شرح فقرة: " الهي اجعل ثاري على من ظلمني، وانصرني على من عاداني..."
بقلم الدكتور محمود البستاني
من أدعية الزهراء عليها السلام حيث حدثناک عن أحد أدعيتها في مقاطع متسلسلة، ونحدثک الآن عن أحد مقاطع الدعاء الجديد وهو (الهي اجعل ثاري على من ظلمني، وانصرني على من عاداني، اللهم لاتجعل مصيبتي في ديني، ولاتجعل الدنيا اکبر همي ولامبلغ علمي)
هذا المقطع من الدعاء يتناول ظاهرة جديدة من السلوک المرتبط بقارئ الدعاء، حيث يتحدث عن الظلم الذي يلحقه، ولکنه من جانب أخر يتوسل بالله تعالى الا يجعل المصيبة في دينه، ولاهمه دنياه... وبهذا يتوازن التوسل بالله تعالى بين الدنيا والأخرة...
المهم ان نحدثک اولاً عن العبارتين القائلتين (اللهم اجعل ثاري على من ظلمني، وانصرني على من عاداني)، تري ماذا نستلهم من النص المذکور؟
من حقائق الترکيبة الأدمية انها تبحث عن الامتاع وتجتنب الألم، ولذلک فان قارئ الدعاء عنه ما يقول (انصرني على من عاداني) او يقول (اجعل ثأري على من ظلمني)انما يفصح عن الترکيبة المشار اليها... کل ما في الامر ان الشخص ينبغي ألا يعزب عن ذهنه بان الانسان في کبد، اي ان الدنيا محفوفة بالشدة کما هو واضح، وعليه بالصبر حيال ذلک... بيد ان هناک سياقات خاصة نجد فيها ان الظلم الواقع على شخص ما يتطلب دفاعاً عن النفس، وهذا ما يمکن ان نفسر في ضوئه توسل الدعاء بان يجعل قارئ الدعاء ثأره على الظالم، اي يثأر لدفع الظلم وليس من اجل متاع دنيوي أو انتقام لامسوغ له...
العبارة الثانية من المقطع وهي (انصرني على من عاداني)انما هي امتداد للاولى، حيث ان الاولى تطلب الثأر، والثأر بطبيعة الحال اما ينجح واما ان يخفق، ولذلک طلب الدعاء ان ينتصر على العدو...
بيد ان ثمة ملاحظة جديدة هي ان العبارة الاولى تتحدث عن الظالم، والثانية عن العدو، ولذلک نحتمل – وهذا ما تفرضه عصمة الزهراء فينا – ان تکون العبارة الثانية متناولة لنمط أخر هو: العدو مطلقاً وليس الظالم فحسب... ان الظالم قد يسرقک، ويشتمک و...الخ، بينما العدو قد يعاديک من اجل دينک مثلاً، ولذلک نجد ان العبارة الثالثة تقول (اللهم لاتجعل مصيبتي في ديني، ولاتجعل الدنيا اکبر همي، ولامبلغ علمي)... وهذا يعني: ان العبارة المتقدمة(انصرني على من ظلمني)من المحتمل ان تتناول العداء العقائدي مثلاً...
اخيراً يحسن بنا ان نحدثک عن عبارتي (لاتجعل الدنيا اکبر همي، ولامبلغ علمي...)ماذا نستلهم منهما؟ الجواب:من الواضح، ان هذه العبارة امتداد لسابقتها التي تتوسل بالله تعالى الا تکون المصيبة في الدين، مما يعني: ان مصائب الدنيا لاقيمة لها، ولذلک توسلت الزهراء عليها السلام الاتکون الدنيا اکبر همها بل الدين: کما هو واضح...
يبقي ان نتساءل عن دلالة العبارة التي ختم بها المقطع وهي:(ولامبلغ علمي)... فماذا نستلهم؟ من البين، ان العلم او المعرفة هي القائدة للشخصية من تحديد موقفها العقائدي،.. لذلک فان المطلوب هو ان تعرف الشخصية وظيفتها العبادية في الحياة، وهي: الالتزام بمبادئ الله تعالى، فتکون الطاعة والحياة الأخرة ورضاه تعالى هي: المطلوبة، وهي غاية المعرفة او العلم الذي ينبغي ان تصدر الشخصية عنه... وهذا ما عبرت الفقرة(ولاتجعل الدنيا... مبلغ علمي)... اذن اتضح ما يعنيه المقطع الذي حدثناک عنه، سائلين الله تعالى ان يجعلنا ممن عرف وظيفته في الحياة، وممن يوفقه تعالى الى الالتزام بالطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
....
الى متى يا مهدينا الى متى هذا الغياب عجل على ظهورك إذا كنا مع الحق فلا نبالي
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
أشكرك أختي الغالية على الطرح الرائع
جزاك الله ألف خير
ووفقك لما يحب ويرضى
بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على بديعة الوصف والمنظرالسلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبر
حبيبتي الفاطمية وفقك الله و جزاك الله الف خير
دمتم بحب ورعاية الزهراء
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد