اللهُم صَلِ علىْ مُحمِدٍ وَ آلِ مُحَمِدٍ وَ عجِلَ فرجَهُم وَ أهلِكَ أعدائِهُمْ وَ إرَحمِنَا بِهُمْ يَا الله
الَسَلآمُ عَليِكُمْ وَ رحَمِة الله وَ بَركَاتُه
السَلآمُ عَلىْ آلحُسيِنَ وَ علىْ عليَّ بِنَ آلحُسيِنَ وَ عَلىْ أولآدَ الحُسيِنَ وَ عَلىْ أصحَآبَ الحُسيِنَ
آلسَلآمُ عَلىْ قتيِلَ العَبّرآتَ آلسَلآمُ عَلىْ آلدمَآءَ آلزآكيِآتَ السَلآمُ علىْ الدمِآءَ السَآئِلآتَ السَلآمُ عَلىْ الأروآحَ الطآهِرآتَ السَلآمُ علىْ الأجسَآد العآرياتَ
۞ اْلَخِـيَـمْه آلَفاَطِمّيَة اْلَحُسـينيَة الـحـآديَـة عَـشِـر/ الـحـيـاة الحـقـيـقـية ۞
قال الله تعالى : ( يَآ أَيُهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذاَ دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ) فالهدف من الرسالة الإسلامية هو حياة الإنسان .
و الحياة على ثلاثة أقسام :
1- الحياة النباتية : هي أن ينمو الجسم في أبعاده الثلاثة و يكون متحركاً ، كالشجرة تنمو و تكبر ، أو تكون حركتها من الحامض إلى الحلو كالعنب ، و إلا عندما لا تتحرك و لا تورق فإنها في الواقع جماد .
2- الحياة الحيوانية : و هي منشأ الحركة و الحس ، فالدودة إذا قرَّبنا منها خشبة فإنها تتقلص .
3- الحياة الإنسانية : و هي المرتبة الثالثة و الأساس ، و التي يقابلها الموت الإنساني ، و هذة الحياة عبارة عن قوة تحصل في نفس الإنسان و يعبر عنها بالنُور ، أي نور الإيمان و المعرفة ، كما قال تعالى : ( أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَ جَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِى بِهِ فِى اْلنَّاسِ ) فلو حصل الإنسان على هذه الحياة فإنها تكون منشأ لأمور عالية بحيث يرى نُور الله و يسمع بِـ نُور الله ، و يفكر بِـ نُور الله ، و هذا النُور لا يمكن الحصول عليه إلا ببركات الولاية لأمير المؤمنين عليه السلام ، كما قال تعالى : ( اللهُ وَلِىُّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ يُخرِجُهُم مِّن اْلظُّلُمَاتِ إِلَى اْلنُّورِ ) و الله عز وَ جل لا يتولى إلا من تولى بأمير المؤمنين عليه السلام لقول النبي - صلى الله عليه و آله وسلم - يوم الغدير ( اللهم والِ من والاه و عادِ من عاداه ) يقول الإمام الصادق عليه السلام ليونس : ( و إن لك بمحبتنا الحياة الدائمة ) .
فمن لم يرتبط بهم عليهم السلام يكون فاقداً للإنسانيَة ، ولهذا ورد عنهم عليهم السلام : ( نحن الناس ، وشيعتنا أشباه الناس و الباقي وسواس خناس ) .
و من آثـار الـحيــاة الإنـســانيـة /
يظهر في تصرفات الإنسان : العفو ، الحلم ، الوقار ... ، و الذي لا يمتلك هذه الصفات مازال حيواناً - أجلكم الله - لأن الحيوان لا يعرف إلا الإعتداء و الإنتقام ، و ممكن أن يتحول إلى مسخ عجيب ، فالإصرار على الغضب يحول صورته إلى صورة كلب مرعب ، رؤي بعضهم بعد موته على صورة كلب ، فسئل عن سبب تحوّله فأجاب : ( ويلٌ من سوء الأخلاق في البيت ، ويلٌ من سوء الأخلاق في البيت ، ويلٌ من سوء الأخلاق في البيت ) .
أحدهم إلتفت إلى الشيخ الأنصاري قائلاً : من السهل أن يكون المرء عالماً و لكن من الصعب أن يكون إنساناً فأجابه الشيخ رحمه الله : من الصعب أن يكون الإنسان عالماً و من الأصعب أن يكون إنساناً .
فالإنسان يظهر في تصرفاته : الإيثار ، البذل ، العطاء ، حب الخير ... .. .
فهذا مؤمن صالح يسمع رسول الله يتلو الآية : ( مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ ) فيبادره بقوله : إني قد أقرضت ربي قرضاً أضمن به و لأولادي الجنة ، فقال له الرسول - صلى الله عليه و آله و سلم - : نعم ، فقال : ناولني يديك . . . إن لي حديقتين ، والله لا أملك غيرهما ، و قد جعلتهما قرضاً لله ، فأجابه الرسول - صلى الله عليه و آله و سلم - إجعل إحداهما لله ، و الأخرى دعها معيشة لك و لعيالك ، فقال المؤمن : إني قد جعلت خيرهما لله ، فقال الرسول - صلى الله عليه و آله وسلم - : إذاً يجزيك الله به الجنة ، و يذهب الرجل المؤمن إلى زوجته مسروراً و يخبرهما بالأمر ، فتقول له : ربح بيعك بارك لك الله في ما إشتريت .
فلأنه حصل على حياة إنسانية لم يعد أنانياً يتلذذ بالنظر إلى بستانه بل لذته أن يفرح الفقراء .
و من علامات حصول جوهر الإنسانية أنه لا يهدأ له بال في تحصيل زاد الآخرة ، فقد ورد في الروآيَة : ( قد تخلى من جميع الهموم إلا هماً واحداً إنفرد به ... ) و في روآيه إخرى ( إستعد لسفرك و حصَّل زادك قبل حلول أجلك و إعلم أنك تطلب الدنيا و الموت يطلبك ) أما الآخرون ( وَيَأكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَ اْلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ )
و من علامات الحياة الإنسانية : الإستفادة من الموعظة ، و هذا الشرط يؤكده الله تعالى بقوله : ( لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا ) و إلا فإن الموعظة لا تؤثر فيه كما قال تعالى : ( إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوتَى ) و كذلك قوله جلا و علا ( وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي اْلقُبُورِ ) .
و لذا نرى أن هماماً صعق عند سماعه الموعظه من أمير المؤمنين عليه السلام بينما المنافق الأشعث بن قيس يستهزئ بكلامه عليه السلام .
و بالواقع لا حزن على الموت النباتي كما هو حال العجوزين ، و لا الحيواني كما في حال تعطل الحواس عن العمل ، بل الحزن كل الحُزن أن يموت الإنسان روحياً ، و كثير من الناس كما عبر عنهم تعالى : ( أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحيَآءٍ )
إذاً عدم التأثر بالموعظة ناتج عن موت القلب و قساوته و إنعدام الحياة الإنسانية في الإنسان و تحوله إلى مسخ عجيب ، كما هو حال الجفاة القساة الذين إجتمعوا لحرب الحسين عليه السلام .
وقد بلغ من قساوتهم أنهم هجموا على مخيم الحسين و أضربوا النار في الخيام و جعلوا ينتزعن الملاحف من على ظهور الفاطميات فتواقعن على الإمام زين العابدين عليه السلام ، قلن : عمة مانصنع ؟ هذه الخيل قد هجمت علينا ، فقال : عمه فرّوا على وجوهكن في البيداء .
فررن النساء مابقيت إمرأة إلا و هامت على وجهها مابقي طفل أو طفلة إلا هام على وجهه وقد قتل مايقرب من عشرين طفلاً و طفله تحت حوافر الخيول .
يقول حميد بن مسلم : رأيت طفلة هائمه على وجهها و النار تشتعل بأطراف ثيابها ، لكنها من شدة الدهشة لا تشعر بحرارة النار ، لا تدري إلى أين تمضي ، يقول : ركضت خلفها أردت إطفاء النيران عنها ، وهي مرة تستغيث بأبيها ، مره بعمها ، مره برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، مرة بالنسوة ، و كل واحدة مشغولة بنفسها ، يقول : ركضت خلفها لأُطفئ النيران عنها
خافت مني فجعلت تركض حتى تعثرت و وقعت على وجهها ، لما دنوت منها جعلت يديها على وجهها وقالت : ياعم لا تضربني أنا يتيمة ، أنا مفجوعة ، قلت لها : عمّة أنا لا أريد أن أضربك ، بل أريد أن أطفئ النيران عنك ، سكتت الطفلة ، أخمدت النار عنها ... فإلتفت إليَّ قالت : ياشيخ أنت لنا أم علينا ؟ قلت : لا لكم و لا عليكم ، قالت : ياشيخ هل قرأت القرآن ؟ قلت : نعم ، قالت : هل قرأت قولة تعالى ( فَأَمَّا الْيَتِيَم فَلَا تَقْهَرْ ) فقلت : نعم قرأتها ، فقالت : ياشيخ والله أنا يتيمة الحسين
فقلت لها : بُنيَة لا تخافي ماجئتك بسوء ، هل من حاجة فأقضيها لك ؟ قالت : نعم ياشيخ دلّني على طريق النجف ، قلت : بنيه و ماتصنعين بالنجف ؟ إن بينك و بين النجف مسافة ، قالت : ياشيخ ذكرت لي عمتي زينب أن لنا قبراً بالنجف قبر جدي علي بن أبي طالب - عليه السلام - فأريد الرواح إليه و ألوذ به ، ياشيخ فلقد إسودت متناي من ضرب السياط .
قلت لها : بنيه لا يمكنك الوصول إلى النجف ، هل من حاجة فأقضيها لك ؟ قالت : ياشيخ دُلني على جسد والدي الحسين - عليه السلام - .
يقول حميد : فجئت بها إلى مصرع الحسين عليه السلام و إذا أبوها جثة بلا رأس فرمت بنفسها عليه محتضنه له ، أبه من الذي قطع وريدك ، أبه من الذي أيتمني ، أبه إذا أظلم الليل من يحمي حمانا ؟!
كُل النساء هامت ، إلا زينب بقيت واقفه ، أين وقفت ؟ وقفت على باب خيمة الإمام زين العابدين - عليه السلام - .
يقول حميد بن مسلم : رأيت إمرأة واقفة على باب خيمة ، و النار قد وصلت إلى أطناب الخيمة ، و هذه المرأة تارة تدخل و أخرى تخرج ، قلت في نفسي : إما مدهوشة من شدة الخطب ، و إما أن يكون عندها شيء ثمين في داخل الخيمة ، فدنوت منها قلت : أمة الله النار النار ما وقوفك بباب الخيمة ؟ أي شيء أعز من الروح الآن فالتفتت إليَّ ، قالت : بلى ياظالم أرى النار و لكن لنا مريض في هذة الخيمة .
.~( دخلوا على ذلك المريض و لكن ماللذي فعلوا به ؟!! )~.
دخل عليه الشمر جرَّد سيفه و أراد أن يذبحه ، فجاءت عمته زينب و رمت بنفسها عليه و هي تقول : إن أردت قتله فإقتلني قبله ، فدخل عمر بن سعد فرأى زينب متعلقة بإبن أخيها قال : يا شمر دعه لها فإنه لما به
.~( وسيعلم اللذين ظلموآ آل بيت محمد أيَّ منقلب ينقلبون و العاقبَة للمتقينَ )~.
إلـهيَّ بحق الحسين و أخيه وَ جده و أبيَه وَ أمُه وَ بنيَه وَ شيعتَه وَ مواليَه وَ قبرَه وَ سآكنيَه وَ زوارَه وَ مجاوريَه خلصني مِنَ الغم الذيَّ أنا فيَه
ياقاضي الحاجات يا سميع الدعوات يا منزل البركات يادافع البليات برحمتك يا أرحم الراحمين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهُم كُنْ لِوليُّك الحُجةِ ابن الحسن صلَواتُك عليهِ وعلى ابائِه في هذه الساعة وفي كلِ ساعة ولياً وحافِظْا وقائِداً وناصراً ودليلاً وعَيّنا حتى تُسكِنَهُ ارضَك طوعا وتُمتِعهُ فيها طويلاً برحمتِك يا ارحمْ الراحِمين
وَ صَلىْ الله عَلىْ مُحَمِدَ وَ آلِ مُحَمِدَ آلطَيبيِنَ آلطآهرِينَ
مِنَ قلِبَ اْلَخِـيَـمْ آلَفاَطِمّيَة اْلَحُسـينيَة مُشرفة أحَلىْ روضَة بآلعَآلِمْ / آلنُورَ آلحُسينيَّ
نسألكُم الدعَآءَ