء ومظلومي أهل بيت النبوة المحمدية.
وينطلق أديبنا الولائي من هذه الأحاديث الشريفة ليبين معنی هذا الثأر وما الذي يميزه عن الإنتقام الثأري المألوف لدی الناس فيبين أولاً أنه ثأرٌ مقدسٌ حكمت به العدالة الإلهية والرحمة الربانية لتحقيق جملة من مصالح العباد التي لا تتحقق بدونه ولذلك فإن الذي يجتبيه مولانا المهدي لأداء هذه المهمة ينبغي أن يكون منزهاً عن جميع أشكال الحقد والإنتقام الغريزي. فيقول مخاطباً المهدي (عليه السلام):
لا تُعط سيف الثأر الاحَبوَةً...لِمطهّرٍ من كل غلٍ معتم
فالثأر ثأر الله أقدس طالبٍ...غضبٌ تقدّس عن هوی المتظلّم
إذن الثأر المقدس الذي ادخر الله عزوجل وليه المهدي له هو ثأرٌ منزه عن الأهواء وعن حتی القصاص الطبيعي العادي فهو يرتبط بشخصيات تقدمت بنفسها للفداء والتضحية دفاعاً عن شريعة الله وصلاح المستضعفين، فمظلوميتها مظلومية خاصة، والثأر لها ينبغي أن يكون متناسباً معها محققاً للاهداف التي ضحت من اجلها إي إزالة الذين يظلمون المستضعفين والمحرومين مادياً أو معنوياً بالقائهم في مهاوي الضلالات والجهالات وعبوديات الأهواء والأصنام بمختلف أقسامها.
وهذا ما يشير إليه أديبنا الولائي في الأبيات اللاحقة حيث يعرّف هوية هذا الثأر فهو الثأر الذي يطلبه الله عزوجل لأنه:
قتلٌ بلا أسف وتطهيرٌ به...لشفا صدور الحق أزكی مرهم
عدلٌ بلا سرفٍ به محيا الوری...أمن البلاد وسلوةٌ لليتـّم
عدلٌ به نصر الاله مظفـّر...فجری القصاص بداهةً بالمجرم
إذن هو ثأرٌ إلهي مقدسٌ يفتحُ أبواب إقامة المجتمع التوحيدي الآمن الخالي من كل شرك وظلم وجور ولذلك فإن من يطلب تحقيق ذلك أن يهذب نفسه ويحرق جميع ما فيها من عوامل الشرك والظلم بجميع أشكالها، ففي ذلك فتح الفتوح علی المستوی الشخصي ومشاركة في الفتوح علی الصعيد البشري كله؛ يقول أديبنا الولائي في تتمة هذا المقطع من قصيدته:
أردی شريك الجرم حرّق نفسه...متأهلاً للثأر إذ لم يظلم
والأمر الثاني الذي ينبغي لطالب المشاركه في فتح الفتوح المهدوي هذا أن يسعی له هو ترسيخاً الشعور بالمظلومية الحسينية بجميع مظاهرها لأن في ذلك ترسيخ للقيم التوحيدية الإنقاذية التي حملتها وكذلك ترسيخ للروح الجهادية الهادفة الی إزالة جميع عوامل الظلم والجور والشرك والضلالة، وهذا المعنی هو الذي يشير إليه أديبنا الولائي في الأبيات اللاحقة المؤثرة في عرض بعض صور المظلومية الحسينية وبشاعة مسببيها قال:
لمصابكم بتفجّعٍ وتضرّمٍ...عدلاً يثور لأضلعٍ قد هُشِّمت
سُفكت لرضعان لكم لم تُفطم...عدلاً يهيج لزينبٍ إذ شاهدت
وبغيرها حصن الوری لم يسلم...عدلاً يردّ مقانعا لحرائرٍ
تقطيع أوصالٍ وحرقِ مخيم...سلبت فصلّت حاسراتٍ لم تزل
من فاطمٍ، سَبَي الأعقِّ الأظلم...لا تنسني مولاي لوعة فاطمٍ
باكفها تلقی السياط وتحتمي...دعها لهيباً في الحشا ليُذيبني
وشجا رقية والسبايا اليُتـّم...كلاّ بحرقٍ للفؤاد وللدم