الحلقة الثالثة
ثالثاً: العوامل المساعدة
ننتقل إلى العوامل المساعدة. التي تساعدك على هذا و هذا .
أولاً: القراءة في كل آن
وخاصة في انتظار الصلوات، في كل آن عندما تذهب لموعد وغالباً تأتي و لا يأتي من واعدته إلا متأخراً فليكن ديدنك أن تكرر حفظك و أن يكون مصحفك في جيبك. الصلوات كثيراً ما نأتيها و قد كبّر الإمام، لو قدمنا خمس دقائق قبل كل صلاة لكان عندنا ثلاث صلوات، ثلاث مجالس يمكن أن نكرر فيه صفحة الحفظ أو أن نربط بعض الصفحات، أو أن نراجع بعض ما سنذكره في شأن المراجعة.
هذا لابد أن يكون لنا إهتمام به و أن نضعه في أذهاننا و تصوراتنا.
ثانياً: سماع الأشرطة القرآنية المجودة
و هذه نعمة من نعم الله عز وجل علينا، أنك يمكن أن تسمع الحفظ الجديد و القديم في كل يوم في أثناء مسيرك في سيارتك أو قبل نومك في بيتك إجعل شريط القرآن دائم التكرار.
و لا يكن ذلك عفواً و ليكن ذلك بطريقة منهجية، بمعنى أنك عندك في هذا الأسبوع سورة معينة للمراجعة تريد أن تجعله ديدنك خلال هذا الأسبوع. و أن تجعل أيضاً شريط الحفظ الجديد أيضاً ديدنك هذا الأسبوع، ليس كيفما اتفق و حسب الحاجة، لا، إفعل ذلك ضمن البرنامج الذي تكمل فيه حفظك و مراجعتك فإن هذا من أعظم الأمور المعينة المساعدة، لأنك ستسمع القراءة الصحيحة و ستعيدها و تكررها، وستسمعها بحسن التجويد و الترتيل فذلك من أهم العوامل المساعدة.
ثالثاً: الإلتزام بمصحف واحد للحفظ
وهذا أيضاً من الأمور التي يوصى بها و يحرص عليها كثيراً ، لابد أن تأخذ لك مصحفاً واحداً تحفظ عليه قدر استطاعتك من أول المصحف إلى آخره؛ لأن التغيير تشويش، أنت عندما تلتزم المصحف الواحد غالباً ما ينقدح في ذهنك صورة الصفحة مبدأ السورة في الصفحة و مبدأ الجزء في تلك الصفحة وأين تنتهي و كم عدد الآيات فيها فذلك يثبت الحفظ عندك ويجعلك أقدر على أن تواصل و أن تربط و أن تمضي إن شاء الله مضياً جيداً سريعاً وقوياً.
أما إذا حفظت يوماً هنا فهذه الصفحة تبدأ بالسورة وفي مصحف آخر السورة بدايتها في مكان آخر ، لا تستفيد من هذه الفائدة التي هي إحدى الفوائد التي سنذكرها فيما يأتي من الحديث. إذن المصحف الواحد يعين و أجود المصاحف ما يسمى مصحف رأس الآية الذي يبدأ بآية و ينتهي بآية، ليس في صفحة جزء من الآية و تكملتها في الصفحة التي بعدها أو وراءها ، لأنك كما قلنا اجعل قدرك أو حفظك هو الصفحة، مقياسك صفحة، إما أنك ستحفظ في اليوم صفحة أو أكثر، تلك الصفحة هي اللوح الذي يعينك بإذن الله عز و جل .
رابعاً: استعمال أكبر قدر ممكن من الحواس
وهو من أهمها و آخرها، و هذه من الناحية العلمية معلوم أن إستخدام حاسة واحدة يعطي نتيجة بنسبة معينة، فإذا إستخدمت للحفظ أو في هذا العمل حاستين زاد إستيعابك و فهمك و حفظك له، و إذا إستعملت ثلاثة حواس زاد، إذا إستخدمت أربع زاد.
كيف نستخدم الحواس ؟ بعض الأخوة يقرؤون كما يقولون يقرأ بعينه، هذه تضعف حفظك.
إقرأ بعينك و بلسانك، إرفع صوتك يتحرك اللسان وتَسمعُ الآذان، ثم إذا استطعت و هذا لا شك أنه فيه صعوبة لكن فيه قوة ومتانة وهو أمر الكتابة، إذا حفظت صفحتك فاكتبها ولو على غير الرسم، كتابة لتثبيت الحفظ ، فإن الكتابة من أقوى ما يثبت الحفظ تثبيتاً راسخاً لا ينسخ بإذن الله عز و جل.
و نحن نعلم شأن الكتاتيب التي تسمى كتاتيب، والتي بعض الناس يقول زمن الكتاتيب و طريقة الكتاتيب، وكأنه أمر فيه تخلف وهو في حقيقة الأمر من أجود و أمتن و أحسن ما يمكن عليه الحفظ.
هذا ما يتعلق بالحفظ.
ثالثاً: المراجعة
القسم الثالث المراجعة: وهي من تمام الحفظ، فلا حفظ بلا مراجعة، و ليس هناك مراجعة أصلاً من غير حفظ. هناك أسس ثلاثة قبل أن ندخل في طريقة المراجعة.
الأسس
أولاً: التعاهد الدائم
أن القرآن قال الله عز و جل في وصفه {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}، لكن جُعل من خصائصه أنه سريع التفلت، لماذا ؟ حكمة من الله عز وجل، من أراد أن يحفظ القرآن هكذا ليتباهى به، أو يحفظه ليأخذ به جائزة، فهذا لا بأس يحفظ ثم ينسى، أما من يريد أن يحفظ القرآن حفظاً لله عز وجل ثم ينتفع به في عبادته و تعليمه و إلى آخره، فإنه لا بد أن يبقى معه وبقائه معه هو التأثير الإيجابي العملي السلوكي فإن الأمر ليس يتعلق فقط بالحفظ نحن اليوم نركز على هذه المعاني لأننا نهدف إلى هدف معين نريد طريقة الحفظ أما بقية الأمور فليست في معزل عن هذا.
ثانياً: لا بد من المقدار الكبير
المقدار الكبير: من يريد أن يراجع صفحة باليوم هذا لا تعد مراجعة و لا ينتفع بها إلا في دائرة محدودة جداً.
شاب يحفظ القرآن من النجف الأشرف ذكر لي أنه كان يراجع كل يوم سبعة أجزاء!!!.
ثالثا: إستغلال المواسم
مثل موسم شهر رمضان فهو موسم المراجعة الأكبر، فلكل شيء ربيع وربيع القرآن شهر رمضان.
الطريقة
ويمكن أن نشير إلى أمرين مهمين في مسألة الطريقة:
أولاً: تسميع أربعة صفحات من الحفظ الجديد
عند تسميع كل صفحة جديدة لا بد من تسميع أربعة صفحات من الحفظ الجديد قبلها.
يعني يسمع خمس صفحات، في اليوم التالي ماذا سيصنع؟ سيحفظ صفحة جديدة سيسمعها و معها أربعة صفحات من التي قبلها وستكون صفحة الأمس معها، صفحة الأمس ستكرر خمس مرات، فهذا أولاً جزء المراجعة المبدئي الذي هو للحفظ الجديد، يحتاج إلى صيانة باستمرار، مثل أي شيء تترك صيانته يبدأ يتسرب إليه الخلل، إذن أولاً مع كل صفحة جديدة يسمع أربع صفحات من الجديد قبلها، هذا سيجعل الصفحة الجديدة تسمع خمس مرات، قبل أن ينتقل قبل ذلك إلى صفحة سادسة وسيعيد قبلها أربع فلن تكون الأولى منها.
ثانياً: أن يسمع في كل يوم عشر صفحات من القديم
وكما قلت ليس هذا صعباً أو محالاً إذا استغل مشيه بسيارته و غير ذلك مما أشرت إليه من سماعه لأشرطة، فيتحقق له ذلك بإذن الله دون عناء كبير، المهم النية و العزيمة إلى آخر ما ذكرنا في الأسس العامة هذا يضبط لنا الأمر خاصة في البداية، ثم ماذا يحصل نتيجة لهذا؟ في البداية أيها الإخوة قد يكون مثل هذا الأمر فيه بعض الصعوبة أو يحتاج لبعض الوقت، لكن ما الذي يحصل بعد هذا أيها الأخوة؟
الذي يحصل الست قد اشترطت عليكم أن تكون حفظ الصفحة الأولى مثل حفظ الفاتحة، فإن طبقتم ذلك ثم قرأتموها خمس مرات
في فراغكم ، ثم كانت ضمن الصفحات الخمس التي تسمع في الأيام التي بعدها، فماذا سيكون شأن هذه الصفحة
هل تراك عندما تراجعها ستحتاج إلى جهد أو إلى عناء، أنت ستتلوها كما تتلو فاتحة الكتاب ، و أنت تمشي و أنت تجلس و أنت تنتظر و أنت تقوم و في وقت من الأوقات، إذن ماذا يحصل؟ المراجعة إذا أتقناها بهذه الطريقة تصبح شيئاً لا يشكل عبئاً و لا يحتاج وقتاً في الوقت نفسه.
فلو تصورت أنك بدأت الحفظ حديثا، فحفظت الصفحة الأولى، ثم جئت باليوم التالي و حفظت الصفحة الثانية، و بذلك تسمع الصفحتين معا حتى إذا جئت إلى اليوم الخامس سمعت الصفحات الخمس، ثم إذا جئت إلى اليوم العاشر سمعت العشر، و بذلك تمضي إلى نهاية الجزء عشرين صفحة، ماذا سيكون؟
ستكون الصفحة الأولى قد مرت بك نحواً من ثلاثين مرة ، فإذا مشيت على هذه الطريقة، إذا جئت إلى الجزء الثاني و الثالث لن يكون الجزء صعباً عليك، و لن تحتاج أن تقول إذن لابد أن أتوقف الآن حتى أراجع ذلك الجزء، هذا التوقف و الوقفات الطويلة للمراجعة هي حفظ جديد. كثيراً ما يصنع ذلك طلبة التحفيظ، يمضي خمسة أجزاء ثم يقول أقف للمراجعة، ووقفته للمراجعة حفظ جديد يحفظها مرة ثانية ثم لا يحكمها ويمضي خمسة أخرى ثم يقول أرجع و هو كما قلت إنما يحرث في الماء فلينتبه لذلك.
العوامل المساعدة
عوامل مساعدة للمراجعة كما قلت، بعضها مما ذكرت:
قيام الليل و القراءة فيه
وهو من الأمور النافعة المفيدة التي قل من يأخذ بها إلا من رحم الله، قيام الليل و الإفاضة فيه.
فإن قراءة القرآن في الليل فيها الهدوء و السكينة واستحضار القلب و اجتماع الفكر إضافة إلى ما يفتح الله عز و جل به عليك و أنت تعبده و الناس نائمون إلى غير ذلك، هذا أمر واضح جداً.
هذا ما يتعلق بالمراجعة.
الحلقة الرابعة تأتي إن شاء الله
هبة الله