جاء في كتاب( اوائل المقالات في المذاهب والمختارات) للشيخ المفيد رحمه الله الاتي:
القول في آباء رسول الله (ص) وأمه وعمه أبي طالب - رحمة الله تعالى عليهم واتفقت الإمامية على أن آباء رسول الله (ص) من لدن آدم إلى عبد الله بن عبد المطلب مؤمنون بالله - عز وجل - موحدون له. واحتجوا في ذلك بالقرآن والأخبار، قال الله - عز وجل: (الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين). و قال رسول الله (ص): (لم يزل ينقلني من أصلاب الطاهرين، إلى أرحام المطهرات حتى أخرجني في عالمكم هذا). وأجمعوا على أن عمه أبا طالب - رحمه الله - مات مؤمنا، وأن آمنة بنت وهب كانت على التوحيد، وأنها تحشر في جملة المؤمنين. وخالفهم على هذا القول جميع الفرق ممن سميناه بدء.( انتهى قول الشيخ)
والسؤال :
ألم يكن ابو النبي ابراهيم الخليل على نبينا واله وعيه الصلاة والسلام مشركا وهو يعتبر جد نبينا؟
الجواب:
في (الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص) / السيد جعفر مرتضى - ج 2 - ص 189 – 191 ) قال:
وقد اعترض على القائلين بايمان جميع آبائه (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى آدم, بأن القرآن الكريم ينص على كفر آزر أبي إبراهيم, قال تعالى: (( وَمَا كَانَ استِغفَارُ إِبرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنهُ إِنَّ إِبرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ )) (التوبة: 114). وأجابوا:
أولا: إن ابن حجر يدعي اجماع المؤرخين على أن آزر لم يكن أبا لإبراهيم, وإنما كان عمه, أو جده لامه, على اختلاف النقل واسم أبيه الحقيقي: تارخ, وانما اطلق عليه لفظ الأب توسعا, وتجوزا وهذا كقوله تعالى: ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت, إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي ؟ قالوا: نعبد إلهك واله آبائك). ثم عد فيهم إسماعيل, وهو ليس من آبائه, ولكنه عمه.
وقد ذكر بعض العلماء: أن اسم آزر لم يذكر في القرآن إلا مرة واحدة في أول الأمر, ثم لم يتكرر اسمه في غير ذلك المورد, تنبيها على أن المراد بالأب: آزر.
وثانيا: إن استغفار إبراهيم لأبيه قد كان في أول عهده وفي شبابه, مع أننا نجد أن إبراهيم حين شيخوخته, وبعد أن رزق أولادا, وبلغ من الكبر عتيا يستغفر لوالديه, قال تعالى حكاية عنه: (( رَبَّنَا اغفِر لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلمُؤمِنِينَ يَومَ يَقُومُ الحِسَابُ )) (ابراهيم:41) قال هذا بعد أن وهب الله له على الكبر إسماعيل وإسحاق حسب نص الآيات الشريفة. مع أن الآية تفيد: أن الاستغفار الأول قد تبعه التبرؤ مباشرة. ولكن من الواضح: أن بين الوالد والأب فرقا, فإن الأب يطلق على المربي وعلى العم والجد, أما ( الوالد ) فإنما يخص الوالد بلا واسطة. فالاستغفار الثاني إنما كان للوالد, أما الأول فكان للأب.
وثالثا: إنه يمكن أن يكون ذلك الذي استغفر له, وتبرأ منه, قد عاد إلى الايمان, فعاد هو إلى الاستغفار له. هذا, ولكن بعض الاعلام يرى: أن اجماع المؤرخين على أن أبا إبراهيم ليس آزر منشؤه التوراة, التي تذكر ان اسم أبي إبراهيم هو: ( تارخ ). ثم ذكر ما استظهرناه نحن أيضا من أن من الممكن أن يكون نفس والد إبراهيم قد كان مشركا يجادله في الايمان بالله, فوعده بالاستغفار له, ووفى بوعده, ثم عاد فآمن بعد ذلك فكان يدعو له بعد ذلك أيضا حتى في أواخر حياته هو كما أسلفنا. وهذا الاحتمال وإن كان واردا حيث لا ملزم لحمل الأب في القرآن, والوالد على المجاز. إلا أنه ينافي الاجماع والاخبار, فلا محيص عن الالتزام بما ذكرناه آنفا من أن المراد بالأب هو العم والمربي, لا الوالد على الحقيقة.
مع عدم قبولنا منه قوله: إن استعمال الأب في العم المربي, يكون مجازاً.
مركز الأبحاث العقائدية