كان الشيخ الكبير، صاحب الكرامات الباهرة، (شارح الاستبصار) القاسم بن عباد عز الدين الكاظمي مجاوراً للنجف الأشرف.
وفي سبب مجاورته للنجف الأشرف، روى عن ابنه الأكبر الشيخ إبراهيم أنه قال: قال والدي، وهو يشرح كيفية مجاورته لهذا المكان المقدس:
ابتليت بقروض كثيرة عجزت عن أدائها، ولم يكن لي وسيلة أتعيش بها، فاضطررت أن أهاجر إلى ديار العجم، وفي الليلة الأخيرة زرت مرقد أمير المؤمنين (عليه السلام) للوداع، فتشرفت بالزيارة وزرت زيارة الوداع، ووقفت إلى جنبه بقلب منكسر حزين، ثم خاطبت الإمام (عليه السلام) وقلت: يا مولاي! لشدة الضيق والفاقة، سأضطر للسفر إلى ديار العجم، وفي هذا السفر سأضطر إلى الالتقاء ببعض الوجهاء والوزراء، وإذا كان لسان مقالي لم يسأل هؤلاء، فلسان حالي يسألهم، ولو أن لسان مقال هؤلاء لا يسألني، فلسان حالهم يسألني ويقول: أيها الشيخ! تركت التمسك بمولاك، وتمسكت بأذيال الآخرين، في حين أن أهل الدنيا كلهم محتاجون إليه.
وبعد الزيارة ودعت الحضرة وذهبت ونمت، فرأيت في المنام رجلاً يسمى ـ الحاج علي ـ وكان دائماً يظهر لي اللطف والمحبة ويزيد في إكرامي واحترامي، فجاء لي وهو في حالة غضب وغيظ، فقلت له: أيها الحاج! أستغرب منك هذا الجفاء، ولم أكن أتوقعه منك، حيث لم يسبق منك ذلك، فما هو الذنب الذي صدر مني حتى أستحق كل هذا؟
وفي هذه الأثناء سمعت صوتاً من منارة صحن أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول:
أيها الغافل! هنا مكان يأتيه الملوك ويقصدونه ويقبلون عتبته، وأنت تريد تركه؟
فاستيقظت من نومي وصممت على المجاورة في هذا المكان المقدس، وأن لا أتركه، وتوكلت على الله، فأرسلت إلى أهلي وعيالي فجيء بهم إلى النجف الأشرف، ولم تمض سنة حتى أديت جميع ديوني، ونلت الرفاه في العيش.
يقول صاحب (رياض العلماء) تشرفت بخدمة هذا العالم في النجف الأشرف، وكانت تلوح عليه سيماء الإيمان، فكان مصداق الآية الشريفة: (سيماهم في وجوههم من أثر السجود).
قصص وعبر من حياة العلماء