وكانت أول صرخة لوم وتأنيب بعد الشهادة تلك التي أطلقتها زينب في الكوفة، فاهتزت لها الضمائر واستيقظت، وما قالته ابنة علي للجموع الملتفة حول ركب السبي له وقع الفجيعة ولائمة التقصير :
« الحمد للَّه والصلاة على أبي محمد وآله الطيبين الأخيار، أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل الختل والغدر، أتبكون فلا رقأت الدمعة ....... ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم إن سخط اللَّه عليكم وفي العذاب أنتم خالدون ».
وما إن سمع الجمع هذا القول حتى أخذتهم العَبرة ونشجوا في بكاء شديد وقد لمس كلام العقيلة زينب شغاف ضمائرهم، بينما أردفت مكملة وسط هنهناتهم ولومهم لأنفسهم فقالت :
« أتبكون وتنتحبون؟ أي واللَّه فابكوا كثيرًا واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدًا، وأنَّى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة ومدرة حجتكم ومنا محجتكم وملا خيرتكم ومفزع نازلتكم وسيد شباب أهل الجنة؟ ألا ساء ما تزرون، فتعسًا ونكسًا وبعدًا لكم وسحقًا، فلقد خاب السعي وتبَّت الأيدي وخسرت الصفقة وبُؤتم بغضبٍ من اللَّه ورسوله وضُربت عليكم الذلَّة والمسكنة.
ويلكم يا أهل الكوفة، أتدرون أي كبد لرسول اللَّه فريتم؟ وأي كريمة له أبرزتم وأي دم له سفكتم وأي حرمة له انتهكتم؟ لقد جئتم شيئًا إدَّا، تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدَّا.
ولقد أتيتم بها خرقاء شوهاء كطلاع الأرض وملء السماء، أفعجبتم إن مطرت السماء دمًا؟ ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون، فلا يستخفنكم المهل فإنه لا يحفزه البدار ولا يخاف فوت الثأر، وإن ربكم لبالمرصاد ».
وكان لخطاب العقيلة المؤنب رد فعل عنيف بين الحشد المعمى بصيرته بالخداع والمطامع فحركت مكامن الخير في ضميره فما حار جوابًا، وأمام هذه البلاغة والتي تتالت لتوقظ الضمائر في مواقف شتى.. تتبدى حكمة اللَّه تعالى الذي أوحى للشهيد الحسين بإشراك نساء آل البيت في ثورته، إذ ما إن توجهن إلى دمشق حتى بدأن حربهن النفسية بالكلمة البليغة والبيان المؤثر، مكملات وثبة أسد كربلاء ومواصلات إيصال صرخته في فلاتها :
«أما من مغيث يغيثنا أما من ناصر يعيننا »، لتتواصل بعدها بلا توان استجابات الضمائر النائمة كما استجاب ضمير الأنصاريْيْن سعد بن الحارث وأخيه أبي الحتوف لصرخة الحسين، فاستنصراه مستجيبيْن لها حتى قُتلا.
فإذا قيل في الإسلام : «بدؤه محمدي وبقاؤه حسيني »..فالأجدر أن يقال أيضًا : «ثورة الحسين بدؤها حسيني واستمرارها زينبي (2)».
إذ ما كادت هذه الثورة المباركة تضع أوزارها عسكريًا بتساقط رؤوس آل البيت وسبي الحرائر والعقيلات والأطفال إلى دمشق..حتى هبت عقيلة بني هاشم التي قيل فيها :
العالمة غير المعلمة، والفاضلة والكاملة، وعابدة آل علي ، هبت إلى استلام راية الثورة الحمراء من يد أخيها الحسين ورفعتها فوق رؤوس الخلق بما علق عليها من دماء آل بيت النبي وهتفت من تحتها ترثي أخاها الذبيح في فلاة كربلاء الموحشة :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ ياغياث المستغيثين أغثني بـ سفينة النجاة الإمام المنتظر المهدي أدركني بارك الله فيكِ اختي علي الموضوع وفي إنتظار جديدكِ لا عدمناكِ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل خير على هذا الطرح الرائع
بارك الله بكم وجعله الله في ميزان حسناتكم
حفظكم الله تعالى من شر الجن والانس مع شيعة محمد وال محمد