من كرامات العبّاس عليه السّلام 44
• الحاج مهدي تاجريان أحبّ أن يكون ممّن نال شرف الرواية في فضائل العبّاس عليه السّلام وكراماته.. فقال:
كان رجلٌ من وجوه جنوب العراق وأعيانه وإقطاعيّيه يسكن مدينة كربلاء المقدّسة، دارت الأيام دورتها عليه فصادر قانون الإصلاح الزراعي عام 1958م أمواله وأراضيه، فأقعده ذلك على بساط الفقر، حتّى غدا يبحث عمّن يُقرِضه ولم يجد أحداً يعينه.
ساءت أحوال الرجل، فرأى أن يطرق باب الحوائج، فيمّم وجهه نحو الحرم العباسي المبارك يتطلّع إليه بعين الرجاء والأمل، ويمدّ نحوه كفّ التوسّل والثقة، عسى أن يُنقذَه من محنته تلك، فدخل على المولى ووقف إلى جنب الضريح الزاهر وأخذ يخاطب صاحب المقام السامي، بكلمات.. وعبارات، كان بعضها يخرج عن الأدب الرفيع الذي ينبغي أن يُخاطَب به مِثلُ أبي الفضل عليه السّلام.
ذكر الرجل أنّه يوم كان غنيّاً كان يكسو العريان، ويُشبع الجوعان، ويلبّي طلبات المعوزين، وقد أقعده الحال إلى أن يبيت أطفاله بلا عَشاء! ثمّ خرج بعد أن نفخ رماداً كان غطّى جمرة قلبه.. لم يبتعد كثيراً عن حرم العبّاس عليه السّلام وإذا به وجهاً لوجه مع أحد المقاولين من معارفه يعمل في دائرة تعبيد الطرق والجسور، فاستقبله استقبالاً حارّاً:
ـ هاي وين لين يا أبو حاكم، عاش مِن شافك!
ـ والله بهاي الدنية چَنهه دولاب!!
ـ منذ مدّة وأنا أبحث عنك يا أبا حاكم فلم أجدك، الحمد الذي وفّقني لرؤيتك بعد وقتٍ طويل.
ـ خير يا أخي ؟
ـ إن شاء الله خير، أنا بصراحة يا أبا حاكم احتاجك الآن في عملٍ مهم وكبير، ورجائي الوحيد ألاّ تردّني.
ـ تفضّلْ، قُلْ لي ما هي حاجتك.
ـ أريدك، في الحقيقة يا أبا حاكم أن تخرج معي من صباح غدٍ بإذن الله لتعملَ رئيساً على العمّال وناظراً للعمل، وأوّل راتب شهري نقدّمه لك 30 ديناراً.
( في ذلك اليوم ـ قبل أكثر من أربعين عاماً ـ كان مثل هذا الراتب يُعدّ مبلغاً كبيراً ).
وافق أبو حاكم على أصل العمل، وعلى جميع شروطه ومزاياه بلا تردّد، وهو متحيّر كيف يكبت فرحته.. وافق بلا تأخّر ولا تأخير، حتّى أنّه لم يتحرّج كثيراً من استلام مبلغٍ يسير من ذلك المقاول بعنوان مقدّمة ( على الحساب ).
وإذا استطاع أبو حاكم أن يكتم سروره خلال اتّفاقه مع صديقه المقاول، فإنّه لم يستطع بعد وداعه أن يكتم عَبرته، فانفجر بالبكاء لِلذّة عطف أبي الفضل العباس عليه، وللأسف الذي اعتصر قلبه حين تذكر بعض الكلمات والعبارات التي انطلقت منه عند الضريح الشريف ممّا لا يناسب أدبَ الحضور عند آل الله، لكنّه بعد أن سكنت عَبرته مَنّى نفسه بأملٍ عقدَه على رجاءٍ معقودٍ بلطفٍ آخر لأبي الفضل العبّاس عليه السّلام أن يسامحه ويصفح عنه، فالتفت إلى الوراء ينظر إلى الحرم الشامخ والمقام القدسيّ للعبّاس بن عليّ، ثمّ أخذت عيناه يتقاطر منهما على وجهه دموعُ الشكر والاعتذار والإجلال.
ـ العودة.. العودة إليك إن شاء الله يا أبا الفضل..
المرّة الأخرى مع العيال إن شاء الله، لا جعله الله آخِرَ العهد منّا لزيارتكم.
منقول
• الحاج مهدي تاجريان أحبّ أن يكون ممّن نال شرف الرواية في فضائل العبّاس عليه السّلام وكراماته.. فقال:
كان رجلٌ من وجوه جنوب العراق وأعيانه وإقطاعيّيه يسكن مدينة كربلاء المقدّسة، دارت الأيام دورتها عليه فصادر قانون الإصلاح الزراعي عام 1958م أمواله وأراضيه، فأقعده ذلك على بساط الفقر، حتّى غدا يبحث عمّن يُقرِضه ولم يجد أحداً يعينه.
ساءت أحوال الرجل، فرأى أن يطرق باب الحوائج، فيمّم وجهه نحو الحرم العباسي المبارك يتطلّع إليه بعين الرجاء والأمل، ويمدّ نحوه كفّ التوسّل والثقة، عسى أن يُنقذَه من محنته تلك، فدخل على المولى ووقف إلى جنب الضريح الزاهر وأخذ يخاطب صاحب المقام السامي، بكلمات.. وعبارات، كان بعضها يخرج عن الأدب الرفيع الذي ينبغي أن يُخاطَب به مِثلُ أبي الفضل عليه السّلام.
ذكر الرجل أنّه يوم كان غنيّاً كان يكسو العريان، ويُشبع الجوعان، ويلبّي طلبات المعوزين، وقد أقعده الحال إلى أن يبيت أطفاله بلا عَشاء! ثمّ خرج بعد أن نفخ رماداً كان غطّى جمرة قلبه.. لم يبتعد كثيراً عن حرم العبّاس عليه السّلام وإذا به وجهاً لوجه مع أحد المقاولين من معارفه يعمل في دائرة تعبيد الطرق والجسور، فاستقبله استقبالاً حارّاً:
ـ هاي وين لين يا أبو حاكم، عاش مِن شافك!
ـ والله بهاي الدنية چَنهه دولاب!!
ـ منذ مدّة وأنا أبحث عنك يا أبا حاكم فلم أجدك، الحمد الذي وفّقني لرؤيتك بعد وقتٍ طويل.
ـ خير يا أخي ؟
ـ إن شاء الله خير، أنا بصراحة يا أبا حاكم احتاجك الآن في عملٍ مهم وكبير، ورجائي الوحيد ألاّ تردّني.
ـ تفضّلْ، قُلْ لي ما هي حاجتك.
ـ أريدك، في الحقيقة يا أبا حاكم أن تخرج معي من صباح غدٍ بإذن الله لتعملَ رئيساً على العمّال وناظراً للعمل، وأوّل راتب شهري نقدّمه لك 30 ديناراً.
( في ذلك اليوم ـ قبل أكثر من أربعين عاماً ـ كان مثل هذا الراتب يُعدّ مبلغاً كبيراً ).
وافق أبو حاكم على أصل العمل، وعلى جميع شروطه ومزاياه بلا تردّد، وهو متحيّر كيف يكبت فرحته.. وافق بلا تأخّر ولا تأخير، حتّى أنّه لم يتحرّج كثيراً من استلام مبلغٍ يسير من ذلك المقاول بعنوان مقدّمة ( على الحساب ).
وإذا استطاع أبو حاكم أن يكتم سروره خلال اتّفاقه مع صديقه المقاول، فإنّه لم يستطع بعد وداعه أن يكتم عَبرته، فانفجر بالبكاء لِلذّة عطف أبي الفضل العباس عليه، وللأسف الذي اعتصر قلبه حين تذكر بعض الكلمات والعبارات التي انطلقت منه عند الضريح الشريف ممّا لا يناسب أدبَ الحضور عند آل الله، لكنّه بعد أن سكنت عَبرته مَنّى نفسه بأملٍ عقدَه على رجاءٍ معقودٍ بلطفٍ آخر لأبي الفضل العبّاس عليه السّلام أن يسامحه ويصفح عنه، فالتفت إلى الوراء ينظر إلى الحرم الشامخ والمقام القدسيّ للعبّاس بن عليّ، ثمّ أخذت عيناه يتقاطر منهما على وجهه دموعُ الشكر والاعتذار والإجلال.
ـ العودة.. العودة إليك إن شاء الله يا أبا الفضل..
المرّة الأخرى مع العيال إن شاء الله، لا جعله الله آخِرَ العهد منّا لزيارتكم.
منقول
