نتحدث عن فصل من حياة موسى (عليه السلام)
اذ كان من المقرّر أن يذهب موسى(عليه السلام) الى «الطور» لتلقّي أحكام التوراة، ويصطحب معه جماعة من بني إسرائيل لتتّضح لهم خلال هذه الرحلة حقائق جديدة حول معرفة الله والوحي.
غير أنّ شوق موسى (عليه السلام) الى المناجاة مع الله وسماع ترتيل الوحي كان قد بلغ حدّاً بحيث نسي في هذا الطريق كلّ شيء، فطوي هذا الطريق بسرعة، ووصل لوحده قبل الآخرين الى ميقات الله وميعاده. هنا نزل عليه الوحي: الايات وهي من سورة طه من الاية 83
وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا موسى 83
قَالَ هُمْ أُولَاء على أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَي84
قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ 85
فَرَجَعَ موسى الى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي 86
قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَي السَّامِرِيُّ 87
فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ موسى فَنَسِي 88
أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا89
وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي90
قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حتى يَرْجِعَ إِلَيْنَا موسى91
ايات من سورة طه التي تشير الى حكاية السامري
لنتعرف على معاني المفردات التي جاءت في الايات فالى الفقرة التالية
المفردات
تقول الاية "وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا موسى" ؟
بمعني ان يا موسى ما سبب تعجيلك في المجيء الينا ؟
فأجاب موسى على الفور: قَالَ هُمْ أُولَاء على أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَي اي انه ليس شوق المناجاة وسماع كلامك لوحده قد سلب قراري، بل كنت مشتاقاً الى أن آخذ منك أحكام التوراة بأسرع ما يمكن لاُؤدّيها الى عبادك، ولأنال رضاك عنّي بذلك... أجل إنّ موسى عاشق لرضي الباري و مشتاق لسماع أمره.
و لكن الشرك و في أسوأ صورة كان قد أحاط ببني إسرائيل، وأخذ بأطرافهم، خاصّةً وأنّ كبار القوم كانوا مع موسى في الجبل، وكان زعيم الاُمّة هارون وحيداً دون أن يكون له مساعدون أكفّاء مؤثّرون.
فأخبر الله موسى في الميعاد بما جري لقومه والسامري إذ تحكي الآية التالية ذلك فتقول: قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ.
غضب موسى عند سماعه هذه الكلمات غضباً إلتهب معه كلّ وجوده، فَرَجَعَ موسى الى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا وما أن وقعت عيناه على ذلك المنظر القبيح اي منظر عبادة العجل قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا.
هذا الوعد الحسن المذكور في الاية إمّا أن يكون وعد بني إسرائيل بنزول التوراة وبيان الأحكام السماوية فيها، أو الوعد بالنجاة والإنتصار على الفراعنة ووراثة حكومة الأرض، أو الوعد بالمغفرة والعفو للذين يتوبون ويؤمنون ويعملون الصالحات، أو أنّه كلّ هذه الاُمور.
ثمّ أضاف: أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ ومعنى هذا الخطاب هو: هبوا أنّ مدّة غيبتي عنكم قد طالت من ثلاثين الى أربعين يوماً، فإنّ هذا الزمن ليس طويلا، ألا يجب عليكم أن تحفظوا أنفسكم في هذه المدّة القصيرة؟ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي
من البديهي أن لا أحد يصمّم على أن يحلّ عليه غضب الله، بل المراد من العبارة أنّكم في وضع كأنّكم قد صمّمتم مثل هذا التصميم في حقّ أنفسكم
فلمّا رأي بنو إسرائيل أنّ موسى (عليه السلام) قد عنّفهم بشدّة ولامهم على فعلهم وتنبّهوا الى قبح ما قاموا به من عمل، هبوا للإعتذار قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا «مَلْك» و«مِلك» كلاهما تعني تملّك الشيء، وكأنّ مراد بني إسرائيل أنّنا لم نتملّك هذا العمل، بل وقعنا تحت تأثيره حتى إختطف قلوبنا وديننا من أيدينا،
وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَي السَّامِرِيُّ إنّ «قذفناها» تعني أنّنا ألقينا أدوات الزينة التي كنّا قد أخذناها من الفراعنة قبل الحركة من مصر في النّار، وكذلك ألقي السامري ما كان معه أيضاً في النّار حتى ذاب وصنع منه عجلا فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ " الخوار" صوت البقرة والعجل، ويطلق أحياناً على صوت البعير / فلمّا رأي بنو إسرائيل هذا المشهد، نسوا فجأةً كلّ تعليمات موسى التوحيديّة فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ موسى فَنَسِي ويحتمل أيضاً أن يكون قائل هذا الكلام هو السامري وأنصاره والمؤمنون به وبهذا فإنّ السامري قد نسي عهده وميثاقه مع موسى، بل مع إله موسى، وجرّ الناس الى طريق الضلال فنسي
وهنا قال الله سبحانه توبيخاً وملامة لعبدة الأوثان هؤلاء: أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا فإنّ المعبود الواقعي يستطيع على الأقل أن يُلبّي طلبات عباده ويجيب على أسئلتهم، فهل يمكن أن يكون سماع خوار العجل من هذا الجسد الذهبي لوحده، ذلك الصوت الذي لا يُشعر بأيّة إرادة، دليلا على جواز عبادة العجل، وصحّة تلك العبادة؟
و اما هارون، خليفة نبي موسى الله، فأنه لم يرفع يده عن رسالته في هذا الصخب والغوغاء، وأدّي واجبه في محاربة الانحراف والفساد قدر ما يستطيع، كما يقول القرآن: وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ
ثمّ أضاف: وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِيإلاّ أنّ بني إسرائيل تمسكّوا بهذا العجل عناداً، ولم يؤثّر فيهم المنطق السليم القوي لهذا الرجل، ولا أدلّة هذا القائد الحريص،
وأعلنوا مخالفتهم بصراحة: قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حتى يَرْجِعَ إِلَيْنَا موسى « لَن نَّبْرَحَ » من مادّة «برح» بمعني الزوال، ولمّا كانت لن تدلّ على النفي، فإنّ معني جملة لن نبرح هو أنّنا سنستمر في هذا العمل.
قصص الحق
الى متى يا مهدينا الى متى هذا الغياب عجل على ظهورك إذا كنا مع الحق فلا نبالي
ربي يجزاك خير الجزاء أختي العلوية على الطرح الجميل المبارك
الله يوفقكم ويقضي جميع حوائجكم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين رشح المنتدى لإغاثة المحتاجين والمرضى
بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على بنت من آعذر وآنذر السلام على روح القدس في عالم الذر
وآسعد الله آيامنا وآيامكم بطاعة الله ورضا المولى
حبيبتي الفاطمية آسال الله آن يوفقك لكل خير
دمتم بحب ورعاية الزهراء
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد