السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين
معنى العجب والإدلال:
من جملة الذنوب القلبية والأمراض الباطنية, العجب... وحقيقة العجب هي أن الشخص يرى نفسه خالية من أي عيب ونقص, ويرى نفسه عظيماً لأنه في كمال ونعمة, شرط أن يكون يعتبر هذا الكمال من نفسه لا من الله ويعتمد على ذلك ويفرح به بحيث لا يخطر بباله زوال تلك النعمة ليخاف.العجب في العبادة أن يعتبر الشخص أن العبادة التي أداها إنما هي منه لا من توفيق الله, ويرى نفسه نتيجة أدائها عظيماً لأنه قام بعمل عظيم كما يتخيل ويفرح بتلك العبادة ولا يعود يرى نفسه ( بسبب هذه العبادة ) مقصراً تجاه الله تعالى.
والإدلال هو أن الشخص بالإضافة إلى إكبار نفسه بسب العمل الذي أداه يرى نفسه صاحب حق ومقرباً إلى الساحة الإلهية بحيث أنه - بزعمه هو - في الآخرة يجب أن تكون الجنة مكانه حتماً, وفي الدنيا كلما دعا فيجب أن يستجاب دعاؤه فوراً ولا يصيبه أي بلاء.مثال ذلك من أعطى مالاً لآخر أو أسدى إليه خدمة فاستعظم ذلك ورأى نفسه صاحب حق وتوقع من الآخذ الجزاء وامتثال أوامره.
مع المجلسي والشيخ البهائي رحمهما الله:
قال العلامة المجلسي في معنى العجب: والعجب استعظام العمل الصالح واستكثاره، والإبتهاج له والإدلال به وأن يرى نفسه خارجاً عن حد التقصير, وأما السرور به مع التواضع له تعالى والشكر له على التوفيق لذلك وطلب الإستزادة منه فهو حسن ممدوح, قال الشيخ البهائي قدس الله روحه ( في معنى العجب في العبادة ): لا ريب أن من عمل أعمالاً صالحة من صيام الأيام وقيام الليالي وأمثال ذلك يحصل لنفسه ابتهاج، فإن كان من حيث كونها عطية من الله له ونعمة منه تعالى عليه، وكان مع ذلك خائفاً من نقصها مشفقاً من زوالها، طالباً من الله الإزدياد فليس ذلك الإبتهاج عجباً, وإن كان - الإبتهاج - من حيث كونها صفته وقائمة به ومضافة إليه فاستعظمها وركن إليها ورأى نفسه خارجاً عن حد التقصير وصار كأنه يمنّ على الله سبحانه بسببها فذلك هو العجب.و العجب هو أن يرى الشخص نفسه عظيماً ويفتخر بنفسه أني كيت وكيت وكذا وكذا, أديت عملاً عظيماً, أنا لا عيب فيَّ ولا نقص, في حين أنه لا وجود لذرة من العظمة الإلهية في قلبه ولا ذرة من الخوف من عقوبته, فليس خائفاً من عدم قبول أعماله التي يراها خيراً.
العجب مرض القلب:
تقدم في قسم العقائد من هذا الكتاب أن من الأمراض القاتلة للنفس الإنسانية الجهل المركب وعلاجه في الحقيقة في غاية الصعوبة وليس له غير الفضل الإلهي أيّ علاج كما سيذكر والجهل المركب هو أن لا يعرف الإنسان الحقيقة ولا يعرف بجهله هذا بل - رغم جهله - يعتبر نفسه عالماً وبعبارة أخرى: " أن يجهل أنه يجهل ".العجب هو الجهل المركب بحقيقة الأمر لأن الشخص المعجب لم يعرف حقيقة أمره وإلا لما وجد فيه العجب وهو أيضاً لم يدرك هذا الجهل.
كل ما لديه من الله ولكنه لا يعلم:
توضيح المطلب أن الحقيقة الإنسانية ليست شيئاً آخر غير العدم الذاتي والوجود العرضي والحاجة الشاملة من كل الجهات, وكما أن الإنسان لم يكن شيئاً منذ البدء فهو الآن ليس شيئاً وليس له من نفسه شيء ولا يملك أي استقلال وأصل وجوده وآثار وجوده معاً مرتبطان بالله.أو هل كان أوله شيئاً غير قبضة تراب في الأرض وبعد ذلك قطرة ماء في الرحم؟
هذا الجهاز العظيم والمعمل المحير, البدن, من الإنسان؟! هذه القوى الإدراكية كالبصر والسمع وسائر الإدراكات هو أوجدها في نفسه؟
هذا العلم وهذه القدرة هل هما منه؟ الكمال الذي يظنه في نفسه عن أي طريق وصل إليه؟ هل وصله عن طريق آخر غير القوى الإدراكية ومنها العقل وكلها من الله.
العبادة التي أداها هل أداها بغير البدن الذي صنعه الله وبأمر الله سخر لإرادته؟
إذن ذلك الإنسان - الذي لم يدرك هذه الحقيقة وبمجرد أن ظن في نفسه كمالاً أو أتى بعمل خير, رأى أن ذلك الكمال وتلك النعمة منه فرح بها واعتبر نفسه عظيماً وجهل جهله بالحقيقة - هو في الحقيقة مبتلى بأصعب الأمراض النفسية لأن أذن قلبه صُمَّت عن سماع الحق وأصبح قلبه أقسى من الحجر وأقفل على قلبه وختم عليه بحيث لا يدخله حق وخسر الحقيقة التي هي خاصية القلب الإنساني السليم إنه ذلك الأحمق الذي يعجز الأطباء الإلهيون عن علاجه ويوَلون منه فراراً.
مقتطفات من كتاب القلبُ السَّليم للسَّيّد عَبْد الحُسَيْن دَسْتغيْب
وفقكم الله تعالى ببركة وسداد اهل البيت عليهم السلام
م/ن
تحيتي
مسك النبي الهادي