اللهُم صَلِ علىْ مُحمِدٍ وَ آلِ مُحَمِدٍ وَ عجِلَ فرجَهُم وَ أهلِكَ أعدائِهُمْ وَ إرَحمِنَا بِهُمْ يَا الله
الَسَلآمُ عَليِكُمْ وَ رحَمِة الله وَ نُوره وَ بَركَاتُه
السَلآمُ عَلىْ آلحُسيِنَ وَ علىْ عليَّ بِنَ آلحُسيِنَ وَ عَلىْ أولآدَ الحُسيِنَ وَ عَلىْ أصحَآبَ الحُسيِنَ
آلسَلآمُ عَلىْ قتيِلَ العَبّرآتَ آلسَلآمُ عَلىْ آلدمَآءَ آلزآكيِآتَ السَلآمُ علىْ الدمِآءَ السَآئِلآتَ السَلآمُ عَلىْ الأروآحَ الطآهِرآتَ السَلآمُ علىْ الأجسَآد العآرياتَ
۞ اْلَخِـيَـمْه آلَفاَطِمّيَة اْلَحُسـينيَة السادسه وَ الـثَلآثُـونَ / دَرجـآتَ الآخـرَة ۞
قال الله تعالى ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَ تَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَ قَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا )
فالنفس كالقمر لها وجهان : وجه أضاءته قناديل التقوى ، و جانب أظلمه وحل الفجور .
و النفس لها حركة مستمرة ، تجري إما للأعلى و إما للأسفل ، فممكن أن ترتفع فوق مستوى الملائكة و ممكن أن تتسافل تحت مستوى البهائم ( أُوْلَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بِلْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) و النفس بطبيعتها تتسافل ولكي ترتفع لا بدّ لها من وقود يدفعها نحو الأعلى ، وهو عبارة عن الإيمان والعمل الصالح كما هو صريح قوله تعالى ( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ ) وفي آية أخرى : ( وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ )
فالناس في الأخرة على درجات تبعاً لإيمانهم و أعمالهم كما قال تعالى : ( وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ ) ، ( نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ ) ، ( هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللهِ ) و ممكن أن يصل أعالي الدرجات كالذين قال الله في حقهم ( فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى )
وفي الرواية عن أمير المؤمنين "عليه السلام" ( درجات متفاضلات و منازل متفاوتات ) وعن الإمام زين العابدين "عليه السلام" ( تنافسوا في الدرجات ) و ورد في الرواية ( إن في الجنة درجة لا ينالها إلا إمام عادل أو ذو رحم وصول أو ذو عيال صبور )
و برواية ( إن في الجنة منازل لا ينالها العباد بأعمالهم ) قيل : يارسول الله من أهلها ؟ فقال –صلى الله عليه وآله وسلم- ( أهل البلايا و الهموم )
و برواية ( إن في الجنة عموداً من ياقوتة حمراء عليها سبعون ألف قصر ، في كل قصر سبعون ألف غرفة خلقها الله عز و جل للمتحابين و المتزاورين في الله ) و برواية آخرى : ( يدخل الجنة رجلن كانا يعملان عملاً واحداً فيرى صاحبه فوقه ، فيقول : رب بما أعطيته وكان عملنا واحداً ، فيقول الله تبارك و تعالى : سألني ولم تسألني ).
و برواية ( إن لله تحت عرشه ظلاً لا يسكنه إلاَّ من قضى لأخيه المؤمن حاجة ) .
شُوهد أحد العُلماء في الرؤيا بعد رحيله عن هذا العالم في درجة عالية ، فسُئل عن سبب وصوله إلى هذه المنزلة الجليلة ؟ فقال : نلت هذه المرتبة لإدخالي السرور على قلب طفل بإعطائه تفاحة .
و برواية : ( من بكى لمصابنا كان معنا في درجتنا يوم القيامة )
ينقل عن السيد عباس أبو الحسن ، أنه رأى في نومه أن القيامة قد قامت و أمير المؤمنين "عليه السلام" بيده عصا يضرب بها جباه الناس ، فمن سطع نوراً من جبهته كان من المؤمنين الفائزين ، يقول السيد : فحاولت الهرب ولكن دون جدوى لأن عصا أمير المؤمنين "عليه السلام" قد وصلت إليَّ ، وبعد ذلك أمر بي إلى الجنة ، فلما صرتُ إليها أوصلتني الملائكة إلى الدرجة المقررة .
في تلك الأثناء سألت عن والدي هل هو في الجنة ؟ فأجابت الملائكة : نعم ، فأحببت أن أعرف أين هي درجته ؟ و كنت أتوقع أن يكون في مرتبة أدنى من مرتبتي كوني عالماً وهو من عوام الناس ، و لكني ذُهلت عندما نظرت إلى قصره يتلألأ في أعالي الجنان ، فسألته عن سبب وصوله إلى هذة المنزلة الرفيعة ؟ فأجاب : هذا العطاء ببركات سيد الشهداء "عليه السلام" ، قلت : وما علاقتك بسيد الشهداء ؟ قال : تذكر أني كنتُ أجمعكم و أقرأ لكم التعزية على الإمام الحُسين "عليه السلام" لذا وصلت إلى ماوصلت إليه .
و برواية ( من زار الحُسين كتبه الله في أعلى عليين ) و بروآيه آخرى ( من أتى قبر الإمام الحسين تشويقاً يعطى له يوم القيامة نوراً يضيء لنوره مابين المشرق و المغرب ) .
آهـ ياحسين متى تأذن ليَّ بزيآرتكَ يا أباعبدالله ، أقول : في طليعة من زاره شوقاً و تلهفاً أخته الحوراء زينب "عليها السلام" و ذلك يوم الأربعين " ساعد الله قلبكِ يامولاتي " كانت بأبي هي و إمي تقوم من قبر و تجلس عند قبر ، ثلاثة أيام إلى أن هيأ الإمام زين العابدين " عليه السلام " المحامل و الهوادج ، قال : عمه زينب ، قومي لنركب و نمضي ، فقال له الناس : يابن رسول الله هلَّا بقيت أياماً أخُر ؟ فقال "عليه السلام" : أخاف على عمتي زينب أن تموت ، لا تهدأ لا في ليل ولا في نهار ، قال عمَّة زينب قومي لنركب و نمضي ، قالت : إلى أين يا بن أخي ؟ قال : إلى مدينة جدنا رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – فبكت زينب و قالت : ومن بقي لي في المدينة ؟ ....
ساروا نحو المدينة ، وكلما إقتربوا من المدينة المنورة زاد حزنهم و إشتد بكاؤهم
لقد خرجت زينب "عليها السلام" من المدينة معززة مكرمة بصحبة سيد شباب أهل الجنة و إخوته و بنيه و بني عمومته ، و اليوم تدخلها قد أحيطت بجمع من الأرامل و اليتامى
قال بشر بن حذلم : لما قربنا من المدينة نزل عليَّ بن الحُسين "عليهما السلام" و حطَّ رحله و ضرب فسطاطه و أنزل نساءه ، ثم إلتفت إليَّ و قال : يا بشر رحم الله أباك لقد كان شاعراً ، فهل تقدر على شيء منه ؟! قلت : بلى يا ابن رسول الله و إنَّي لشاعر ، فقال "عليه السلام" : أُدخل المدينة و انعَ أبا عبدالله الحُسين "عليه السلام" .
قال بشر : فركبت فرسي حتى دخلت المدينة فلما بلغت مسجد النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – رفعت صوتي بالبكاء و أنشأت :
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها قتُل الحُسـين فـ أدمعـيَّ مدرار
الجسُم منه بـ كربلاءَ مضرجٌ و الرأس منه على القناة يُدار
ثم قلت : هذا علي بن الحُسين "عليه السلام" مع عماته و أخواته قد حلَّوا بساحتكم و نزلوا بفنائكم و أنا رسوله إليكم أعرفكم بمكانه ، يقول بشر : فما بقيت في المدينة مخدرة ولا مُحجبة إلا برزن من خدورهنَّ ضاربات خدودهن يدعون بالويل و الثبور ، وأما زينب "عليها السلام" حين لمحت ببصرها أعتاب المدينة إغتمَّت و حزنت و جعلت تبكي و تنوح و أنشأت تقول :
مدينــة جدنـا لا تـقبليـنا فبـ الحسـرات و الأحـزان جيـنا
ألا فـ أخـبري رسـول الله عـنَّا بأنا قـد فُجعنـا فـي أخينـا
خرجنا مــنك بالأهليـن جمعاً رجعنــا لا رجـال ولا بنيـنـا
وكنا في الخروج بجمع شمل رجعنا حاسريـن مسلبـينـا
و كـنـا فـي أمـان الله جـهـراً رجعنا بـالقطيعـة خاـئفيـنـا
ومـولانا الحـسـين لنا أنـيس رجعنا و الحسـين به دُهينا
فنحن الضائعـات بلا كفـيل و نحـن النائحـات على أخينا
ألا يـا جـدنا قـتـلوا حـُسيـنـاً ولم يـراعوا جـنـاب الله فينا
ألا يا جـدنا بلغـت عـدانا مُناهـا و إشتـفـى الأعـداء فيـنا
لقد هتكوا النساء و حملوها على الأقتاب قهـراً أجمعينا
ثم ناحت و بكت بكاءً شديداً حتى كادت نفسها تخرج ، فأقبل الناس من كل ناحية يندبون و يلطمون و إرتفعت الأصوات بالبكاء و ضجت تلك البقعه ضجة شديدة كأن الأرض زلزلت تحت أقدامهم .
ثم مالت ببصرها إلى كربلاء و خذت تكلم أخاها الحسين "عليه السلام" و تقول : ( أخي حسين ، هؤلاء جدك و أمك و أخوتك و أهل بيتك ينتظرون قدومك يا نور عيني ، قُتلت و أورثتنا الأحزان الطويلة ، فيا ليتني مت قبل هذا و كنت نسياً منسياً ) .
ولمَّا إقتربت فخر المخدرات زينب "عليها السلام" من المسجد النبوي الشريف و وقع طرفها على قبر رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – صرخت و بكت ، و أخذت بعضادتي باب المسجد و نادت ( ياجداه !! إنَّي ناعيةٌ إليك أخي الحُسين "عليه السلام" ) وهي مع ذلك لا تجف لها عبرة ولا تفتر من البكاء و النحيب و كلما نظرت إلى علي بن الحُسين "عليه السلام" تجدد حزنها و زاد وجدها ، ولم تبرح مكانها بالقرب من جدها رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – وهي تنوح و تقول :
إن كنت أوصيت بالقربى بخير جزاء فإنهم قطعوا القربى وما وصلوا
حتى أبادوهم قتلى على ظمأٍ من بارد الماء ما ذاقوا وما وصلوا
إلـهيَّ بحق الحسين و أخيه وَ جده و أبيَه وَ أمُه وَ بنيَه وَ شيعتَه وَ مواليَه وَ قبرَه وَ سآكنيَه وَ زوارَه وَ مجاوريَه خلصني مِنَ الغم الذيَّ أنا فيَه
ياقاضي الحاجات يا سميع الدعوات يا منزل البركات يادافع البليات برحمتك يا أرحم الراحمين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهُم كُنْ لِوليُّك الحُجةِ ابن الحسن صلَواتُك عليهِ وعلى ابائِه في هذه الساعة وفي كلِ ساعة ولياً وحافِظْا وقائِداً وناصراً ودليلاً وعَيّنا حتى تُسكِنَهُ ارضَك طوعا وتُمتِعهُ فيها طويلاً برحمتِك يا ارحمْ الراحِمين
وَ صَلىْ الله عَلىْ مُحَمِدَ وَ آلِ مُحَمِدَ آلطَيبيِنَ آلطآهرِينَ
مِنَ قلِبَ اْلَخِـيَـمْ آلَفاَطِمّيَة اْلَحُسـينيَة مُشرفة أحَلىْ روضَة بآلعَآلِمْ / آلنُورَ آلحُسينيَّ
نسألكُم الدعَآءَ