بسم رب الزهراء عليها السلام
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على بديعة الوصف والمنظرالسلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبر
عظم الله إلك الآجر يا سيدتي فاطمة الزهراء بمصاب اباعبدالله الحسين
**مراحل السير إلى الله في القرءان الكريم **
وإلى حقانية الموت ووقوعه اللاّبدّي أشار تعالى بقوله: "أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بُروجٍ مشيّدة" وقوله: "قل إنّ الموت الذي تفرّون منه فإنه ملاقيكم ثم تردّون إلى عالم الغيب والشـهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" وقوله: "ثم إنكم بعد ذلك لميتون" وقوله: "كلّ نفسٍٍ ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون" ويلاحظ في جميعها نسبة الموت إلى الإنسان بما هو حي عاقل لا بما هو أعضاء وأجزاء بدنية مادية ميتة لا إحساس فيها ولا شعور. إذ إنّ ذا الشعور والإحساس ليس اليد أو العين وإنما المدبّر لليد والعين والمتصرّف فيهما وهو النفس القادرة. فالموت من شؤون النفس ومراحل وجود الإنسان وسيره في عوالم الوجود ولا شأن للبدن بالموت إلا من جهة ذبوله وزواله. وأما الإنسان فباقٍ بروحه ونفسه ولا يزول. ومن هنا تحدُس بعدم صوابية الأذهان العامية التي ترتعد عند ذكر الموت، لبنائها على أن الزائل هو الإنسان، إذ هو البدن حسب فهمها ومساحة إدراكها ووعيها. وما موقفهم هذا إلا نتيجة غفلتهم عن ذواتهم وحقائقهم، وعن حقيقة الوجود، وحقيقة الدنيا والآخرة، وحقيقة البدن والروح وسائر المعارف الإلهية، التي لها شواهد ودلائل في الكون وفي الإنسان: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" والغريب أنهم شاهدوا الموت وعاينوه يوماً بعد يوم وطوراً بعد طور منذ بداية شعورهم وإدراكهم حيث يرون أن ابن الخامسة عشرة لا يوجد إلا على حساب ابن الرابعة عشرة وهكذا دواليك، إذ يموت الأول ليحيا الثاني.
من هنا فإنّ الحق تبارك اسمه يعاتبهم في كتابه العزيز بقوله تعالى شأنه: "ولقد عَلِمتم النشأة الأولى فلولا تذكّرون" كما ينبههم إلى ذلك - ليستفيقوا من سبات الدنيا وينتبهوا من نومهم الطبيعي ومن خدر المادة فيخرجوا عن طور الغفلة والغيبوبة - بقوله سبحانه: "يا أيها الناس إن كنتم في ريبٍ من البعث فإنّا خلقناكم من ترابٍ ثم من نطفةٍ ثم من علقةٍ ثم من مضغةٍ مخلّقةٍ وغير مخلّقة لنبينّ لكم ونقرُّ في الأرحام ما نشاء إلى أجلٍ مسمّى ثم نخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا أشدّكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يُرَدُّ إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علمٍ شيئاً وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كلّ زوج بهيجٍ * ذلك بأنّ الله هو الحق وأنّه يحيي الموتى وأنّه على كل شيء قدير * وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور"
وهذه الآيات المباركة ُتفصّل المرحلة الكلية التي تبدأ من انعقاد نطفة الإنسان أو من بداية تكوّنه من تراب إلى حين يُبعث يوم القيامة للحساب، كما كان شأن الآيات المباركة السابقة من سورة "المؤمنون". فأشبه ما يكون حال النفس في تطوّراتها وسيرها في مراتب الوجود ومراحل الخلقة من التراب إلى العقل بحال البذرة في تطورها وانتقالها من مرتبة التراب إلى مرتبة الثمر.
فكما أن البذرة لا تصير نبتةً إلا بعد فنائها عن كونها بذرة، فيكون الموت باباً تخرج منه من عالمٍ لتدخل في عالمٍ آخر أعلى منه، كذلك النفس. فإنّ الموت ليس أمراً يعدمها بل ينقلها من مرحلةٍ إلى أخرى. والبدن بعد نشوء النفس وتطورها واستقلالها في ذاتها يصير مغايراً للنفس لا من حيث الشخص، بل من حيث رتبة الوجود. فهذه آية وشاهد آفاقي من الأرض "وفي الأرض آيات للموقنين"
ويؤكد هذا الكلام بل هو أصله قول أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (ع) في وصيّيه لابنه الحسن (ع): "واعلم يا بني إنّك إنّما خُلِقت للآخرة لا للدنيا وللفناء لا للبقاء"
وشاهد آخر على بقاء النفوس وخلودها أنّ كلّ واحد منا يشعر من تلقاء نفسه وبحسب طبعه بحبّ البقاء والوجود وكراهة الفناء والعدم. وحبّ الوجود لكونه خيراً ونوراً، وحبّ البقاء لأجل الوجود وخيريته ونوريته. فلزم وجود نشأة أخرى تنتقل إليها النفس وإلا كان هذا المرتكز الطبيعي الفطري باطلاً، وما أودع في النفوس من حب الوجود والبقاء خالياً من الحكمة ومتورطاً في العبثية واللهو. وحاشا المولى الحكيم سبحانه أن يُنسب إليه ذلك وهو أصدق القائلين: "وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين * ما خلقناهما إلا بالحقّ ولكنّ أكثرهم لا يعلمون"
وأما المرحلة الكليّة الوجودية السابقة على هذه المرحلة فلم تذكر في كتاب الله بوضوح وتفصيل، وإنما أشير إليها إشارات لأولي الألباب والمتفكرين في خلق السموات والأرض وأهل العقل والإدراك الكلي.
نسـألكم الدعاء ..
دمتم بحب ورعاية الزهراء
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام على بديعة الوصف والمنظرالسلام على من نرتجيها ليوم الفزع الأكبر
عظم الله إلك الآجر يا سيدتي فاطمة الزهراء بمصاب اباعبدالله الحسين
**مراحل السير إلى الله في القرءان الكريم **
وإلى حقانية الموت ووقوعه اللاّبدّي أشار تعالى بقوله: "أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بُروجٍ مشيّدة" وقوله: "قل إنّ الموت الذي تفرّون منه فإنه ملاقيكم ثم تردّون إلى عالم الغيب والشـهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" وقوله: "ثم إنكم بعد ذلك لميتون" وقوله: "كلّ نفسٍٍ ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون" ويلاحظ في جميعها نسبة الموت إلى الإنسان بما هو حي عاقل لا بما هو أعضاء وأجزاء بدنية مادية ميتة لا إحساس فيها ولا شعور. إذ إنّ ذا الشعور والإحساس ليس اليد أو العين وإنما المدبّر لليد والعين والمتصرّف فيهما وهو النفس القادرة. فالموت من شؤون النفس ومراحل وجود الإنسان وسيره في عوالم الوجود ولا شأن للبدن بالموت إلا من جهة ذبوله وزواله. وأما الإنسان فباقٍ بروحه ونفسه ولا يزول. ومن هنا تحدُس بعدم صوابية الأذهان العامية التي ترتعد عند ذكر الموت، لبنائها على أن الزائل هو الإنسان، إذ هو البدن حسب فهمها ومساحة إدراكها ووعيها. وما موقفهم هذا إلا نتيجة غفلتهم عن ذواتهم وحقائقهم، وعن حقيقة الوجود، وحقيقة الدنيا والآخرة، وحقيقة البدن والروح وسائر المعارف الإلهية، التي لها شواهد ودلائل في الكون وفي الإنسان: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" والغريب أنهم شاهدوا الموت وعاينوه يوماً بعد يوم وطوراً بعد طور منذ بداية شعورهم وإدراكهم حيث يرون أن ابن الخامسة عشرة لا يوجد إلا على حساب ابن الرابعة عشرة وهكذا دواليك، إذ يموت الأول ليحيا الثاني.
من هنا فإنّ الحق تبارك اسمه يعاتبهم في كتابه العزيز بقوله تعالى شأنه: "ولقد عَلِمتم النشأة الأولى فلولا تذكّرون" كما ينبههم إلى ذلك - ليستفيقوا من سبات الدنيا وينتبهوا من نومهم الطبيعي ومن خدر المادة فيخرجوا عن طور الغفلة والغيبوبة - بقوله سبحانه: "يا أيها الناس إن كنتم في ريبٍ من البعث فإنّا خلقناكم من ترابٍ ثم من نطفةٍ ثم من علقةٍ ثم من مضغةٍ مخلّقةٍ وغير مخلّقة لنبينّ لكم ونقرُّ في الأرحام ما نشاء إلى أجلٍ مسمّى ثم نخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا أشدّكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يُرَدُّ إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علمٍ شيئاً وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كلّ زوج بهيجٍ * ذلك بأنّ الله هو الحق وأنّه يحيي الموتى وأنّه على كل شيء قدير * وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور"
وهذه الآيات المباركة ُتفصّل المرحلة الكلية التي تبدأ من انعقاد نطفة الإنسان أو من بداية تكوّنه من تراب إلى حين يُبعث يوم القيامة للحساب، كما كان شأن الآيات المباركة السابقة من سورة "المؤمنون". فأشبه ما يكون حال النفس في تطوّراتها وسيرها في مراتب الوجود ومراحل الخلقة من التراب إلى العقل بحال البذرة في تطورها وانتقالها من مرتبة التراب إلى مرتبة الثمر.
فكما أن البذرة لا تصير نبتةً إلا بعد فنائها عن كونها بذرة، فيكون الموت باباً تخرج منه من عالمٍ لتدخل في عالمٍ آخر أعلى منه، كذلك النفس. فإنّ الموت ليس أمراً يعدمها بل ينقلها من مرحلةٍ إلى أخرى. والبدن بعد نشوء النفس وتطورها واستقلالها في ذاتها يصير مغايراً للنفس لا من حيث الشخص، بل من حيث رتبة الوجود. فهذه آية وشاهد آفاقي من الأرض "وفي الأرض آيات للموقنين"
ويؤكد هذا الكلام بل هو أصله قول أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (ع) في وصيّيه لابنه الحسن (ع): "واعلم يا بني إنّك إنّما خُلِقت للآخرة لا للدنيا وللفناء لا للبقاء"
وشاهد آخر على بقاء النفوس وخلودها أنّ كلّ واحد منا يشعر من تلقاء نفسه وبحسب طبعه بحبّ البقاء والوجود وكراهة الفناء والعدم. وحبّ الوجود لكونه خيراً ونوراً، وحبّ البقاء لأجل الوجود وخيريته ونوريته. فلزم وجود نشأة أخرى تنتقل إليها النفس وإلا كان هذا المرتكز الطبيعي الفطري باطلاً، وما أودع في النفوس من حب الوجود والبقاء خالياً من الحكمة ومتورطاً في العبثية واللهو. وحاشا المولى الحكيم سبحانه أن يُنسب إليه ذلك وهو أصدق القائلين: "وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين * ما خلقناهما إلا بالحقّ ولكنّ أكثرهم لا يعلمون"
وأما المرحلة الكليّة الوجودية السابقة على هذه المرحلة فلم تذكر في كتاب الله بوضوح وتفصيل، وإنما أشير إليها إشارات لأولي الألباب والمتفكرين في خلق السموات والأرض وأهل العقل والإدراك الكلي.
نسـألكم الدعاء ..
دمتم بحب ورعاية الزهراء
