اللهُمْ صَلِ عَلَىْ مُحَمّدٍ وَ آلِ مُحَمِدٍ وَ عجِلَ فرَجِهُمْ وَ أهلِكَ أعدَآئِهُم مِنْ آلجِنَ وَ آلإنِسَ وَ إرحمنِآ بِهُم يآ الله
آلسَلآمُ عَليِكُمْ وَ رَحمِة الله وَ نُورَه وَ بَركَآتِه
قال الله تعالى ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا اْلذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَفِظُونَ )
فالله عز وَ جل هو الذي تكفَّل ببقاء ذكرى الحسين عليه السلام ، رغم حقد الحاقدين و منع المانعين ، بإعتبار إن الإمام الحسين عليه السلام كلمة الله و كلمة الله هي العليا ، و لأنه عليه السلام نور الله و نور الله لا يخبو وَ لذا أراد الله عز وَ جل أبقى شعلات الأحزان على هذا المظلوم ، متوقدة في قلوب أحبائه و أوليائه كما ورد في الرواية الشريفة : ( إن لقتل الحسين عليه السلام حرارة في قلوب المؤمنين لن تبرد أبداً ) .
و السؤال الأهم لماذا لا نزال نقيم العزاء ؟!
1- إستجابة لطلب أهل البيت " عليهم السلام " : فالروايات عنهم " عليهم السلام " في هذا المجال أكثر من أن تُحصىْ ، يكفي منها قول إمامنا الصادق " عليه السلام " : ( أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا ) .
2- تأسياً بالنبي الأكرم - صلى الله عليه و آله وسلم - و الأئمة العظام " عليهم السلام " و الأنبياء الكرام " عليهم السلام "
فالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عقد المآتم بإسم ولده الحُسين منذ ولادته ، ففي الرواية : ( لم يبق ملك مقرب إلا نزل إلى النبي يعزيه بالحسين " عليه السلام " ) وكان - صلى الله عليه وآله وسلم - يبكيه ليلاً و نهاراً ، في مسجده ، في بيته ، في أزقة المدينة ، سفراً وَ حضراً ، نوماً و يقظة ، و يبين مصيبته ، و يتذكر مايجري عليه فيتأوه لذلك وكان - صلى الله عليه وآله وسلم - كثيراً مايتمثل حالاته فيبكي و يقول : ( كأني به يستغيث فلا يغاث ) ، ( كأني بالسبايا على أقطاب المطايا ) ، ( كأني برأسه وقد أهدي إلى يزيد " لعنه الله " ) ، ( صبراً يا أبا عبدالله ) .
و كان - صلى الله عليه وآله وسلم - يبكيه بِـ مجرد النظر إليه تارة ، و حملة تارة ، و تقبيله أخرى ، تقول الرواية : أهداه جبرائيل تربة ففاضت عيناه - صلى الله عليه وآله وسلم - فدل عليه الإمام علي بن أبي طالب " عليه السلام " و قال له : أأغضبك أحد ؟ فقال - صلى الله عليه وآله وسلم - ( لا ولكن أخبرني جبرائيل أن ولدي يقتل بأرض كربلاء ) وكان - صلى الله عليه وآله وسلم - يقعده في حجره ، ينظر إلى وجهه و يبكي ، و يقول : ( يابن عباس كأني به وقد خضّب شيبه من دمه ، فيدعو فلا يجاب و ينتصر فلا يُنصر )
و كان أحياناً يراه في الشارع فيركض خلفه إلى أن يمسكه فيقول - صلى الله عليه و آله وسلم - : ياعلي أمسكه لي ، فيمسكه أمير المؤمنين " عليه السلام " فينهال عليه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لثماً وَ تقبيلاً ، فيقول له الإمام الحسين " عليه السلام " : يا جد أراك تكثر من تقبيلي ؟ فيقول - صلى الله عليه وآله وسلم - : أي بني أقبل منك موضع السيوف و الرماح .
وكذلك الإمام علي بن أبي طالب " عليه السلآم " بكاه ، وكان يخاطبه : ( يا أبا عبدالله أنت شهيد هذه الأمة ) وفي طريقه " عليه السلام " إلى صفين مرَّ بكربلاء ، فبكى طويلاً حتى غخضلَّت لحيته ، و سالت الدموع على صدره وهو يقول : ( أوَّه ، أوَّه ، مالي و لآل أبي سفيان ، مالي و لآل حرب حزب الشيطان و أولياء الكفر ، صبراً يا أبا عبدالله . . . )
و كذلك إمامنا الحسن " عليه السلام " بكاه و قال : ( لا يوم كِـ يومك يا أبا عبدالله ، يزدلف إليك ثلاثون ألفاً كلهم يتقرب إلى الله بدمك ) وكذلك سائر الأئمة " عليهم السلام " بكوه و عقدوا المآتم بإسمه ، فهذا ولده الإمام صاحب الزمان - عجل الله تعالى فرجه الشريف المبارك - يخاطبه : ( ياجد لأندبنك صباحاً و مساءً ، ولأبكين عليك بدل الدموع دماً ) .
3- إعزاراً للإمام الحسين " عليه السلام " فقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ( ميت لا بواكي له لا إعزاز له ) .
4- لما لإقامة هذه الذكرى من آثار ، ومن جملة هذه الأثار :
ذكرهم " عليهم السلام " شرف لنا ( يامن ذكره شرف للذاكرين )
ذكرهم " عليهم السلام " نُـور
ذكرهم " عليهم السلام " سبب للنجاة
ذكرهم " عليهم السلام " شفاء فقد جاء في الرواية ( ذكرنا شفاءٌ من الأسقام و الوغل )
والأسقام أمراض البدن ، و الوغل أمراض الروح
ذكر بعض العلماء أن أحد أبناء العامة حضر في مجلس من مجالس الشيعة وبعد ذلك أصيب برصاصة في رأسه فلما شارف على الموت حضره إوته ، و سمعوه يهتف بإسم الإمام زين العابدين " عليه السلام " ، فتعجبوا من ذلك ؟ ولكنه بعد ذلك أفاق من غشوته ، فسأله إخوته ماهي علاقتك بالإمام زين العابدين ؟ و لماذا تذكره حال النزع ؟ فأجاب : و أنا في حالة الإحتضار و أثناء حضور ملك الموت لقبض روحي ، و إذا بالإمام زين العابدين " عليه السلام " حضر و طلب من ملك الموت تأجيل قبض روحي ، فسألته " عليه السلام " عن سبب ذلك ، فقال " عليه السلام " ( لأنك حضرت في مأتم أبي الحُسين ) .
ذكرهم " عليهم السلام " يدفع البلآء
ذكرهم " عليهم السلام " سبب لنزول الرحمة
ذكرهم " عليهم السلام " مواساة للصديقة الطاهرة " عليها السلام " التي تبكي في كل يوم لمصاب ولدها المظلوم ، وليس فقط تبكي بل إنها " عليها السلام " تحضر في مآتم ولدها الحسين " عليه السلام " يقول إمامنا الصادق " عليه السلام " ( ما عُقد مأتم على جدي الحسين إلا و حضرته جدتي فاطمة ) ولذا " عليها السلام " حضرت في ذلك المأتم الذي أقامته إمرأة خولَّي على رأس الإمام الحسين " عليه السلام " لما جاء به إلى منزله
أقبل بالرأس الشريف و وضعه في التنور على الرماد و غطى التنور ، و أقبل إلى زوجته النوّار وكانت تتهجد جوف الليل ، فقالت : أين كنت جئتني في هذا الوقت المتأخر من الليل ؟ فقال لها : إسكتي جِئتكِ بغنى الدهر ، قالت : وما ذاك ؟ قال : هذا رأس الحُسين معنا في الدار ، قالت : الحسين إبن من ؟ قال : الحسين بن علي عليه السلام ، قالت : لعله إبن فاطمة إبن بنت نبياً ؟ قال : نعم ، قالت : ويلك سوَّد الله وجهك جِئتنيَّ برأس إبن بنت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لا والله لا تجمع رأسي و رأسك وسادة بعد هذا أبداً .
ثم قامت هذه المرأة و خرجت من بيت الخبيث ، في طريقها صار مرورها على ذلك التنور ، وإذا بعمود من نورٍ يسطع من التنور إلى عنان السماء ، أقبلت إلى التنور كشفته و إذا برأس مخضب بِـ دمائه ، أخرجته وضعته في حِجرها و جعلت تمسح الرماد عنهُ وهي تقول : يا رأس أقسمت عليك بحق محمد المصطفى و بِـ حق علي المرتضى و بحق فاطمة الزهراء إلا أخبرتني من أنت ، صحيح أنت الحسين إبن فاطمة عليها السلام ؟ قالت : ففتح الحسين شفتيه ، وقال : أمة الله أنا المظلوم أنا الغريب أنا العطشان .
تصور إمرأة شيعية و رأس الحُسين مقطوع في حجرها كيف حالها ؟! فصارت تلطم على وجهها و على رأسها حتى أغمي عليها و الرأس في حجرها ، تقول : بينما أنا في تلك الحالة و إذا بأربع نسوة قد دخلن عليَّ ، تقدمهن إمرأة جليلة القدر عليها ثياب السواد تقوم وتقع .~( يا زهراء )~. وهي تقول : بُني حُسين قتلوك و من شرب الماء منعوك و ما عرفوا من أمك و من أبوك ؟!!.
تقول هذة المرأة : أقبلت إلي وقالت : أمة الله ناوليني هذا الرأس ، قلت : كيف أدفعه إليك ؟ هو ضيفي هذة الليلة ، ضيف عزيز ، هذا الحسين إبن رسول الله ، كيف أدفعه إليكِ وهو ضيفي هذه الليلة قالت : أمة الله أنا أولى به منكِ ، من أنت أولى به مني ؟! قالت : أمة الله أنا أمه فاطمة الزهراء
إلهي بِـ حق الحسين و مصيبة الحُسين ، إلهي بِـ حق الحُسين وَ غربة الحُسين ، إلهي بِـ حق الحُسين وَ عطشَ الحُسين ، إلهي بِـ حق الحُسين وَ شباب الحُسين ، إلهي بِـ حق الحسين وَ أنصار الحُسين ، إلهي بِـ حق الحسين وَ رضيع الحسين ، إلهي بِـ حق الحُسين وَ أعضاء الحُسين المقطعات ، إلهي بِـ حق الحسين وَ الدماء السائلآت ، إلهي بِـ حق الحُسين وَ النحُور المنحُورات ، إلهي بِـ حق الحُسين وَ النساء المسبيات ، إلهي بِـ حق البآكينَ على الحُسين وَ الدمُوع الجارية على مُصيبة الحسين وَ بحق الصآرخين النادبين " يـا حُـسـيـن " اللهُم قربَ وَ عجل فيَّ فرِجَ مولآنآ صآحِب العصِر وَ الزمآنَ ؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهُم كُنْ لِوليُّك الحُجةِ ابن الحسن صلَواتُك عليهِ وعلى ابائِه في هذه الساعة وفي كلِ ساعة ولياً وحافِظْا وقائِداً وناصراً ودليلاً وعَيّنا حتى تُسكِنَهُ ارضَك طوعا وتُمتِعهُ فيها طويلاً برحمتِك يا ارحمْ الراحِمين
وَ صَلىْ الله عَلىْ مُحَمِدَ وَ آلِ مُحَمِدَ آلطَيبيِنَ آلطآهرِينَ
مُشرَفة أحلَىْ روضَة بآلعَآلِمْ / آلنُورَ آلحُسينيَّ