السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم نوفق هذا العام لحضور أو مشاهدة مجلس فيه ذكر لمصيبة السيدة حميدة وبقيت حسرة لمصيبتة هذه السيدة الطاهرة فنذكر مصيبتها في هذه الروضة المباركة
لما وصل خبر استشهاد مسلم عليه السلام للإمام الحسين عليه السلام وكان في زرود , كأني به استرجع قائلاً إنا لله وإنا إليه راجعون , ثم إنه عليه السلام عمد إلى خيمة النساء ونادى الحوراء زينب عليها السلام قائلاً ائتني بحميدة , فلما أقبلت إليه وضعها في حجره وأخذ يمسح على رأسها :
أخذ بت مسلم من الخيم بيده يمسح على راسها ابحسره شديده
وبالشر حست الطفله حميده گالتله يعمي وسـالت الـعـين
يعمي لاحت ابوجهك علامه على راسي امسحت گلي علامه
السجيه هاي بس ويّه اليتامه أظن عودي گضه ويتّمني الـبين
(نصاري)
يروى أيضاً عن زهير بن القين البجلي قال : بينا نحن جلوس في زرود إذ طلع علينا رجل من جهة الكوفة , وبيده لواء أسود وركزّ اللواء بباب خيمتي , ثم دخل وقال : السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين , فقلت له : من تريد ؟ قال : الحسين بن علي بن إبي طالب . فقال له الناس : وما تريد منه ؟ قال: أريد أن أعلمه بقتل ابن عمّه مسلم بن عقيل , قال : فأشاروا له على خيمة الحسين . قال : فقام الرجل وأقبل الى الخيام فرأى حول الخيام أطفالاً يلعبون , فقال للأطفال : من يدلّني على خيمة الحسين ؟ فقامت إليه بنت صغيرة وقالت : يا هذاوما تريد منه ؟ قال : أريد أن أعلمه بقتل ابن عمّه مسلم بن عقيل , فصاحت البنت : وا أبتاه وا مسلماه ... ثم وقعت مغماً عليها , أقبل إليه الحسين وأقبلت بنو هاشم وقالوا للرجل : ما صنعت بها؟ قال : والله ما قلت له شيء إلا أن قلت له إرشديني على خيمة الحسين , فقالت : وما تريد منه؟ فقلت لها : أريد أن اعلمه بقتل ابن عمّه مسلم بن عقيل , فقالوا : يا هذا إنّها إبنة مسلم .
قال الراوي : وأخذها الحسين إلى الخيمة فأجلسها في حجره فجعل يمسح على رأسها وناصيتها فقالت له : عم استشهد والدي مسلم؟ فقال لها : بنية أنا أبوك وبناتي إخوتك :
مسح الحسين برأسها فاستشعرت باليتم وهي علامة تكفيها
لم يبكها بعـدم الـوثـوق بعمّها كلا ولا الوجد المبّرح فيها
لكنّـها تـبكي مـخافـة أنـها تمسي يتيمة عمّها وأبيها
أقول: ولا تسمّى هذه الطفلة يتيمة وإن كان اليتم للأب لكن بوجود عمّها الحسين لا تعد يتيمة , لأن الحسين عليه السلام ما نزل إلا ودعاها وأجلسها في حجره يلاطفها ويسلّيها , فهي عزيزة مكرّمة بوجود عمها الحسين عليه السلام , وعمومتها من بني عقيل وبني هاشم واخوتها , بل اليتيمة سكينة لانها بعد قتل أبيها الحسين عليه السلام لم تجد أحداً يسلّيها , بل كان يقرعها شمر برمحه ويضربها زجر بسوطه وهي القائلة «كلما دمعت من أحدنا عين أو بكت منّا طفلة قرعوا راسها بالرمح».
يقنّعها بالسوط شمر وإن شـكت يؤنـبـها زجر ويوسعها زجراً
تسوّد من ضرب السّياط متونها ووجوهها بلظى الهواجر تسطلي
فإن يبكي اليتـيم أبـاه شـجواً مسحن سياطهم رأس اليتيم (1)
(1) نعم سكينة بنت الحسين عليه السلام كانت تضرب بكعب الرمح إذا دمعت لها عين .
كتاب ثمرات الاعواد