أن تفاجئك المصيبة شيء وان تسير نحوها شيء اخر. ان تزف حبيبك نحوالموت وانت تبقى بعده حياً يتطلب الكثير الكثير من الصبر والارادة والشجاعة والقوة ونحن نشاهد زينب وهي مع الحسين في حركته نحو الاستشهاد، انها تزف موكب الحسين نحو الموت فهي تنظر الى الحسين وتعلم انه ذاهب وتجالس الحسين وتعلم انه ذاهب وتكلم الحسين وتعلم انه ذاهب وفي كل ذلك هي الصبورة المحتسبة المتوازنة التي انطلقت من ايمانها العميق بكل ما يدعو اليه ابوعبدالله.
انها تجسد الايمان لله سبحانه وتعالى بأروع صوره وأسمى حالاته.
زينب صاحبة قضية وموقف. قضيتها قضية الحسين، قضية الاسلام المحمدي الاصيل وانطلاقها مع الحسين لم يكن عاطفياً فاذا كانت نساء موكب الحسين في الموكب لانهن قد تبعن الازواج، فحالة زينب كانت مختلفة. فزينب قد تركت زوجها عبدالله بن جعفر بن ابي طالب في مكة ليكون وجودها في موكب الحسين وجوداً حركياً رسالياً ولو لم تخرج زينب مع الحسين وبقيت في مكة لما اصابتها لومة لائم.
تحركت مع الحسين ولو اكتفت بحركتها مع الحسين مواساةً له ولاهل بيته لكانت تلك فضيلة
ولوكانت قد صبرت على قتل الاحبة امام عينها وهي تضحي بالولد والاخ وابن الاخ وهي امرأة وما ادراك ما عاطفة المرأة وهي صبورة محتسبة متماسكة لكان في صبرها فضيلة.
ولكن كل ما قامت به من اعمال عظيمة قبل الطف شيء وحركتها الاعلامية بعد ذلك شيء اخر.
لم تكن الانسانه المكسورة التي فقدت الاحبة قريباً وانما كانت الصوت الاعلى في الكوفة والشام. زينب لم تكن ضعيفة، لم تنهار، لم تتزلزل.
التماسك عند المصائب ميزة وعنصر من عناصر قوة الشخصية وقليلاً ما تجد هذه الحالة لدى الرجل ولكن زينب المرأة، تجاوزت مرحلة التماسك والصبر والجلد لتنتقل بعدها الى مرحلة التحدي والمواجهة واعلان الصيحة والصرخة بوجه الطغاة والتي سمع ويسمع التاريخ صداها على مر القرون.
زينب تعلم بحكمها امرأة، بانها سوف لا تستطيع القتال ولو كان كذلك لهان عليها تحمل المأساة والصبر على الفواجع منتظرة الشهادة والخلاص لتستريح من همها وغمها ولكن زينب العظيمة تتحمل المأساة وهي تعلم بانها سوف تبقى على قيد الحياة وان دورها الحقيقي هو ما بعد حادثة الطف فهي حتى لا تستطيع ان تتألم وتحزن كما يحزن الناس على مصائبهم لأنها مكلفة لتكون سفيرة الحسين وكربلاء الى الكوفة والشام وعليها ان تتصدى لنشر رسالة الحسين مباشرة.
بقلم : ياسر جعفر