كريمة أهل البيت السيدة فاطمة المعصومة سلام الله عليها‹1› لنعرف من نزور: لا شك أن للمعرفة مدخلية هامة في الزيارة ولذا أكد أهل البيت سلام الله عليهم في مختلف أحاديثهم أهمية المعرفة في الزيارة ومنها: عن الإمام الصادق سلام الله عليه قال في ثواب من زار أمير المؤمنين سلام الله عليه: «من زار جدّي عارفاً بحقّه كتب الله له بكل خطوة حجة مقبولة»(التهذيب ج6 ص21).
وعنه سلام الله عليه قال: «من زار قبر أبي عبد الله سلام الله عليه يوم عاشوراء عارفاً بحقّه كان كمن زار الله في عرشه».(التهذيب ج6 ص51).
وقال سلام الله عليه أيضاً:«من زار قبر أبي عبد الله سلام الله عليه عارفاً بحقّه غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر».(الوسائل ج14 ص419).
فمن الطبيعي أننا لو عرفنا من نزور ومقامه لاختلفت حالتنا في الزيارة تماماً عما لو كنا لا نعرف شيئا عن الشخصية التي نزورها، ولذا أكدت الأخبار مسألة المعرفة، وفي زيارة السيدة المعصومة عرَّفت بعض فقرات الزيارة شخصية هذه السيدة الجليلة ونسبها العظيم وهي: {... السلام عليكِ يا بنت رسول الله، السلام عليك يا بنت فاطمة وخديجة، السلام عليكِ يا بنت أمير المؤمنين، السلام عليكِ يا بنت الحسن والحسين، السلام عليكِ يا بنت ولي الله، السلام عليكِ يا أخت ولي الله، السلام عليكِ يا عمة ولي الله، السلام عليكِ يا بنت موسى بن جعفر ورحمة الله وبركاته}.
فكل من يقرأ هذه الفقرات تغمره حالة الإجلال والتعظيم للشخصية التي يزورها، فهو يزور بنتاً من بنات رسول الله صلّى الله عليه وآله، ولا ضير في ذلك فهي حقيقةً تنتسب إليه، يدلّ على ذلك مناظرة الإمام الكاظم سلام الله عليه مع هارون العباسي لما سأل منه قائلاً: لم جوّزتم للعامة والخاصة أن ينسبوكم إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ويقولون لكم: يا بني رسول الله وأنتم بنو علي، وإنما ينسب المرء إلى أبيه، وفاطمة إنما هي وعاء والنبي جدّكم من قِبل أمّكم؟ فأجابه الإمام الكاظم سلام الله عليه: لو أن رسول الله صلّى الله عليه وآله نُشر فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه؟ فقال: سبحان الله، ولم لا أجيبه بل أفتخر على العرب والعجم وقريش بذلك. فقال الإمام الكاظم سلام الله عليه: لكنه لا يخطب إليّ ولا أزوّجه. فقال: ولم؟ قال سلام الله عليه: لأنه ولدني ولم يلدك. فقال هارون: أحسنت يا موسى، ثم قال: كيف قلتم إنا ذرية النبي والنبيُّ لم يعقّب وإنما العقب للذكر لا للأنثى، وأنت ولد الإبنة ولا يكون لها عقب؟ فأجابه الإمام بقوله تعالى: (ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى)، من أبو عيسى؟ فقال هارون: ليس لعيسى أب. قال الإمام سلام الله عليه: إنما ألحقناه بذراري الأنبياء من طريق مريم، وكذلك ألحُقنا بذراري النبي من قبل أمنا فاطمة.( البحار ج48 ص127-128).
والمثير في الزيارة أنها قدمت السلام على الصديقة الزهراء والسيدة خديجة بعد السلام على رسول الله صلّى الله عليه وآله مباشرة ثم تلاها السلام على أمير المؤمنين سلام الله عليه والحال أن السلام ـ بعد السلام على النبي صلّى الله عليه وآله كما في كثير من زيارات الأئمة الأطهار سلام الله عليهم ـ يأتي مباشرة على وصيه أمير المؤمنين سلام الله عليه. وهذه من خصائص زيارة السيدة المعصومة سلام الله عليها الحرية بالتأمل والتحقيق.
أما السلام عليها بكونها بنتاً للحسن والحسين فهذا أيضا لا يخلو من نكة دقيقة؛ إذ من المعلوم كونها بنتا للحسين أما كيفية كونها بنتاً للإمام الحسن وهل الإجابة عليه بأنها من ذرية الإمام الباقر - المولود من السيدة فاطمة بنت الإمام الحسن سلام الله عليه فتكون السيدة المعصومة بنتاً للإمام الحسن سلام الله عليه حقيقة - وافٍ في المقام؟ فتوكل الإجابة عليه إلى مقام آخر.
الجدير بالملاحظة والتأمل أن الزيارة تعرّف السيدة بأنها بنت ولي الله وأخت ولي الله وعمّة ولي الله، ومع ذلك يتكرر السلام عليها هكذا: السلام عليك يا بنت موسى بن جعفر ورحمة الله وبركاته، فلماذا هذا التصريح بالسلام عليها بكونها بنت الإمام موسى بن جعفر؟ أوليس السلام عليها ببنت ولي الله كافياً؟ وإذا أجيب بأنه غير كاف فلماذا لم يتكرر السلام على أخيها كذلك بذكر اسمه، كأن يقال: السلام عليك يا أخت الإمام علي بن موسى الرضا مثلاً؟ ولماذا لم يسلم عليها بـ«عمة الإمام الجواد» أيضاً؟ تبقى مثل هذه التساؤلات تثير كل من يتمعن في زيارة هذه السيدة الجليلة.
الى متى يا مهدينا الى متى هذا الغياب عجل على ظهورك إذا كنا مع الحق فلا نبالي