وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَاهْلِكْ عَدُوَّهُمْ مِنَ الجِنِّ وَالاِنْسِ مِنَ ألاَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ
الْسَّلامِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الْلَّهِ وَبَرَكَاتَةَ
الشيخ المفيد في كلمات الأعلام والمؤرخين
الشيخ المفيد شخصية فذة قل نظيرها في مصاف العلماء، وعالم كبير برع ففاق أهل زمانه، بل ومن جاء بعدهم، فهو آية في العلم والنبوغ والفضائل طرا...
لقد جمعت شخصية الشيخ المفيد جميع المزايا العلمية والعملية، فهو آية في العلم، وهو آية في العمل والعبادة والاجتهاد على حد سواء. لقد صاغت هذه الخصائص من شخصية الشيخ المفيد جوهرا ثمينا وشخصية رائعة لا تدانيها ولا تضاهيها شخصية أخرى، بل ينحني الجميع إمامها إجلالا وتعظيما لما يجدونه من وقع عظيم وهيبة كبيرة لها في النفوس، حتى قيل: إن له على كل إمام منة!.
وأول ما يطالعنا في آراء التعظيم والتمجيد والمدح والثناء لشخصية المفيد هو ما ذكره العلماء من التوقيعات الشريفة الصادرة عن الإمام الحجة عجل اللّه تعالى فرجه وهي ثلاثة توقيعات، إلا أن الثالث منها فقد نصه.
وقد ورد في التوقيع الأول الصادر سنة 410 ه: "للأخ السديد، والولي الرشيد، الشيخ المفيد، محمد بن محمد بن النعمان أدام اللّه إعزازه من مستودع العهد المأخوذ على العباد: بسم اللّه الرحمن الرحيم، أما بعد: سلام عليك أيها الولي المخلص في الدين، المخصوص فينا باليقين، فإنا نحمد إليك اللّه الذي لا إله إلا هو، ونسأله الصلاة على سيدنا ومولانا ونبينا محمد وآله الطاهرين، ونعلمك أدام اللّه توفيقك لنصرة الحق، واجزل مثوبتك على نطقك عنا بالصدق: إنه قد أذن لنا في تشريفك بالمكاتبة وتكليفك ما تؤديه عنا إلى موالينا قبلك، أعزهم اللّه وكفاهم المهم برعايته لهم وحراسته، فقف أيدك اللّه بعونه على أعدائه المارقين من دينه على ما اذكره، واعمل في تأديته إلى من تسكن إليه بما نرسمه ان شاء اللّه...".
وورد في لفظ التوقيع الثاني الصادر سنة 412 هـ ما يدل أيضاً على التعظيم والتكريم للشيخ المفيد، حيث ورد في مستهله: "سلام اللّه عليك أيها الناصر للحق، الداعي إليه بكلمة الصدق إلى قوله: ونحن نعهد إليك أيها الولي المخلص، المجاهد فينا الظالمين، أيدك اللّه بنصره الذي أيد به السلف من أوليائنا الصالحين..." إلى آخر التوقيع الشريف.
ومهما يكن من أمر، فان النعوت التي تضمنتها التوقيعات حول شخصية الشيخ المفيد لم تجانب الواقع ولو لم يثبت صدورها، فالمفيد كان حقا ملهم الحق ودليله، والناصر للحق الداعي إليه بكلمة الصدق، كما كان أيضاً الولي المخلص لأولياء اللّه المجاهد فيهم للظالمين والمنحرفين.
وأما كلمات أعلام الأمة في هذه الشخصية العملاقة فإنها أطبقت على تعظيمها، ولم تتردد في الثناء عليها وإعطائها حقها أو دونه، فقد تقاطرت هذه الشهادات لتكريم شخصه انطلاقا من علماء عصره وأكابر معاصريه ومرورا بالقرون العشرة الخالية التي لم يخل واحد منها من شهادة له وهي تستذكر جهوده العلمية وسعيه الدؤوب فتطأطئ لذلك إجلالاً.. فمع آراء الأعلام:
قال ابن عساكر في حقه: "عالم الشيعة وإمام الرافضة، البارع في الكلام والجدل والفقه، وكان يناظر أهل كل عقيدة بالجلالة والعظمة في الدولة البهية البويهية، وكان كثير الصدقات، عظيم الخشوع، كثير الصلاة والصوم،خشن اللباس، وكان عضد الدولة ربما زار الشيخ المفيد".
وذكره ابن كثير فقال: "شيخ الإمامية الروافض، والمصنف لهم، والمحامي عنهم. كانت له وجاهة عند ملوك الأطراف، لميل الكثير من أهل ذلك الزمان إلى التشيع، وكان مجلسه يحضره خلق كثير من سائر الطوائف".
وقال اليافعي عند ذكر سنة 413 : "وفيها توفي عالم الشيعة وإمام الرافضة، صاحب التصانيف الكثيرة،شيخهم المعروف بالمفيد وبابن المعلم، البارع في الكلام والفقه والجدل، وكان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة والعظمة في الدولة البويهية".
وذكره الذهبي بقوله: "عالم الشيعة، صاحب التصانيف، كان صاحب فنون وبحوث وكلام واعتزال وأدب".
وقال أيضاً: "كان راس الرافضة وعالمهم".
وقال ابن النديم: "إليه انتهت رئاسة أصحابه من الشيعة الإمامية في الفقه والكلام والآثار".
وقال أيضاً: "انتهت إليه رئاسة متكلمي الشيعة، مقدم في صناعة الكلام على مذهب أصحابه، دقيق الفطنة،ماضي الخاطر، شاهدته فرايته بارعا".
وقال فيه ابن حجر: "صاحب التصانيف البديعة، له صولة عظيمة بسبب عضد الدولة، وكان كثير التقشف والتخشع والاكباب على العلم، تخرج به جماعة، وبرع في المقالة الإمامية حتى كان يقال: له على كل إمام منة!ويقال: ان عضد الدولة كان يزوره في داره ويعوده إذا مرض".
وقال الصفدي: "رأس الرافضة، صنف لهم كتبا، كان أوحد عصره في فنونه".
وقال ابن الجوزي: "شيخ الإمامية وعالمها، صنف على مذهبهم، ومن أصحابه المرتضى. وكان لابن المعلم مجلس نظر بداره ب «درب الرياح" يحضره كافة العلماء. وكانت له منزلة عند أمراء الأطراف لميلهم إلى مذهبه".
وقال عنه ابن تغري بردي: "فقيه الشيعة وشيخ الرافضة وعالمها ومصنف الكتب في مذهبها، وكان له منزلة عند بني بويه وعند ملوك الأطراف والرافضة".
وذكره الحرضي اليماني في حوادث سنة 413: "وفيها مات عالم الشيعة المعروف بابن المعلم وبالمفيد أيضا،وكان يناظر أهل العقائد كلهم وكان معظما عند بني بويه، يزوره عضد الدولة وغيره، وكان كثير الخشوع والصدقة وأنواع البر. وله اكثر من مئتي مصنف".
وقال ابن النجار: "كان من شيوخ الشيعة ورؤسائهم، وله مصنفات على مذهب الإمامية".
وقال بطرس البستاني: "ابن المعلم ويلقب بالشيخ المفيد، كان ذا جلالة عظيمة في دولة بني بويه، وكان عضد الدولة ينزل إليه، عاش 76 سنة، وله مصنفات كثيرة وكان خاشعا متعبدا".
وقال كارل بروكلمان: "كان رأس الإمامية في زمانه".
ووصفه النجاشي بقوله: "شيخنا وأستاذنا رضي اللّه عنه فضله أشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية والثقة والعلم".
وأطراه الشيخ الطوسي قائل: "من جملة متكلمي الإمامية، انتهت إليه رئاسة الإمامية في وقته، وكان مقدما في العلم وصناعة الكلام، وكان فقيها متقدما فيه، حسن الخاطر، دقيق الفطنة، حاضر الجواب".
ومجده ابن إدريس حيث قال: "وكان هذا الرجل كثير المحاسن، حديد الخاطر، جم الفضائل، غزير العلوم".
وأثنى عليه ابن داود الحلي بقوله: "فقيه الطائفة وشيخها غير مدافع، أبو عبد اللّه، يعرف بابن المعلم، شيخ متكلمي الإمامية وفقهائها، انتهت رياستهم إليه في وقته في العلم، فقيه، حسن الخاطر، دقيق الفطنة، وحاله اعظم من الثناء عليه".
وقال السيد ابن طاووس: "المفيد محمد بن محمد بن النعمان الذي انتهت رئاسة الإمامية في وقته إليه".
وأطراه العلامة بقوله: "من اجل مشايخ الشيعة ورئيسهم وأستاذهم، وكل من تأخر عنه استفاد منه، وفضله اشهر من ان يوصف في الفقه والكلام والرواية. أوثق أهل زمانه وأعلمهم.
انتهت رئاسة الإمامية إليه في وقته، وكان حسن الخاطر، دقيق الفطنة، حاضر الجواب".
وعظمه ابن أبي طي فقال: "كان أوحد في جميع فنون العلم: الأصلين والفقه والأخبار ومعرفة الرجال والتفسير والنحو والشعر، وكان يناظر أهل كل عقيدة مع العظمة في الدولة البويهية والرتبة الجسيمة عند الخلفاء. قيل: وربما زاره عضد الدولة ويقول له: اشفع تشفع".
وقال السيد بحر العلوم: "شيخ مشايخ الجلة، ورئيس رؤساء الملة، فاتح أبواب التحقيق بنصب الأدلة، والكاسر بشقائق بيانه الرشيق حجج الفرق المضلة، اجتمعت فيه خلال الفضل، وانتهت إليه رئاسة الكل، واتفق الجميع على علمه وفضله وفقهه وعدالته وثقته وجلالته، وكان رضي اللّه عنه كثير المحاسن، جم المناقب، دقيق الفطنة،حاضر الجواب، واسع الرواية، خبيراً بالرجال والأخبار والأشعار. وكان أوثق أهل زمانه في الحديث، وأعرفهم بالفقه والكلام، وكل من تأخر عنه استفاد منه".
وقال الشيخ أسد اللّه التستري: "شيخ المشايخ العظام وحجة الحجج الهداة الكرام، محيي الشريعة وماحي البدعة والشنيعة، ملهم الحق ودليله ومنار الدين وسبيله، صاحب التوقيعات المعروفة المهدوية المنقول عليها إجماع الإمامية، والمخصوص بما فيها من المزايا والفضائل السنية، وغيرها من الكرامات الجلية والمقامات العلية والمناظرات الكثيرة الباهرة البهية، الشيخ أبو عبد اللّه محمد بن محمد بن النعمان الحارثي العكبري البغدادي الكاظمي، سقى اللّه روضته ينأبيع الرضوان، واحله أعلى منازل الجنان".
وبجله العلامة المجلسي في عدة مواضع، فقال: "الشيخ الإمام، السعيد العالم، الأفضل الأتقى الأورع، أبو عبد اللّه محمد بن محمد بن النعمان المفيد، قدس اللّه نفسه وطهر رمسه".
وقال عنه أيضاً: "الإمام السعيد مرجع المذهب".
وقال فيه: "الأجل الأفضل الأكمل، شيخ مشايخ الشيعة ومفتي الشريعة علامة الزمان وخلاصة نوع الإنسان،أستاذ الخلائق ومستخرج الدقائق، العالم العامل المحقق، والبحر الزاخر المدقق، افضل علماء الإسلام، وحجة اللّه على الأنام".
ووصفه أيضا بأنه: "شيخ الفرقة، وملاذ العلماء340، وشيخ الإسلام، فقيه أهل البيت في زمانه".
وقال المولى القهبائي: "من أجلة متكلمي الإمامية، انتهت رئاسة الإمامية في وقته إليه في العلم، وكان مقدما في صناعة الكلام، وكان فقيها متقدما فيه، حسن الخاطر، دقيق الفطنة".
وأثنى عليه السيد الخونساري بقوله: "الشيخ المتقدم الوحيد، والحبر المتبحر الفريد، كان من اجل مشايخ الشيعة ورئيسهم وأستاذهم، وكل من تأخر عنه استفاد منه، وفضله اشهر من ان يوصف في الفقه والكلام والرواية، أوثق أهل زمانه وأعلمهم".
وقال السيد حسن الصدر: "الشيخ المفيد أبو عبد اللّه، المعروف في زمانه عند الناس بابن المعلم، وعند الإمامية بالشيخ المفيد".
وقال السيد هبة الدين الشهرستاني عنه: "نابغة العراق ورئيس شيعته على الإطلاق، وقد كان في الشيعة عرقها النابض وبطلها الناهض ودماغها المفكر ورئيسها المدبر، معروفا بالصلاح بل غرة رجال الإصلاح، والخطيب المصقع والمتكلم المفوه، والمنافح اللسن، والفصل المشترك بين الإمام والرعية، ليس في ختام المئة الرابعة فحسب بل حتى اليوم".
وقال العلامة فضل اللّه الزنجاني: "من أجلا ء شيوخ الشيعة ومتكلمي الإمامية، البارع في الفنون والعلوم الإسلامية، وأثنى عليه علماء الفريقين ووصفوه بأنه اجل مشايخ الشيعة ورئيسهم وأستاذهم".
*راجع: الشيخ المفيد، الشيخ صفاء الدين الخزرجي، مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام، ج32.