الإمام الخميني رحمه الله
مكة: مدينة جهاد النبي صلى الله عليه و آله و سلم ومن النقاط المهمّة التي ينبغي
على الحجّاج الكرام الالتفات إليها، أن مكّة المكرمة والمشاهد المشرّفة مراة أساس
الأحداث الكبيرة لنهضة الأنبياء والإسلام ورسالة النبي الأكرم صلى الله عليه
و آله و سلم، وهي مكان نزل فيه الأنبياء وجبريل الأمين، هذا المكان الذي يذكّرنا
بالمصائب والصعوبات التي تحمَّلها النبي الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم في سبيل
الإسلام والبشرية لعدد من السنين، وأن التواجد في هذه المشاهد المشرفة والأماكن
المقدسة. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار الشروط الصعبة لبعثة النبي، عرفنا أكثر
مسؤولية الحفاظ على إنجازات هذه النهضة وهذه الرسالة الإلهية، وكم عانى النبي الأكرم
وأئمة الهدى عليهم السلام من الغربة لأجل دين الحق وإزهاق الباطل. لقد استقاموا ووقفوا
ولم يهابوا أو يجزعوا من التهم والإهانات وجراحات ألسنة أمثال أبي لهب وأبي جهل
وأبي سفيان. وفي نفس الوقت استمروا وأكملوا طريقهم رغم الحصار الاقتصادي في
شِعب أبي طالب، ولم يستسلموا ولم يهنوا، ومن بعدها تحمّلوا الهجرات والمرارات
في سبيل دعوة الحق، وتبليغ رسالة اللَّه، وتواجدوا في الحروب المتتالية والغير متكافئة
وهم رغم الالاف من المؤامرات ورغم كثرة المنافقين، قاموا بهداية وإرشاد الناس بهمّة
عالية وصلبة حيث تشهد صخور وحصى مكّة والمدينة وصحاريها وجبالها وأزقتها
وأسواقها على اثار تبليغ رسالتهم. وإذا ما رفعنا الستار وكشفنا النقاب عنهم في
الكلام وعن سر ورمز تحقق، ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ﴾ (هود/112). لعرف وعلم زوّار بيت
اللَّه الحرام كم سعى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم لأجل هدايتنا وحصول المسلمين
على الجنة، وكم أن مسؤولية أتباعه ثقيلة، ويقيناً إن حجم الظلم والعذاب
والصعوبات التي مرت على أئمتنا كانت أكبر وأكثر بمراتب من مسائلنا نحن