اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عرضنا هنا الجزء الأول لإرشادات السيد الكشميري للسالكين.. نُكمل
2- العزلة عن الناس ومعاشرة الصالحين
يقول السيد صداقت : يوصي السيد الكشميري السالكين بعدم مجالسة الأشخاص غير الملتزمين ، ونهى أيضاً عن مجالسة المتصدين للرئاسة والطالبين للدنيا .
وقال مرة : إنّ الأشخاص الذين يعملون بالعلوم الغريبة كالآفاق والسحر والرمل وغيرها يتعرضون للابتلاءات
وتترك مجالستهم أحياناً آثاراً سيئة
وقال أيضاً: ينبغي عدم معاشرة العلماء غير العاملين فأنّه يترك أثراً سيئاً في السلوك
ويقول السيد صداقت عن رأي السيد الكشميري في العزلة : رأي السيد الأُستاذ هو أنّه ينبغي للسالك في بداية أمره ترك معاشرة الخلق
وأنّه كلما زاد اشتغاله بالناس كلما سارع الفساد إلى ثمرّة جهوده، ولكن عندما يصل الإنسان إلى درجة معيّنة في السلوك
فحينئذ سوف لايتأثّر بمعاشرة الناس
3- اجتناب أكل ما هو حيواني
يقول السيد صداقت ينبغي على السالك في مجاهداته النفسانية العمل بإرشادات الأُستاذ في ترك تناول ماهو حيواني من الأطعمة لتمرين نفسه على سحق مشتهياتها ونهيها عن هواها
قال السيد الأُستاذ: ( عندما يريد السالك مجاهدة نفسه ) فإنّ تناول المرطبات ( في الصيف ) مخالف للزهد والرياضة
وهو جزء من مشتهيات النفس.
وقال في مناسبة أُخرى: عندما يشرع الإنسان في الذكر والرياضة ويحصل على النورانية فإنّ عليه – مادام لم تتحول صفاته إلى ملكات – ترك تناول بعض الأطعمة كلحم البقر.
وقال أيضاً : الإنسان موجود حيواني، فإذا ما تناول لحوم الحيوانات المرّة تلو الأُخرى فكيف ستكون حاله ؟!
وقيل له يوماً : كُـتب أنّ أحد العرفاء قد أمتنع عن تناول الماء البارد أكثر من عشرين عاماً مخالفاً لرغبة نفسه في شربه يريد بذلك سحق هوى نفسه وأن لا يدعها وما تشتهي
فقال : الله أكبر، من المهم جداً أن لا تترك النفس وما تشتهي .
4- التحذير من مخاصمة أهل السلوك
يحذّر السيد الكشميري من خصومة أهل السلوك والتعرض لهم وإن كانوا من أتباع المذاهب الأخرى لما له من آثار وضعية
يقول : ذهبت في أيام شبابي إلى مسجد السهلة ورأيت فيه رجلاً مع مجموعة من مريديه يقرؤون الأذكار بحالة مخصوصة لم تكن بحسب الظاهر لائقة، فتشاجرت مع كبيرهم وقلت له : ليس من اللائق أن تقرؤون الأذكار وأنتم ترقصون ؟
فكانت هذه الحادثة سبباً في عدم توفيقي للذهاب إلى مسجد السهلة مدة طويلة إلى أن تصالحت مع كبيرهم، وبعد أربعة أيام توفقت للذهاب إلى مسجد السهلة .
5- عدم اتّخاذ غير الله رفيقاً
يقول السيد الكشميري : قيل لأحد العرفاء : لماذا لا تختار لنفسك رفيقاً ؟
فقال : إنّ رفيقي هو الله، وهو غيور، فإذا رآني اتّـخذت رفيقاً غيره فاّنه سيتركني، ولهذا لم اتّخذ غيره رفيقاً
6- التحذير من تولّي منصب القضاء
يقول السيد صداقت : في أوائل الثورة صمم أحد العلماء الذي كان يتولى منصباً قضائياً الاستخارة عند السيد الكشميري للاستقالة من منصبه لأنّه يرى فيه ابتعاداً عن الترقي المعنوي، وعندما تشّرف بالحضور عند السيد الأُستاذ طلب منه الاستخارة من غير أن يبيّـن قصده .
فقال السيد الكشميري: ينتظرك العذاب في المكان الذي أنت فيه على ارتفاع عشرين متراً من رأسك، وعليك الإسراع في الخروج منه.
فاستقال ذلك العالم من منصبه، ومارس الخطابة، وقد حالفه الحظ في عمله الجديد.
يقول السيد صداقت : أقام أحد القضاء الصلاة في منزل أحد الأشخاص، فاقتدى به مجموعة من المصلّين
وعندما رأى الأُستاذ هذا المنظر قال بعد ذلك: كم هؤلاء الناس سذج ! إنّ الاقتداء بمثل هؤلاء الأشخاص غير صحيح ( لإنعدام ملكة العدالة لديهم لأنّـهم يقضون خطأ بخلاف الشريعة )
7- التحذير من التلوّن
يقول السيد صداقت : تطرقنا في الحديث يوماً عن حالات السالكين، وانجرّ الكلام إلى التلوّن
( تغير شخصية السالك من حال إلى حال، أي يكون في كل فترة ذا لون جديد ) والتمكّـن
( الاستقرار والثبات )
فقال السيد الكشميري : لقد كانت زليخا عاشقة منذ البدء وقبلت يوسف وتمكّن العشق في قلبها، بينما كانت نساء مصر متلوّنات، أي أنّ رأيهن في زليخا ويوسف كان أولاً بنحوِ معيّن ثم تغّير إلى نحو اُخر بعد رؤية يوسف، إذ عندما رأين يوسف (عليه السلام) أكبرنه وقطّعن أيديهن من هيبتهن ليوسف وقلن :
{ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلا مَلَكٌ كَرِيمٌ }
وفي مناسبة اُخرى تحدّث السيد الكشميري عن أحد السالكين وكانت له حالات من المناجاة والخوف
قال : إن حاله كانت تتغيّـر من حالة إلى اُخرى، فقد جاء مرّة في اُخر الليل إلى منزلنا وبيده قامة وقال لي : اضربني الحدّ! ثم جاء في وقت آخر وأخذني معه بسيارته إلى مدينة اُخرى وقال لي : انتظرني هنا وسأعود إليك بعد قليل، ثم ذهب ولم يرجع، لقد كان متلوّناً .
وقال يوماً لأحد الطلبة الذي يريد الذهاب إلى إحدى المدن والاستقرار فيها وكان يعيد الاستخارة حول نفس الموضوع :
إن أهل العرفان لا يقبلون الشخص المتلوّن
8- حث السالكين على ملئ فراغ العرفاء
يقول السيد الكشميري حول العرفاء وأولياء الله : أولئك الذين رأيتهم لا يوجد الآن أمثالهم .
وقال أيضاً : كان يحضر درس الآخوند الملا حسين قلي الهمداني سبعون عارفاً مجتهداً، ولا يوجد أحد منهم الآن .
وقال يوماً : عليكم أن تبذلوا جهدكم لتملؤا الفراغ الذي تركه أولئك العرفاء .
وقال بعد وفاة السيد هاشم الحداد: لقد رحل السيد الحداد أيضاً ولم يبق أحد !
9- الفرار من الفتوى
يقول السيد صداقت : كان موقف العرفاء الكاملين والواصلين هو الفرار من التصدّي لمنصب الإفتاء، بل أنّ بعضهم لم يقبل حتى التصدّي لإمامة الجماعة
ومن أمثلة هؤلاء المرحوم الملا حسين قلي الهمداني والسيد أحمد الكر بلائي والشيخ محمد البهاري والسيد مرتضى الكشميري والسيد علي القاضي والعلامة الطباطبائي .
وقال السيد الكشميري حينما كتب أحد العرفاء رسالة عملية في الفتوى : لم يكن هذا العمل جيداً له .
ويقول العارف الكامل الشيخ محمد البهاري اُستاذ السيد علي القاضي في الصفات الحقّة للعلماء : إنّ إحدى صفات علماء الآخرة هو فرارهم من الفتوى كفرارهم من الأسد، وروي أن شخصاً دخل مسجد النبي (صلى الله عليه وآله) فوجد جماعة من الصحابة جلوس، فسألهم عن شيء من الأحكام، فكان كل واحد منهم ينتظر الآخر في الإجابة على السؤال خوفاً من الوقوع في الخطأ . وهنا مجال واسع للتأمل .
وقيل للاُستاذ مرة أن المرحوم آية الله الميرزا محمد تقي الشيرازي عندما تصدّى لمنصب المرجعية أرجع احتياطاته للعارف بالله السيد أحمد الكربلائي (أُستاذ السيد علي القاضي )
وعندما سمع بذلك السيد أحمد الكر بلائي بكى بكاءً شديداً وكاد أن يغمى عليه، ثم قال :
قولوا للميرزا الشيرازي : القدرة ( المرجعية ) الآن بيدك ولكن القدرة في الآخرة ستكون بيد جدي فأشكوك إليه .
وعندما السيد الكشميري هذا الكلام بكى وقال: كم كان أهل المعرفة يفرّون من الفتوى.
10– الصبر عند الامتحان
يقول السيد صداقت : كانت زوجة أحد الأشخاص الذين لهم علاقة بالسيد الكشميري مريضة
فقال يوماً للسيد الاُستاذ : لقد ذهبت إلى عدد من أولياء الله وأعطاني كل واحد منهم عملاً معيناً لشفاء زوجتي، وقد أتيت بكل هذه الأعمال ولم أحصل على نتيجة، فهل أن مرضها هو بسبب ما ارتكبته من الذنوب ؟
فقال له الاُستاذ : هذه المسألة امتحان لك وإذا صبرت عليه فسوف يعطيك الله بدلاً منه عطاءً جزيلاً .
11- إحياء الليل بالعبادة
12- نقطة البدء
يقول الشيخ حسين الحيدري الكاشاني مؤلف كتاب (سير في الآفاق ) : تشرفت بزيارة آية الله السيد الكشميري في سنوات عمره الأخيرة وسألته من أين يكون البدء بذكر الله ؟
فقال : " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " السجدة اليونسية وقراءة القرآن .
فسألته : هل الدخول إلى هذا الوادي يحتاج إلى الاُستاذ ؟
فقال : لا يمكن طي الطريق بغير اُستاذ .
وسألته : من أين أبدأ؟
فقال : أبدأ من هذه النقطة .
وسألته : إنّ البعض يقولون إنّنا لا ندرك حقيقة الأذكار والأوراد والختومات !
ولم يدعني السيد الكشميري أتمّ حديثي وقاطعني قائلاً: يجب الإتيان بها ولا بدّ أن نعمل بها.
وفي سؤال: ماذا يجب أن يعمل من يريد السير في طريق الله ؟
أجاب السيد الكشميري : عليك بالصوم ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، والاعتزال عن الناس، وعدم ترك صلاة الليل، وذكر اليونسية أربعمائة مرة في السجود، والكمّـل يأتون بها ثلاثة آلاف مرة، ولا يوجد طريق غير هذا .
قبسات من كتاب لسان الصدق
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
رشح المنتدى لإغاثة المحتاجين والمرضى