اللهم صل على محمد و آل محمد و عجل فرجهم ..
والفارق بين السفراء الأربعة، وبين الوكلاء الآخرين يمكن تلخيصه في أمرين رئيسيين:
(أحدهما): أن السفير يواجه الإمام شخصياً، ويراه مباشرة، ويسلمه الكتب والحوائج والأموال، وغيرها، ويتسلم منه الأجوبة والتعليمات الخاصة والعامة.. بينما الوكيل ليس كذلك، بل هو على اتصال بالإمام عليه السلام بواسطة السفير، فالوكيل همزة وصل بين الشيعة وبين السفير غالباً.
(ثانيهما): أن مسؤولية السفير في الحفاظ على الدين، وعلى الشيعة عامة لا تخص بلداً، أو قطراً معيناً، بينما الوكيل مسؤوليته محدودة بمنطقته، أو بلده.
و هذي نبذة موجزة من حياة أحد الوكلاء الذي كان لهم دور بارز في إيصال نور و فكر الرسالة المهدوية و هو القاسم بن العلاء - رضوان الله عليه - ..
حياته:
لم ترد في كتب الرجال ترجمة كاملة لتاريخ ولادته أو وفاته، ولا تفاصيل حياته بينهما، ولكن الذي نستنتجه من الروايات أنه كان موجوداً في حياة الإمام الرضا عليه السلام حيث ورد في رواية الاردبيلي (انه كان عليه قميص خلعه عليه أبو الحسن الرضا عليه السلام).
كما كانت ترد عليه التوقيعات في حياة الشيخ "أبي جعفر محمد بن عثمان العمري" والشيخ "أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي", وهما السفيران الثاني والثالث للإمام المهدي عليه السلام, وهذا دليل على حياته أثناء فترة سفارتهما.
وتذكر الروايات أنه عمّر مئة سنة وسبع عشرة سنة، منها ثمانون سنة صحيح العينين، لقي الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام، وأصيب بالعمى بعد الثمانين، وكان مقيماً بمدينة الران من أرض اذربيجان.
وثاقته:
ونقل الشيخ الطوسي قدس سره في كتاب الغيبة، والراوندي في الخرائج، حديثاً مطولاً يدل على جلالة قدره من أجل أمور عديدة (منها) أن الإمام المهدي عليه السلام أرسل إليه قبل موته سبعة ثياب لتكفينه وأخبره أنه يموت بعد أربعين يوماً من وصول ثياب الكفن إليه، فمات في اليوم المذكور، وإذا لاحظنا أن الإمام المهدي عليه السلام كان قد بعث إلى عديد من الوكلاء والمتقين بالكفن عند موتهم، لكنه كان غالباً مقتصراً على ثوب واحد أو ثوبين أو ثلاثة فقط، من هذه الملاحظة يظهر التقدير الكبير للقاسم بن العلاء إذ بعث الإمام عليه السلام إليه سبعة ثياب للكفن (ومنها) أنه أوصى عند موته بحرمان أهله مما أوقفه على الناحية المقدسة إذا لم يكن من المتقين، وجواز الأكل من الموقوفة إذا كان من أهل التقوى، وهذا بنفسه يدل على تفاني القاسم بن العلاء في الله (ومنها) صدور التوقيع من الإمام المهدي عليه السلام بتعزية ابنه في موته، وقد جاء فيه هذا النص (قد جعلنا أباك إماماً لك وفعاله لك مثالاً) (ومنها) غير ذلك مما يجده الناقب من خلال الحديث المطول.
وكالته:
استشف وكالته للإمام المهدي عليه السلام من الأحداث والوقائع التالية:
ـ العبارات التي وردت في رواية الشيخ الطوسي التي تشعر بوكالته للإمام عليه السلام، وعباراته مع ولده حول وقف الإمام عليه السلام، ودعائه لولده المطابق لدعاء الإمام المهدي عليه السلام.
ـ الرواية تؤكد أنه كانت لا تنقطع توقيعات مولانا صاحب الزمان عليه السلام إليه على يد "أبي جعفر محمد بن عثمان العمري" "وأبي القاسم الحسين بن روح" وهما سفيرا الإمام المهدي عليه السلام.
ـ ورود اسمه في جملة من وقف على معجزات صاحب الزمان عليه السلام ورآه من الوكلاء. في كتاب "كمال الدين وتمام النعمة" "للشيخ الصدوق رضي الله عنه قوله: "حدثنا أبو علي الأسدي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي أنه ذكر عدد من انتهى إليه ممن وقف على معجزات صاحب الزمان عليه السلام ورآه من الوكلاء ببغداد... ومن أهل اذربيجان القاسم بن العلاء. "
ـ كذلك أورد اسمه السيد "ابن طاووس" في كتابه "ربيع الشيعة" في قوله: (ممن رآه, وخرج إليهم التوقيع من الوكلاء... من أهل اذربيجان القاسم بن العلاء).
ـ ما رواه الكشي في رجاله (وورد على القاسم بن العلاء نسخة ما كان خرج في لعن ابن هلال (أحمد بن هلال العبرتائي الكرخي) المدّعي للوكالة زوراً، فأنكر رواة أصحابنا بالعراق ذلك لما كانوا قد كتبوا من رواياته، فحملوا القاسم بن العلاء أن يراجع في أمره، فخرج إليه من الإمام عليه السلام بيان مفصل نصه (وقد كان أمرنا نفذ إليك من المتصنع ابن هلال ـ لا رحمه الله ـ بما قد علمت، ولم يزل ـ لا غفر الله ذنبه ولا أقال عثرته ـ يداخلنا في أمرنا بلا إذن منا ولا رضى، يستبد برأيه فيتحامى ديوننا، ولا يمضي من أمرنا إياه إلا بما يهواه ويريده، أرداه الله في نار جهنم، فصبرنا عليه، بتر الله بدعوتنا عمره...).
ـ ما رواه "الشيخ المفيد" في "الإرشاد" عن القاسم بن العلاء نفسه: قال: "ولد لي عدة بنين، فكنت أكتب وأسأل الدعاء لهم فلا يكتب لي شيء من أمرهم، فماتوا كلهم، فلما ولد لي الحسين ـ ابني ـ كتبت أسأل الدعاء له، فأُجبت وبقي والحمد لله).
وفاته :
عمّر مائة وسبع عشرة سنة، وكان صحيح العينين ثمانيين وحجب بعد الثمانيين، ودرت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة أيام ..
صدى المهدي & كلمة المهدي
عجل الله فرجه ..