رجل العقيدة والإيمان معلم القرآن
ان تاريخ البحرين عرف عنه أنه بلد العلم و العلماء ، فهو حافل بذكرى الكثير من رجالات الأيمان و الصلاح الذين عرفوا الحق و عرفوا أهله . و من هؤلاء رجل أحتضنته هذه الأرض وآوته وأكرمته لأنه وجد فيها الملجأ الآمن و الأهل الطيبين و وجدت فيه المعلم الصبور و المؤمن الحق . انه الشيخ عمير بن عامر الهمداني الكوفي المعروف " بالمعلم " .
عمير المعلم
كان عمير معلما في الكوفة ، يعلم صبيانها القرآن الكريم . وقد كان محبا لأهل بيت النبي ( ص ) و مواليا لهم يعتقد بما يعتقدونه وينكر ما ينكرونه .
وقد أثار عليه هذا الحب و هذه الموالاة حفيظة والي الكوفة يوم ذاك عبيد الله بن زياد حتى استطاع الوشاة و الحاقدون أن يوقعوا به عند الوالى ابن زياد ومن ثم أودعه السجن دون أن يقبل مقالة المعلم عمير . وفي السجن التقى بالمختار بن عبيدة الثقفي الذي قام بثورته على بني أمية فيما بعد آخذا بثاره من قتلة الحسين ( ع ) وأصحابه .
عمير مع المختار الثقفي
خرج المختار الثقفي من السجن و خرج معه عمير ، وأصبحا متلازمين ثم تشاء الأقدار أن يقوم المختار بثورته ضد الأمويين ليثأر من قتلهم الأمام الحسين ( ع ) وأصحابه . وقد أستمرت ثورته ما يقارب السنه و النصف قتل منهم ما يقارب الثمانية عشر ألف قتيل كما أشارت إلى ذلك كتب التاريخ . وكان عمير أحد رجالات المختار حينها .
وكادت ثورة المختار أن تنجح لولا تدخل " مصعب بن الزبير " حيث انه قدم من الحجاز إلى البصرة وكان يتمنى الولاية على العراق وكانت الفرصة مواتية فزحف على الكوفة بجيشه المؤلف من جماعة من أهل البصرة مع الذين نجوا من سيف المختار من أهل الكوفة . فوقعت الواقعة وقتل المختار وأنتهي أمره ففر عمير بنفسه من بطش " مصعب بن الزبير " وبطش الأمويين ..
لماذا أختار عمير أرض البحرين ؟
لم يجد عمير مكانا يأوي إليه إلا البحرين وذلك لأسباب عديدة منها ، أنها جزيرة يفصلها البحر عن اليابسة وهي صغيرة والعين عنها غضيضة . كما أنها سبق وان كانت مأوى لمن فر من سطوة الأمويين في عهد معاوية بن أبي سفيان بعد حادثة الصلح مع الأمام الحسن ( ع ) . كما أن أهلها عرفوا بميلهم إلى أهل البيت ( ع ) منذ صدر الإسلام الأول . إضافة إلى كل ذلك فقد عرف أهلها بنفوسهم الطيبة التي لا تبتغي الشر و ترغب في الأمن و الاطمئنان .
وقد أختار عمير جزيرة سترة دون جزر البحرين الاخرى لقربها من مرفأ السفن وهو بين توبلي و بلاد القديم ولأن الأختفاء فيها و بين ظهراني أهلها أكثر ملائمة .
أكرم أهل البحرين هذا المعلم الجليل الذي مازال يعلم أولادهم ويسعى بين الناس بالخير حتى حان أجله وتوفي فدفن بالمكان المعروف حتى يومنا هذا ، وقد أختفى ذكر قبر هذا المعلم مدة طويلة من الزمن ولم يظهر آلا في عهد قريب .
وقد كان قبره مزارا من قبل و الآن ، يقول الشيخ محمد علي الناصري البحراني في كتاب " قصة النبيه صالح " : ان في أوائل القرن الحادي عشر الهجري إلى أوائل القرن الثاني عشر قد انتشر عند أهل البحرين نحت الصخر و الذي يقطع من " جزيرة جدا " ويوضع على قبور مشاهير الرجال من أهل العلم و الفضيلة ، والأحرى أن عملهم جاء استنادا على ما أورد " قولويه " في كتابه المسمى " كمال الزيارات " من حديث عن أهل البيت ( ع ) مفاده : قال عمرو بن عثمان قال:" سمعت الأمام الرضا(ع) يقول:"من لم يقدر على صلتنا فليصل صالحي موالينا يكتب له ثواب صلتنا،ومن لم يقدر على زيارتنا فليزر صالحي موالينا يكتب له ثواب زيارتنا " ..
و لذلك أهتم أهل البحرين بقبور الأولياء الصالحين و اعتادوا زيارتها عظة وعبرة وإكراما لمن بذلوا حياتهم في نصر الدين . وقد هدمت القبور في فترات زمنية على المنطقة الا أنها أعيد بناءها وزيارتها . ويذكر أن متعهد لنقل الحجاج والزوار يدعى الحاج إبراهيم بن علي قد نذر لان شفاه الله من مرضه ليبني قبر الشيخ عمير ، وقد أوفى بنذره فشرع في بنائه وكان ذلك في عام 1367 هـ الموافق 1947 م ثم جدد بناءه على نفقته كذلك عام 1951 م . أما بناؤه الأخير فكان في عام 1982م ولا يزال إلى اليوم مزارا يقصده الناس لقراءة الفاتحة لروح الشيخ عمير بن عامر الهمداني الكوفي المعروف ( بالمعلم ) إكراما له ووفاء
للأمانة منقول
[/align]
