ظُرُوْف وِلَادَة صَاحِب الْعَصْر وَالْزَّمَان (عِج)
أين ومتى، وكيف ولده مَن رآه؟
إنّ الواقع التاريخي والأحداث التي تخللت ولادته أو سبقتها أو الروايات التي تحدثت عن ولادته تشكل مفردة يحصل بواسطتها اليقين من أن الإمام (عج) قد ولد حقاً.
قال الإمام الصادق (ع): إنّه لا يموت منّا ميت حتى يُخلّف من بعده من يعمل بعمله ويسير بسيرته ويدعو إلى ما دعا إليه.
وقال عند ذكر اُولي صفات القائم (عج) وعلاماته: هو خفيّ المولد والمنشأ، غير خفّي في نفسه.
وقد ولد هكذا - معلناً عنه، مستورة ولادته - في سرّ من رأي في العراق، نظيفاً منظّفاً، مفروغاً منه، مختوناً - كما هو شأن كل إمام - يتلقي الأرض بمساجده السبعة. وكان ذلك عند بزوغ الفجر من صبيحة يوم الجمعة في النصف من شبعان سنة 255 هجرية. وتناولته السيدة حكيمة، عمة أبيه، بنت الإمام الجواد (ع) وناولته لأبيه، وكان مكتوباً على عضده بالنور: جاء الحق وزهق الباطل!.
وقد جاء عن الإمام الرضا (ع)قوله:
سقط من بطن اُمه جاثياً على ركبتيه، رافعاً سبابته نحو السماء، ثم عطس فقال: الحمد للَّه رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله، عبد ذكر للَّه، غير مستنكف ولا مستكبر. زعمت الظلمة أنّ حجة اللَّه داحضة. ولو اُذن لنا في الكلام لزال الشك.
وكان يومئذٍ في مدينة قم منجّم يهودي مشهور، قصد أحمد ابن إسحاق وكيل أبيه العسكري في قم وصاحبه الجليل وقال له: قد ولد مولود في وقت كذا، فاعمل له ميلاداً وطالعاً. فنظر اليهودي في الطالع وعمل عملاً وقال لابن إسحاق: لست أري النجوم تدلّني فيما يوجبه الحساب... لا يكون هذا المولود إلّا نبيّاً أو وصيّ نبيّ. وإن النظر يدلني على أنّه يملك الدنيا شرقاً وغرباً، وسهلاً وجبلاً، حتى لا يبقى على وجه الأرض أحد إلّا دان له وقال بولايته!.
فقد ولد المهدي أيها المتقوّلون، ووافق على ولادته الخاص والعامّ، وإن كانوا قد اختلفوا نظريّاً في بقائه حيّاً طويل العمر.
نعم، ولد باعتراف كتب التاريخ حتى المزوّرة للأخبار... وقد حصل ذلك في بيت أبيه العسكري (ع) الماثل للعيان حتى اليوم في سامراء، مزاراً مقدساً ومنارة مشعّة. ولذلك قال بإمامته كل القائلين بإمامة أبيه بعد أن رأوا آياته ومعجزاته... فمن أنكره من بعد ما علمه فقد أنكر رسول اللَّه (ص) ومن عرفه وآمن به وصدّق ولم يكترث بغير ذلك من الأقوال المضلّة عن الحق.
ولو لم يكن لأبيه ولد - كما شوّش الأعداء وهوّشوا - فلماذا كبس جيش الخليفة دار أبيه مراراً، وفتشها بكل دقة، مرة ليقبض عليه ويقتله وأخرى ليقبض على اُمه الحبلي وليحبسها حتى تضع في غياهب السجون فيذبح وليدها متى وضعته، بعد أن أدخلت القوابل في ذهن الخليفة أن اُم المهدي لا تزال حبلي!! (ومكروا ومكر اللَّه، واللَّه خير المكرين).. فاسأل بذلك الزبيري الذي كان من جلاوزة سلطة الحكم، والذي كان شديد العداوة للعسكري (ع) يتمني لو تسنّي له أن يقتله قبل أن يولد له ولد، ليكذّب شيعته في عقيدتهم بأن العسكريّ (ع) لابد أن ينجب إماماً منتظراً يقوّض عروش الظلم، اسأل بذلك ذك الزبيريّ الحقود الذي سلّط اللَّه عليه من قتله قبل أن تتم مكائده، فقال العسكري (ع) حين بلغه خبر قتله: هذا جزاء من افترى على اللَّه تبارك وتعالي في أوليائه!. زعم أنّه يقتلني وليس لي عقب! فكيف رأي قدرة اللَّه عزّ وجل؟.
أجل، ولد، وولدته نرجس بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، التي اُمها من ولد الحواريين، تُنسب إلى شمعون وصي المسيح (ع)سارت مع جيش أبيها متنكرة في زي الخدم مع عدة من وصائفها ليداوين الجرحى في حرب من حروب المسلمين في جنوب شرق أوربا، فصادفتهنّ طلائع جيش المسلمين بعد هزيمة جيش العدو، فأخذتهن أسيرات وما أحس أحد بأنها بنت قيصر.
وعندما عرضت للبيع مع السبايا غيرت اسمها وقالت: اسمي نرجس، لأنه اسم تتسمي به الجواري، وكان والدها قد علّمها لغات مختلفة من جملتها اللغة العربية التي استمرّ لسانها عليها وألفها واستقام لها جيداً... وكان ذلك في أيام الإمام الهادي (ع) فكلّف أحد أصحابه بشرائها حين وصلت إليه قصتها وعرف بإبائها أن تُباع لمن عرضوا عليها، لا أن كان يعلم أنها مرصودة لولده، فتمّ ذلك واشتراها صاحبه واحضرها إليه، فكلّف خادمه كافوراً أن يستدعي له اُخته السيدة الجليلة حكيمة، فجاءت فقال لها: ها هيهْ، فخذيها وعلّميها الفرائض فإنها زوجة ابني أبي محمد واُم القائم (ع)!
فهل فكر امرؤٌ بقول الهادي (ع) هاهيهْ؟. وهل علم القارئ حلّاً للغز هذه اللفظة؟ لا، فمن المؤكد أن الإنسان لا يفكر بهذه السرعة ليعلم المقصود.. فهاهي تدل على أن اُم القائم (ع) كانت معروفة في بيت الهادي بذاتها وصفاتها، وكانت منتظرة، والبيت كلّه على موعد معها، يعني أنها ليست غريبة على سمع الهادي ولا على سمع اُخته وأهل بيته، لأنها ليست ككل سبيّة تُباع وتُشتري! نعم إنها لكذلك: يعرفها أهل البيت، ويعرف الإمام العاشر كامل قصتها وظروف وصولها إلى بيته بعهد معهود متوارث عن رسول اللَّه (ص). وكانت هذه الفتاة الشريفة قد رأت في منامها - وهي في بيت أبيها - أنّ النبي محمد (ص) قد حضر إلى بيتها مع بنته الزهراء (ع) وجلس إلى عيسى بن مريم (ع) وجلست الزهراء إلى مريم بنت عمران (ع) ثم خطبها النبيّ من المسيح لولده الحسن العسكري، ثم رأت كأن الزهراء ارتها صورة العسكري وعرفتها قدره وعلمتها كيف تصل إليه.. فأفاقت من هذا الحلم الذهبي الذي أخذ بمجامع قلبها وأنار طريق حياتها وخلع عليها بهجة وأملاً عظيماً، أفاقت لتتدبّر أمر وصولها إلى خاطبها العظيم كما علّمتها سيدتها الزهراء، ولتجعل الحلم حقيقة واقعة.. وهكذا كان. وكان أن وصلت إلى بغداد مع السبايا، وعُرض عليها من عرض فرفضت أن تباع لأحد حتى تلقت فيما تلقت رسالة الإمام الهادي (ع) فعرفت صاحبها، ووافقت، وأمرت النخّاس أن يجري البيع لصاحب الرسالة... ثم وصلت إلى بيت أَذن اللَّه أن يرفع ويذكر فيه اسمه.
ولادة الإمام المهدي عليه السلام .. تأليف: سيد عبد الرحيم الموسوي
أين ومتى، وكيف ولده مَن رآه؟
إنّ الواقع التاريخي والأحداث التي تخللت ولادته أو سبقتها أو الروايات التي تحدثت عن ولادته تشكل مفردة يحصل بواسطتها اليقين من أن الإمام (عج) قد ولد حقاً.
قال الإمام الصادق (ع): إنّه لا يموت منّا ميت حتى يُخلّف من بعده من يعمل بعمله ويسير بسيرته ويدعو إلى ما دعا إليه.
وقال عند ذكر اُولي صفات القائم (عج) وعلاماته: هو خفيّ المولد والمنشأ، غير خفّي في نفسه.
وقد ولد هكذا - معلناً عنه، مستورة ولادته - في سرّ من رأي في العراق، نظيفاً منظّفاً، مفروغاً منه، مختوناً - كما هو شأن كل إمام - يتلقي الأرض بمساجده السبعة. وكان ذلك عند بزوغ الفجر من صبيحة يوم الجمعة في النصف من شبعان سنة 255 هجرية. وتناولته السيدة حكيمة، عمة أبيه، بنت الإمام الجواد (ع) وناولته لأبيه، وكان مكتوباً على عضده بالنور: جاء الحق وزهق الباطل!.
وقد جاء عن الإمام الرضا (ع)قوله:
سقط من بطن اُمه جاثياً على ركبتيه، رافعاً سبابته نحو السماء، ثم عطس فقال: الحمد للَّه رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله، عبد ذكر للَّه، غير مستنكف ولا مستكبر. زعمت الظلمة أنّ حجة اللَّه داحضة. ولو اُذن لنا في الكلام لزال الشك.
وكان يومئذٍ في مدينة قم منجّم يهودي مشهور، قصد أحمد ابن إسحاق وكيل أبيه العسكري في قم وصاحبه الجليل وقال له: قد ولد مولود في وقت كذا، فاعمل له ميلاداً وطالعاً. فنظر اليهودي في الطالع وعمل عملاً وقال لابن إسحاق: لست أري النجوم تدلّني فيما يوجبه الحساب... لا يكون هذا المولود إلّا نبيّاً أو وصيّ نبيّ. وإن النظر يدلني على أنّه يملك الدنيا شرقاً وغرباً، وسهلاً وجبلاً، حتى لا يبقى على وجه الأرض أحد إلّا دان له وقال بولايته!.
فقد ولد المهدي أيها المتقوّلون، ووافق على ولادته الخاص والعامّ، وإن كانوا قد اختلفوا نظريّاً في بقائه حيّاً طويل العمر.
نعم، ولد باعتراف كتب التاريخ حتى المزوّرة للأخبار... وقد حصل ذلك في بيت أبيه العسكري (ع) الماثل للعيان حتى اليوم في سامراء، مزاراً مقدساً ومنارة مشعّة. ولذلك قال بإمامته كل القائلين بإمامة أبيه بعد أن رأوا آياته ومعجزاته... فمن أنكره من بعد ما علمه فقد أنكر رسول اللَّه (ص) ومن عرفه وآمن به وصدّق ولم يكترث بغير ذلك من الأقوال المضلّة عن الحق.
ولو لم يكن لأبيه ولد - كما شوّش الأعداء وهوّشوا - فلماذا كبس جيش الخليفة دار أبيه مراراً، وفتشها بكل دقة، مرة ليقبض عليه ويقتله وأخرى ليقبض على اُمه الحبلي وليحبسها حتى تضع في غياهب السجون فيذبح وليدها متى وضعته، بعد أن أدخلت القوابل في ذهن الخليفة أن اُم المهدي لا تزال حبلي!! (ومكروا ومكر اللَّه، واللَّه خير المكرين).. فاسأل بذلك الزبيري الذي كان من جلاوزة سلطة الحكم، والذي كان شديد العداوة للعسكري (ع) يتمني لو تسنّي له أن يقتله قبل أن يولد له ولد، ليكذّب شيعته في عقيدتهم بأن العسكريّ (ع) لابد أن ينجب إماماً منتظراً يقوّض عروش الظلم، اسأل بذلك ذك الزبيريّ الحقود الذي سلّط اللَّه عليه من قتله قبل أن تتم مكائده، فقال العسكري (ع) حين بلغه خبر قتله: هذا جزاء من افترى على اللَّه تبارك وتعالي في أوليائه!. زعم أنّه يقتلني وليس لي عقب! فكيف رأي قدرة اللَّه عزّ وجل؟.
أجل، ولد، وولدته نرجس بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، التي اُمها من ولد الحواريين، تُنسب إلى شمعون وصي المسيح (ع)سارت مع جيش أبيها متنكرة في زي الخدم مع عدة من وصائفها ليداوين الجرحى في حرب من حروب المسلمين في جنوب شرق أوربا، فصادفتهنّ طلائع جيش المسلمين بعد هزيمة جيش العدو، فأخذتهن أسيرات وما أحس أحد بأنها بنت قيصر.
وعندما عرضت للبيع مع السبايا غيرت اسمها وقالت: اسمي نرجس، لأنه اسم تتسمي به الجواري، وكان والدها قد علّمها لغات مختلفة من جملتها اللغة العربية التي استمرّ لسانها عليها وألفها واستقام لها جيداً... وكان ذلك في أيام الإمام الهادي (ع) فكلّف أحد أصحابه بشرائها حين وصلت إليه قصتها وعرف بإبائها أن تُباع لمن عرضوا عليها، لا أن كان يعلم أنها مرصودة لولده، فتمّ ذلك واشتراها صاحبه واحضرها إليه، فكلّف خادمه كافوراً أن يستدعي له اُخته السيدة الجليلة حكيمة، فجاءت فقال لها: ها هيهْ، فخذيها وعلّميها الفرائض فإنها زوجة ابني أبي محمد واُم القائم (ع)!
فهل فكر امرؤٌ بقول الهادي (ع) هاهيهْ؟. وهل علم القارئ حلّاً للغز هذه اللفظة؟ لا، فمن المؤكد أن الإنسان لا يفكر بهذه السرعة ليعلم المقصود.. فهاهي تدل على أن اُم القائم (ع) كانت معروفة في بيت الهادي بذاتها وصفاتها، وكانت منتظرة، والبيت كلّه على موعد معها، يعني أنها ليست غريبة على سمع الهادي ولا على سمع اُخته وأهل بيته، لأنها ليست ككل سبيّة تُباع وتُشتري! نعم إنها لكذلك: يعرفها أهل البيت، ويعرف الإمام العاشر كامل قصتها وظروف وصولها إلى بيته بعهد معهود متوارث عن رسول اللَّه (ص). وكانت هذه الفتاة الشريفة قد رأت في منامها - وهي في بيت أبيها - أنّ النبي محمد (ص) قد حضر إلى بيتها مع بنته الزهراء (ع) وجلس إلى عيسى بن مريم (ع) وجلست الزهراء إلى مريم بنت عمران (ع) ثم خطبها النبيّ من المسيح لولده الحسن العسكري، ثم رأت كأن الزهراء ارتها صورة العسكري وعرفتها قدره وعلمتها كيف تصل إليه.. فأفاقت من هذا الحلم الذهبي الذي أخذ بمجامع قلبها وأنار طريق حياتها وخلع عليها بهجة وأملاً عظيماً، أفاقت لتتدبّر أمر وصولها إلى خاطبها العظيم كما علّمتها سيدتها الزهراء، ولتجعل الحلم حقيقة واقعة.. وهكذا كان. وكان أن وصلت إلى بغداد مع السبايا، وعُرض عليها من عرض فرفضت أن تباع لأحد حتى تلقت فيما تلقت رسالة الإمام الهادي (ع) فعرفت صاحبها، ووافقت، وأمرت النخّاس أن يجري البيع لصاحب الرسالة... ثم وصلت إلى بيت أَذن اللَّه أن يرفع ويذكر فيه اسمه.
ولادة الإمام المهدي عليه السلام .. تأليف: سيد عبد الرحيم الموسوي
