اللهم صل على محمد وآل محمد نجم سماء المناقب وسفينة النجاة لكل راكب
السلام عليكم احبتي جميعا ورحمة الله وبركاتة
الاشكالات الواردة :
1 - إن المجتمعين في بيت الزهراء ( ع ) ، وهم علي ( ع ) وبنو هاشم هم معارضة للحكم ، فطبيعة الأمور تقتضي : أنه إذا اجتمعت المعارضة ليتمردوا على الخلافة ، أن يبادر الحكام لمواجهتهم ، وإخضاعهم ، فمجيئهم إنما كان لاعتقال علي ( ع ) كي تنتهي المعارضة .
2 - إن غرض المهاجمين هو اعتقال علي ( ع ) ، وأما فاطمة ( ع ) فلا شغل لهم بها ، لأن هناك رأي عام موجود ، فقول عمر " وإن " ، جوابا لمن قال له : إن فيها فاطمة ، يكون طبيعيا ، ومعناه : ما لنا شغل بفاطمة ، نحن نريد القضاء على المعارضة باعتقال علي ، فإن كانت الزهراء موجودة فنحن لا نقصدها بشئ ، وقصدنا هو اعتقال علي فقط .
الاجابة عليها :
أولا : إننا نستغرب جدا وصف علي عليه السلام بأنه " متمرد " ! ! وكذا وصفه ومن معه من بني هاشم وغيرهم بأنهم " معارضة " ! ! ومتى استقر للغاصبين حكم ، واستقام لهم سلطان ، حتى يوصف الآخرون بأنهم معارضة ؟ !
فإن الاعتداء على بيت الزهراء ( ع ) قد كان فور عودة أبي بكر من سقيفة بني ساعدة إلى المسجد ، حيث جلس على منبر النبي ( ص ) للبيعة ، وبدأ الهجوم في هذا الوقت بالذات ، وحتى بعد تمكنهم من الامساك بأزمة الأمور ، فهل يحسن أو يصح وصف صاحب الحق الشرعي ، والذي يباشر المعتدون الاعتداء عليه ، بهدف ابتزاز حقه ومنصبه الذي وضعه الله تعالى فيه ، والتغلب عليه بالقوة
والقهر ، والحيلة والدهاء ، وبالوسائل غير المشروعة ، هل يصح وصفه بأنه " معارضة " ؟ ! وبأنه متمرد ؟ ! ولا بد من إخضاعه ؟ هل كل ذلك ليكون الغاصب المعتدي هو " الشرعية " ؟ ! .
وثانيا : لو صح ذلك كله ، فهل يصبح معنى قول عمر : لتخرجن أو لأحرقن البيت بمن فيه ، فقالوا له : إن فيها فاطمة ، فقال : وإن . . هل يصبح معناه : إننا لا شغل لنا بفاطمة ، نحن نريد اعتقال علي ؟ ! وهل يعني ذلك : أنهم سوف ينقذون فاطمة من الاحتراق بالنار ، ويوجهون النار نحو علي دون سواه ؟ ! وبذا تكون فاطمة محترمة ومبجلة عند المهاجمين ، وقد حفظوا فيها والدها رسول الله ( ص ) ؟ ! .
ثالثا : هل يعني وجود الرأي العام : أنه سوف يمنعهم من إحراق فاطمة ؟ !
وإذا كان الرأي العام يسمح بإحراق علي ( ع ) ، فلماذا لا يسمح بإحراق فاطمة ( ع ) والحسنين ( ع ) معه ؟ !
وهم مناصروه ، ومعاضدوه ، وإذا كانت أقوال النبي ( ص ) في حق الزهراء ( ع ) تمنعهم ، فلماذا لم تمنعهم أقواله ( ص ) في حق علي ( ع ) ؟ !
وأي رأي عام ذاك الذي يسمح باعتقال علي ( ع ) والاعتداء عليه ؟
وإذا كان هناك رأي عام موجود ، فلماذا لم يمنع من قول بعضهم لرسول الله ( ص ) : إن النبي ليهجر ؟ ! .
ولماذا لم يعاقب القائل ؟ ! أو على الأقل لماذا لم يبادر إلى تأنيبه ،وملامته ؟ ! بل لم نجد ما يدل على أنهم عبسوا في وجهه .
وهو أقل ما كان يفترض فيهم في تلك الحال ، إلا إذا كان هذا البعض يريد أن ينكر حتى صدور ذلك من هذا الرجل بحق النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ! ! ثم لماذا لم يمنع الرأي العام من ضرب الزهراء ( ع ) ، وإسقاط جنينها بعد ذلك ؟ ؟ !
ولماذا لم يمنع الرأي العام من قتل الإمام الحسين ( ع ) ، ومن معه من نجوم الأرض من بني عبد المطلب ، ومن خيرة المؤمنين والمخلصين ؟ ! ثم سبي بنات رسول الله ( ص ) وذريته ، والطواف بهن في البلاد ، والعباد على رؤوس الأشهاد ؟ ! . . ولماذا ؟ ؟ ولماذا ؟ ؟ . .
رابعا : من الواضح : أن كلمة " وإن " وصلية ، يعاد ما قبلها إلى ما بعدها ، أي وإن كان في البيت فاطمة ، فإني سأحرق البيت بمن فيه . . وليس معنى هذه الكلمة : " لا شغل لنا بفاطمة نحن جئنا لنعتقل عليا " على حد تعبير هذا القائل ، فإن هذا المعنى لا تساعد عليه أي من قواعد اللغة العربية ، وليس له أي وجه مقبول في علوم البلاغة أو غيرها . .
وأما كلمة ( بمن فيه ) ، فإن كلمة " من " التي يراد بها العقلاء ، تؤكد على أنه سيحرق البيت ويحرق جميع من فيه من الناس ، وفيهم فاطمة والحسنان وعلي عليهم سلام الله .
ولو سلمنا صحة هذا التفسير ، فإذا كان لا شغل لهم بفاطمة ، فهل لا شغل لهم أيضا بمن فيه من بني هاشم ، والزبير ، والعباس ، الذين يقول هذا البعض : إنهم كانوا موجودين أيضا ؟ ! .
فهل كلمة ( بمن فيه ) قد وضعت في اللغة العربية لخصوص علي عليه السلام ، وخرج الحسنان عليهما السلام ، وفضة والزبير ، والهاشميون وفاطمة والعباس و . . و . . و . .
أضف إلى ذلك : أنه لو كان ليس له شغل بفاطمة ، فلماذا لم يطلب منها مغادرة البيت الذي جاء بالحطب ليحرقه بمن فيه ؟ ! بل هو عوضا عن ذلك قال في جواب : إن فيها فاطمة : " وإن " .
م : كتاب مأساة الزهراء عليها السلام الجزء (1)
لسماحة العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي