اللهُم صَلِ علىْ مُحمِدٍ وَ آلِ مُحَمِدٍ وَ عجِلَ فرجَهُم وَ أهلِكَ أعدائِهُمْ وَ إرَحمِنَا بِهُمْ يَا الله
الَسَلآمُ عَليِكُمْ وَ رحَمِة الله وَ بَركَاتُه
السَلآمُ عَلىْ آلحُسيِنَ وَ علىْ عليَّ بِنَ آلحُسيِنَ وَ عَلىْ أولآدَ الحُسيِنَ وَ عَلىْ أصحَآبَ الحُسيِنَ
آلسَلآمُ عَلىْ قتيِلَ العَبّرآتَ آلسَلآمُ عَلىْ آلدمَآءَ آلزآكيِآتَ السَلآمُ علىْ الدمِآءَ السَآئِلآتَ السَلآمُ عَلىْ الأروآحَ الطآهِرآتَ السَلآمُ علىْ الأجسَآد العآرياتَ
۞ اْلَخِـيَـمْه آلَفاَطِمّيَة اْلَحُسـينيَة التـاسِـ ع ـة / الـمُـصِـيبَـة ۞
قال الله تعالى : ( وَلَنَبلُونَّكُم بِشَئٍ مِّنَ الخَوفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقصٍ مِّنَ الأَموَالِ وَ الأَنفُسِ وَ الثَّمَرَاتِ وَ بَشِرَ الصَّابِرِيِنَ * الَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إنَّا لِلَّهِ وَ إَنَّآ إلَيهِ رَاجِعُونَ )
الدنيا دار بلاء كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام : ( دار بالبلاء محفوفة )
ويقول عليه السلام : ( ماأصف من دار أولها عناء و آخرها فناء ) و يقول عليه السلام : ( لا تصفو لشارب ) و يقول عليَه السلام أيضاً ( صفوها كدر )
و السؤال المهم إنَه : لماذا هذه المصائب و الإبتلاءات ؟!
والجواب : إن البلاء يختلف بإختلاف حالات الأشخاص ، كما في الرواية : ( إنَّ البلاء لِـ الظالم أدب ، و لِـ المُؤمن إمتان ، و لِـ الأوليَاءَ درجَة )
إذاً قد يكونَ البَلاءَ :
أ- عقوبَة على ذنب : كما قال تعالى ( وَمَآ أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ) ، وَ قولَة تعالى : ( فَليَحذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَليِمٌ )
و عن الأمام الصادق عليَه السلام : ( ما أنعم الله على عبد نعمة فسلبَه إياها حتى يذنب ذنباً يستحق بذلك السلب ) و عنه عليَه السلام : ( أما إنه ليس من عِرقَ يضرب و لا نكبة و لا صداع و لا مرض إلا بذنب ) و بروايَة : ( من يموت بالذنوب أكثر ممن يموت بالآجال ) .
ب- كفارة لذنب : كما ورد في الروايَة : ( ساعات البلايا كفارات لساعات الخطايا ) و في روايَة ( حِمّة ليلة كفارة ذنوب سنة ) .
جـ- لعلو الدرجات : كما ورد في الرواية ( المصائب مفاتي الأجر ) لأن المصيبة إذا صبر عليها تؤهله ربح الصلوات الإلهيَة و الرحمات الربانية : ( أُوْلَئِكَ عَلَيْهِم صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُوْلَئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ ) و في الرواية : ( من أُلهم الأسترجاع عند المصيبة وجبت له الجنة )
و ورد أيضاً : ( أربع من كُنَّ فيه كان في نور الله الأعظم ، عصمة أمره شهادة أن لا إله إلا الله ، و إذا أصابته مصيبة ، يقول : إنا لله و إنا إليه راجعون ، و إذا أصاب خيراً ، يقول : الحمد لله ، و إذا أصابته خطيئة ، يقول : أستغفر الله ) و في روآيَة أخرى : ( إذا أحب الله عبداً إبتلاه ) .
و لذا يتمنى البعض يوم القيامة ، لو يقرض ( يُقَّص ) جسمه بالمقاريض لما يراه من عظيم الأجر ، و من هنا تمنى النبي إبراهيم ( عليه السلام ) ذبح ولده ليفوز بأعلى الدرجات ، فإذاً كلما إزداد بلاؤه إزداد أجره و إرتفعت درجته .
الأئمة وصلوا إلى أعلى الدرجات لأنهم عليه السلام أكثر الناس إبتلاءً ، فالإمام علي عليه السلام غُصب حقه ، و جرى ماجرى عليه من ظلم و جور و أذى ، فصبر عليه السلام على ما أصابه كما يعبر هو عليه السلام : ( فصبرت و في العين قذى و في اللق شجى أرى تراثي نهباً ) فوصل لأن يكون قسيم الجنة و النار .
السيدة الزهراء عليها السلام أصيبت بمصائب لم تصب بها إمرأه في الدنيا ، كسروا ضلعها و أسقطوا جنينها و أحرقوا دارها ، لطموها على عينها ، جلدوها بالسياط ، و جرى عليها ماجرى فوصلت لأن تكون سيدة نساء أهل الجنَة
الإمام الحَسن عليه السلام قُتل بالسم ، الإمام الحسين عليه السلام أُصيب بأنواع المصائب فنالا أعلى الدرجات و وصلا لأن يكونا سيدا شباب أهل الجنَة
فمصائب الدنيا بواقعها أجرٌ و ثواب و سبب للوصول إلى أعلى الدرجات و أرفع المنازل
و لكن ماهي المصيبة الحقيقية إذاً ؟!!
المصيبة بالواقع أن يُصاب بِـ دينه كما ورد في الدعاء ( اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا ) لأنه إذا أصيب في دينه يخسر آخرتَه ( قُل إِنَّ الخَاسِرينَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَ أَهلِيهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ ) .
المصيبة أن يعطى كتابه وراء ظهره ( وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُواْ ثُبُوراً )
المصيبة أن يعطى كتابه بشماله فيتمنى لعظم مايرى الفناء ( وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرَ مَا حِسَابِيَهْ يَالَيتَهَا كَانَتِ القَاضِيَةَ ) - ( يَالَيْتَنىِ كُنتُ تُرَابَاَ )
و المصيبة الكبرى أن يرمى في نار جهنم ( وَ إذَآ أُلقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً * لَّا تَدْعُواْ اليَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَ ادْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً )
و أكبر مصائب الأخرة أن يُرمى الإنسان في نار جهنم و لكن ما أكبر مصائب الدنيا ؟؟!
يجيب مولانا الإمام الصادق عليه السلام عن هذا السؤال فيقول : ( أكبر مصائب الدنيا فقدُ الشاب البار التقي ) .
فما ظنك بالإمام الحسين عليه السلام الذي يفقد شبيه رسول الله - صلى الله عليه و آله و سلم - خلقاً و خُلقاً و منطقاً ، فقد كان علي الأكبر شبيهاً للنبي - صلى الله عليه و آله و سلم - و كان سيد الشهداء عليه السلام كلما إشتاق للنظر إلى النبي - صلى الله عليه و آله و سلم - نظر إلي علي الأكبر عليه السلام ، و الأهم من كل هذا ، ذلك الخُلق الذي قال الله تعالى فيه ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) فلقد كان علي الأكبر عليه السلام في الخُلق أشبه خلق الله بالنبي - صلى الله عليه و آله و سلم - .
و هذا المعنى أشار إليه سيد الشهداء عليه السلام لما برز علي الأكبر قالوا : رفع رأسه إلى السماء و نادى : ( اللهم إشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم غلامٌ أشبه الناس خلقاً و خُلقاً و منطقاً برسولك ، و كنا كلما اشتقنا إلى رؤية نبيك نظرنا في وجه هذا الغلام ، اللهم فرقهم تفريقاً و مزقهم تمزيقاً فإنهم دعونا لينصرونا فغدوا علينا يقاتلوننا ) - (( دعــاء قلـب محتـرق )) ثم إلتفت إلى ولده قال : بُنيَّ علي إليَّ إليَّ حتى اودعك و تودعنيَّ ، و أشمك و تشمني ، فأقبل عليه السلام يودع هذا الجمال النبوي ، تقول الرواية : إعتنقا ساعة حتى سقطا على الأرض مغمى عليهما .
بعد أن أفاق الحسين من غشوته أفاق علي الأكبر ، إلتفت إليه الُسين عليه السلام و قال : إذهب و ودَذع أُمك ليلى ، ودّع عماتك و أخواتك ( هنا المصيبة - هنا اللوعه ) لأن ليلى تودع شبيه رسول الله - صلى الله عليَه و آله و سلم - وداع الموت ، لا تودعه لسفر يحتمل رجوعه منه ؟ لكن تودعه لتراه نصب عينها مقطعاً بالسيوفَ إرباً إرباً .
ساعد الله قلب أُمه و عماته و أخواته ، عندما أقبل عليه السلام لوداعهن : تقول الرواية : سقطن عليَه ، هذه تقبل يده و تلك تقع على قدميَه ، وهذه تشمه في صدره ، واحده من العلويات تنادي : ياعلي إرحم غربتنا ، إرحم لوعتنا ، فصاح بهن الحسين عليه السلام : دعنه يا بنات رسول الله ، فتركنَه و توجَذه بعد ذلك إلى المعركه .
لكن هلمَّ إلى الحسين ، هل إستقر بمكانه لما رأى ولده متوجهاً نحو الموت ؟! قالوا : صار الحُسين يركض خلف ولده رافعاً شيبته نحو السماء وهو يقول : يابن سعد قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ، و غاص عليَّ في أوساط الجيش ينادي :
أنا علي بـن الحسين بن علـي نحن و بيـت الله أولى بالنـبي
أضربكم بالسيف أحمي عن أبي أطعنكم بالرمح حتى ينثني
طـعــن غـلامِ هـاشمــيَّ عَلويَّ
و عاد الحسين إلى مركزه ، و صار ينظر إلى حملاتِ ولدع عليَّ الأكبر عليه السلام ، ينظر إلى شجاعته ، ولكن هَّلم إلى أُمه ليلى التيَّ غيَّبت الخيلُ ولدَها عن بصرها ، فصارت لا ترى إبنها علياً ، فكيف تطمئنُ على سلامته ؟!
جاءت و جلست بمكان بحيث تنظر إلى وجه السين ، بينما ترى الحسين مسروراً بشجاعة ولده مأنوساً ببطولة ولدِه و إذا بالحسين قد تغير لونه ، جاءت ليلى تركض ، سيدي أبا عبدالله هل أُصيب ولدي عليَّ ؟ فقال لها الحُسين : لا يا ليلى ، ولكن برز إليه من يُخاف عليه منه ، قالت : إذاً سيدي ماذا أصنع ؟ ما تأمرني فقال لها الحُسين : إرجعي إلى خيمتك و إدعي الله لولدك ، فإني سمعت جدي رسول الله يقول : دعاء الأم مستجابٌ بحق ولدها .
عادت ليلى إلى خيمتها ، جردت خمارها و نشرت شعرها و رفعت يديها نحو السماء قالت : إلهي بغربة أبي عبدالله ، إلهي بعطش أبي عبدالله ، إلهي بصبر أبي عبدالله ، يا راد يوسف إلى يعقوب ردَّ إلي ولدي عليَّ .
إستجاب الله دعاءَ ليلى بأن نصر علياً على بكر بكر بن غانم فقتله ، و عاد إلى أبيه الحسين عليه السلام يتلوى من شدة العطش قائلاً : أبه إن العطش قد قتلني و ثقل الحديد قد أجهدني ، فهل إلى شربة ماءٍ من سبيل أتقوى بها على الأعداء ؟! فقال له الحسين عليه السلام : بُني علي هاك لساني فمصَّه ، أخذ علي لسان أبيه ثم لفظه ، قال : أبه يا حسين لسانُك أيبس من لساني .
يعزَّ على الأب وهو يرى ولده يطلب منه جرعة ماء و لا يقدر على تلبيته ، فصاح الحسين عليه السلام : واغوثاه ، بُني ما أسرع الملتقى بجدَّك المصطفى فيسقيك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبداً ، و لكن بُني علي أدرك أُمك في الخيمة قبل أن تموت ، ، أقبل علي على أمه ليلى وجدها مغنى عليها ، جلس عند رأسها و أخذ رأسها وضعه في حجره ثم صب دموع عينيه على وجهها أفاقت ، يا لها من فره ولكن ما دامت ، فتحت عينيها و إذا علي الأكبر عند رأسها ، صاحت من ولدي عليَّ ؟ قال : بلى أماه .
قامت إليه إعتنقته ، فقال لها علي : يا أُماه يا ليلى ماهذا البكاء ؟! ماهذا الجزع ؟! يا أُماه إنظري إلى هذه النسوة الواقفة بباب الخيام ، كل إمرأة تفتخر يوم القيامة عند فاطمة الزهراء عليها السلام إما برأس زوجها و إما برأس أخيها و إما برأس ولدها ، يا أماه أما تريدين أن تأتي يوم القيامة إلى الزهراء و تقولين يا زهراء إني فديتُ ولدكِ الحسين بولدي عليَّ ، فكأن هذه الكلمات من علي الأكبر ماء وصُبَّ على الجمر ، قالت : بني إنطلق بيَّض الله وجهك كما بيَّضت وجهي عند فاطمة الزهراء عليها السلام ، خرج علي الأكبر من الخيمة متوجهاً إلى الميدان ، إلتفت إلى أبيه الحسين قال : أبه ، أوصيكَ بأمي ليلاً خيراً .
ردتك ياعليَّ لأيام شيبيَّ ياوسفه إنقطع منك نصيبيَّ
إلـهيَّ بحق الحسين و أخيه وَ جده و أبيَه وَ أمُه وَ بنيَه وَ شيعتَه وَ مواليَه وَ قبرَه وَ سآكنيَه وَ زوارَه وَ مجاوريَه خلصني مِنَ الغم الذيَّ أنا فيَه
ياقاضي الحاجات يا سميع الدعوات يا منزل البركات يادافع البليات برحمتك يا أرحم الراحمين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهُم كُنْ لِوليُّك الحُجةِ ابن الحسن صلَواتُك عليهِ وعلى ابائِه في هذه الساعة وفي كلِ ساعة ولياً وحافِظْا وقائِداً وناصراً ودليلاً وعَيّنا حتى تُسكِنَهُ ارضَك طوعا وتُمتِعهُ فيها طويلاً برحمتِك يا ارحمْ الراحِمين
وَ صَلىْ الله عَلىْ مُحَمِدَ وَ آلِ مُحَمِدَ آلطَيبيِنَ آلطآهرِينَ
مِنَ قلِبَ اْلَخِـيَـمْ آلَفاَطِمّيَة اْلَحُسـينيَة مُشرفة أحَلىْ روضَة بآلعَآلِمْ / آلنُورَ آلحُسينيَّ
نسألكُم الدعَآءَ