اللهمّ عرّفني نفسك، فإنّك إنْ لم تعرّفني نفسَك لمْ أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك، فإنّك إنْ لم تعرّفني رسولك لم أعرفْ حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فإنّك إنْ لم تعرّفني حجّتك ضلَلتُ عن ديني
سؤال
المشرفون: أنوار فاطمة الزهراء،تسبيحة الزهراء
-
- فــاطــمــي
- مشاركات: 2
- اشترك في: الأربعاء سبتمبر 15, 2010 8:47 am
- مكان: USA Utah State
سؤال
الاخوة والاخوات الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه اول مشاركة لي اود من خلالها ان ابتديء بسلسلة حول القرآن الكريم هي اسئلة غايتها نحو فهم القرآن وتدبره مصداقا لقوله جل وعلا
أفلا يتدبرون القرآن ام على قلوب أقفالها )
سؤالي الاول في هذه السلسة
هي في سورة المائدة {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ. لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ. إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ. فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ. فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنْ النَّادِمِينَ}.
اولا : ذكر قابيل كلمة القتل وبانه سيقتل هابيل كيف عرف ذلك وكيف عرف بالموت ؟ ولنقل انه يعرف فكيف لم يعرف دفن الموتى ؟
ثانيا : كيف يقول هابيل لاخيه قابيل اني لن امد يدي لمقاتلتك لكني اريد ان تأخذ الاثم وكل الاثم بقتلك ايّاي ؟ فأين النصح والارشاد من خليفة ابيه
المفترض اطاعته ؟
ارجو النقاش الهادف وصولا لتدبّر كتاب الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوكم
ابو علي الموسوي
تدريس العرفان تدريس فلسفة القرآن علم التحقيق في التجويد تفسير الاحلام علاج السرطان هواياتي
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 7515
- اشترك في: الثلاثاء فبراير 10, 2009 6:25 pm
Re: سؤال
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
شكرا لك اخي الكريم على الطرح فعلا ان قصة هابيل مع اخيه قابيل من القصص التي لا بد للأنسان انيتدبرها بأمعان لان ما جرى في ذاك الوقت لازال للأسف ليومنا هذا ولو اختلفت الطرق فالقتل ليس قتلا كما هو متعارف عليه الجريمة، فعندما تضيع كرامة الأنسان ويطحنه الفقر والذل في المجتمع يعتبر قتلا ايضا
* جاء في الروايات حسب قرائتنا المتواضعة ان الحسد والغيرة والحقد والطمع هو السبب والتكبر على نعمة الله.
* وقد جاء في بعض الروايات أنّ قابيل رأى أمام عينه غرابين يتقاتلان فقتل أحدهما الآخر ثمّ حفر له حفرة في الأرض ودفن فيها جسد الغراب المقتول.
وقال بعض إن غراباً جاء بجسد غراب ميت ودفنه، وقيل أيضاً أنّ قابيل رأى غراباً يدفن بعض المواد الغذائية ليحفظها كما هو ديدن الغربان فتعلم من ذلك دفن الموتى.
ولكنّ قابيل ندم بسرعة على فعلته الشنيعة وملكهُ الحزن العميق، وكلّما نظر إلى جسد أخيه الدامي سرت في نفسه قشعريرة وتملكه الخوف والقلق، فما كان منه إلاّ أن حمل جسد أخيه ولم يعلم ما يصنع به واين يذهب به بحيث يغطي على آثار جنايته ؟ مضافاً إلى أنّ هذا المنظر الموحش يقلقه ويزعجه فلم يكن يدري ما يصنع في هذه اللحظة، وعلى رغم جنايته العظيمة وذنبه الكبير فإنّ لطف الله قد شمله كما تقول الآية (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِى الاَْرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَا رِى سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا ا لْغُرَابِ فَأُوَا رِىَ سَوْءَةَ أَخِى فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ).
* وفي رواية عن السبب نار الحسد التيتأججت في صدره وجعلته يحتار هذا الذنب في الرواية عن سليمان بن خالد قال : قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) جعلت فداك إن الناس يزعمون أنّ آدم زوج ابنته من ابنه ؟ فقال أبو عبدالله(عليه السلام) : «قد قال الناس في ذلك ولكن يا سليمان أما علمت أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : لو علمت أنّ آدم زوج ابنته من ابنه لزوجت زينب من القاسم، وما كنت لارغب عن دين آدم. فقلت جعلت فداك إنهم يزعمون أنّ قابيل إنما قتل هابيل لأنهما تغايرا على اختهما، فقال له : يا سليمان تقول هذا ! أما تستحيي أنّ تروي هذا على نبي الله آدم؟ فقلت : جعلت فداك فبم قتل قابيل هابيل ؟ فقال : في الوصية ثم قال لي : يا سليمان أنّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى آدم أن يدفع الوصية واسم الله الأعظم إلى هابيل، وكان قابيل أكبر منه، فبلغ ذلك قابيل، فغضب فقال: أنا أولى بالكرامة والوصية. فأمرهما أن يقربا قرباناً بوحي من الله إليه، ففعلا فقبل الله قربان هابيل فحسده قابيل فقتله»المصدر/ نور الثقلين "الرواية"
هذا مالدي الان وهذا الموضوع يطول فيه النقاش ولنا عودة اخرى.
شكرا لك اخي الكريم على الطرح فعلا ان قصة هابيل مع اخيه قابيل من القصص التي لا بد للأنسان انيتدبرها بأمعان لان ما جرى في ذاك الوقت لازال للأسف ليومنا هذا ولو اختلفت الطرق فالقتل ليس قتلا كما هو متعارف عليه الجريمة، فعندما تضيع كرامة الأنسان ويطحنه الفقر والذل في المجتمع يعتبر قتلا ايضا
* جاء في الروايات حسب قرائتنا المتواضعة ان الحسد والغيرة والحقد والطمع هو السبب والتكبر على نعمة الله.
* وقد جاء في بعض الروايات أنّ قابيل رأى أمام عينه غرابين يتقاتلان فقتل أحدهما الآخر ثمّ حفر له حفرة في الأرض ودفن فيها جسد الغراب المقتول.
وقال بعض إن غراباً جاء بجسد غراب ميت ودفنه، وقيل أيضاً أنّ قابيل رأى غراباً يدفن بعض المواد الغذائية ليحفظها كما هو ديدن الغربان فتعلم من ذلك دفن الموتى.
ولكنّ قابيل ندم بسرعة على فعلته الشنيعة وملكهُ الحزن العميق، وكلّما نظر إلى جسد أخيه الدامي سرت في نفسه قشعريرة وتملكه الخوف والقلق، فما كان منه إلاّ أن حمل جسد أخيه ولم يعلم ما يصنع به واين يذهب به بحيث يغطي على آثار جنايته ؟ مضافاً إلى أنّ هذا المنظر الموحش يقلقه ويزعجه فلم يكن يدري ما يصنع في هذه اللحظة، وعلى رغم جنايته العظيمة وذنبه الكبير فإنّ لطف الله قد شمله كما تقول الآية (فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِى الاَْرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَا رِى سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا ا لْغُرَابِ فَأُوَا رِىَ سَوْءَةَ أَخِى فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ).
* وفي رواية عن السبب نار الحسد التيتأججت في صدره وجعلته يحتار هذا الذنب في الرواية عن سليمان بن خالد قال : قلت لأبي عبدالله(عليه السلام) جعلت فداك إن الناس يزعمون أنّ آدم زوج ابنته من ابنه ؟ فقال أبو عبدالله(عليه السلام) : «قد قال الناس في ذلك ولكن يا سليمان أما علمت أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : لو علمت أنّ آدم زوج ابنته من ابنه لزوجت زينب من القاسم، وما كنت لارغب عن دين آدم. فقلت جعلت فداك إنهم يزعمون أنّ قابيل إنما قتل هابيل لأنهما تغايرا على اختهما، فقال له : يا سليمان تقول هذا ! أما تستحيي أنّ تروي هذا على نبي الله آدم؟ فقلت : جعلت فداك فبم قتل قابيل هابيل ؟ فقال : في الوصية ثم قال لي : يا سليمان أنّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى آدم أن يدفع الوصية واسم الله الأعظم إلى هابيل، وكان قابيل أكبر منه، فبلغ ذلك قابيل، فغضب فقال: أنا أولى بالكرامة والوصية. فأمرهما أن يقربا قرباناً بوحي من الله إليه، ففعلا فقبل الله قربان هابيل فحسده قابيل فقتله»المصدر/ نور الثقلين "الرواية"
هذا مالدي الان وهذا الموضوع يطول فيه النقاش ولنا عودة اخرى.
-
- فــاطــمــي
- مشاركات: 2
- اشترك في: الأربعاء سبتمبر 15, 2010 8:47 am
- مكان: USA Utah State
Re: سؤال
الاخت الكريمة
جزاك الله خير الجزاء
قضية القتل كانت متعلقة بالوصية وليس كما يقول المتفيهقون انه كان بسبب صراعهم على اخت لهم
واخترعوا قصة عجيبة بان حواء عليها السلام كانت تنجب توأما في كل مرة
والتوائم لا تعدو حدودها فهم ذكر وانثى ؟؟؟
حقيقة تتفرع من القصة اسئلة كثيرة جدا
على من كان آدم عليه السلام خليفة إن كان هو الانسان الاول الذكر وحواء الانسانة الاولى الانثى فهل كان آدم خليفة على الحيوانات ليحكم بينهم ؟؟
ام ان هناك بشر غيره اراد ان ينقلهم من حياة الكهوف الى حياة المدنية والتطور فكان آدم عليه السلام هو المفكر والموحد الاول الذي بسببه
عرفنا الله جل وعلا ؟
ما هي الفترة التي ظهر بها آدم عليه السلام ؟
هل فعلا كانت اعمارهم تتجاوز المئات ؟
هل فعلا كانت اجسامهم ضخمة جدا وبدؤا بالتناقص جيلا بعد جيل من ناحية الحجم ؟
هل الجنة كانت في الارض ؟
إذا كان آدم اخطأ خطا دقيّا فلماذا هذه العقوبة عليه ؟ وما ذنبنا لنخرج من جنة بسبب خطا غيرنا ؟
لماذا حرم الله جل وعلا على ادم وزوجته عليهم السلام الاكل من كل شيء الا شجرة واحدة ؟ وهل كانت الشجرة واحدة ام لها اخوات كثر ؟
لماذا امر الله الملائكة بالسجود لآدم ؟ وما معنى السجود هنا ؟ وهل كان ابليس من الملائكة ام من الجن ؟ فان كان من الجن فالخطاب ليس موجها له اصلا ؟ فلماذا رفض السجود ؟
لماذا حين يذكر واقعة عدم السجود يذكر اسم ابليس ؟ وفي واقعة اكل الشجرة يذكر اسم الشيطان ؟
اسئلة كثيرة ارجو ان يستعر نار النقاش فيها حتى لو اختلفت الردود والاراء فالاراء تُعْرَضْ ولا تُفْرَضْ
سلامي للجميع
اخوكم
ابو علي الموسويِ
جزاك الله خير الجزاء
قضية القتل كانت متعلقة بالوصية وليس كما يقول المتفيهقون انه كان بسبب صراعهم على اخت لهم
واخترعوا قصة عجيبة بان حواء عليها السلام كانت تنجب توأما في كل مرة
والتوائم لا تعدو حدودها فهم ذكر وانثى ؟؟؟
حقيقة تتفرع من القصة اسئلة كثيرة جدا
على من كان آدم عليه السلام خليفة إن كان هو الانسان الاول الذكر وحواء الانسانة الاولى الانثى فهل كان آدم خليفة على الحيوانات ليحكم بينهم ؟؟
ام ان هناك بشر غيره اراد ان ينقلهم من حياة الكهوف الى حياة المدنية والتطور فكان آدم عليه السلام هو المفكر والموحد الاول الذي بسببه
عرفنا الله جل وعلا ؟
ما هي الفترة التي ظهر بها آدم عليه السلام ؟
هل فعلا كانت اعمارهم تتجاوز المئات ؟
هل فعلا كانت اجسامهم ضخمة جدا وبدؤا بالتناقص جيلا بعد جيل من ناحية الحجم ؟
هل الجنة كانت في الارض ؟
إذا كان آدم اخطأ خطا دقيّا فلماذا هذه العقوبة عليه ؟ وما ذنبنا لنخرج من جنة بسبب خطا غيرنا ؟
لماذا حرم الله جل وعلا على ادم وزوجته عليهم السلام الاكل من كل شيء الا شجرة واحدة ؟ وهل كانت الشجرة واحدة ام لها اخوات كثر ؟
لماذا امر الله الملائكة بالسجود لآدم ؟ وما معنى السجود هنا ؟ وهل كان ابليس من الملائكة ام من الجن ؟ فان كان من الجن فالخطاب ليس موجها له اصلا ؟ فلماذا رفض السجود ؟
لماذا حين يذكر واقعة عدم السجود يذكر اسم ابليس ؟ وفي واقعة اكل الشجرة يذكر اسم الشيطان ؟
اسئلة كثيرة ارجو ان يستعر نار النقاش فيها حتى لو اختلفت الردود والاراء فالاراء تُعْرَضْ ولا تُفْرَضْ
سلامي للجميع
اخوكم
ابو علي الموسويِ
تدريس العرفان تدريس فلسفة القرآن علم التحقيق في التجويد تفسير الاحلام علاج السرطان هواياتي
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 23718
- اشترك في: الأربعاء ديسمبر 10, 2008 4:13 am
- مكان: في مملكة الزهراء
Re: سؤال
بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على بديعة الوصف والمنظرالسلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
آخي الجليل آبو علي توجد عدة آجزاء يتكلم عن مطلوبك ..في الروابط
آعرف عدوك ..1
آعرف عدوك 2
آعرف عدوك 3
آعرف عدوك 4
دمتم بحب ورعاية الزهراء
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على بديعة الوصف والمنظرالسلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
آخي الجليل آبو علي توجد عدة آجزاء يتكلم عن مطلوبك ..في الروابط
آعرف عدوك ..1
آعرف عدوك 2
آعرف عدوك 3
آعرف عدوك 4
دمتم بحب ورعاية الزهراء
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد
-
- مـشـرفـة
- مشاركات: 24743
- اشترك في: الأحد يونيو 01, 2008 1:33 pm
Re: سؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم أبو علي الموسوي تفضلوا ....
قوله تعالى: «و اتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق» الآية التلاوة من التلو و هي القراءة سميت بها لأن القارىء للنبأ يأتي ببعض أجزائه في تلو بعض آخر.
و النبأ هو الخبر إذا كان ذا جدوى و نفع.
و القربان ما يتقرب به إلى الله سبحانه أو إلى غيره، و هو في الأصل مصدر لا يثنى و لا يجمع.
و التقبل هو القبول بزيادة عناية و اهتمام بالمقبول و الضمير في قوله «عليهم» لأهل الكتاب لما مر من كونهم هم المقصودين في سرد الكلام.
و المراد بهذا المسمى بآدم هو آدم الذي يذكر القرآن أنه أبو البشر، و قد ذكر بعض المفسرين أنه كان رجلا من بني إسرائيل تنازع ابناه في قربان قرباه فقتل أحدهما الآخر، و هو قابيل أو قايين قتل هابيل و لذلك قال تعالى بعد سرد القصة: «من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل.
و هو فاسد أما أولا: فلأن القرآن لم يذكر ممن سمي بآدم إلا الذي يذكر أنه أبو البشر، و لو كان المراد بما في الآية غيره لكان من اللازم نصب القرينة على ذلك لئلا يبهم أمر القصة.
و أما ثانيا فلأن بعض ما ذكر من خصوصيات القصة كقوله: «فبعث الله غرابا» إنما يلائم حال الإنسان الأولي الذي كان يعيش على سذاجة من الفكر و بساطة من الإدراك، يأخذ باستعداده الجبلي في ادخار المعلومات بالتجارب الحاصلة من وقوع الحوادث الجزئية حادثة بعد حادثة، فالآية ظاهرة في أن القاتل ما كان يدري أن الميت يمكن أن يستر جسده بمواراته في الأرض، و هذه الخاصة إنما تناسب حال ابن آدم أبي البشر لا حال رجل من بني إسرائيل، و قد كانوا أهل حضارة و مدنية بحسب حالهم في قوميتهم لا يخفى على أحدهم أمثال هذه الأمور قطعا.
و أما ثالثا فلأن قوله: و لذلك قال تعالى بعد تمام القصة - من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل، يريد به الجواب عن سؤال أورد على الآية، و هو أنه ما وجه اختصاص الكتابة ببني إسرائيل مع أن الذي تقتضيه القصة - و هو الذي كتبه الله - يعم حال جميع البشر، من قتل منهم نفسا فكأنما قتل الناس جميعا، و من أحيا منهم نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا.
فأجاب القائل بقوله و لذلك قال تعالى إلخ إن القاتل و المقتول لم يكونا ابني آدم أبي البشر حتى تكون قصتهما مشتملة على حادثة من الحوادث الأولية بين النوع الإنساني فيكون عبرة يعتبر بها كل من جاء بعدهما، و إنما هما ابنا رجل من بني إسرائيل و كان نبأهما من الأخبار القومية الخاصة و لذلك أخذ عبرة مكتوبة لخصوص بني إسرائيل.
لكن ذلك لا يحسم مادة الإشكال فإن السؤال بعد باق على حاله فإن كون قتل الواحد بمنزلة قتل الجميع و إحياء الواحد بمنزلة إحياء الجميع معنى يرتبط بكل قتل وقع بين هذا النوع من غير اختصاصه ببعض دون بعض، و قد وقع ما لا يحصى من القتل قبل بني إسرائيل، و قبل هذا القتل الذي يشير إليه، فما باله رتب على قتل خاص و كتب على قوم خاص؟.
على أن الأمر لو كان كما يقول كان الأحسن أن يقال: من قتل منكم نفسا إلخ ليكون خاصا بهم، ثم يعود السؤال في هذا التخصيص مع عدم استقامته في نفسه.
و الجواب عن أصل الإشكال أن الذي يشتمل عليه قوله: «إنه من قتل نفسا بغير نفس» الآية حكمة بالغة و ليس بحكم مشرع فالمراد بالكتابة عليهم بيان هذه الحكمة لهم مع عموم فائدتها لهم و لغيرهم كالحكم و المواعظ التي بينت في القرآن لأمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع عدم انحصار فائدتها فيهم.
و إنما ذكر في الآية أنه بينه لهم لأن الآيات مسوقة لعظتهم و تنبيههم و توبيخهم على ما حسدوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و أصروا في العناد و إشعال نار الفتن و التسبيب إلى القتال و مباشرة الحروب على المسلمين، و لذلك ذيل قوله: «من قتل نفسا» إلخ بقوله: «و لقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون» على أن أصل القصة على النحو الذي ذكره لا مأخذ له رواية و لا تاريخا.
فتبين أن قوله: «نبأ ابني آدم بالحق» يراد به قصة ابني آدم أبي البشر، و تقييد الكلام بقوله: «بالحق» - و هو متعلق بالنبأ أو بقوله «و اتل» - لا يخلو عن إشعار أو دلالة على أن المعروف الدائر بينهم من النبإ لا يخلو من تحريف و سقط، و هو كذلك فإن القصة موجودة في الفصل الرابع من سفر التكوين من التوراة، و ليس فيها خبر بعث الغراب و بحثه في الأرض، و القصة مع ذلك صريحة في تجسم الرب تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
و قوله: «إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما و لم يتقبل من الآخر» ظاهر السياق أن كل واحد منهما قدم إلى الرب تعالى شيئا يتقرب به و إنما لم يثن لفظ القربان لكونه في الأصل مصدرا لا يثنى و لا يجمع.
و قوله: «قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين» القائل الأول هو القاتل و الثاني هو المقتول، و سياق الكلام يدل على أنهما علما تقبل قربان أحدهما و عدم تقبله من الآخر، و أما أنهما من أين علما ذلك؟ أو بأي طريق استدلوا عليه؟ فالآية ساكتة عن ذلك.
غير أنه ذكر في موضع من كلامه تعالى: أنه كان من المعهود عند الأمم السابقة أو عند بني إسرائيل خاصة تقبل القربان المتقرب به بأكل النار إياه قال تعالى: «الذين قالوا إن الله عهد إلينا أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات و بالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين»: آل عمران: 138 و القربان معروف عند أهل الكتاب إلى هذا اليوم فمن الممكن أن يكون التقبل للقربان في هذه القصة أيضا على ذلك النحو، و خاصة بالنظر إلى إلقاء القصة إلى أهل الكتاب المعتقدين لذلك، و كيف كان فالقاتل و المقتول جميعا كانا يعلمان قبوله من أحدهما و رده من الآخر.
ثم السياق يدل أيضا على أن القائل «لأقتلنك» هو الذي لم يتقبل قربانه، و أنه إنما قال ذلك حسدا من نفسه إذ لم يكن هناك سبب آخر، و لا أن المقتول كان قد أجرم إجراما باختيار منه حتى يواجه بمثل هذا القول و يهدد بالقتل.
فقول القاتل: «لأقتلنك» تهديد بالقتل حسدا لقبول قربان المقتول دون القاتل فقول المقتول: «إنما يتقبل الله من المتقين» إلى آخر ما حكى الله تعالى عنه جواب عما قاله القاتل فيذكر له أولا: أن مسألة قبول القربان و عدم قبوله لا صنع له في ذلك و لا إجرام، و إنما الإجرام من قبل القاتل حيث لم يتق الله فجازاه الله بعدم قبول قربانه.
و ثانيا: أن القاتل لو أراد قتله و بسط إليه يده لذلك ما هو بباسط يده إليه ليقتله لتقواه و خوفه من الله سبحانه، و إنما يريد على هذا التقدير أن يرجع القاتل و هو يحمل إثم المقتول و إثم نفسه فيكون من أصحاب النار و ذلك جزاء الظالمين.
فقوله: «إنما يتقبل الله من المتقين» مسوق لقصر الإفراد للدلالة على أن التقبل لا يشمل قربان التقي و غير التقي جميعا، أو لقصر القلب كأن القاتل كان يزعم أنه سيتقبل قربانه دون قربان المقتول زعما منه أن الأمر لا يدور مدار التقوى أو أن الله سبحانه غير عالم بحقيقة الحال، يمكن أن يشتبه عليه الأمر كما ربما يشتبه على الإنسان.
و في الكلام بيان لحقيقة الأمر في تقبل العبادات و القرابين، و موعظة و بلاغ في أمر القتل و الظلم و الحسد، و ثبوت المجازاة الإلهية و أن ذلك من لوازم ربوبية رب العالمين فإن الربوبية لا تتم إلا بنظام متقن بين أجزاء العالم يؤدي إلى تقدير الأعمال بميزان العدل و جزاء الظلم بالعذاب الأليم ليرتدع الظالم عن ظلمه أو يجزى بجزائه الذي أعده لنفسه و هو النار.
قوله تعالى: «لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك» إلخ اللام للقسم، و بسط اليد إليه كناية عن الأخذ بمقدمات القتل و إعمال أسبابه، و قد أتى في جواب الشرط بالنفي الوارد على الجملة الإسمية، و بالصفة بباسط دون الفعل و أكد النفي بالباء ثم الكلام بالقسم، كل ذلك للدلالة على أنه بمراحل من البعد من إرادة قتل أخيه، لا يهم به و لا يخطر بباله.
و أكد ذلك كله بتعليل ما ادعاه من قوله: «ما أنا بباسط يدي» إلخ: «بقوله إني أخاف الله رب العالمين» فإن ذكر المتقين لربهم و هو الله رب العالمين الذي يجازي في كل إثم بما يتعقبه من العذاب ينبه في نفوسهم غريزة الخوف من الله تعالى، و لا يخليهم و إن يرتكبوا ظلما يوردهم مورد الهلكة.
ثم ذكر تأويل قوله: «لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي» إلخ بمعنى حقيقة هذا الذي أخبر به، و محصله أن الأمر على هذا التقدير يدور بين أن يقتل هو أخاه فيكون هو الظالم الحامل للإثم الداخل في النار، أو يقتله أخوه فيكون هو كذلك، و ليس يختار قتل أخيه الظالم على سعادة نفسه و ليس بظالم، بل يختار أن يشقى أخوه الظالم بقتله و يسعد هو و ليس بظالم، و هذا هو المراد بقوله: «إني أريد، إلخ» كنى بالإرادة عن الاختيار على تقدير دوران الأمر.
فالآية في كونها تأويلا لقوله: «لئن بسطت إلي يدك» إلخ كالذي وقع في قصة موسى و صاحبه حين قتل غلاما لقياه فاعترض عليه موسى بقوله: «أ قتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا» فنبأه صاحبه بتأويل ما فعل بقوله: «و أما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا و كفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة و أقرب رحما»: الكهف: 81.
فقد أراد المقتول أي اختار الموت مع السعادة و إن استلزم شقاء أخيه بسوء اختياره على الحياة مع الشقاء و الدخول في حزب الظالمين، كما اختار صاحب موسى موت الغلام مع السعادة و إن استلزم الحزن و الأسى من أبويه على حياته و صيرورته طاغيا كافرا يضل بنفسه و يضل أبويه، و الله يعوضهما منه من هو خير منه زكاة و أقرب رحما.
و الرجل أعني ابن آدم المقتول من المتقين العلماء بالله، أما كونه من المتقين فلقوله: «إنما يتقبل الله من المتقين» المتضمن لدعوى التقوى، و قد أمضاها الله تعالى بنقله من غير رد، و أما كونه من العلماء بالله فلقوله: «إني أخاف الله رب العالمين» فقد ادعى مخافة الله و أمضاها الله سبحانه منه، و قد قال تعالى: «إنما يخشى الله من عباده العلماء»: فاطر: 28 فحكايته تعالى قوله: «إني أخاف الله رب العالمين» و إمضاؤه له توصيف له بالعلم كما وصف صاحب موسى أيضا بالعلم إذ قال: «و علمناه من لدنا علما»: الكهف: 65.
و كفى له علما ما خاطب به أخاه الباغي عليه من الحكمة البالغة و الموعظة الحسنة فإنه بين عن طهارة طينته و صفاء فطرته: أن البشر ستكثر عدتهم ثم تختلف بحسب الطبع البشري جماعتهم فيكون منهم متقون و آخرون ظالمون، و أن لهم جميعا و لجميع العالمين ربا واحدا يملكهم و يدبر أمرهم، و أن من التدبير المتقن أن يحب و يرتضي العدل و الإحسان، و يكره و يسخط الظلم و العدوان و لازمه وجوب التقوى و مخافة الله على الإنسان و هو الدين، فهناك طاعات و قربات و معاصي و مظالم، و أن الطاعات و القربات إنما تتقبل إذا كانت عن تقوى، و أن المعاصي و المظالم آثام يحملها الظالم، و من لوازمه أن تكون هناك نشأة أخرى فيها الجزاء، و جزاء الظالمين النار.
و هذه - كما ترى - أصول المعارف الدينية و مجامع علوم المبدأ و المعاد أفاضها هذا العبد الصالح إفاضة ضافية لأخيه الجاهل الذي لم يكن يعرف أن الشيء يمكن أن يتوارى عن الأنظار بالدفن حتى تعلمه من الغراب، و هو لم يقل لأخيه حينما كلمه: إنك إن أردت أن تقتلني ألقيت نفسي بين يديك و لم أدافع عن نفسي و لا أتقي القتل، و إنما قال: ما كنت لأقتلك.
و لم يقل: إني أريد أن أقتل بيدك على أي تقدير لتكون ظالما فتكون من أصحاب النار فإن التسبيب إلى ضلال أحد و شقائه في حياته ظلم و ضلال في شريعة الفطرة من غير اختصاص بشرع دون شرع، و إنما قال: إني أريد ذلك و أختاره على تقدير بسطك يدك لقتلي.
و من هنا يظهر اندفاع ما أورد على القصة: أنه كما أن القاتل منهما أفرط بالظلم و التعدي كذلك المقتول قصر بالتفريط و الانظلام حيث لم يخاطبه و لم يقابله بالدفاع عن نفسه بل سلم له أمر نفسه و طاوعه في إرادة قتله حيث قال له: «لئن بسطت إلي يدك» إلخ.
وجه الاندفاع أنه، لم يقل: إني لا أدافع عن نفسي و أدعك و ما تريد مني و إنما قال: لست أريد قتلك، و لم يذكر في الآية أنه قتل و لم يدافع عن نفسه على علم منه بالأمر فلعله قتله غيلة أو قتله و هو يدافع أو يحترز.
وصلى الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
دمتم برعاية الإمام المهدي المنتظر عليه السلام عج
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم أبو علي الموسوي تفضلوا ....
قوله تعالى: «و اتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق» الآية التلاوة من التلو و هي القراءة سميت بها لأن القارىء للنبأ يأتي ببعض أجزائه في تلو بعض آخر.
و النبأ هو الخبر إذا كان ذا جدوى و نفع.
و القربان ما يتقرب به إلى الله سبحانه أو إلى غيره، و هو في الأصل مصدر لا يثنى و لا يجمع.
و التقبل هو القبول بزيادة عناية و اهتمام بالمقبول و الضمير في قوله «عليهم» لأهل الكتاب لما مر من كونهم هم المقصودين في سرد الكلام.
و المراد بهذا المسمى بآدم هو آدم الذي يذكر القرآن أنه أبو البشر، و قد ذكر بعض المفسرين أنه كان رجلا من بني إسرائيل تنازع ابناه في قربان قرباه فقتل أحدهما الآخر، و هو قابيل أو قايين قتل هابيل و لذلك قال تعالى بعد سرد القصة: «من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل.
و هو فاسد أما أولا: فلأن القرآن لم يذكر ممن سمي بآدم إلا الذي يذكر أنه أبو البشر، و لو كان المراد بما في الآية غيره لكان من اللازم نصب القرينة على ذلك لئلا يبهم أمر القصة.
و أما ثانيا فلأن بعض ما ذكر من خصوصيات القصة كقوله: «فبعث الله غرابا» إنما يلائم حال الإنسان الأولي الذي كان يعيش على سذاجة من الفكر و بساطة من الإدراك، يأخذ باستعداده الجبلي في ادخار المعلومات بالتجارب الحاصلة من وقوع الحوادث الجزئية حادثة بعد حادثة، فالآية ظاهرة في أن القاتل ما كان يدري أن الميت يمكن أن يستر جسده بمواراته في الأرض، و هذه الخاصة إنما تناسب حال ابن آدم أبي البشر لا حال رجل من بني إسرائيل، و قد كانوا أهل حضارة و مدنية بحسب حالهم في قوميتهم لا يخفى على أحدهم أمثال هذه الأمور قطعا.
و أما ثالثا فلأن قوله: و لذلك قال تعالى بعد تمام القصة - من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل، يريد به الجواب عن سؤال أورد على الآية، و هو أنه ما وجه اختصاص الكتابة ببني إسرائيل مع أن الذي تقتضيه القصة - و هو الذي كتبه الله - يعم حال جميع البشر، من قتل منهم نفسا فكأنما قتل الناس جميعا، و من أحيا منهم نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا.
فأجاب القائل بقوله و لذلك قال تعالى إلخ إن القاتل و المقتول لم يكونا ابني آدم أبي البشر حتى تكون قصتهما مشتملة على حادثة من الحوادث الأولية بين النوع الإنساني فيكون عبرة يعتبر بها كل من جاء بعدهما، و إنما هما ابنا رجل من بني إسرائيل و كان نبأهما من الأخبار القومية الخاصة و لذلك أخذ عبرة مكتوبة لخصوص بني إسرائيل.
لكن ذلك لا يحسم مادة الإشكال فإن السؤال بعد باق على حاله فإن كون قتل الواحد بمنزلة قتل الجميع و إحياء الواحد بمنزلة إحياء الجميع معنى يرتبط بكل قتل وقع بين هذا النوع من غير اختصاصه ببعض دون بعض، و قد وقع ما لا يحصى من القتل قبل بني إسرائيل، و قبل هذا القتل الذي يشير إليه، فما باله رتب على قتل خاص و كتب على قوم خاص؟.
على أن الأمر لو كان كما يقول كان الأحسن أن يقال: من قتل منكم نفسا إلخ ليكون خاصا بهم، ثم يعود السؤال في هذا التخصيص مع عدم استقامته في نفسه.
و الجواب عن أصل الإشكال أن الذي يشتمل عليه قوله: «إنه من قتل نفسا بغير نفس» الآية حكمة بالغة و ليس بحكم مشرع فالمراد بالكتابة عليهم بيان هذه الحكمة لهم مع عموم فائدتها لهم و لغيرهم كالحكم و المواعظ التي بينت في القرآن لأمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع عدم انحصار فائدتها فيهم.
و إنما ذكر في الآية أنه بينه لهم لأن الآيات مسوقة لعظتهم و تنبيههم و توبيخهم على ما حسدوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و أصروا في العناد و إشعال نار الفتن و التسبيب إلى القتال و مباشرة الحروب على المسلمين، و لذلك ذيل قوله: «من قتل نفسا» إلخ بقوله: «و لقد جاءتهم رسلنا بالبينات ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون» على أن أصل القصة على النحو الذي ذكره لا مأخذ له رواية و لا تاريخا.
فتبين أن قوله: «نبأ ابني آدم بالحق» يراد به قصة ابني آدم أبي البشر، و تقييد الكلام بقوله: «بالحق» - و هو متعلق بالنبأ أو بقوله «و اتل» - لا يخلو عن إشعار أو دلالة على أن المعروف الدائر بينهم من النبإ لا يخلو من تحريف و سقط، و هو كذلك فإن القصة موجودة في الفصل الرابع من سفر التكوين من التوراة، و ليس فيها خبر بعث الغراب و بحثه في الأرض، و القصة مع ذلك صريحة في تجسم الرب تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
و قوله: «إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما و لم يتقبل من الآخر» ظاهر السياق أن كل واحد منهما قدم إلى الرب تعالى شيئا يتقرب به و إنما لم يثن لفظ القربان لكونه في الأصل مصدرا لا يثنى و لا يجمع.
و قوله: «قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين» القائل الأول هو القاتل و الثاني هو المقتول، و سياق الكلام يدل على أنهما علما تقبل قربان أحدهما و عدم تقبله من الآخر، و أما أنهما من أين علما ذلك؟ أو بأي طريق استدلوا عليه؟ فالآية ساكتة عن ذلك.
غير أنه ذكر في موضع من كلامه تعالى: أنه كان من المعهود عند الأمم السابقة أو عند بني إسرائيل خاصة تقبل القربان المتقرب به بأكل النار إياه قال تعالى: «الذين قالوا إن الله عهد إلينا أن لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات و بالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين»: آل عمران: 138 و القربان معروف عند أهل الكتاب إلى هذا اليوم فمن الممكن أن يكون التقبل للقربان في هذه القصة أيضا على ذلك النحو، و خاصة بالنظر إلى إلقاء القصة إلى أهل الكتاب المعتقدين لذلك، و كيف كان فالقاتل و المقتول جميعا كانا يعلمان قبوله من أحدهما و رده من الآخر.
ثم السياق يدل أيضا على أن القائل «لأقتلنك» هو الذي لم يتقبل قربانه، و أنه إنما قال ذلك حسدا من نفسه إذ لم يكن هناك سبب آخر، و لا أن المقتول كان قد أجرم إجراما باختيار منه حتى يواجه بمثل هذا القول و يهدد بالقتل.
فقول القاتل: «لأقتلنك» تهديد بالقتل حسدا لقبول قربان المقتول دون القاتل فقول المقتول: «إنما يتقبل الله من المتقين» إلى آخر ما حكى الله تعالى عنه جواب عما قاله القاتل فيذكر له أولا: أن مسألة قبول القربان و عدم قبوله لا صنع له في ذلك و لا إجرام، و إنما الإجرام من قبل القاتل حيث لم يتق الله فجازاه الله بعدم قبول قربانه.
و ثانيا: أن القاتل لو أراد قتله و بسط إليه يده لذلك ما هو بباسط يده إليه ليقتله لتقواه و خوفه من الله سبحانه، و إنما يريد على هذا التقدير أن يرجع القاتل و هو يحمل إثم المقتول و إثم نفسه فيكون من أصحاب النار و ذلك جزاء الظالمين.
فقوله: «إنما يتقبل الله من المتقين» مسوق لقصر الإفراد للدلالة على أن التقبل لا يشمل قربان التقي و غير التقي جميعا، أو لقصر القلب كأن القاتل كان يزعم أنه سيتقبل قربانه دون قربان المقتول زعما منه أن الأمر لا يدور مدار التقوى أو أن الله سبحانه غير عالم بحقيقة الحال، يمكن أن يشتبه عليه الأمر كما ربما يشتبه على الإنسان.
و في الكلام بيان لحقيقة الأمر في تقبل العبادات و القرابين، و موعظة و بلاغ في أمر القتل و الظلم و الحسد، و ثبوت المجازاة الإلهية و أن ذلك من لوازم ربوبية رب العالمين فإن الربوبية لا تتم إلا بنظام متقن بين أجزاء العالم يؤدي إلى تقدير الأعمال بميزان العدل و جزاء الظلم بالعذاب الأليم ليرتدع الظالم عن ظلمه أو يجزى بجزائه الذي أعده لنفسه و هو النار.
قوله تعالى: «لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك» إلخ اللام للقسم، و بسط اليد إليه كناية عن الأخذ بمقدمات القتل و إعمال أسبابه، و قد أتى في جواب الشرط بالنفي الوارد على الجملة الإسمية، و بالصفة بباسط دون الفعل و أكد النفي بالباء ثم الكلام بالقسم، كل ذلك للدلالة على أنه بمراحل من البعد من إرادة قتل أخيه، لا يهم به و لا يخطر بباله.
و أكد ذلك كله بتعليل ما ادعاه من قوله: «ما أنا بباسط يدي» إلخ: «بقوله إني أخاف الله رب العالمين» فإن ذكر المتقين لربهم و هو الله رب العالمين الذي يجازي في كل إثم بما يتعقبه من العذاب ينبه في نفوسهم غريزة الخوف من الله تعالى، و لا يخليهم و إن يرتكبوا ظلما يوردهم مورد الهلكة.
ثم ذكر تأويل قوله: «لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي» إلخ بمعنى حقيقة هذا الذي أخبر به، و محصله أن الأمر على هذا التقدير يدور بين أن يقتل هو أخاه فيكون هو الظالم الحامل للإثم الداخل في النار، أو يقتله أخوه فيكون هو كذلك، و ليس يختار قتل أخيه الظالم على سعادة نفسه و ليس بظالم، بل يختار أن يشقى أخوه الظالم بقتله و يسعد هو و ليس بظالم، و هذا هو المراد بقوله: «إني أريد، إلخ» كنى بالإرادة عن الاختيار على تقدير دوران الأمر.
فالآية في كونها تأويلا لقوله: «لئن بسطت إلي يدك» إلخ كالذي وقع في قصة موسى و صاحبه حين قتل غلاما لقياه فاعترض عليه موسى بقوله: «أ قتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا» فنبأه صاحبه بتأويل ما فعل بقوله: «و أما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا و كفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة و أقرب رحما»: الكهف: 81.
فقد أراد المقتول أي اختار الموت مع السعادة و إن استلزم شقاء أخيه بسوء اختياره على الحياة مع الشقاء و الدخول في حزب الظالمين، كما اختار صاحب موسى موت الغلام مع السعادة و إن استلزم الحزن و الأسى من أبويه على حياته و صيرورته طاغيا كافرا يضل بنفسه و يضل أبويه، و الله يعوضهما منه من هو خير منه زكاة و أقرب رحما.
و الرجل أعني ابن آدم المقتول من المتقين العلماء بالله، أما كونه من المتقين فلقوله: «إنما يتقبل الله من المتقين» المتضمن لدعوى التقوى، و قد أمضاها الله تعالى بنقله من غير رد، و أما كونه من العلماء بالله فلقوله: «إني أخاف الله رب العالمين» فقد ادعى مخافة الله و أمضاها الله سبحانه منه، و قد قال تعالى: «إنما يخشى الله من عباده العلماء»: فاطر: 28 فحكايته تعالى قوله: «إني أخاف الله رب العالمين» و إمضاؤه له توصيف له بالعلم كما وصف صاحب موسى أيضا بالعلم إذ قال: «و علمناه من لدنا علما»: الكهف: 65.
و كفى له علما ما خاطب به أخاه الباغي عليه من الحكمة البالغة و الموعظة الحسنة فإنه بين عن طهارة طينته و صفاء فطرته: أن البشر ستكثر عدتهم ثم تختلف بحسب الطبع البشري جماعتهم فيكون منهم متقون و آخرون ظالمون، و أن لهم جميعا و لجميع العالمين ربا واحدا يملكهم و يدبر أمرهم، و أن من التدبير المتقن أن يحب و يرتضي العدل و الإحسان، و يكره و يسخط الظلم و العدوان و لازمه وجوب التقوى و مخافة الله على الإنسان و هو الدين، فهناك طاعات و قربات و معاصي و مظالم، و أن الطاعات و القربات إنما تتقبل إذا كانت عن تقوى، و أن المعاصي و المظالم آثام يحملها الظالم، و من لوازمه أن تكون هناك نشأة أخرى فيها الجزاء، و جزاء الظالمين النار.
و هذه - كما ترى - أصول المعارف الدينية و مجامع علوم المبدأ و المعاد أفاضها هذا العبد الصالح إفاضة ضافية لأخيه الجاهل الذي لم يكن يعرف أن الشيء يمكن أن يتوارى عن الأنظار بالدفن حتى تعلمه من الغراب، و هو لم يقل لأخيه حينما كلمه: إنك إن أردت أن تقتلني ألقيت نفسي بين يديك و لم أدافع عن نفسي و لا أتقي القتل، و إنما قال: ما كنت لأقتلك.
و لم يقل: إني أريد أن أقتل بيدك على أي تقدير لتكون ظالما فتكون من أصحاب النار فإن التسبيب إلى ضلال أحد و شقائه في حياته ظلم و ضلال في شريعة الفطرة من غير اختصاص بشرع دون شرع، و إنما قال: إني أريد ذلك و أختاره على تقدير بسطك يدك لقتلي.
و من هنا يظهر اندفاع ما أورد على القصة: أنه كما أن القاتل منهما أفرط بالظلم و التعدي كذلك المقتول قصر بالتفريط و الانظلام حيث لم يخاطبه و لم يقابله بالدفاع عن نفسه بل سلم له أمر نفسه و طاوعه في إرادة قتله حيث قال له: «لئن بسطت إلي يدك» إلخ.
وجه الاندفاع أنه، لم يقل: إني لا أدافع عن نفسي و أدعك و ما تريد مني و إنما قال: لست أريد قتلك، و لم يذكر في الآية أنه قتل و لم يدافع عن نفسه على علم منه بالأمر فلعله قتله غيلة أو قتله و هو يدافع أو يحترز.
وصلى الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
دمتم برعاية الإمام المهدي المنتظر عليه السلام عج
(اللهم أفرغ علينا صبرًا و ثبت أقدامنا و انصرنا على القوم الكافرين)