من أين جاء الحجر الأسود كثرت الأقوال، واختلفت الآراء، والتساؤلات عن الحجر الأسود، من أين أُتي به؟ ومن أيّ شيء هو؟ وهل يضرُّ أو ينفع؟ وما هذهِ الهالة التي أُحيط بها في الروايات والأقوال وهو لا يعدو كونه حجراً عادياً؟..
وقد توفرتُ على كثير من هذهِ الأقوال والآراء، وقبل أن أذكر بعضاً منه، أقول: كلّ هذهِ الأقوال والآراء - التي دوّنت بعضها وتركتُ بعضها الآخر لا لشيء إلاّ للاختصار. ليست هي السبب في فضله، وقدسيته عندنا وفي تعظيمنا له، لأنّ ذلك الفضل وتلك القدسية وهذا التعظيم، وأيضاً وجوب البدء به في كلّ شوط من الطواف والانتهاء إليه، واستحباب التبرّك به تقبيلا ولمساً أو استلاماً والدعاء عنده... كلّ هذهِ الأُمور ثبتت عندنا بالسنّة الصحيحة لرسول الله صلى الله عليه وآله فعلا وقولا وتقرير، وسار عليها الصالحون وعموم المسلمين تعبد، واقتداءً واتّباعاً لرسول الله صلى الله عليه وآله وتأسيّاً به، ولا يهمنا بعد هذا ما تحمله تلك الأقوال والآراء ككونه درّة بيضاء في الجنّة، أو أنزله جبريل من السماء، أو كان ياقوتاً أو جوهراً أو شيئاً آخر، أو أنه كان رجل من القرامطة، قال لرجل من أهل العلم بالكوفة، وقد رآه يتمسّح به وهو معلّق على الأُسطوانة السابعة: ما يؤمنكم أن نكون غيّبنا ذلك الحجر وجئنا بغيره؟ فقال له: إنّ لنا فيه علامة، وهو أننا إذا طرحناه في الماء لا يرسُب، ثمّ جاءَ بماء فألقوه فيه، فطفا على وجه الماء.
نعم، قد تزيدنا هذه الأقوال والآراء معرفةً به، واطلاعاً عليه، لو ثبتت أمام التحقيق العلمي لها. أما لو تركنا نحن وهذهِ الأقوال والآراء - وبعيداً عن السنّة المباركة - فإنّنا لا نستفيد تلك القدسية ولا ذلك الوجوب أو الاستحباب.
صحيح أن قراءة روايات الحجر الأسود، وقراءة سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله من الوقوف مستقبلا هذا الحجر والدعاء عنده، ولمسه أو استلامه وتقبيله... هذه القراءة تبين لنا أنه حجر ذو شأن كبير وأثر عظيم، وأنه ليس كباقي الأحجار الأُخرى التي قد يحمل نفس مكوّناتها.
وعلى فرض صحة ما ذكرناه من أن إبراهيم عليه السلام قال لإسماعيل: ائتني بحجر ليكون علماً للناس، يبتدئون منه الطواف، لكن هذا لا يمنع من أن تكون له أغراض أُخرى، - غير كونه علماً يُبتدأُ منه الطواف - إن لم تكن في الدنيا ففي الآخرة كما تحدّثت عنها روايات الفريقين، وليس عجيباً وغريباً أن يدلي بشهادته في ساحة الحساب الأكبر يومَ تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه...
قال تعالى: ﴿...الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ...﴾ فصلت: 21.
فينطق الحجر الأسود، ويشهد على كلِّ عهد، وكلِّ ميثاق تمّ في ساحته، حيث بداية مسيرة الطواف، فيستقبله كلُّ حاج ويدعو ويتعهّد عنده بالتخلي عن كلّ ما ارتكبه من انحراف ومن ذنوب ومخالفات. وأنه يجدّد البيعة لرسول الله صلى الله عليه وآله والالتزام بما جاء به من عند الله تعالى ويتعهد أيضاً بالطاعة والانضمام إلى موكب التائبين كما ستقرأ ذلك في الأدعية المأثورة عند الحجر وأول الطواف.
وعندئذ سيكون نطقه وستكون شهادته ضارةً أو نافعة لنا وبالتالي يمكن وصفه بأنه ضارٌ أو نافعٌ.
ولكنّا لو تركنا هذا كلّه وقلنا: إنه حجر كباقي الأحجار المبعثرة هنا وهناك، وإنه لا يستحق هذهِ الكثرة من الروايات والأقوال والآراء.. وبالتالي ليس هناك سببٌ لأن يحظى بالقدسية والاهتمام. ويبقى مجرد علامة يستدلّ بها الحجاج على بدء أشواط الطواف. إن قلنا هذا فسنواجه أسئلة كثيرة قد تثار، منها:
ما هذهِ الفضيلة والقدسيةُ اللتان أُعطيتا له من قبل المسلمين بكلّ مذاهبهم وعبر تأريخهم الطويل؟
وما هذا الاهتمام والاعتناء به والحرص عليه من قبل المسلمين؟ ناهيك عن أهل الجاهلية الذين كاد الأمر يصل بهم إلى سفك الدماء وقتل الأنفس من أجل نيل شرف وضعه في مكانه لولا رحمةُ الله تعالى وحكمة الصادق الأمين كما قرأنا.
ولماذا لم يوضع حجر آخر مكانه عند سرقته من قبل القرامطة، فقد ترك مكانه خالياً طيلة فترة غيابه عندهم؟ ولماذا لم يبدل بشيء آخر أو بحجر غيره كما بدلت أحجار الكعبة في كلّ عملية هدم وبناء تعرضت لها الكعبة في تأريخه، وقد شمل التبديل حتى القواعد من البيت؟ فإن التاريخ لم يذكر لنا مثل ذلك. فقد بقي الحجر الأسود منذ أن وضعه إبراهيم عليه السلام في مكانه، يحمل الشكل نفسه والصفات ذاته، إلاّ اللون الذي كان أبيضَ ناصعاً فاسودّ كما نقلت ذلك الروايات و....
وجوابنا هو:أنه حتى وإن قلنا: بأنه حجر كباقي الأحجار لا يفوقها بشيء، وتعرضنا لمثل هذهِ الأسئلة، جوابنا أن الله تعالى قد تعبدنا به كما تعبدنا بغيره، وليس لنا -كمسلمين- إلاّ الانقياد لذلك، لأن الانقياد إلى الله تعالى، وللذي تعبدنا به هو جوهر الدين وحقيقته، وإن لم نعرف العلة والحكمة من ذلك، ويجب علينا المحافظة على ما تعبدنا الله تعالى به، ورعايته بل وتقديسه.
ثم علينا بعد هذا أن نسكت عما يسكت الله تعالى ورسوله عنه. ولو توقفت المصلحة على التفاصيل لكان على الله تبيانها ولو من باب اللطف ومن الحسن أن لا نخوض في أمور لا يزيدنا الخوض فيها إلاّ جهلا وإلاّ غموضاً وتعقيد، وتكون بالتالي ميداناً لأن يُلقي بعضٌ بخرافاته وأوهامه، وبعض يهرع بما لا يعرف... وبالتالي نفقد أشياء كثيرة في خضم هذه الأجواء.
يتبع...
الى متى يا مهدينا الى متى هذا الغياب عجل على ظهورك إذا كنا مع الحق فلا نبالي
بارك الله في جهودكم وشكر سعيكم وانار قلبكم بنور وجهه الكريم
جزاكم الله خير الجزاء وتقبل منكم هذا القليل بأحسن قبول
نسأل الله لكم الموفقية والسداد بجاه محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله الف خير على الطرح المبارك
جعله الله فى ميزان اعمالكم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
قل للمغيّب تحت أطباق الثرى * إن كنت تسمع صرختي وندائيا
بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على بديعة الوصف والمنظرالسلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبر
حبيبتي الفاطمية آسال الله آن يوفقكم لكل مايحب ويرضى
دمتم بحب ورعاية الزهراء
اللهم أدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد
وأخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا وآل محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
"*" نور عيني الفاطمية العلوية "*"
بارك الله جهودك ووفقك لكل ما يحب ويرضى
ورزقك سعادة الدارين بحق محمد وآل محمد
شمس النبوة وقمر هاشم يوم عاشور دار الفلك فيها وتلاقى النور بالنور
اللهمصلعلىمحمدوآلمحمدالطيبينالطاهرينوعجلفرجوليهمياكريم,,
أختي الكريمة
أحسنتِ ، بارك الله فيكِ على الطرح الطيب المبارك
في ميزان حسناتكِ إن شاء الله تعالى . اللهـمصـلعلـىمحمـدوآلمحمـد