ما معنى كلمة امير المؤمنين عليه السلام : (انا الذي لا تقبل الاعمال الا بولايتي) .
الجواب:
إن الولاية تعني اتباع الإمام وطاعته, ومعلوم أن التكاليف والأحكام عموماً لا تعرف إلاّ عن طريق الإمام، فاتباعه بمعنى اتباع ما أوضحه من أحكام, وما بيّنه من تكاليف, فإذا شذ الإنسان عن اتباع الإمام وطاعته فسوف يسلك سبيلاً آخر يأخذ من خلاله أحكاماً لا تنسب إلى الله تعالى, إذ الإمام منصوب من قبل الله تعالى بواسطة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فكل ما يفرضه الإمام مفروضٌ من قبل الله تعالى ؛ حاكياً عن الواقع الذي لا التباس فيه, واتباع غير الإمام لا يعني إلاّ اتباع وليجةً من دون الله وطريقاً غير الواقع, قال تعالى: (( ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجةً )) (التوبة:16).
قال أبو جعفر (عليه السلام) في صحيحة أبي الصباح الكناني : (إياكم والولائج فان كل وليجة دوننا فهي طاغوت, أو قال : ند)، ومعلوم أن معنى الوليجة هي الدخيلة أو الجهة, فاتخاذ أية جهة دونهم لا يعني إلاّ الانحراف عن الصراط واتباع الطاغوت .
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال في أثناء كلام له في جمع من المهاجرين والأنصار في المسجد أيام خلافة عثمان : (فأنشدكم الله عزوجل أتعلمون حيث نزلت (( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) وحيث نزلت (( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)) وحيث نزلت ((ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة )) ؟ قال الناس : يا رسول الله : أهذه خاصة لبعض المؤمنين أم عامة بجميعهم ؟ فأمر الله عز وجل نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن يعلمهم ولاة أمرهم, وأن يفسر لهم من الولاية ما فسّر لهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم, فنصبني للناس بغدير خم...) إلى آخر الحديث . (كنز الدقائق 413:5) .
عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: (نزل جبرئيل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال: يا محمّد السلام يقرئك السلام, ويقول : خلقت السماوات السبع وما فيهن والأرضين السبع وما عليهن وما خلقت موضعاً أعظم من الركن والمقام, ولو أن عبداً دعاني هناك منذ خلقت السماوات والأرضين ثم لقيني جاحداً لولاية علي لأكبته في سقر) . (البحار 167:27) .
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) كذلك قال : (إن أول ما يسأل العبد إذا وقف بين يدي الله جل جلاله عن الصلوات المفروضات وعن الزكاة المفروضة وعن الصيام المفروض وعن الحج المفروض وعن ولايتنا أهل البيت, فان أقر بولايتنا ثم مات عليها قبلت منه صلاته وصومه وزكاته وحجه, وإن لم يقر بولايتنا بين يدي الله جل جلاله لم يقبل الله عزّ وجل منه شيئاً من أعماله) . (البحار 167:27) .
وبذلك تبين أن ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) وأهل بيته من بعده تأطر أعمال الشخص دون أن تزيغ أو تنحرف عن الواقع وعن حكم الله تعالى .
وبهذا يمكن تفسير قول أمير المؤمنين (عليه السلام) . جعلنا الله وإياكم من المتمسكين بولايته والسائرين على نهجه .
مركز الأبحاث العقائدية