سبب سوء العاقبة في القرآن الكريم
{ ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ } (الروم 10)
من اهم الامور التي يعتني بها العقلاء هو عاقبة الامر ؛ وعاقبة الامر انما يعني المصير الذي سيلاقيه الانسان آخر عمره لان الطريقة التي يموت عليها تؤثر كل التاثير على حياته الخالدة في عالم الآخرة وقد ورد في كتاب لسان العرب عن معنى العاقبة :
"و عُقْبُ كُلِّ شيء، و عُقْباه، و عُقْبانُه، و عاقِبَتُه: خاتِمتُه"
فمن خُتم له بطاعة يكون من اهل الجنان كما في هذه الروايات
من لايحضره الفقيه 1 474 باب ثواب صلاة الليل
وَ قَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه واله) عِنْدَ مَوْتِهِ لِأَبِي ذَرٍّ (رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ) : " يَا أَبَا ذَرٍّ احْفَظْ وَصِيَّةَ نَبِيِّكَ تَنْفَعْكَ ؛ مَنْ خُتِمَ لَهُ بِقِيَامِ اللَّيْلِ ثُمَّ مَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ "
من لا يحضره الفقيه 4 183 باب ثواب من ختم له بخير
رَوَى أَحْمَدُ بْنُ النَّضْرِ الْخَزَّازُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه واله)
" مَنْ خُتِمَ لَهُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَ مَنْ خُتِمَ لَهُ بِصِيَامِ يَوْمٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَ مَنْ خُتِمَ لَهُ بِصَدَقَةٍ يُرِيدُ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ "
فان الآية التي نحن بصددها تبين السبب في سوء عاقبة من ساءت عاقبته حيث تقول ان من يرتكب السيئات فان قلبه سينقلب راساً على عقب
كما جاء في كتاب بحار الانوار: 70 312
"و الحاصل أن الخطيئة تلتبس بالقلب و تؤثّر فيه حتى تصيّره مقلوباً لا يستقر فيه شيء من الخير بمنزلة الكافر فإن الإصرار على المعاصي طريق إلى الكفر كما قال سبحانه { ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ ال }لَّه ".
وأما معنى قوله تعالى :" أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ"
ان هناك روايات كثيرة تقول ان اهل البيت (عليهم السلام) هم الآيات الربانية ؛ وهذا حق لان الكرامات والمعجزات التي يمتاز بها المعصوم نفهم منها ان المعصوم هو علامة من العلامات المهمة التي تدل على وجود الله تعالى وهذا يعني انه آية الله الكبرى لوجود الله تعالى ولذلك لقد وردت الروايات في ذلك :
بحارالأنوار 23 206 باب 11- أنهم (عليه السلام) آيات الله
عن تفسير القمي: وَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ : قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) وَ الْأَئِمَّةُ ؛ وَ الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ
أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) مَا لِلَّهِ آيَةٌ أَكْبَرُ مِنِّي
بحارالأنوار 36 1 باب 25- أنه عليه السلام النبأ العظيم
عن تفسير القمي: عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السلام) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) مَا لِلَّهِ نَبَأٌ أَعْظَمُ مِنِّي وَ مَا لِلَّهِ آيَةٌ أَكْبَرُ مِنِّي
بحارالأنوار 24 303 باب 66- أنهم الصلاة و الزكاة و الحج
ِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: { فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } وَ نَحْنُ الْآيَاتُ وَ نَحْنُ الْبَيِّنَاتُ
بحارالأنوار 39 88
قَوْلُهُ : { وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ }
فَقَالَ الصَّادِقُ (عليه السلام) : نَحْنُ وَجْهُ اللَّهِ وَ نَحْنُ الْآيَاتُ وَ نَحْنُ الْبَيِّنَاتُ وَ نَحْنُ حُدُودُ اللَّهِ.(انتهى)
فالنتيجة من البحث هو ان الانسان الذي يرتكب المعاصي تكون عاقبته الاستهزاء بآيات الله مطلقا سواء القرآن الكريم او اهل البيت (عليهم السلام) وعليه فان كنا لا نعرف شيئ عن الانسان ونجد له ظاهر لاباس به ولكن فجأة واذا به يستهزء بآيات الله سواء القرآن الكريم أو أهل البيت (عليهم السلام) وشعائرهم ؛ نعرف انه انسان كان يعصي الله سبحانه ولكنه يخفي ذلك علينا ومن استهزائه نعرف ذلك وبالعكس ان وجدنا انسانا يعصي الله تعالى ويلح بالمعاصي نعرف بانه سوف تسيئ عاقبته وسيستهزء بآيات الله سبحانه ؛ ولذلك اشارت العقيلة زينب (عليها السلام)
الى ذلك حينما قالت ليزيد (لعنه الله) :
"فَقَامَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) فَقَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَ آلِهِ أَجْمَعِينَ صَدَقَ اللَّهُ كَذَلِكَ يَقُولُ ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُن" .
بحار الأنوار 45 133 باب 39- الوقائع المتأخرة عن قتله (صلوات الله عليه)
وهذا يعني انها قالت للناس في ذلك المحفل ان يزيد هو عاصي لله تعالى ومرتكب للمعاصي في السر والعلن وافضل دليل على ذلك استهزاءه بايات الله وها هو يستهزء بالامام الشهيد الحسين (عليه السلام) ولولا ذلك لما قرع اسنان الحسين وخده وشفتيه المباركة بقضيبه ووو.
فعلينا ان لا نُخدع بظاهرالانسان ؛ بل علينا ان ننظر لورعهم وتقواهم فان الله سبحانه قال :
{ وَ هُوَ الَّذي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ } (الانعام 98)
وحينما سالوا المعصوم (عليه السلام) عن معنى المستقر والمستودع قال (عليه السلام) :
عَنِ الرِّضَا عليه السلام قَالَ إِنَّ جَعْفَراً عليه السلام كَانَ يَقُولُ : فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ فَالْمُسْتَقَرُّ مَا ثَبَتَ مِنَ الْإِيمَانِ وَ الْمُسْتَوْدَعُ الْمُعَارُ وَ قَدْ هَدَاكُمُ اللَّهُ لِأَمْرٍ جَهِلَهُ النَّاسُ فَاحْمَدُوا اللَّهَ عَلَى مَا مَنَّ عَلَيْكُمْ بِهِ.
بحارالأنوار 66 222 باب 34- أن الإيمان مستقر و مستودع
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ قُلْتُ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَ مُسْتَوْدَعٌ ؟
قَالَ مَا يَقُولُ أَهْلُ بَلَدِكَ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ؟ قَالَ قُلْتُ يَقُولُونَ مُسْتَقَرٌّ فِي الرَّحِمِ وَ مُسْتَوْدَعٌ فِي الصُّلْبِ فَقَالَ :
كَذَبُوا الْمُسْتَقَرُّ مَا اسْتَقَرَّ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ أَبَداً وَ الْمُسْتَوْدَعُ الَّذِي يُسْتَوْدَعُ الْإِيمَانَ زَمَاناً ثُمَّ يُسْلَبُهُ وَ قَدْ كَانَ الزُّبَيْرُ مِنْهُمْ.
وعليه ستكون المعادلة هكذا =
من عاند الله سبحانه بالمعاصي سرا سيظهر استهزاؤه بآيات الله فيفضح نفسه بمعاصيه في الخفاء =
ومن ظهر استهزاؤه بآيات الله دلنا علي انه كان يعصي الله تعالى بالسر
اللهم اصلح سريرتنا
من لا يحضرهالفقيه 4 396 و من ألفاظ رسول الله (ص) الموجزة
عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ (عليه السلام) قَالَ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) كَانَتِ الْفُقَهَاءُ وَ الْحُكَمَاءُ إِذَا كَاتَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً كَتَبُوا بِثَلَاثٍ لَيْسَ مَعَهُنَّ رَابِعَةٌ مَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ هَمَّهُ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّهُ مِنَ الدُّنْيَا وَ مَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ عَلَانِيَتَهُ وَ مَنْ أَصْلَحَ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ أَصْلَحَ اللَّهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ النَّاسِ .
منقول