المصير بين المكاره والشهوات
قال أمير المؤمنين عليه السلام : «حفّت الجنة بالمكاره وحفّت النار بالشهوات» إنَّ الحياة الخالدة والسعادة الأبديَّة للإنسان تتحقَّق في عالم الآخرة. وإنَّ الدنيا والحياة الدنيوية ليست هي المحطة الأخيرة في حياة الإنسان، بل العاقل هو الذي يفكِّر بعالم ما بعد الموت. وهنا نتساءل: هل يمكن الجمع بين الوصول إلى النعيم الأخروي والسعادة الخالدة، والانغماس في اللذائذ الدنيوية والشهوات المادية، أم أنَّ الجمع بينهما خطأ كبير؟ يجيبنا عن ذلك ما نقله الإمام علي(عليه السلام) عن الرسول الأكرم(ص) من أنّ الجنّة حفّت بالمكاره وأنَّ النار حفّت بالشّهوات. حيث لا يمكن الوصول إلى النّعيم إذا ترافق مع الشّهوات، بل تُرافق الوصول إلى النعيم والحياة الخالدة الصّعوبات والمشكلات.
لقد أُطلق على طاعة اللَّه تعالى وعبادته اسم «التكليف»، لتَرافقه مع الكلفة والصعوبات والمشكلات. وأُطلق على الأهواء اسم «الشهوات» لاندراجها في إطار الخضوع للمتطلَّبات الحيوانية للإنسان. إذاً لا يجب أن نتوقَّع الوصول إلى النعيم والحياة الخالدة من دون الشدائد والصعوبات، ولا يجب أن نظن أنَّ الشهوات والأهواء لا تؤدِّي إلى الجحيم. وطبعاً ليس من الجائز الاعتقاد بأنَّ ملاك تعيّن طريق الجنة أو الجحيم هو صعوبته أو سهولته فقط، فعندما نحسن إلى شخص من دون أن يترافق هذا الإحسان مع صعوبة ومشقَّة فإنَّ هذا الأمر أيضاً يؤدِّي إلى السعادة والكمال الإنساني، وعندما يتحمَّل بعضنا الصعوبات والمشقَّات وهم يسعون وراء أهوائهم، فهذا لا يعني أنَّهم ابتعدوا عن الجحيم.
هنا تجب الإشارة إلى أنَّ الصعوبات والشدائد التي ترافق الوصول إلى السعادة هي في الواقع للمبتدئين بسلوك هذا الطريق ومن هم في أوَّله، أمَّا من قضى مدَّة في هذا الطريق وذاق حلاوة السعادة الحقيقية واطَّلع على كراهة الأهواء الزائلة فتصبح لديه كراهة واشمئزاز للأهواء واللذائذ المادية وإقبال على سلوك الحق. أمَّا طريق الجحيم الذي يأتي على أثر الأهواء والشهوات فإنَّه يؤدِّي بصاحبه، وعلى أثر التكرار وعدم الاطلاع على الحقائق، إلى الابتعاد عن الطاعة والعبادة لا بل وكراهيتهما. هذه حقيقة يدركها الأتباع الخلَّص للرسول(ص) وللإمام أمير المؤمنين(عليه السلام)، فكيف بنا بأمير المؤمنين الذي لا تساوي الدنيا وأهواؤها لديه أيَّ شيء على الإطلاق؟.
ولو تحمَّلنا الصعوبات في سبيل الوصول إلى النعيم وابتعدنا عن الشهوات والأهواء التي لا توصل إلا إلى الجحيم، فإنَّنا سنتذوَّق حلاوة هذا الطريق ونقترب أكثر من أمير المؤمنين(عليه السلام).
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته
ربي يجزاكِ خير الجزاء أنوار الزهراء على الطرح المبارك
الله يوفقكم ويقضي جميع حوائجكم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين رشح المنتدى لإغاثة المحتاجين والمرضى
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
أشكرك أختي الغالية على الطرح الرائع
جزاك الله ألف خير
ووفقك لما يحب ويرضى
بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين