اللهُم صَلِ علىْ مُحمِدٍ وَ آلِ مُحَمِدٍ وَ عجِلَ فرجَهُم وَ أهلِكَ أعدائِهُمْ وَ إرَحمِنَا بِهُمْ يَا الله
الَسَلآمُ عَليِكُمْ وَ رحَمِة الله وَ نُوره وَ بَركَاتُه
السَلآمُ عَلىْ آلحُسيِنَ وَ علىْ عليَّ بِنَ آلحُسيِنَ وَ عَلىْ أولآدَ الحُسيِنَ وَ عَلىْ أصحَآبَ الحُسيِنَ
آلسَلآمُ عَلىْ قتيِلَ العَبّرآتَ آلسَلآمُ عَلىْ آلدمَآءَ آلزآكيِآتَ السَلآمُ علىْ الدمِآءَ السَآئِلآتَ السَلآمُ عَلىْ الأروآحَ الطآهِرآتَ السَلآمُ علىْ الأجسَآد العآرياتَ
۞ اْلَخِـيَـمْه آلَفاَطِمّيَة اْلَحُسـينيَة الـعِـشُرونَ / التجهيزآتَ الإلَهيـة لِـ الإمآمَ الحُسينَ عليَه السَلآمَ ۞
ورد في الأحاديث المعتبره مانصّه أو ما معناه : ( من غسل مؤمناً غسله الله من ذنوبه كيوم ولدته أمه ) وَ ( من كفن مؤمناً كان كمن ضمن كسوته إلى يوم القيامة ) وَ ( من احتفر لمسلم قبراً محتسباً حرَّمه الله على النار و بوأه بيتاً في الجنة ) وَ ( من شيع جنازة مؤمن فإن الميت إذا أنزلوه نودي : ألا و إن أول حبائك الجنة ، ألا و إن أول حباء من تبعك : المغفرة ) وَ ( من أخذ بقائمة من قوائم جنازة الميت غفر الله له خمساً و عشرين كبيرة و إذا ربّع " أي أخذها من جوانبها الأربع " خرج من الذنوب ) وَ ( من حثا التراب على ميّت أعطاه الله بكل ذرّة حسنة ) وَ ( من سلّى يتيم ميّت صلى الله على روحه ) .
هذا كله إذا كان الميت مؤمناً أما إذا كان مؤمناً كاملاً فأجره و لا ريب أعلى .
و إذا كان عالماً فإن الأجر يزداد وَ إذا كان غريباً فالأجر في تزايد و إذا كان مهتوك الحرمه فعليك أن تقدّر كم يزداد عندها الأجر
وإذا كان شهيداً فواضح مايكون له من الأجر ؟! فكيف إذا كان هذا الشهيد إمام المتقين و سيد الشهداء ...!
هذا العظيم ظلّ ثلاثة أيام على رمضاء كربلاء ، أترى يمكننا أن نؤخر تجهيزه يـوم ؟ ثلاثة أيام لهذة الأجساد المطروحَة وَ عُدتها : مئة و إثنان ! أحدها جسد الحسين بن عليَّ بن أي طالب ، و واحد لعلي بن الحسين ، و آخر للعبّاس بن علي بن أبي طالب .
من الأصول أن ينادي على الميّت ولكن من لهؤلاء الشهداء ؟ ومن ينادي عليهم ؟ إبنة عليَّ بن أبي طالب لما أرادت الإرتحال عنهم لم تر أحداً لينادي عليهم عندها قالت : " أما فيكم مسلم يدفن هذا الغريب " .
نعم إنشغلت مولاتي العقيلة زينب بفاجعه أكبر شغلتها عن هذة المصيبة ! لقد عرضت عليها مصيبة أكبر ؟ مصيبَة دخولها إلى مجلس إبن زياد !
مصيبة أنست العلياء المكرّمة زينب عليها السلام مصيبة مصارع الأجساد المطروحه على الرمضاء بلا كفن و لا دفن .
بالله عليكم أي لفاجعتين أمضىْ وقعاً ؟ فاجعة بقاء الجسد في ميدان بعد القتال و القتل ، أم فاجعة الإتيان بالرأس إلى مجلسَ العدو ؟!
لا تقل عن هذة الأجساد الطاهرة التي ظلت ثلاثة أيام على حالها أنها لم تُجهَّز ! فالتجهيز الذي جرى لها لم يجرِ لأحد .
كان لهذه الأجساد عدّة تجهيزات ، تجهيز إلهي ، و تجهيز نبوي ، و تجهيز ملائكي ، و تجهيز حُسينيَّ .
أما التجهيز الإلهي ، فإن رب العالمين قد كفّن هذا البدن بنور ساتر ، فكان هذا النور حتى ولو كان عليه السلام عارياً ستراً له ، حتى إنّ الرجل الأسدي الذي شاهده قال : رأيت بين الأجساد جسداً يتلألأ كالشمس .
و جعل الله تعالى نوراً للرأس الطاهر - قال زيد بن أرقم ذلك المسلوب السعاده : كنت في داري إذ رأيت نوراً قد دخل من الكوّة : لقد كانوا في الطريق يمرون حاملين رأس سيّد الشهداء .
و لقد صلّى عليه ربُّ العالمين ، الصلآة الإلهيَة هي هذة الصلاة التي تقولونها دائماً : صلى الله عليك يا أبا عبدالله ، و أكثر من هذا أنه جعل صلاته على الباكين على الإمام ، ألا و صلى الله على الباكين على الحسين عليه السلام .
أما التجهيز النبوي فقد أنجز النبي - صلى الله عليه و آله وسلم - جزءاً منه ، حيثما كان يشيّع هذا النعش بإستمرار ، حتى يوم الأربعين ، ومن أجزاء التجهيز : حفر القبر ، فقد حفر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بنفسه قبر الإمام الحسين عليه السلام ، فلما جاء بنو أسد في مثل هذا اليوم للدفن كما جء الإمام السجاد عليه السلام في الخفاء ، و أمرهم عليه السلام بحفر الحفر ، فما كادوا يضربون الأرض بالمسحاة قليلاً حتى وجدوا قبراً محفوراً ، إنه هو القبر الذي كان النبي - صلى الله عليه و آله وسلم - قد حفره ، وكان قد قال - صلى الله عليه وآله وسلم - لأم سلمه : كنت أحفر قبراً للحسين !.
ومن التجهيز النبوي ما عبّر عنه بقول : مازلت التقط دماءهم ، أي كان يجمعها .
أما تجهيز الملائكة لسيد الشهداء عليه السلام فإنهم حملوا جسده لدى إستشهاده إلى السماء إلى حيث صورة علي بن أبي طالب عليه السلام في السماء الخامسة و عادوا به على الفور .
أما الحكمة من وراء ذلك فلست أعرفها ولكنهم جهّزوه بعروجهم إلى السماء ، و بإعادته إلى أرض كربلاء .
و قد ورد في الحديث : أن الملائكة جاءوا بماء من عين التَّسنيم و غسَّلوا به الأجساد ، ثم كفنوها .
أما التجهيز الذي قام به سيّد الشهداء نفسه ، فإنه عليه السلام كان قد هيّأ كفنه ، حينما قال لأخته زينب عليه السلام : يا أختاه إيتيني بثوب عتيق ، أي ليكون كفناً لي ، و أراد لهذا الثوب أن يكون عتيقاً لا يُرغب فيَه ، ثم خرَّق الإمام ثيابه قطعة قطعة ، و تكفّن بهذه الثياب المخرّقة !.
وهو نفسُه قد غسل نفسَه ، لا غسلاً بالسدر ، ولا بالكافور ، غسل نفسه بالدم الذي شخب من قلبه المبارك فإنه وضع كفيّه تحت الجرح حتى إمتلأتا دماً ، ثم خضّب به رأسه ، ووجهه و محاسنه قائلاً : هكذا ألقى الله و أنا مخضب بدميَّ .
إضافة إلى هذه التجهيزات حصل له تجهيز آخر من بني أسد ، فقد روي أنه لما إرتحل عسكر إبن سعد ( لعنه الله ) من كربلاء و ساروا بالسبايا و الرؤوس ، نزل بنو أسد مكانهم و بنوا بيوتهم ، و ذهبت نساؤهم إلى نهر الفرات تستقي من المشرعة فمررن على المعركة ، و إذا هن يرين جثثاً حول المسناة ، و جثثاً نائية عن الفرات و بينهن جثثاً قد جلَّلتهم بأنوارها و عطَّرتهم بطيبها .
فتصارخن النساء و قلن : هذا والله الحسين عليه السلام و أهل بيته ، فرجعن إلى بيوتهن صارخات وقلن : يابني أسد ، أنتم جلوس في بيوتكم و هذا الحسين عليه السلام و أهل بيته و أصحابه مجزّرون كالأضاحي على الرمال تسفي عليهم الرياح ؟
فإن كنتم على مانعهده منكم من المحبة و الموالاة ، فقوموا و إدفنوا هذة الجثث فإن لم تدفنوها نتولى دفنها بأنفسنا ، فقال بعضهم لبعض : إنا نخشى من إبن زياد و إبن سعد " لعائن الله عليهم " فنخاف أن تصبحنا خيولهم و ينهبوننا أو يقتلون أحدنا ، وقال كبيرهم : لي رأي ، نجعل عيناً ينظر إلى طريقَ الكوفة ، ونحن نتولى دفنهم ، قالوا : هذا الرأي السديد .
ثم إنهم وضعوا لهم عيناً ، فأقبلوآ إلى جسد الحسين عليه السلام و صار لهم بكاء و عويل ، ثم إنهم إجتهدوا على أن يحركوه من مكانه ليشقّوا له ضريحاً ، فلم يقدروا أن يحركوا عضواً من أعضائه ، فقال كبيرهم / ماترون ؟ قالوا نجتهد أولاً في دفن أهل بيته و نرى رأينا فيه ، فقال : كيف يكون دفنكم لهم ؟ وما فيكم من يعرف من هذا ومن هذا وهم كما ترون جثث بلا رؤوس ؟ فلربما نُسأل عنهم فما الجواب ؟
فبينما هم في الكلام ، إذ طلع عليهم أعرابي على متن جواده وقد ضيّق لثامه ، فلما رأوه إنكشفوا عن تلك الجثث الزواكي ، فأقبل الأعرابي و نزل عن جواده و صار منحنياً كهيئة الراكع حتى أتى و رمى بنفسه على جسد الحسين عليه السلام فجعل يشمه تارةً و يقبله أخرى وقد بلَّ لثامه من دموع عينيه .
ثم رفع الإمام رأسه و نظر إلى بني سد و قال : ما كان وقوفكم حول هذه الجثث ؟ قالوا : أتينا لنتفرج عليها ، قال : ما كان هذا قصدكم ، فقالوا : نعم يا أخ العرب الآن نطلعك على مافي ضمائرنا ، تينا لندفن جسد الحسين عليه السلام فلم نقدر أن نحرك عضواً من أعضائه ، ثم إجتهدنا في دفن أهل بيته ، وما فينا من يعرف من هذا ومن هذا وهم كما ترى جثث بلا رؤوس .
فقام الإمام و خطّ لبني أسد خطّاً في الأرض و قال : إحفروا هاهنا ، يقول بنو أسد : ففعلنا و وضعنا فيها نيفاً و سبعين جثة ، ثم أمرنا بحفر حفرة أخرى نقلنا إليها واحداً و عشرين جثة ، و إستثنى جثة واحدة ، فأمرنا أن نشق لها ضريحاً مما يلي الرأس الشريف ففعلنا ، ثم أقبلنا إليه لنعينه على جسد الحسين عليه السلام ، و إذا هو هو يقول لنا بخضوع و خشوع : أنا أكفيكم أمره ، فقلنا له : يا أخ العرب كيف تكفينا أمره و كلّنا قد إجتهدنا على أن نحرك عضواً من أعضائه فلم نقدر عليَه ، فبكى بكاءً شديداً و قال : إن معي من يُعيننيَّ عليه .
يروي الشيخ الطوسي : إن الإمام السجاد عليه السلام طلب حصيرة من بني أسد ، قالوا : أخ العرب ماذا تصنع بالحصيرة ؟ قال : أجمع عليها أوصال جسد أبي عبدالله ، وفعلاً جمع عليها أوصال جسد الحسين عليه السلام و أنزله إلى مستودع القبر ، يقول بنو أسد ، إنتظرنا أن يخرج أطال الوقت ، فأقبلنا نظرنا ، فوجدناه واضعاً خده على نحر أبي عبدالله وهو يبكي و يقول : طوبى لأرض تضمنت جسدك الشريف يابن رسول الله أما الدنيا فبعدك مظلمة و أما الآخرة فبنورك مُشرقة ، وأما حزني فسرمد ، و أما ليلي فمسهَّد حتى يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم .
بينما الإمام زين العابدين عليه السلام واضعاً فمه على منحر أبيه الحسين و إذا بالصُوت يخرج من منحر أبي عبدالله : ولدي علي وسد رضيعي على صدري ، عندها تناول عبدالله الرضيع و وضع منحره على منحر أبيه و صدره على صدر أبيه .
ثم خرج الإمام عليه السلام يبحث عن شيء ، قالوا : ماتريد أخ العرب ؟ قال : أبحث عن خنصر الحسين المقطوع ، وبعد أن وارى الجسد الطاهر لأبي الشهداء عليه السلام خرج الامام عليه السلام وقال : يابني أسد لا يفوتنكم الثواب هيلوا التراب ، فأهالوا التراب ، بعدها جلس الإمام على القبر وكتب بإصبعه : هذا قبر الحسين بن علي بن أي طالب المذبوح بأرض كربلاء عطشاناً غريباً .
ثم إلتفت الإمام إلى بني أسد قال : هل بقي أحد ؟ قالوا : نعم أخ العرب ، بقي بطل عند المسنَّاة كلما رفعنا منه جانباً سقط جانبٌ آخر .
قام الإمام و توجه إلى نهر العلقمي وهو يقول : ياقمر بني هاشم على الدنيا بعدك العفا
أقبل إلى جسد أبي الفضل عليه السلام إنحنى عليه ، تفطر قلبَه لما رآه بتلك الحالة ، مقطوع اليدين جثة بلا رأس ، صاح : عماه ليتك حاضر و ترى ماصنع بنا ، ثم إن الإمام عليه السلام وارى الجسد الطاهر لأبي الفضل عليه السلام ، و ودّع بني أسد بعد أن عرَّفهم بأصحاب القبور .
رجع إلى الكوفة إستقبلته العقيلة زينب عليها السلام قالت له : يا ابن أخي أين كنت ؟ قال عليه السلام : عمه زينب عظم الله لك الجر الآن فرغت من دفن والدي ، إنفجرت زينب عليها السلام بالبكاء و قالت : وا أخاه وا حُسيناه ، يا بن أخي إلى الآن أبوك الحسين لم يُدفن
ثم قامت ليلى وهي تقول : سيدي دفنت ولدي علي الأكبر ؟ قامت رمله وهي تقول : سيدي دفنت ولدي القاسم ؟ قامت إم كلثوم و قالت : يا إبن أخي هل دفنت أخي العباس ؟
و كـلّ واحـدةٍ تنعى لهـا بطلاً و تشـتكـي هـمّهـا فـي فـرط أحـزانِ
تـقـول ليلـى وقـد هلّـت مدآمـعهـا دفنـت مهجـتنـا في أرض كوفـانِ
حنّت فحنّت لها في الوجد رمله إذ صاحت أرى قاسماً من غير أكفانِ
ضجّـت لهـا أمّ كلثـوم بزَفرتهـا تبكـي أبا الفضـل في شجـوٍ و أشجـانِ
إلـهيَّ بحق الحسين و أخيه وَ جده و أبيَه وَ أمُه وَ بنيَه وَ شيعتَه وَ مواليَه وَ قبرَه وَ سآكنيَه وَ زوارَه وَ مجاوريَه خلصني مِنَ الغم الذيَّ أنا فيَه
ياقاضي الحاجات يا سميع الدعوات يا منزل البركات يادافع البليات برحمتك يا أرحم الراحمين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهُم كُنْ لِوليُّك الحُجةِ ابن الحسن صلَواتُك عليهِ وعلى ابائِه في هذه الساعة وفي كلِ ساعة ولياً وحافِظْا وقائِداً وناصراً ودليلاً وعَيّنا حتى تُسكِنَهُ ارضَك طوعا وتُمتِعهُ فيها طويلاً برحمتِك يا ارحمْ الراحِمين
وَ صَلىْ الله عَلىْ مُحَمِدَ وَ آلِ مُحَمِدَ آلطَيبيِنَ آلطآهرِينَ
مِنَ قلِبَ اْلَخِـيَـمْ آلَفاَطِمّيَة اْلَحُسـينيَة مُشرفة أحَلىْ روضَة بآلعَآلِمْ / آلنُورَ آلحُسينيَّ
نسألكُم الدعَآءَ