قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز:
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿ يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾(1)- البقرة/269.
ورد في كتب التفاسير ومجاميع روايات أهل البيت (ع) مجموعة من الروايات الدالة على فضائل أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير الآية المذكورة، نوجزها في ما يلي: الخير الكثير معرفة أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام: لقد ورد في كتاب تفسير نور الثقلين للشيخ الحويزي: (2) نقلاً من أصول الكافي بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: يا هشام إن الله ذكر أولى الألباب بأحسن الذكر و حلاهم بأحسن الحلية فقال: ﴿يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ﴾.
وعن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن أيوب بن الحر عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ﴿وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ فقال طاعة الله ومعرفة الإمام.
وعن يونس عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول ﴿وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ قال: معرفة الإمام واجتناب الكبائر التي أوجب الله عليها النار.
وعن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - وقد ذكر القرآن - لا تحصى عجايبه، ولاتبلى غرايبه. مصابيح الهدى ومنار الحكمة.
وفي تفسير علي بن إبراهيم قوله ﴿ يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ قال: الخير الكثيرة معرفة أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام.
وفيه خطبة له صلى الله عليه وآله وفيها ورأس الحكمة مخافة الله.
في تفسير العياشي عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: ﴿وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ فقال إن الحكمة المعرفة والتفقه في الدين فمن فقه منكم فهو حكيم، وما أحد يموت من المؤمنين أحب إلى إبليس من فقيه.
وفي محاسن البرقي عن أبيه عن النضر بن سويد عن الحلبي عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى و ﴿وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ فقال: هي طاعة الله ومعرفة الإسلام.
وفي مجمع البيان وروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إن الله آتاني القرآن وآتاني من الحكمة مثل القرآن، وما من بيت ليس فيه شئ من الحكمة إلا كان خرابا. ألا فتفقهوا وتعلموا ولا تموتوا جهّالا.
وفي مصباح الشريعة قال الصادق عليه السلام: الحكمة ضياء المعرفة و ميزان التقوى وثمرة الصدق، ولو قلت: ما أنعم الله على عباده بنعمة أنعم وأنظم وأرفع وأجزل وأبهى من الحكمة لقلت قال الله عز وجل: ﴿يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ أي لا يعلم ما أودعت وهيأت في الحكمة إلا من استخلصته لنفسي: وخصصته بها والحكمة هي النجاة وصفة الحكمة الثبات عند أوايل الأمور والوقوف عند عواقبها، وهو هادي خلق الله إلى الله.
ورأس الحكمة مخافة الله:
وجاء في كتاب تفسير القمي لعلي بن إبراهيم القمي (أعلى الله مقامه): (3)
وقوله عز وجل: ﴿يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ قال الخير الكثير معرفة أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام.
وورد في كتاب شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني: (4)
في قوله تعالى: ﴿يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾، أخبرني أبو القاسم المغربي(5) (2) بقراءتي عليه من أصله، قال: أخبرنا أبو بكر ابن عبدان الحافظ بالأهواز قال: حدثني صالح بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن عبيد بن عتبة قال: حدثنا محمد بن علي الذهبي قال: حدثنا أحمد بن عمران بن سلمة - وكان عدلا ثقة مرضيا - قال: أخبرنا سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة: عن عبد الله قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسئل عن علي فقال: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي علي تسعة أجزاء وأعطي الناس جزءا واحدا.
وجاء في كتاب تأويل الآيات لشرف الدين الحسيني: (6)
قوله تعالى: ﴿يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ تأويله: ما ذكره الشيخ محمد بن يعقوب (ره)، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس عن أيوب بن الحر(7)، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل: ﴿يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء﴾ قال: طاعة الله ومعرفة الإمام.(8) إعلم أنها(9) السبب الأقوى في الإسلام، لان طاعة الله سبحانه طاعة الرسول لقوله تعالى: ﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ﴾(10) ومعرفة الإمام تدخل في طاعة الرسول صلى الله عليه وآله ولا شك أن من يؤتى(11) طاعة الله وطاعة الرسول ومعرفة الإمام فقد أوتي خيرا كثيرا، ووجبت له الجنة في دار السلام، (والسلام).(12)
حوزة الهدى للدراسات الإسلامية
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
1- البقرة/269.
2- ج 1 - ص 287 – 288.
3- ج 1 - ص 92.
4- ج 1 - ص 135.
5- ) هو منصور بن خلف المترجم تحت الرقم ( 1486 ) من منتخب السياق ص 1 67 ط 1 ، والترجمة تلاحظها حرفية في تعليق الحديث : ( 318 ) ص 236 ط 1 . ثم إن للحديث مصادر كثيرة ، وقد رواه الخوارزمي في الحديث ( 5 ) من الفصل : ( 4 ) من كتاب مقتل الحسين عليه السلام ص 43 ط 1 ، وفي الحديث : ( 5 ) من الفصل ( 7 ) من كتاب مناقب علي عليه السلام ص 40 قال : وأخبرنا شهردار الديلمي إجازة قال أخبرنا أبي أخبرني الميداني الحافظ ، أخبرنا أبو محمد الخلال ، أخبرني محمد بن العباس بن حيويه أخبر في أبو عبد الله الحسين بن علي الدهان أخبرني محمد بن عبيد بن عتبة الكندي حدثني أبو هاشم محمد بن علي الذهبي أخبرني أحمد بن عمران بن سلمة ، عن سويد بن سعيد ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : قسمت الحكمة عشرة أجزاء فاعطي علي بن أبي طالب منها تسعة والناس جزءا واحدا . ورواه أيضا ابن المغازلي في الحديث : ( 328 ) ، من كتاب مناقب أمير المؤمنين عليه السلام ص 286 قال . أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان ، أخبرنا محمد بن العباس بن حيويه إذنا ، حدثنا أبو عبد الله الدهان حدثنا محمد بن عبيد الكندي حدثنا أبو هاشم محمد بن علي ، حدثنا أحمد بن عمران بن سلمة بن عجلان ، عن سفيان بن سعيد ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة : عن عبد الله قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وآله فسئل عن علي عليه السلام فقال : قسمت الحكمة عشرة أجزاء فاعطي على تسعة أجزاء والناس جزءا واحدا . ورواه أيضا أبو نعيم الحافظ في ترجمة أمير المؤمنين من كتاب حلية الأولياء : ج 1 ، ص 64 حدثنا أبو أحمد الغطريفي حدثنا أبو الحسين بن أبي مقاتل حدثنا محمد بن عبيد بن عتبة ، حدثنا محمد بن علي الوهبي الكوفي حدثنا أحمد بن عمران بن سلمة - وكان عدلا ثقة مرضيا - حدثنا سفيان الثوري عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة : عن عبد الله قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فسئل عن علي فقال : قسمت الحكمة عشرة أجزاء فاعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءا واحدا . ورواه ابن عساكر بسنده عنه وبسند آخر عن غيره في الحديث : ( 1008 - 1559 ) من ترجمة علي عليه السلام من تاريخ دمشق : ج 2 ص 481 ط 2 وذكرنا في تعليقهما له مصاحر . ورواه أيضا بسنده عن أبي نعيم الحموئي في الباب : ( 18 ) من كتاب فرائد السمطين : ج 1 ، ص 94 ط بيروت .
6- ج 1 - ص 97.
7- في نسخ ( أ ، م ، ج ) ( الحسن خ ل ) .
8- : 1 / 185 ح 11 وعنه البرهان : 1 / 255 ح 1 ونور الثقلين : 1 / 238 ح 1130 وفى البحار : 24 / 86 ح 2 وعنه وعن المحاسن : 1 / 148 ح 60 والعياشي : 1 / 151 ح 496 .
9- نسخة ( ب ) انهم .
10- النساء : 80.
11- في نسخة ( ج ) يتولى.
12- ليس في نسخة ( ب ).