اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
.
.
بكاء فاطمة الزهراء عليها السلام على ولدها الحسين عليه السلام
روى فرات بن إبراهيم في تفسيره عن الصادق عليه السلام , أنه قال : كان
الحسين بن علي عليه السلام مع أمه تحمله فأخذه النبي صلّى الله عليه وآله
وسلم و قال : لعن الله قاتلك , ولعن الله سالبك , وأهلك الله المتوازرين عليك
, وحكم بيني و بين من أعان عليك , فقالت فاطمة : يا أبه أي شيء تقول ؟
قال : يا بنتاه ذكرت ما يصيبه بعدي و بعدك من الأذى و الظلم والغدر
وهو يومئذ في عصبة كأنهم نجوم السماء يتهادون الى القتل و كأني أنظر إلى
معسكرهم و إلى موضع قتلهم وتربتهم .قالت : يا أبة وأين هذا الموضع الذي
تصف ؟ قال : هو موضع يقال له كربلاء و هي دار كرب وبلاء علينا
وعلى الأمة , يخرج عليهم شرار أمتي و إن أحدهما لو يشفع فيه السماوات و
الأرض ما شفعوا له , وليأتيه قوم من محبينا ليس في الأرض أعلم بالله
ولا أقوم بحقنا منهم , أولئك مصابيح الدجى وهم الشفعاء يوم القيامة ,
واردون حوضي غدًا , أعرفهم إذا وردوا عليه بسيماهم
فبكت فاطمة عليها السلام , فقال لها رسول الله
صلّى الله عليه و آله وسلم : يا بنتاه إن أفضل أهل الجنة
هم الشهداء الذين بذوا أنفسهم في مرضاة الله , فما عند الله
خير من الدنيا ومافيها , ومن كتب عليه القتل خرج إلى مضجعه ,
ومن لم يقتل فسوف يموت ,
يا فاطمة بنت محمد
أما تحبين إذا تأمرين غدًا بأمر فتطاعي في هذا الخلق ؟
أما ترضين أن يكون ولدك من حملة العرش ؟
أما ترضين أن يكون أبوك يأتونه فيسألونه الشفاعة ؟
أما ترضين أن يكون بعلك من يذود الخلق يوم العطش
الأكبر عن الحوض كما يذاد البعير الصادر عن ثناء فيسقي
منه أوليائه ويذود عنه أعدائه ؟
يا فاطمة بنت محمد أما ترضين أن يكون بعلك قسيم الجنة والنار ؟
يأمر النار فتطيعه , يخرج منها من يشاء ويترك من يشاء ,
يا فاطمة بنت محمد أما ترضين أن تنظري إلى الملائكة على أرجاء السماء
ينظرون إليك و إلى ما تأمرين به ؟ وينظرون إلى بعلك قد حضر الخلائق وهو
يخاصمهم عند الله ؟
فما ترين الله صانعًا بقاتل الحسين عليه السلام وقاتليك
وقاتلي بعلك ؟
يا فاطمة بنت محمد أما ترضين أن الملائكه تبكي على ولدك ؟
أما ترضين أن يكون من أتى ولدك زائرًا في ضمان الله ؟
ويكون من أتاه بمنزلة من حج البيت و اعتمر ؟
ولم يخل من الرحمه طرفة عين , وإذا مات مات شهيدًا ,
وإن بقى لم تنزل الحفظة تدعوا له ما بقي ,
ولم يزل في حفظ الله وأمانه حتى يخرج من الدنيا ؟
قالت فاطمة عليه السلام : يا أبه سلمت ورضيت بذلك .
.
وفي خبر آخر قالت عليها السلام : يا أبه متى يكون ذلك ؟
قال : في زمان خال مني و منك ومن بعلك , فاشتد بكاءها ,
وقالت : يا أبه فمن يبكي عليه , ومن يلتزم بإقامة العزاء عليه ؟
فقال لها : بنية إن نساء أمتي يبكون على نساء أهل بيتي ,
ورجالهم يبكون على رجال أهل بيتي , ويجددون العزاء جيلًا بعد جيل
في كل سنة , فإذا كان يوم القيامة تشفعين أنت للنساء ,
وأنا أشفع للرجال , وكل من يبكي منهم على مصاب
الحسين أخذنا بيده وأدخلناه الجنة , يا فاطمة كل عين باكية
يوم القيامة إلا عين بكت على مصاب الحسين عليه السلام
فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة ..
.
ثمرات الأعواد - الجزء الأول