وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَاهْلِكْ عَدُوَّهُمْ مِنَ الجِنِّ وَالاِنْسِ مِنَ ألاَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْسَّلامِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الْلَّهِ وَبَرَكَاتَةَ
وعنه عن أبي محمد سفيان , عن وكيع , ]عن عبد الله بن قيس [, عن أبي قباقب الصدوحي قال : ( رأيت أبا عبد الله جعفر ابن محمد وقد سئل عن مسألة , فغضب حتى امتلأ منه مسجد الرسول , وبلغ أفق السماء , وهاجت لغضبه ريح سوداء حتى كادت تقلع المدينة , فلما هدأ هدأت لهدوئه , فقال : لو شئت لقلبتها على من عليها , ولكن رحمة الله وسعت كل شيء ) .
مؤامرة المنصور والسحرة
عن الدلائل المذكور قال : أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى , عن أبيه , قال : حدثنا أبو علي محمد بن همام , قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحميري , عن أحمد بن محمد ابن خالد البرقي , عن محمد بن هذيل , عن محمد بن سنان قال : ( وجه المنصور إلى سبعين رجل من أهل كابل فدعاهم , فقال لهم : ويحكم إنكم تزعمون أنكم ورئتم السحر عن آبائكم أيام موسى , وأنكم تفرقون بين المرء وزوجه , وأن أبا عبد الله جعفر بن محمد ساحر مثلكم , فاعملوا شيئا من السحر , فإنكم إن أبهتموه أعطيتكم الجائزة العظيمة والمال الجزيل , فقاموا إلى المجلس الذي فيه المنصور , وصورا له سبعين صورة من صور السباع لا يأكلون ولا يشربون ؛ وإنما كانت صور , وجلس كل واحد منهم تحت صورته , وجلس المنصور على سريره , ووضع إكليله على رأسه , ثم قال لحاجبه : ابعث إلى أبي عبد الله , فقام فدخل عليه , فلما أن نظر إليه وإليهم , وبما قد استعدوا له رفع بيده إلى السماء ثم تكلم بكلام بعضه جهر وبعضه خفيا , ثم قال : ويحكم أنا الذي أبطل سحركم , ثم نادى برفيع صوته : قسورة خذهم , فوثب كل سبع منها على صاحبه وافترسه في مكانه , ووقع المنصور من سريره وهو يقول : يا أبا عبد الله أقلني , فوالله لا عدت إلى مثلها أبدا , فقال له : قد أقلتك , قال : يا سيدي فرد السباع إلى ما أكلوا , قال : هيهات إن عادت عصى موسى فستعود السباع ) .
يقول محمد تقي الشريف مصنف هذا الكتاب : وعن الاختصاص وثاقب المناقب وفي كتاب راحة الأرواح , عن الربيع حاجب المنصور مثله الا أن في رواية الاختصاص أنه عليه السلام قال : ( أنا الذي أبطلت سحركم أيام موسى , وأنا الذي أبطل سحركم ) : وفي روايتهما : ( أنا حجة الله الذي أبطل سحر آبائكم أيام موسى بن عمران ) . الحديث .
أباه الخليل ابراهيم عليه الصلاة والسلام في دخوله النار
في الكافي بعض أصحابنا : عن ابن جمهور , عن أبيه , عن سليمان بن سماعة , عن عبد الله بن القاسم , عن المفضل بن عمر قال : ( وجه أبو جعفر المنصور إلى الحسن بن زيد , وهو واليه على الحرمين أن أحرق على جعفر بن محمد داره , فألقى النار في دار أبي عبد الله عليه السلام , فأخذت النار الباب والدهليز , فخرج أبو عبد الله عليه السلام يتخطى النار ويمشي فيها , ويقول أنا ابن أعراق الثرى أنا ابن إبراهيم خليل الله عليه السلام ) .
الهداية لابن حمدان بإسناده , عن يونس بن ظبيان , عن المفضل بن عمر ,عن أبي عبد الله قال : ( دخلت عليه وهو جالس على بساط أحمر في وسط داره وأنا أقول : اللهم إني لا أشك في أن حجتك على خلقك وإمامنا جعفر بن محمد الصادق فلقنني ما يزيد لي ثباتا ويقينا , فرفع رأسه إلي وقال : قد أوتيت سؤلك يا موسى ناولني تلك النواة , وأشار بيده إلى نواة في جانب الدار , فأخذتها وناولته إياها , فنصبها على الأرض ووضع سبابته عليها , وعمرها وغيبها في الأرض , ودعا بدعوات سمعت منها " اللهم فالق الحب والنوى " ولم أسمع الباقي , وإذا تلك النواة نبتت نخلة وأخذت تعلو حتى صارت بإزاء علو الدار , ثم حملت حملا حسنا , وتهدلت وبسرت ورطبت رطبا , وأنا أنظر إليها , فقال لي : هزها يا مفضل فهززتها , فنثرت علينا رطبا في الدار جنيا ليس مما رأى الناس وعرفوه , أصفى من الجوهر , وأعطر من روائح المسك والعنبر , توري الرطبة مثل ما توري المرآة , فقال لي : التقط وكل , فالتقطت وأكلت وأطعمت , فقال لي : ضم كل ما يسقط من هذا الرطب وأهد إلى كل نفس منهم واحدة : قال المفضل : فضممت ذلك الرطب وظننت أني لا أطيق حمله إلى منزلي , فخف علي حتى حملته , وفرقته فيمن أمرني منهم ممن بالكوفة , فخرج بأعدادهم لا يزيد رطبة ولا ينقص رطبة , فرجعت إليه فقال لي : اعلم يا مفضل أن هذه النخلة تطاولت وانبسطت في الدنيا فلم يبق مؤمن ولا مؤمنة من شيعتنا إلا أكل منها بمقدار مضيك إلى منزلك ورجوعك إلينا , فهذا من فضل الله أعظم مما أعطى داود , وإنا كما قد أعطيناه , وأعطينا ما لم يعط كرامة من الله لحبيبه جدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإن كنت من شيعتنا سترد إلينا وإليك من طول الدنيا وعرضها بأن النخلة وصلت إليهم جميعا , فطرحت إلى كل واحد رطبة فقال المفضل : فلم تزل الكتب ترد إليه من سائر الشيعة في سائر الدنيا بذلك , فعرفت والله عددهم من كتبهم ) .
وعنه عن داود الرقي أيضا قال : ( خرجت مع أبي عبد الله عليه السلام حاجا إلى مكة , فنحن نسائره ذات يوم في أرض سبخة ؛ إذ دخل علينا وقت الصلاة إذ قال : مروا بنا إلى هذا الجانب فإنها أرض ملعونة فملنا وسرنا ما شاء الله , فإذا نحن بعين فوارة وماء بارد عذب وأشجار خضر فنزلنا وتطهرنا وصلينا وشربنا رواحلنا وملأنا سقاءنا وقمنا ومضينا فما سرنا غير بعيد , قال لي : هل تعرف هذا الموضع ؟ قلت : نعم يابن رسول الله , قال : اذهب فجئني بسيفي فقد علقته على الشجرة فوق العين ونسيته , فمضيت إليه ووجدت السيف معلقا على الشجرة وما رأيت أثرا من العين ولا من الأشجار الخضر , وإنما هي أرض سبخة لا عهد لها بالماء ) .